للعام الثامن.. المنصورة ضمن قائمة الجامعات العالمية المرموقة    وزير البترول من السويس: دعم شركات التكرير للوصول إلى كفاءة إنتاجية 100%    للمرة الثانية.. خدمة الدين على مصر ترتفع إلى 27.87 مليار دولار بالعام المقبل    مصر تعزى باكستان في ضحايا الفيضانات التي اجتاحت البلاد    هاتفيًا.. وزير الخارجية يبحث الأوضاع الإنسانية في غزة مع وزير خارجية سنغافورة    إنبي يرحب بعودة وادي دجلة قبل مباراة اليوم: "الدوري بينور برجوع الغزلان"    هدوء وانتظام في أول أيام امتحانات الدور الثاني للثانوية العامة بأسيوط (صور)    بعد تناول وجبات.. إصابة 9 أشخاص ب«اشتباه نزلة معوية» في الشرقية    أمن المنافذ يضبط 84 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    نائب محافظ سوهاج: جهود رئاسية وراء استكمال مشروع المتحف القومي    ترامب يكشف أبرز 10 نقاط من قمته مع بوتين    معايير عمل لجان حصر وتقييم وحدات الإيجار القديم.. تفاصيل القانون الجديد    سيمينو ينفجر غضبا بسبب العنصرية.. والشرطة تحقق في الحادث    أحمد عاطف قطة: الظروف الصعبة سبب "كارثة" الأولمبياد.. وحزنت لضياع الدوري أكثر من كأس مصر    عودة الكهرباء بكامل طاقتها إلى إدفو بعد إعادة تشغيل محطة الحصايا (صور)    «السياحة» تبدأ مبكرًا في إجراءات الحج بتوقع عقد الضيافة وخدمة الحجاج بالمشاعر المقدسة    الري: حصاد 315 ألف متر مكعب من مياه الأمطار بجنوب سيناء    تشييع جثمان شاب لقي مصرعه غرقا داخل حمام سباحة ببني سويف    بعد تأجيل الدراسة| الموعد الجديد لبدء العام الدراسي بمدارس الجزائر    محافظ بورسعيد يعلن قبول جميع المتقدمين لمرحلة رياض الأطفال بنسبة 100%    انطلاق تصفيات أضخم مسابقة قرآنية تلفزيونية فى تاريخ مصر بالتعاون بين وزارة الأوقاف والشركة المتحدة    بالفيديو: عبيدة تطرح كليب «ضحكتك بالدنيا»    إجراء 20 عملية مياه بيضاء في يوم واحد بمستشفى نجع حمادي بقنا    علماء يلتقطون أول صور ثلاثية الأبعاد لزرع جنين داخل الرحم    خلال العطلات الرسمية....صحة الشرقية تنفذ أكثر من 37 ألف زيارة منزلية لتقديم الرعاية الصحية    حلول عاجلة لتوصيل مياه الشرب لعدد من المناطق بجنوب بورسعيد    آداب أسيوط تطرح برنامج الترجمة باللغة الفرنسية بنظام الساعات المعتمدة    موعد تقليل الاغتراب لطلاب تنسيق المرحلة الثالثة 2025    تنسيق المرحلة الثالثة 2025 علمي علوم.. قائمة كليات تقبل من 50%    وزير الخارجية ونظيره الألماني يؤكدان ضرورة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية: تصريحات نتنياهو تمثل استفزازًا صارخًا لمشاعر الشعوب العربية والإسلامية    لماذا يُستبعد الموظف من الترقية رغم استحقاقه؟.. 3 حالات يحددها قانون الخدمة المدنية    السبت 16 أغسطس 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    موقف غير متوقع يختبر صبرك.. حظك اليوم ل مواليد برج الدلو 16 أغسطس    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولتكن البداية بميزان العدل والحق!?    يسري جبر: يوضح حكم زيارة قبور أهل البيت والصحابة والدعاء عندها    إخلاء سبيل الشاب عبد الرحمن خالد، مصمم فيديو الترويج للمتحف المصري الكبير بالذكاء الاصطناعي    ذهبيتان وبرونزية لمصر بنهائي السيدات ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا    في صورة انتقال حر.. بيرسي تاو ينتقل إلى نام دينه الفيتنامي    الصحة: تدريب أطباء الأسنان وتقديم خدمات مجانية ل86 مواطنًا    بعد طرحه بأيام.. فيلم درويش يشعل المنافسة بالموسم السينمائي    محاكمة 6 متهمين في خلية «بولاق أبو العلا» الإرهابية| بعد قليل    إنقاذ سائق وتباع بعد انقلاب سيارتهما أسفل كوبري أكتوبر| صور    أمين الفتوى يوضح حكم من تسبب في موت كلاب بغير قصد وحقيقة طهارتها    فوز 4 من أبناء بني سويف في برلمان الطلائع على مستوى الجمهورية    خالد سليم يلتقي جمهور القلعة اليوم ضمن فعاليات الدورة 33 في هذا الموعد    وفاة والدة صبحي خليل وتشييع جثمانها بعد صلاة الظهر    عمرو وهبة يحتفل بعيد ميلاد ابنه: «الحمد لله عدت بدعوات الناس » (فيديو)    مدير الرعاية الصحية بالأقصر يتفقد 5 مستشفيات بالمحافظة لمتابعة الخدمات    وزارة الأوقاف تحدد 15 نقطة لاستغلال وقت الفراغ والإجازة الصيفية.. اعرفها    مصرع وإصابة 15 شخصًا في حادث تصادم ميكروباص بسيارة نقل بالوادي الجديد    بدائل الثانوية العامة محاصرة بالشكاوى.. أزمات مدارس «ستيم» تثير مخاوف العباقرة    ترامب يغادر ألاسكا بعد قمته مع بوتين    بوتين يدعو كييف والقادة الأوروبيين إلى عدم عرقلة "التقدم الناشئ"    مفاجآت في قائمة الزمالك لمواجهة المقاولون العرب    بقيادة صلاح.. ليفربول يفوز بصعوبة على بورنموث برباعية في افتتاح البريميرليج    حاكم ألاسكا: لقاء بوتين وترامب يمثل يوما تاريخيا لولايتنا    وزير الأوقاف السابق: إذا سقطت مصر وقع الاستقرار.. وعلينا الدفاع عنها بأرواحنا (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضجيج الفكر اليومي‏(2):‏
رجال الأعمال والاعلام والحرية
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 11 - 2010

موجات تلو أخري من الضجيج والصخب والعنف اللفظي ينتجها يوميا الإعلام المرئي وبعض البرامج االحواريةب‏,‏ والأحري برامج إشاعة السطحية والتضليل‏,‏ وصناعة الفكر المحلي اليومي الذي يحاول التعمية والتستر علي القضايا والمشاكل الهيكلية التي تواجه مصر‏.‏ غلبة الفكر اليومي الصاخب والغائم والغامض واستمراريته وتسارع وتائره يشير إلي عديد الأسئلة ما هي المصالح والأهداف التي يرمي إليها كل الأطراف من هذه الحالة؟ لماذا يستهدف بعض رجال الأعمال إنشاء وشراء بعض الصحف الخاصة‏,‏ والقنوات التلفازية الفضائية؟ وتزداد أهمية هذا التساؤل عندما يلاحظ البعض أن هذه القنوات وبعض الصحف لا تحقق الربح المطلوب بوصفها شركات تستهدف الربح بالإضافة إلي الوظيفة السياسية والإعلامية من شرائها أو تأسيسها؟
ما الذي قدمته الصحف الخاصة إلي التجارب الصحفية والسياسية في مصر؟
هل استفادت السلطة السياسية وبعض أجهزة الدولة من الصحف الخاصة؟
بداية لا نستطيع التعميم بين كل رجال الأعمال وصحفهم وقنواتهم التلفازية‏,‏ فثمة استثناءات لبعضهم ممن يمتلكون من الذكاء السياسي والحس العملي بحيث لا يظهرون أهدافهم ومصالحهم السياسية المباشرة من وراء تأسيس وإصدار الصحف‏,‏ ويبدون كأصلاحيين وليبراليين‏.‏
من هنا يثار سؤال لماذا يؤسس أو يشتري بعض رجال المال والأعمال الصحف والقنوات الفضائية؟ ولماذا يسعي بعضهم إلي استمرارية ضوضاء الفكر اليومي السائد فيها؟ لعديد الأسباب نذكر منها ما يلي‏:-‏
‏1‏ الصحف والأقنية التلفازية الفضائية تمثل أحد أوراق القوة الناعمة والمالية في التعامل مع البنوك وفي تيسير أعمالهم المالية والعقارية والاستثمارية‏.‏
‏2‏ أداة لبناء مكانة ووجاهة سياسية ونفوذ في الحياة العامة‏,‏ وهي قوة مضافة ومؤثرة مع القوة المالية والاقتصادية‏.‏
‏3‏ ميل بعضهم لا كلهم في تبييض وجوههم التي طالها التشويه الإعلامي بحق أو بغيره والإعلام يمثل أهم ماكياج سياسي يحدث تغييرا في الصور النمطية الشائعة عن ارجل الأعمالب المصري‏.‏
‏4‏ أداة فعالة لمواجهة الانتقادات الموجهة لبعضهم بشأن بعض سلوكه الاقتصادي والمالي وتشابكاته وعلاقاته مع بعض أجهزة الدولة‏,‏ وما قد يطول بعض عقودها أو عملياتها من شبهات الخروج علي قواعد القانون‏.‏
‏5‏ أداة فعالة تستخدم في عمليات التضاغط المتبادل والصراعات البينية بين رجال الأعمال بعضهم بعضا ولاسيما حول بعض الصفقات الكبري‏,‏ أو بعض الاحتكارات الواقعية‏,‏ أو ببعض العلاقات التي تثور حولها ريبة أو شكوك تمس نزاهتها‏,‏ مما يسر لبعضهم الحصول علي قروض أو تسهيلات ائتمانية‏,‏ أو مساحات شاسعة من أراضي الدولة‏,‏ أو رفع أسعار بعض السلع الاستراتيجية أو احتكارها واقعيا‏,‏ دون وجه حق‏!‏
‏6‏ بناء شبكة علاقات مع بعض الصحفيين وعناصر من المعارضة وبعض الوزراء علي نحو يسمح لهم بالإفلات من دوائر المساءلة وضرورات الشفافية بشأن أنشطتهم وثرواتهم‏,‏ والابتعاد عن دائرة السؤال البسيط من أين لهم هذه الثروات؟ وكيف ومتي تحققت وتراكمت؟
من هنا لا نستطيع الفصل بين حالة الصياح والضوضاء والفكر اليومي العنيف الحامل لها‏,‏ وبين موقف بعض رجال الأعمال المالكين لها ولأسهمها في تحبيذ هذا التوجه الذي يصرف انتباه وإدراك القراء والمشاهدين عن اأسئلة الحقيقةب فيما يخص دورهم الاجتماعي الغائب والأسئلة التي تطول الثروة ومشروعية تكوينها وتراكمها وازديادها‏.‏ وقد يتساءل بعضهم هل كان ولا يزال أداء بعض الصحف الخاصة التي يهاجمها بعضهم عن حق أو بدونه سلبيا تماما ولم يكن إيجابيا في بعض المجالات؟
بالطبع لا‏,‏ لأن بعضها حقق نجاحات لا يمكن نكرانها‏,‏ ويمكن رصدها فيما يلي‏:‏
أ خلخلت الوضع شبه الاحتكاري للصحف االقوميةب‏,‏ وأضعفت جرائد المعارضة التي لا تعبر ولا تدافع سوي عن رئيس الحزب والموالين له‏.‏
ب استيعاب بعض من الأجيال الشابة من الصحفيين وقدمت لهم خبرة جديدة هي ارتباط العمل التحريري في الصحف بالتنافس والحرية وبذل الجهد والاجتهاد‏.‏
ج رفع أسقف الحرية والحق في التعبير ووسعت من نطاقاتها بما يتجاوز االخطوط الحمراءب التي كانت ذات حرمة وتشكل أحد تابوهات السياسة المصرية‏.‏ ومن الجدير بالذكر أن ظاهرة النقد الموضوعي المستقل ظهرت تاريخيا في إطار صحيفة الأهرام بالنظر إلي الوزن النسبي والتاريخي لها في الصحافة المصرية والعربية‏,‏ ومكانة بعض كتابها وصحفييها وخبرائها البارزين الذين يحظون باحترام ومصداقية‏.‏
د كسرت اللغة والكتابات النمطية السائدة في بعض الصحف القومية والحزبية والأهم أنها شكلت مختبرا للتجريب الكتابي‏,‏ بمعني السعي إلي خلطة أسلوبية بين بعض من الفصحي والعامية والهتافات والشعارات وتجمع بين بعض مستويات الفكر اليومي لمخاطبة شرائح قرائية متعددة في تعليمها ووعيها وانتمائها الاجتماعي‏.‏
هذا المختبر الصحفي محلي الصنع والهوي والاهتمامات وذو تحيزات سياسية ودينية وقومية والأهم مالية تتصل بالتوزيع والإعلانات ومعدلات الأجور والمكافآت والمزايا والنفوذ أكثر من بعض القنوات الذائعة كالجزيرة والعربية حيث بعض الأجور هنا تتجاوز هيكلها لدي الفضائيات العربية‏.‏ ولا يخفي هدف بعض رجال الأعمال وربما جهات أخري من وراء ذلك‏,‏ وهو الاستتباع المالي بكل مؤثراته علي الأداء المهني والتلاعب بمعاييره عندما يريدون‏.‏
ه إعادة الاهتمام بفن الكاريكاتير‏,‏ وبروز بعض من شباب الرسامين الموهوبين علي قلتهم ,‏ فضلا عن الفرص التي أعطيت لبعض الشباب لإظهار مواهبهم الصحفية علي ندرتهم في حالة الزحام في الوسط الصحفي الذي بات مفتوحا علي مصراعيه بلا معايير وتتوارث فيه المهنة من بعض الآباء إلي الأبناء‏,‏ وإلي دخول بعض ممن لا عمل لهم في مهن أخري إلي السوق الصحفية والإعلامية المرئية‏.‏
و كسرت الجمود الجيلي في الصحف االقوميةب والمعارضة التي سيطر عليها اعواجيزب أجهزوا علي الصفوف التالية وسيدوا قيم الولاء الشخصي لا السياسي للدولة أو الحزب الحاكم أو المعارضة أو المعايير المهنية‏...‏ إلخ‏,‏ وهو ما أدي إلي الترهل والجمود والفساد الوظيفي‏,‏ وبروز الوسطات وتحول بعض الصحفيين إلي مندوبي إعلانات إلي آخر نتائج هذا التخليط الوبيل‏.‏
ز ساهمت في رفع أجور بعض الصحفيين مقارنة بالأجور المتدنية السائدة في الصحف القومية‏.‏
ح ساهمت في الحراك السياسي النسبي في البلاد ودافعت عن حقوق الإنسان المصري‏.‏
وجيز ما سبق أن مخاطر الفكر اليومي وعنفه ومحليته وتبسيطاته المخلة ولا مهنية بعضه كما يبدو في مرآيا بعض الصحف الخاصة لا كلها ليس شرا مطلقا‏,‏ وإنما ينطوي علي بعض الإيجابيات المؤثرة علي المشهد الصحفي والإعلامي المحلي‏.‏ والسؤال هل الصحف الخاصة والإعلام المرئي وبرامجه االحواريةب تشكل علي حالتها هذه خطرا علي المتلقين أو النظام؟ نعم تشكل خطرا علي مستويات الوعي الاجتماعي والسياسي والجمالي لبعض المواطنين‏,‏ ولكنها لا تشكل قط خطرا بأي حال علي السلطة السياسية وأجهزة الدولة‏,‏ وذلك لعديد الأسباب أشير إلي بعضها تمثيلا لا حصرا فيما يلي‏:‏
‏1‏ استفادت النخبة الحاكمة والسلطة السياسية وبعض أجهزة الدولة من الصحافة الخاصة المكتوبة والمرئية في تجديد صورتها السياسية والإعلامية في أجهزة الإعلام العالمي والمعولم‏,‏ وأمام الإدارات السياسية الغربية‏,‏ ومن ثم علي قراراتها السياسية والاقتصادية‏,‏ إزاء الحكومة المصرية بكل انعكاسات ذلك علي قرارات منظمات التمويل الدولية‏.‏
‏2‏ توزيع فائض العنف الاجتماعي والسياسي علي نحو سلمي واستيعابه بل وضبطه في بعض الأحيان‏.‏
‏3‏ استخدام احرية الصحافةب وبعض هوامش حرية التعبير أو تجاوزاتها كمفردة في خطاب الدفاع السياسي عن النظام‏.‏
‏4‏ شكلت أداة للسلطة السياسية في التعامل مع بعض مظاهر الفساد السياسي والإداري وعدم الكفاءة المهنية علي نحو يسمح ببعض التصحيحات والمعالجات الحكومية لها‏.‏
‏5‏ تسريب بعض الأخبار والمعلومات إلي بعض الصحف أحيانا واستخدامها في الهجوم علي بعض الشخصيات لأسباب ذات طبيعة سياسية أو تنافسية واقتصادية‏.‏
محصلة ضوضاء الفكر اليومي في الصحف والإعلام المرئي أنها باتت تحتاج إلي معالجة في العمق لعديد جوانبها وأبعادها علي اختلافها‏,‏ خاصة أن الصحافة والإعلام المرئي يحتاج إلي تقييم يدعم الإصلاح في هياكلهم ونوعية الصحفيين والإعلاميين‏,‏ والأهم احترام حرية الرأي والتعبير وشرط الضمير شبه االمقدسب كونيا‏,‏ والسياسة التحريرية للصحف‏.‏ خاصة في ظل هيمنة الصحافة المرئية والرقمية‏,‏ وتراجع متنام للورقية وعالمها وأفكارها وممارساتها وقيادتها للفكر اليومي وفوضاه وضوضاءوه ومحليته‏!‏

المزيد من مقالات نبيل عبدالفتاح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.