السفر ليس تذكرة ومقعدا في طائرة وشوبنج! السفر إفادة وإحاطة ومعلومات السفر كتاب مفتوح صفحاته حياة عريضة السفر رؤية للواقع السفر ان يمسك الانسان بيديه تفاصيل الخرائط الخريطة تعلمنا ان نرسم خطوطها بسن قلم رفيع وكنت اتوق يوما لأعيش في المدن التي أرسمها. في احدي المدن الالمانية رأيت شابا بالقميص والبنطلون يتكلم مع مجموعة عمل رسمية وظننت انه واحد من اثرياء المدينة ولكن صديقي المصري الذي يعيش في المانيا قرابة 30 عاما قال لي "انه وزير البيئة" ادهشني ان اراه بهذه البساطة وبملابس كاجوال فقد كان الوزير الالماني يلبس بنطلون جينز تذكرت علي الفور الرجل المسئول الذي كسر التقليد الممل كنت قد رأيت المحافظ عبد الرحيم شحاتة وهو بالقميص والبنطلون -وكنا في الصيف- وكان يتفقد بعض مشروعات المحافظة يومها كتبت اقول ان عبد الرحيم شحاتة سبق المسئولين التقليديين في الظهور بدون ربطة عنق وكأن ربطة العنق هي جواز مرور المسئول الي قلوب الناس اننا "بلد مظاهر" بمعني ان البدلة والقيافة هي الاطار الرسمي للموظف وظل الموظف تقليديا.. وتفكيره تقليديا ولا يستطيع ان يغير شيئا مما تعود عليه حتي ولو رأي ان التفكير عقيم ويحتاج الي هزة لكن الموظف وخصوصا المسئول يحافظ علي الشكل دون ان يعبأ بالمضمون وعندما ظهر شحاتة وانا احترمه حتي ولو كان بعيدا عن المناصب سمع تقليعات كثيرة وتعليقات اكثر! ثم بدأ بعض الوزراء يتخلصون من ربطة العنق ومنهم سامح فهمي ومحمد ابراهيم سليمان وبالمناسبة فان وزير البيئة الألماني رأيته يرقص مع السياح في مرقص مدينة ديسلدورف وفي مصر كان ممدوح البلتاجي -وهو وزير سياحة- يشارك السياح مرحهم وهو شيء يحمل رقيا فالمشاركة هنا بالملابس الكاجوال للسياح سمة تحضر ومع ذلك واجه البلتاجي تعليقات سخيفة من مرضي في التفكير ومتذمتين ومتخلفين ذلك اننا بلد مظاهر.. نهتم بالمظهر ولا شيء آخر لا يهمنا دور وزير السياحة في الترحيب بزوار بلده لا يهمنا أن يسمع الوزير رؤي السياحة ووجهات نظر يهمنا فقط ان يكون وزيرا بهيبة وربطة عنق وهيلمان وموظفين يجرون ككلاب الصيد وحراس في سيارات سوداء واقول صحيح بلد "شهادات ومظاهر". لكني احلم بكسر القواعد والالتفات -في حياتنا- للمضمون اكثر.. اتذكر ان الرئيس مبارك -في حلقته الانتخابية- ظهر للناس بدون جاكيت ولكنه كرئيس للدولة احتفظ بربطة العنق ورجال البروتوكول في امريكا يتعاملون مع أمناء رياسة الجمهورية في الزيارات الرسمية فحين ظهر الرئيس الأمريكي بدون ربطة عنق كان مبارك والوفد الرسمي بدون ربطة عنق ولعل الرئيس الايراني "نجاد" لا تطوق عنقه ربطة عنق منذ ظهر لأول مرة امام العالم فهو يرتدي البدلة والقميص بدون ربطة عنق. ولكن بلير قلما يظهر بدون ربطة عنق فهو ينتمي للمدرسة الانجليزية الكلاسيكية والرئيس مبارك يتحلل من ربطة العنق في زياراته الميدانية التي تستغرق وقتا طويلا.. ومن أشهر الشخصيات التي تتحلل من ربطة العنق منذ زمن طويل اديب نوبل نجيب محفوظ. ولست اعادي ربطة العنق ولا اعادي الكلاسيكية في الذوق ولكني احدد هدفي من المقال وهو ان المسئول بالقميص والبنطلون مع الناس يجعلهم يثقون فيه ويقتربون منه اما القيافة فهي تجعل المسئول بعيدا عن الناس ان وزراء اوروبا وبعض دول افريقيا يفضلون الكاجوال حين يتفقدون الانجاز او مقابلة الجماهير ان الزي يصنع الانسان.. فليس معقولا ان ارتدي ملابس كاملة وربطة عنق وانزل الي الشارع لاتكلم مع الجماهير انني -بالقيافة- اصنع حاجزا بيني وبينهم. الخلاصة: مسئول بقميص وبنطلون معناه مسئول قريب من الناس وادعوا ايضا للتخلص من عنكبوتية قواعد قديمة بالية في العلاقة بالناس ان الف باء السياسة هو الاصغاء للناس وترجمة ما يقولون الي واقع معيش.