تنسيق المرحلة الأولى 2025.. قائمة الكليات المتاحة لعلمي علوم ورياضة و نظام التعليم الجامعي    منى رزق في موقع العمل حتى الآن.. واستمرار تنفيذ الوصلات لتغذية محطة جزيرة الذهب    بعد بريطانيا وفرنسا.. دولة أوروبية تعتزم الاعتراف ب فلسطين سبتمبر المقبل    الملك محمد السادس: إنجازات المغرب ثمرة رؤية استراتيجية ونهضة اقتصادية غير مسبوقة    بعد ضم أحمد ربيع.. تعرف على جميع صفقات الزمالك للموسم الجديد 2025-2026    القنوات الناقلة لمباراة الاتحاد وفولهام الودية استعدادًا للموسم الجديد 2025-2026    رسميًا.. موعد بداية العام الدراسي الجديد 2026 بالمدارس الحكومية والدولية والجامعات    مدير أمن سوهاج يتفقد الشوارع الرئيسية لمتابعة الحالة الأمنية والمرورية    وفاة طالب أثناء أداء امتحانات الدور الثاني بكلية التجارة بجامعة الفيوم    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    «التموين»: لا صحة لعدم صرف الخبز المدعم لأصحاب معاش تكافل وكرامة    تنسيق الدبلومات الفنية 2025 دبلوم صناعي 3 سنوات.. الكليات والمعاهد المتاحة (الموعد والرابط)    معاشات أغسطس 2025 للمعلمين.. الصرف يبدأ الجمعة وزيادة 15% تُطبق رسميًا    مالطا تعلن اعترافها بدولة فلسطين في سبتمبر    مكتب ستارمر يؤكد اتصاله بنتنياهو قبل إعلان الاعتراف المحتمل بدولة فلسطين    وزير العمل يعلن 68 وظيفة بالسعودية.. تعرف عليها    المفوضية الأوروبية تدعو كييف إلى تعيين مدير لمكتب الأمن الاقتصادي بأسرع وقت ممكن    من المهم توخي الحذر في مكان العمل.. حظ برج الدلو اليوم 30 يوليو    منافسة غنائية مثيرة في استاد الإسكندرية بين ريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقى العربية.. صور    أميرة سليم تطلق «أوبرا ريمكس»: الأوبرا ليست مملة وسبقت السينما في تقديم الدراما    أحمد فؤاد سليم: الجيش شكّل وجداني.. وكنت إنسانًا بلا اتجاه    محمد العمروسي يكشف عن عودة «وتر حساس» بجزئه الثاني: «ياسين راجع من تاني»    متحدث "الموسيقيين" يبارك للفائزين بالتجديد النصفى: نحتاج كل صوت مخلص    إنجاز غير مسبوق.. إجراء 52 عملية جراحية في يوم واحد بمستشفى نجع حمادي    مطران دشنا يترأس صلوات رفع بخور عشية بكنيسة الشهيد العظيم أبو سيفين (صور)    الإمارات تدين بشدة الهجوم الإرهابي الذي استهدف كنيسة في الكونغو    رئيس مبيعات الركوب ب"جي بي أوتو": طرح 5 طرازات تؤكد ريادة شيري في السوق المصري    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى سطح المنزل في شبين القناطر    رئيس مدينة الحسنة يعقد اجتماعا تنسيقيا تمهيدا للاستعداد لانتخابات الشيوخ 2025    أسامة نبيه يضم 33 لاعبا فى معسكر منتخب الشباب تحت 20 سنة    استعدادًا للموسم الجديد.. نجاح 37 حكمًا و51 مساعدًا في اختبارات اللياقة البدنية    نبيل الكوكي يقيم مأدبة عشاء للاعبى وأفراد بعثة المصرى بمعسكر تونس    في الجول يكشف سبب غياب كريم فؤاد وأحمد كوكا عن ودية الأهلي ضد إنبي    ثروت سويلم: لن نلغي الهبوط لو تكرر نفس الموقف مع الإسماعيلي    خالد أبوبكر للحكومة: الكهرباء والمياه الحد الأدنى للحياة.. ولا مجال للصمت عند انقطاعهما    أحمد فؤاد سليم: عشت مواجهة الخطر في الاستنزاف وأكتوبر.. وفخور بتجربتي ب "المستقبل المشرق"    وزير الخارجية يتوجه إلى واشنطن في زيارة ثنائية    التفاصيل الكاملة لسيدة تدعي أنها "ابنة مبارك" واتهمت مشاهير بجرائم خطيرة    سعر الفول والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025    مفاجأة ممدوح عباس.. الزمالك يتحرك لضم ديانج.. تقرير يكشف    رسميًا بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025    رئيس وزراء فلسطين يبحث مع وزير الخارجية السعودي تنسيق المواقف المشتركة    عاصم الجزار: لا مكان للمال السياسي في اختيار مرشحينا    تنسيق المرحلة الثانية 2025.. موعد الانطلاق والمؤشرات الأولية المتوقعة للقبول    نائب وزير الخارجية الروسي: من المستحيل تحقيق السلام في الشرق الأوسط دون إقامة دولة فلسطينية    السيطرة على حريق هائل بشقة سكنية في المحلة الكبرى    «الجو هيقلب» .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : أمطار وانخفاض «مفاجئ»    معلقة داخل الشقة.. جثة لمسن مشنوق تثير الذعر بين الجيران ببورسعيد    بدأت بصداع وتحولت إلى شلل كامل.. سكتة دماغية تصيب رجلًا ب«متلازمة الحبس»    خالف توقعات الأطباء ومصاب بعيب في القلب.. طفل مولود قبل أوانه ب133 يومًا يدخل موسوعة «جينيس»    طريقة عمل سلطة الطحينة للمشاوي، وصفة سريعة ولذيذة في دقائق    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟.. واعظة تجيب    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    حكم الرضاعة من الخالة وما يترتب عليه من أحكام؟.. محمد علي يوضح    محافظ الدقهلية يهنئ مدير الأمن الجديد عقب توليه منصبه    قبل الصمت الانتخابي.. أضخم مؤتمر لمرشحي مستقبل وطن في استاد القاهرة (20 صورة)    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر الكبير والصديق الجميل محمد ابراهيم أبو سنة
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 12 - 2010

أخيرا لمحات خاطفة من رؤيته لتجربته الشعرية العميقة‏,‏ مقدمة لديوانه الثالث عشر المعنون تعالي إلي نزهة في الربيع‏,‏ وأحسب أن هذه اللمحات علي وضاءتها لاتكفي لاحتواء تحولات عالمه الشعري الرحب ولا رصد خمائره الأساسية‏.‏ فتجربته المتوترة دارسا في الأزهر‏,‏ ولاجئا أدبيا كما كنا نسميه في دار العلوم‏,‏ وعضوا نشطا في مجموعة يطلق عليها تسمية شعراء القلعة ومحنة عمله في المطبخ الإعلامي‏,‏ وتلمذته الحرة للويس عوض‏,‏ ومحاولاته الدرامية المحبطة‏,‏ وصراعاته الصامتة الوديعة بين ذئاب جيل الستينيات‏,‏ وتحرش رفاقه بالمنافسة مع أمل دنقل‏,‏ وفواجعه الشخصية‏,‏ وفزعه من المهاجر العربية‏,‏ كل ذلك وغيره من التفاصيل الحميمية يتطلب منه شجاعة فائقة في الكتابة‏,‏ خاصة بعد أن أصبح أبو سنة مع قلة من الإعلام يتربع علي ذروة هرم الإبداع الشعري في مصر‏,‏ فصار محصنا لا ينقص منه الاعتراف ولا يحرجه الصدق‏,‏ ولا تكفي مثل هذه اللمحات الشحيحة في تغطية جروحه واجتراحاته‏,‏ ورسم الإيقاعات العميقة لمنجزه الشعري‏.‏
من الذي اغترب ؟
فإذا تجاوزنا هذه المقدمة التي أعتبرها مجرد بداية متواضعة للبوح ودخلنا في القصائد السبع التي كتبها خلال السنوات القلية الماضية انتبهنا إلي أن تقاطر الشعر لديه قد انتظم طوال عمره بمعدل ديوان كل ثلاث سنوات منذ بدايته الواعدة في الستينيات‏,‏ وأن خسارة المسرح الشعري فيه كبيرة‏,‏ فهو لم يستوعب مكر الداهية توفيق الحكيم الذي فصل بشكل قاطع بين فعل الكتابة المسرحية التي يملكه ويتحكم فيه‏,‏ وسوق العرض التي تخضع لتقلبات السياسة الثقافية ومزاج أجهزتها وصناعتها‏.‏ وكانت هذه المشكلة أيضا السبب في عزوف الشرقاوي عن الاستمرار في الكتابة الشعرية للمسرح وفي إحباط مشروع أبو سنة الذي تأهب له ولم يكتمل‏.‏ لكن تظل قصائد أبو سنة المتوهجة بشعرية الحياة المصرية‏,‏ والمفعمة برحيق المزاج المؤلف من عناصر اللغة والموسيقي والخيال والتجربةب علي حد وعيه الثاقب بطبيعته وتحديده لها في السطر الأول من مقدمته هي التي ينبغي أن نستحضرها ونستمتع بها منه ونقرأ في ضوئها من شفرات قصائده التي تنبثق من طين مصر لتعبر عن وجدانها في تحولاته الكبري‏,‏ يهدي الشاعر قصيدته بعنوان‏:‏ من الذي اغترب؟
إلي قريته الودي في الجيزة فيقول لها‏:‏ من الذي اغترب؟‏/‏ وأغلق الفضاء خلفه وأمطرت في عينه السحب‏..‏ أنا أم الصبية‏/‏ العجوز في رواقها‏/‏ القديم تنتحب تقلب الأوراق‏/‏ والوجوه والأقدار‏/‏ ثم تدفن الحقب‏..‏ من الذي اغترب‏/‏ يا قريتي التي أحملها ما بين أضلعي‏/‏ تفاحة من الذهب‏!‏ أنا وأنت‏/‏ قصة تبددت‏/‏ يلفنا الذهول
وسط عالم من الكذب‏/‏ وجهان ذابلان ذاهلان في مواكب العجب‏/‏ كلاهما اغترب‏..‏
ومع أن لذع الشعور بالاغتراب المزدوج كان أثيرا لدي شعراء التيارات الوجدانية‏,‏ فإنه يكتسب هنا صبغة مكثفة تتجاوز الحس الرومانسي‏,‏ لتشمل في رؤيتها تحولات المكان‏,‏ عندما تذهل القرية المصرية عن واقعها الزراعي وتتشوه طبيعتها النقية وهي تصارع القدر فلا تتصحر ولا تتحضر ولا يستقر لها مقام بين الريف والمدينة‏.‏ لكن ما يميز كلمات أبوسنة النضرة إنما هو امتلاؤها برحيق الموسيقي ونكهة الأرض الفواحة‏,‏ واتساق الجمل وهي تتكشف عن صور مركبة للقرية الصبية والعجوز وهو تطوي الأحقاب‏,‏ بينما تتبلور في روح الشاعر أليفة محبة بارقة مثل تفاحة من الذهب قبل أن يلفها الذهول في مواكب العجب‏.‏
علم القلب‏:‏
الطريف أن لكل منا عند قراءة الشعر اختياراته‏,‏ والقصيدة التي أفضلها في هذا الديوان تكلفني مشقة في تبرير اختيارها‏,‏ فكل النقاد خاصة الحداثيين ينفرون من النبرة التقديرية المباشرة في الشعر‏,‏ ويفضلون شيئا من الغموض والإيحاء وتعدد المعني‏,‏ لكن قصيدة علم القلب علمت قلبي وهي تقول لي ولكل قارئ‏:‏
علم القلب الثبات‏/‏ فالذي لا شك يأتي‏/‏ هو آت
والذي فات ابكه ما شئت فات إن نهرا جف لاتغريه أشواق البنات علم القلب الثبات‏/‏ حين تأتي العاصفات واطرح الخوف من الليل‏/‏ وحدق في ظلام عابر وتأمل‏/‏ كيف تنمو الأمنيات
في صباح أبيض‏/‏ مثل جواد راكض عبر فجاج الفلوات
والقصيدة أنشودة للصلابة والحكمة‏,‏ واستثارة عزيمة الإنسان وإرادته في إدارة صراعات الحياة‏,‏ يتغني بها أشد الناس وداعة وأحلاهم هشاشة‏,‏ وأحوجهم إلي تدريب الروح في خريف العمر علي مجابهة الحادثات‏,‏ خاصة الفقد وعذاباته‏.‏ وميزة الشعر العظيم أنه يمنح كل قارئ فرصة لإنتاج دلالته من الأبيات التي يقرأها‏,‏ فهو قرين التأويل‏,‏ وخصوبته تكمن في احتمالات تعدد معناه وصدقه في جميع الأحوال‏.‏ وعلي الرغم من أن الشاعر يختار تسمية لديوانه عنوان قصيدة أخري تدعو إلي نزهة في الربيع‏,‏ لقطف الأغاني التي أوشكت أن تضيع فإن القارئ المتعاطف معه مثلي لدرجة التواطؤ لا يملك إلا الرابط بين الطرفين‏,‏ وقراءة الخريف في حكمة الربيع‏,‏ واعتبار النزهة الحقيقية إنما هي في رياض الشعر الذي سبق تعيين أبوسنة بستانيا محترفا لها‏,‏ يربي قصائده ويرويها بذوب روحه النقية‏,‏ ولغته المضمخة بعطر الموسيقي‏,‏ ورؤيته الموصلة بأسرار الوجود‏.‏

المزيد من مقالات د‏.‏ صلاح فضل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.