رغم أني لست من المهووسين بكرة القدم إلا أن لي اهتماما خاصا بالنسق الأخلاقي الذي فرضته هذه اللعبة ذات الشعبية الطاغية علينا وأبرز نسق مفروض علي نمط حياتنا من جراء طغيان هذه اللعبة هو ما يمكن أن نسميه( الأستدة) وأعني به نقل أخلاقيات الاستاد إلي المجتمع العام من شرعية الصخب إلي التدافع الي التعصب, مرورا باعتياد استخدام الألفاظ البذيئة وانتهاء بهذه الحالة العجيبة من اللاعقلانية, والتي تتجسد عندما يحرز أحد اللاعبين هدفا فينطلق وكأنه( أتي بما لم يأت به الأوائل) ويا ليت الأمر يقف عند هذا الحد, بل نري هذا البطل الهمام وقد خلع( الفانلة) واندفع إلي الجماهير, ولا يكتفي بذلك بل يقذف بها إلي المدرجات لتشتعل المشاجرات بين المتفرجين أيهم يحوز الغنيمة... هذا غير تسيد روح الفردية والأنانية بين كثيرين من اللاعبين, ويتضح ذلك عندما يحوز أحدهم الكرة وهو قريب من المرمي فلا يكاد يخرجها من قدمه إلي زميل له مجاور إلا بشق الأنفس وعلي ضرر منه... لقد أصبحت أخلاقيات الاستاد هي أخلاقيات المجتمع وما يحدث في الشوارع في الأعياد إنما هو بعض من نتيجة تسيد( الأستدة).