سبق القول من قبل عن أزياء الرجل في شبه القارة الهندية وبالتبعية للفكر الذكوري الشرقي يمكن الكلام عن أزياء المرأة أيضاً حتي تتضح الصورة في ذلك الكرنفال العجيب الغريب الذي لا يوجد مثله في البلاد؟! الساري هو الزي الوطني الأول للمرأة الهندية تماماً مثل أن الكاري هو الطعام الوطني الأول في الهند وتبدأ الفتاة في لبس الساري بعد البلوغ مباشرة ولذلك فإن فتيات المرحلة العاشرة يرتدين الساري بدلاً من الجوب مع القميص. ومن مميزات الساري أنه لا يحتل حيزاً كبيراً في دولاب الملابس أو شنطة السفر حيث إنه بعد الكي يشبه الجريدة المطوية أو المجلة أو القميص المكوي وعليه يمكن لدولاب متوسط الحجم أن يحتوي علي مئات من السواري في ترتيب يشبه ترتيب الكتب والمجلات في مكتبة مدبولي ولكي نتخيل عدد ما تملكه امرأة من الطبقة العاملة أو المتوسطة فيصل إلي ثلاثمائة ساري أو يزيد؟!. الموقف في أزياء النساء يتسم بالتوحد فالنساء في الهند مازلن متمسكات بارتداء الساري وهو أقدم زي معروف يرجع إلي آلاف السنين طبقاً لما هو منقوش علي لوحات المعابد ورسومات المتاحف وحكايات الأساطير، ولنا أن نتخيل استعمال الأزياء الفرعونية حتي الآن. ويتكون الساري من قطعة واحدة طويلة من القماش عرضها ما بين متر ونصف إلي متر وربع وطولها ما بين خمسة إلي ستة أمتار. القماش يبدأ من القطن أو الحرير الطبيعي ثم من الحرير الصناعي ويكون بألوان سادة أو منقوشة أو مشغولة أو مطبوعة أو له رسومات موشاة بالفضة والذهب الحقيقي أو التقليد. الساري تلفه المرأة حول وسطها مرة ونصف والباقي علي طبقات تنتهي بوضع الباقي أعلي الكتف الأيسر وهو يقيم المرأة بالطول إلي البسط والمقام أو أعلي خط النصف وأسفل خط التماس!!، ترتدي تحته قميصاً قصيراً بأكمام أو بنصفها أو بدونها مفتوحة من الأمام أو من الخلف ولها أزرار أو مقفلة ويستحسن أن تكون من نفس قماش ولون الساري. أما الذي يختبئ تحت الساري عند منطقة البسط وفوق خط المنتصف أو المقام وتحت خط المنتصف فترتدي النساء بلوزة من ذات القماش أو اللون أو ما يضاهي الغلاف الخارجي للمرأة ثم جونلة طويلة حتي الكعبين من القماش الأبيض أو الملون من القطن أو الساتان طبقاً للمقدرة المالية والاجتماعية يتم تطريز حواف تلك القطعة وتلك الجونلة لها حبل للتثبيت بدلاً من الحزام يتم ربطه من الجانب الأيسر، يتراوح سعر الساري ما بين الجنيهات الخمسة وحتي عدة آلاف من الجنيهات، يزيد علي ذلك سعر وزن الفضة أو الذهب من الخيوط الموشاة علي حواف الساري برسوم فنية بديعة، الساري المنسوج من الحرير الطبيعي الكشميري يكون في حجم قبضة اليد خفيف الوزن وثقيل السعر. هذا الساري زي لا يعرف التورية ولا المجاملة فهو يأخذ تضاريس جسم المرأة والدوائر التفصيلية لها، ويمتاز بالصراحة الشديدة في رسم الملامح التخطيطية للأبعاد الفنية لكل واحدة دون تزييف أو تعديل كما أنه يجعل منطقة وسط المرأة منزوعة القماش؟! ويعتبرون ذلك دليلاً علي الصحة والرشاقة وهو قول مشكوك فيه في كثير من الحالات لأن معايير الصحة يحددها كل رجل علي حدة. وأحياناً يزداد الخط العلوي ارتفاعاً والخط السفلي انخفاضاً وتزيد مساحة تلك المنطقة المنزوعة مما يمنح شياطين النظر فرصة كبيرة للتطلع إلي كيفية الرشاقة، وأبعادها أضف إلي ذلك ديناميكية الحركة الأنثوية أثناء المشي والهرولة والبغددة، في بعض القري والجزر والمناطق النائية تضع المرأة الهندية خاصة كبار السن الساري الأبيض الخفيف الذي يشبه الشاش ولا شيء غيره تماماً بل ويتركن الكثير من الجلد عرضة للشمس والهواء بما يتناسب طردياً مع سن المرأة بينما الأرامل يرتدين الساري الأبيض حتي نهاية العمر. النساء المسلمات يرتدين الساري وفوقه البالطو من الساتان الملون ومعه برقع يغطي الرأس والرقبة ويزيد حتي أسفل الصدر يشبه الستارة تتدلي من الوجه ولها فتحتان أمام العينين كما أن نساء طائفة البهرة يلتزمن بارتداء الطرحة فوق الساري. الساري من الأزياء الصالحة للاستخدام في البيت وعند الخروج بل وللنوم أيضاً وعادة ما يكون الساري القطني الرخيص عمره عدة أسابيع أما الآخر من الحرير والذهب فعمره عدة سنوات، الأول يلقي به بعد انتهاء عمره الافتراضي في سلة المهملات - إن وجدت - أما الثاني فيلقي به في فرن خاص يتم استخلاص الفضة أو الذهب منه طبقاً لقواعد تدوير المخلفات أي يتم بيعه أو إعادة تركيب خيوطه الفضية أو الذهبية فوق ساري جديد مثل برواز من الذهب أو الفضة، وتختلف طريقة ارتداء الساري من الشمال للجنوب ومن الشرق للغرب فمثلاً الجنوبيات لا يتركن فرصة للضوء كي يتسلل إلي أي مكان في جسم المرأة كما الأصل في ارتداء الساري ولكن عوامل التطوير تزاملت مع عوامل التعرية؟! في ولاية ماهراً شترا وهي الولاية التي عاصمتها مومباي ترتدي النساء في القري ذلك الساري بطريقة فولكلورية حيث تضع الطرف الحر منه بين ساقيها ليتحول الساري إلي بنطلون فضفاض يضيق عند الركبة ولأسفل، ومن النادر أن تري نفس الساري مرتين لأن هناك مئات الملايين من النساء بين شعب تعداده مليار ومائة مليون لذا لن تجد نفس الساري مطلقاً معروضا في محل أو علي جسم ثابت أو متحرك في كل الدولة، والذي يدهشك حقاً هو من أين يأتي هذا الكم الكبير من الحرير الطبيعي لتصنيع الساري في ألف ألف محل في ألف ألف شارع وفي ألف ألف قرية ومدينة بل يمكن القول إن الهند هبة الساري والكاري وغيرهما مثل البهارات والتوابل بل وهي أرض الجوز واللوز وموطن الشاي والبن والدخان وتقديس البقرة والثعبان، الولايات في الجنوب مليئة بمزارع دود القز، وكذلك أقصي الشمال في ولاية كشمير والإنتاج يكفي ويزيد للتصدير، الساري هو الزي الموحد لكل نساء وفتيات الهند ولابد من ارتدائه في الحفلات الرسمية والشعبية وحفلات الزفاف وحفلات التخرج، أما الزي الآخر الرسمي للمرأة الهندية فيسمي الزي البنجابي وذلك نسبة لدولة المنشأ أو إقليم البنجاب ويقع مناصفة بين الهند والسند بين باكستان وبين الهند، وهو قريب الشبه بالأزياء الأندلسية ويقولون إنه من تأثير دخول الإسلام في العصور القديمة ويتسم بالاحتشام وهو عبارة عن سروال طويل يضيق بالقرب من القدم وفوقه فستان طويل إلي ما تحت الركبة وعليه طرحة رقيقة من الحرير علي الرأس والكتفين ويفضل التناسق اللوني بين هذه المكونات الثلاثة، كما أن هناك بعض التفاصيل الدقيقة الخاصة بملحقات تلك الأزياء الرجالي أو السيداتي التي لها علاقة مباشرة بمقتضيات الشياكة والأناقة لكل زي من تلك الأزياء ولكل مناسبة من المناسبات، وتقع ضمن قائمة الملحقات المهمة وهي تحتاج مساحة أخري للعرض أو السرد طبقاً لما تسمح به الظروف الموضوعية للنشر مستقبلاً؟!.