جاء انعقاد مؤتمر لندن لمساندة اليمن, في مواجهة التحديات التي تهدد دولته, في إطار توجه دولي نحو التنسيق لحل مشكلات تقع علي أرض دولة واحدة لكنها تمس مصالح أكثر من دولة. فقد جري عقد مؤتمرات لمساندة دول مشابهة مثل أفغانستان وباكستان, في إطار المواجهة الغربيةوالأمريكية مع تنظيم القاعدة الذي بات تنظيما دوليا. هذه المواجهة لمشكلات ذات سمة دولية جعلت من غير المستغرب عقد مؤتمر لندن الذي ضم ممثلين عن الحكومة اليمنية والأمم المتحدة ومنظمات اقليمية ونحو20 دولة علي رأسها الولاياتالمتحدة, رأس الحربة الدولية في مواجهة القاعدة, كما حضرت مصر التي انخفضت عائداتها من قناة السويس بسبب القرصنة والتهديدات قرب شواطيء اليمن, وشاركت دول خليجية تدرك أهمية اليمن لأمنها باعتبار أن جانبا مهما من بترول وتجارة الخليج يمران بالقرب من الشواطيء اليمنية. ويعني ذلك أن الطرح الخاص بأن مؤتمر لندن بمثابة تدويل للمشكلة اليمنية يتناقض مع جانب من المشكلات التي وضعها الاجتماع علي طاولته, باعتبار أن لها أبعادا محلية يمنية وأخري دولية وأن علاجها يتطلب دورا محليا للحكومة, وكذلك دول أخري معنية, وبرغم ذلك فإن الأجواء والتصريحات التي ارتبطت بالمؤتمر أكدت مجموعة من الملاحظات الدالة علي أن أولويات المصالح مختلفة بين الأطراف المشاركة, فقد أعطت أمريكا وبريطانيا أولوية لمحاربة القاعدة, وهو ما تبين في مضاعفة المعونة الأمريكية عن العام الماضي لمساعدة القوات اليمنية لمكافحة الإرهاب بالتدريب والأسلحة فضلا عن التنسيق في تقديم المعلومات والمشاركة في غارات جوية علي أهداف يتم الإعلان عن أنها تنتمي ل القاعدة, لهذا لم يكن غريبا أن يوافق المجتمعون علي ضرورة أن يزيد المجتمع الدولي تأييده لمحاربة تهديد القاعدة وعناصر إرهابية ومتطرفة أخري. وذكر اسم القاعدة دليل علي أولويتها لجانب من المجتمعين, خصوصا أنه تم الاكتفاء بالإشارة فقط الي عناصر راديكالية وارهابية أخري, دون تسمية الحوثيين الذين يدخلون في معارك مع القوات الحكومية في الشمال أو الي الجنوبيين المشاركين في احتجاجات وأعمال تمرد. وفيما له صلة بذلك, استخدم بيان لوزير الخارجية البريطانية ديفيد ميليباند رئيس الاجتماع كلمتي الموافقة والتصميم, في تأكيد اعتزام تنفيذ إجراءات ضد الإرهاب وهو ما يصب في صالح جميع أطراف المؤتمر بما في ذلك اليمن التي تنفق ملايين الدولارات علي تعزيز حراسة الحدود لمنع تسرب أنصار القاعدة عبر البحر, خصوصا من الصومال, أو الأسلحة للحوثيين, وأكد ترحيب المشاركين ب التصميم من جانب المجتمع الدولي بالمزيد من الانخراط تأييدا لجهود حكومة اليمن في بناء أجهزة تنفيذ القانون والأجهزة الأمنية والقضائية والتشريعية, مما يعني المساهمة في تعزيز سلطة الدولة التي تعاني غيابا في بعض المناطق مما يسمح بالانتقاص من سلطتها ونمو القاعدة. وعلي الجانب اليمني في المؤتمر كانت الأولوية للحصول علي مساعدات اقتصادية لدرجة أن نائب وزير التخطيط طرح أهمية الحصول علي50 مليار دولار كمساعدات خلال عشر سنوات, في حين طلب وزير الخارجية عدم مناقشة مسألة الاصلاح السياسي الذي يعتبره البعض ضرورة أساسية من ضرورات تحقيق الاستقرار, الي جانب محاربة الفقر والبطالة( نحو30 بالمائة) والجهل, وبدا أن المؤتمر استجاب للحكومة اليمنية وأنه اكتفي بلفت الانتباه الي أهمية الاصلاح, وعزز من اتجاه المؤتمر لإرضاء الحكومة إشارة وزير الخارجية البريطانية ديفيد ميليباند, الذي أعلن نتائج المؤتمر, الي أن( عملية أصدقاء اليمن التي ستشارك فيها دول ومنظمات, ستقام لمساعدة اليمن في تنفيذ الاصلاحات). وعلي الجانب العربي, كان إعلان مجلس التعاون الخليجي استضافة اجتماع بالرياض أواخر فبراير الحالي لمناقشة كيفية ترجمة أرقام المساعدات المعلنة لليمن علي أرض الواقع, وفي هذا اشارة الي عدم قدرة اليمن علي استيعاب أكثر من20% من2,7 مليار دولار تعهدت دول الخليج بتقديمها في مؤتمر2006 بسبب ما وصف بضعف البنية اليمنية اللازمة لتوظيف الأموال في مشروعات حيوية, ويعني ذلك أن المؤتمر خرج بتعهدات لمحاربة القاعدة والتطرف, ورعاية مالية خليجية, ونيات للاصلاح الاقتصادي والاجتماعي من جانب الحكومة اليمنية, ما يجعله خطوة علي شبكة طرق نحو حل مشكلات اليمن المتنوعة. المزيد من مقالات عاطف صقر