الواقع السياسي الراهن في إيطاليا.. يوشك علي الانفجار.. جهود ضخمة لضبط النفس تستهدف تأجيل الانفجار السياسي المتوقع بين لحظة وأخري . حيث تعيش الاحزاب حالة ترقب وتربص للزلزال السياسي الذي قد يحدث تغيير جوهري في الخريطة الحزبية والسياسية ودفع إيطاليا الي أعتاب حقبة تاريخية جديدة, قد تتبدل فيها الادوار.. بين أغلبية ومعارضة. لم يعد رئيس الوزراء الايطالي سلفيوبيرلسكوني مطمئنا, لتعاطف الناخب الايطالي, بعد المخاطرة غير المحسوبة التي أقدم عليها بتدمير صفوف الاغلبية والانفصال عن حليفه الاستراتيجي حزب التحالف الوطني وشريكه في تأسيس حزب بيت الحريات اليميني.. ومن ثم فقدان الاغلبية المطلقة بطرفي البرلمان' النواب والشيوخ. تتراجع شعبية بيرلسكوني بسبب ميزانية التقشف المناقضة لبرنامجه الانتخابي.. وتتعاظم شعبية حليفه اللدود المتطرف بمنطقة الشمال الايطالي إمبرتوبوسي زعيم رابطة الشمال الانفصالية.. كما تتسع دوائر الاقبال علي الاحزاب الصغيرة بحجم إيطاليا القيم والوسط الديمقراطي المسيحي بزعامة بيرفيردينادوكازيني رئيس مجلس النواب السابق, والان حزب المستقبل والحرية المنشق عن بيت الحريات.. وهي أحزاب قد تتحالف مع حزب الديمقراطي اقوي احزاب يسار الوسط في إيطاليا للتحالف ضد بيرلسكوني وإخراجه من الحياة السياسية نهائيا, وهوما جاء في تحذير وزير الداخلية الايطالي انطونيوماروني, وأكد فيه وجود قوي سياسية تعمل علي تصفية بيرلسكوني سياسيا.. وفي ضوء تلك المستجدات الحزبية التي طرأت علي الساحة السياسية فتعاظم أصوات رابطة الشمال الانفصالية سوف تنتزع القيادة السياسية من بيرلسكوني, ويقع حزب فورسا إيطاليا الي صفوف أحزاب الاقلية.. وهي كارثة يدركها بيرلسكوني, ولايتحملها مجرد فكرة!.. هذا في حال فوز متواضع في الانتخابات المبكرة, وربما أيضا نهاية الدورة التشريعية الراهنة عام2013 م.. فيمالوحقق بيرلسكوني معجزات إقتصادية.. لايرشحها أويتوقعها الحاضر المؤلم في ظل تبعات الازمة المالية العالمية.. بينما تتسابق أحزاب يسار الوسط في تقديم تنازلات سياسية وأيدلوجية لخلق تكتل موحد يجمعها, يكون قادرا علي مواجهة تكتل يمين الوسط الذي لن يتجاوز في تشكيله رابطة الشمال الانفصالية, وحزب فورسا إيطاليا بزعامة سلفيوبيرلسكوني.. وتسعي أحزاب يسار الوسط للاستفادة من أخطاء الماضي بعد معاناة وإنقسام طالت لدورات تشريعية بحكومات يمينية مستقرة نسبيا!.. الوضع باختصار كان قد بدأ بقصة العقرب والضفدعة التي كانت تعبر به البحيرة, وغلبه طبعه فلدغها, وغرقا سويا.. وتغلب بيرلسكوني إمبراطور المال والاعمال والاعلام, الذي لايقبل الجدل.. علي بيرلسكوني السياسي المتمرد علي قواعد وبروتوكول اللعبة السياسية.. فكسر اللعبة.. ونظر لها مندهشا نادما.. وعدوه باستبدالها.. بأخري.. لايريدها. يخشي تكتل يمين الوسط فقدان مكاسبه السياسية التي حققها خلال السنوات الثلاث الاخيرة, خاصة مسألة الفيدرالية فيما لوجاءت حكومة تكنوقراطية ويهددون بجر البلاد لآنتخابات سياسية مبكرة, تجري قبل نهاية العام خشية إنتهاز الحزب المطرود المستقبل والحرية فترة الحكومة الفتية لتوسيع قاعدتها الشعبية, كما فعل بيرلسكوني أثناء حكومة ماسيموداليما التكنوقراطية1994. وهذا يفسر استمرار تأكيد امبرتوبوسي حليف ائتلاف حكومة رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني بأن الحكومة ستكمل ولايتها الدستورية إلي ربيع2013 الذي أضاف مؤكدا لن نلجأ لإنتخابات مبكرة في الوقت الراهن سنمضي في إشارة إلي رفضه فرضية توسيع الائتلاف حسب رغبة أعلنها برلسكوني. وجاءت تصريحات بوسي بعد جدل الآونة الأخيرة عقب تشكيل رئيس مجلس النواب جانفرانكوفيني المطرود لمجموعة برلمانية مستقلة.. ولايزال الموقف متوترا, مهيئا للانفجار مع أول تجربة حكومية لتمرير قوانين جديدة في البرلمان لايقبله نواب الحزب الجديد بزعامة الشريك المطرود من جنة بيرلسكوني اليمينية!. لكن الصورة ليست وردية لأحزاب يسار الوسط.. فبينما يتمتع يمين الوسط بعدة زعامات سياسية ذات كاريزما شعبية تتنافس فيما بينها.. فإن يسار الوسط يفقتد الي زعامة سياسية واحدة يجتمع حولها نحونصف تعداد الناخبين في إيطاليا الذين يصل عددهم48 مليون ناخب وناخبة.. حيث تتوزع بقع اليسار الشعبي تاريخيا علي أكثر الاقاليم الايطالية كثافة سكانية. يمين الوسط يعتنق سياسة مكيافيللي الغاية تبرر الوسيلة, بينما يتمسك يسار الوسط بدقة اختيار الوسيلة.. ويفرض يمين الوسط سياسة حظر التجول الايدلوجي بين حلفائه للمرور من ثقب ابرة الحكم.. بينما تتعالي أصوات حلفاء يسار الوسط, لكن رؤيته في قضية قد تبدو محسومة.. ولكنها قد تتحول الي ازمة.. بسبب الافراط في التدقيق والسعي لآكتساب زعامة علي حساب الغاية, لكنه الان يسار الوسط قد تعلم الدرس.. أويكاد!.. الان يبحث يسار الوسط عن زعامة ترضي قاعدته العريضة, وتستعيد الاصوات اليائسة التي فيما لوعادت كاملة لحققت فوزا كبيرا ليسار الوسط خاصة بعد ان إهتزت صورة سلفيوبيرلسكوني في عيون ناخبية وتراجعت شعبيته بسبب عدم وفائه للناخبين ووقوعه في نفس الخطايا السياسية التي نسبها لسلفه رومانوبرودي, حين كان برودي يتهيأ لمواجهة الازمة المالية العالمية.. ولم يصدقه أحد.. ولا حتي بيرلسكوني!..