ضم اجتماع لندن الخاص باليمن والذى استمر ساعتين العديد من الدول والمنظمات الدولية والإقليمية ومنها الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة وصندوق النقد الدولى والبنك الدولى ودول مجلس التعاون الخليجى وغيرها من الأطراف. هدف الاجتماع إلى الوقوف على جذور المعضلة اليمنية من حيث الأسباب والمعطيات من جانب، والحلول المقترحة لعلاج تلك الازمة التى وصلت إلى ذروتها بتزايد نشاط القاعدة فيها من خلال محاولة عمر فاروق عبد المطلب تفجير الطائرة الامريكية فى ديترويت والتدريبات التى تتم على الأراضى اليمنية لتجنيد عناصر مسلحة تستهدف المصالح الغربية من جانب آخر. لم يكن الاجتماع مؤتمراً بالمعنى المتعارف عليه مثل المؤتمر الخاص بأفغانستان، ولكنه مجرد اجتماع لتنسيق الجهود الدولية للتصدى للمشكلة التى يعانى منها اليمن. عرضت المشاكل الاقتصادية التى تواجه اليمن مثل قلة المياه وقلة الموارد البترولية المدرة لجزء كبير من الدخل القومى لليمن وتزايد نسبة الفقر التى وصلت إلى حوالى 60% وقلة فرص العمل وضعف البنية الأساسية. يضاف إلى ذلك مناقشة المشاكل السياسية التى تواجهها الحكومة اليمنية من قبل الحوثيين فى الشمال والحراك الجنوبى المطالب بالانفصال فى الجنوب وتزايد نشاط وتواجد تنظيم القاعدة بالجنوب وضعف قدرات الجيش اليمنى الفنية فى مواجهة تلك المشكلات مجتمعة. هناك أيضاً سيطرة شيوخ القبائل على بعض المناطق وضعف سيطرة الحكومة على تلك المناطق. فى هذا السياق تم اقتراح عقد مؤتمر دولى للمانحين بالرياض فى الفترة بين 22 و23 فبراير المقبل لتدبير التمويل اللازم من قبل المجتمع الدولى للمساعدة فى تنمية اليمن. وقد تعهدت كل من الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة بتدعيم الحكومة اليمنية بقيادة الرئيس عبدالله صالح وتقوية الجيش اليمنى من خلال التدريب والمعدات لمواجهة تهديد القاعدة. وقد أكد الوفد اليمنى فى المؤتمر رفض بلاده التدخل الخارجى من خلال قوات عسكرية أجنبية كما حدث فى أفغانستان والعراق ولكن أكد على الحاجة للمساعدة الدولية فى تنمية البلاد وضرورة تحقيق إصلاحات سياسية لتحقيق الاستقرار المنشود. تحرص الحكومة اليمنية على عدم إغضاب شيوخ القبائل والقوى المعارضة للتدخل الخارجى ولكنها بحاجة ماسة للدعم الدولى. وقد أكد الرئيس الأمريكى أوباما من قبل على عدم نية بلاده إرسال قوات عسكرية إلى اليمن أو الصومال. يثار التساؤل حول أسباب إصرار المملكة المتحدةوالولاياتالمتحدة على عقد هذا الاجتماع بتلك الصورة والاهتمام به وحضور ممثلين عن 24 جهة لمساعدة اليمن على مواجهة محنتها فى هذا التوقيت. يعتقد البعض أن أهم تلك الأسباب هو خطر تواجد عناصر القاعدة فى اليمن وتجنيد المزيد من العناصر التى تكره الغرب وتحاول الإيقاع به من خلال هجمات مسلحة. فالحرب بين الحوثيين والنظام اليمنى مستمرة منذ فترة، ومطالب الحراك الجنوبى بالانفصال متواجدة على الساحة منذ أمد ليس بالقصير، والوضع الاقتصادى المتردى فى اليمن يتزايد يوما بعد يوم. فالعامل الجديد فى المعادلة هو نشاط القاعدة فى اليمن بصورة خاصة وتنظيم القاعدة بالجزيرة العربية بصورة عامة. يضاف إلى ذلك الخوف من أن تتحول الدولة الهشة فى اليمن إلى دولة فاشلة مثل الصومال ويصعب التعامل معها بعد ذلك. إن التحرك قبل تفاقم الوضع من وجهة نظر المشاركين فى الاجتماع افضل من الانتظار لحدوث كارثة. إن حزمة الإصلاحات السياسية والاقتصادية التى تقع على عاتق الحكومة اليمنية بمساعدة المجتمع الدولى سوف تأخذ وقتا لتجسيدها على أرض الواقع وتحتاج إلى جدية فى تطبيقها من الجانبين اليمنى والدولى. كانت هناك تجربة شبيهة بذلك عام 2006 عندما تم رصد خمسة مليارات دولار لتنمية اليمن فى مؤتمر عقد أيضا فى لندن ولكن لم يصل منها إلا القليل إلى اليمن، وبالتالى تزايد الوضع سوءا. على الأرجح أن المجتمع الدولى والحكومة اليمنية أكثر إصرارا تلك المرة على تحقيق الإصلاحات اللازمة لتحقيق الاستقرار السياسى وتقليص خطر القاعدة وتلبية حاجة المواطنين الفقراء.