يمضى عام هجرى.. ويقبل عام آخر وفى الانتهاء والعودة يطل علينا بطل الهجرة سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، فتشرق فى نفوسنا سيرته ومسيرته. ولاشك أن الهجرة النبوية فصل من فصول الصراع بين الحق والباطل بين عبادة الواحد الأحد مبدع الكون وخالق البشر وبين عبادة الحجر والوثن.. ففي مجتمع مكة توارث الأبناء عن الأباء الركوع للأصنام, ولم يكن غريبا عليهم ان يؤمنوا بالكهانة والسحر ويستسلموا للخرافة والوهم ويعيشوا حياة بعيدة عن منهج يرضاه الله.. وفي ظل هذه الحياة التي عاشها المجتمع المكي جاءت دعوة محمد صلي الله عليه وسلم صرخة غير منتظرة ورسالة غير مرغوب فيها لأنها ببساطة قلبت موازينهم ونادت بتغيير ما ورثوه من جهالة دينية وتقاليد بعيدة عن أخلاقيات الدعوة الجديدة.. وقد نشأ النبي صلي الله عليه وسلم بين هؤلاء القوم محبا للعزلة كارها لتصرفاتهم وعاداتهم من عبادة للصنم وشرب للخمر وحب للهو, وكثيرا ماكان يخلو بنفسه في غار حراء أياما وليالي يتأمل في الكون وآيات الله في إبداعه. بدأ إذا فجر جديد بنبوة محمد صلي الله عليه وسلم وشهد مسرح الدعوة صراعات بين النبي وأتباعه وبين صناديد قريش حتي انتهي هذا الصراع بالهجرة الي المدينة التي فتحت للنبي عليه الصلاة والسلام قلبها وأبوابها فأقام مجتمعا جديدا يقوم علي الاخاء والتعاون والشوري والوحدة والايثار وأنهي مابينهم من النزاعات القبلية, وبهذا كانت الهجرة في جوهرها ثورة علي الضعف وتضحية في سبيل العقيدة وانتصارا للحق والعدل حتي جاء نصر الله والفتح. وعاد المهاجرون الي مكة يحملون رايات النصر والعفو وسماحة الاسلام.. ومن مكة انطلقت دعوة الايمان ورسالة الاسلام.. وفي نهاية هذه السطور أدعو المسلمين جميعا أن يهاجروا الي الله والي منهج رسوله صلي الله عليه وسلم وأن يحيوا في نفوسهم وقلوبهم منهج الاسلام في التعامل مع الله ورسوله والناس, وأن تكون سلوكياتهم نابعة من مباديء وقيم وأخلاقيات القرآن والسنة النبوية, وكل عام وانتم بخير.