التقيت به في ماليزيا.. بسيط.. لا يوحي إليك مظهره بأنه أحد حملة نوبل.. كان يرتدي قميصا طويلا علي الطريقة الباكستانية, ومن فوقه ما يمكن تسميته ب جيليه خفيف, أو قميص بدون أكمال فهذا هو الزي التقليدي لبلده بنجلاديش.. كان يسير بدون حراس شخصيين مفتولي العضلات, وبدون سكرتارية, ومدير أعمال, وحملة حقائب ومباخر.. ولكنه عندما يتكلم ويبدأ في طرح أفكاره, تبدأ في التعرف عليه, وتدرك أنه ذلك النوع من الرجال الذين يختلفون عن الآخرين! إنه البروفيسور محمد يونس صاحب فكرة جرامين أو بنك الفقراء في بنجلاديش, الذي نال بها بعد انتشارها إلي دول أخري جائزة نوبل للسلام عام6002 برغم أن بنجلاديش من أفقر دول العالم. عندما سألناه عما فعله بجائزة نوبل المالية, قال بدون تردد: وضعتها كرأس مال في مشروعات تنموية أخري ضمن بنك الفقراء! وعندما حدث التعارف بيننا وقلت له إنني صحفي مصري, ابتسم بوقار وقام بانحناءة خفيفة تقديرا للبلد الذي أتيت منه, ولكنه بعد ذلك اشتكي بكل أدب من البيروقراطية المصرية التي منعته من نقل تطبيقات فكرة بنك الفقراء بشكل جيد إلي مصر, وفهمت من حديثه أنه سبق أن تحدث مع عدد من مسئولي الحكومة المصرية لم يشأ أن يذكر أسماءهم وعرض عليهم ما يمكن أن يحققه بنك الفقراء للمصريين من آمال وطموحات, باعتبار أنه مشروع يقدم المساعدة والتمويل لمن يعمل وينتج فقط, لا للمتعطلين والمتنطعين, فوعده المسئولون المصريون بدراسة الأمر, ولكنه إلي الآن لم يتلق ردا من أحد, وقال لي وهو يبتسم: أربع سنوات مرت ولم أتلق ردا! ولم أعرف ماذا أقول له! علي أي حال, الرجل مازال يعمل, وخبراته ونجاحاته لم تتوقف!