في عدد أمس السبت من شباب التحرير نشرنا موضوعا عن الشهيد أحمد أشرف التلميذ بالصف الثالث الإعدادي الذي استشهد يوم 29 يناير أثناء الثورة.. وجاء بالموضوع أنه كان في طريقه الي ميدان التحرير للإشتراك في المظاهرات عندما دهسته سيارة شرطة قريبا. من بيته في منطقة الشرابية والمدهش في سبب الوفاة المذكور في الموضوع الذي نشرناه انه هو نفسه السبب الذي أورده التقرير الطبي لمستشفي سيد جلال بباب الشعرية عن حالة التلميذ أحمد أشرف وهي الرواية ذاتها التي قالتها لنا إحدي قريباته زعمت أنها نقلا عن والدته السيدة رضا عسر. وصباح أمس اتصلت بنا السيدة رضا والدة الشهيد أحمد لتؤكد ان سبب وفاة أحمد يختلف تماما عما أوردته الجريدة. وقالت السيدة رضا أنها لاتريد أن تترك نقطة واحدة سوداء في ثوب ابنها الملائكي الذي أصبح إلي جوار ربه في جنة الخلد, وكشفت عن إبنها مات شهيد الانفلات الأمنيالذي شهدته مصر يوم 29 يناير الماضي, وأن دمه ودماء آخرين في رقبة الذين أمروا بفتح غرف الحجز في أقسام الشرطة وإخراج البلطجية الي الشوارع. وقالت السيدة رضا: صباح 29 يناير الماضي فوجئنا بالناس تجري في الشوارع, وهم يرددون ان البلطجية واللصوص خرجوا من الحبس وأنهم يقومون الآن بالهجوم علي المواطنين واقتحام البيوت.. وكان اخرون يجرون في كل مكان في طريقهم الي قسم شرطة الشرابية الذي كان يحترق. وأضافت الأم: إحدي جاراتنا سارعت الي قسم الشرطة واستولت علي عدد من طفايات الحريق وعادت بها فوق عربة كارو وأنزلتها أمام البيت الذي نسكن فيه.. وقد شاهدها الجميع وهي تحاول تكسير الطارة النحاسية من الطفايات, وحذرها كل الموجودين من ان الطفاية قد تنفجر, ولكنها لم تسمع لأحد, وظلت أكثر من ساعة تحاول تكسير الطارات النحاسية. وتوضح السيدة رضا أن أحمد كان معها داخل الشقة في هذا التوقيت وذهب إليها في المطبخ وأخبرها أنه سينزل الي الشارع, وبعد ثوان معدودة سمعت انفجارا رهيبا, فصرخت باسمه أحمد ونزلت السلم فإذا بها تجد أبنها الوحيد ملقي علي الأرض والدماء تنزف من عينيه وأذنينه وفمه. وتقول: حملته علي صدري وأنا أصرخ.. وخلال ثوان كانت دماؤه تغطيني.. وأجتمع حولي العشرات وأخذوه من يدي وحملوه علي فسبة وسارعوا به الي مستشفي سيد جلال.. وفي هذه الأثناء فقدت الوعي, ولم أعد إليه الا وهم عائدون يحملون جثة إبني ومعهم تقرير طبي يؤكد أن أحمد صدمته سيارة نقل. وتشير أم أحمد إلي أن الجيران سارعوا بغسل جثة إبنها في الطابق الأرضي وأثناء ذلك كان البلطجية الهاربون من القسم يهاجمون الأهالي والبيوت.. وبعد انتهاء الغسل سارع به الأهالي الي المقابر. وتقول: عدنا من المقابر لنجد الدنيا خرابة.. الضرب والسرقة والحرق في كل مكان, ولم نتمكن من إعداد تجهيز مجلس عزاء لأحمد.. وكلما جاء عدد من الجيران للتعزية, نفاجأ بهجوم رهيب من البلطجية. وعن أسباب ماورد في التقرير الطبي قالت أم أحمد: بعد أن عاد الي الوعي سألت شبان المنطقة الذين أخذوه الي المستشفي عن السبب.. فقالوا إن المستشفي في هذا اليوم استقبل اعدادا لاحصر لها من المصابين والشهداء. وكان الطبيب يريد إدخال جثة أحمد إلي الثلاجة فظل الشباب يرجونه ألا يفعل ذلك.. وأخبروه أن سبب الوفاة هو اصطدامه بسيارة نقل مسرعة. وتنهي أم أحمد حديثها بقولها: كثير من الناس نصحوني بعدم ذكر الحقيقة حتي لا أخسر التعويض.. ولكن كل أموال الدنيا لاتساوي ان يلوث احد ثوب ابني الذي لقي وجه ربه بسبب الانفلات الأمني وخروج اللصوص والبلطجية من السجون واختفاء الشرطة.. لقدمات ابني شهيدا, ومات غيره من المواطنين الابرياء الشرفاء شهداء جريمة الانفلات الأمني, التي لاتقل إجراما عن قتل المتظاهرين بالرصاص الحي. وبدورنا في شباب التحرير نقدر لهذه الأم المكلومة هذا الصدق الرائع.. ونؤكد لها ان الطريقة التي مات بها ابنها جعلته طفل شهداء ثورة 25 يناير.. وأن فقدانها لابنها الوحيد الجميل بهذه الطريقة الرهيبة يجعل منها أما لأجمل وأصغر شهداء الثورة.