لايمكن لعاقل في هذا البلد أن يسعي إلي تدمير وطنه, والأصل في الإنسان أن يكون عاقلا, أما المجانين فلهم مكان آخر, هو مستشفي المجانين. ومن يتجرأ علي الدعوة إلي هدم وطنه فهو إما مجنون أو مجرم. وهذا وذاك يجب أن نقف لهما بكل الحزم والصرامة: المجنون نسعي لعلاجه.. والمجرم مكانه وراء القضبان.. وهذه قضية لم تعد تحتمل التسامح أو الميوعة أو التأجيل. إن كل من تسول له نفسه من الآن فصاعدا السعي لضرب وحدة هذا البلد الوطنية, يجب علي المجتمع فضحه أولا, ثم ثانيا محاكمته, ثم ثالثا توقيع أقصي العقوبة عليه إذا أثبت قضاؤنا العادل تورطه. وليس خافيا علي أحد أن الحادث الإجرامي الإرهابي الذي وقع في نجع حمادي منذ أيام قد هز المجتمع( بمسلميه قبل مسيحييه) نظرا للبشاعة والقبح اللذين اتسم بهما.. فمنذ متي والمصري يقتل شقيقه المصري ليلة العيد؟ ان الذي ارتكب هذا الإثم ليس مصريا, حتي وان حملت خانة بطاقته الشخصية عبارة: الجنسية مصري! لا لست مصريا يا هذا اللعين.. إذ كيف تكون مصريا وأنت تضرب مصر في مقتل؟ علي كل حال فإن انتفاضة المصريين جميعا( مسلميهم قبل مسيحييهم) وتلك الدموع التي انفجرت من عيون الأمهات المسلمات عند رؤيتهن الدم المراق لأشقاء الوطن والروح, وذلك الاندفاع غير المسبوق نحو تأكيد حرمة دماءالمسيحيين مثلما هي محرمة دماء المسلمين.. كل هذا يؤكد أن مصر لن تتسامح بعد اليوم في دماء أبنائها, حتي لو كان القتلة الآثمون أبناء لها أيضا لكنهم للأسف مارقون مجرمون! وهنا ينبغي تأكيد عدة نقاط: أولا: أنه يجب من الآن فصاعدا التدخل بسرعة لإلقاء القبض علي أي مجرم من هذا النوع, وتقديمه إلي المحاكمة, فورا دون تلكؤ أو بطء, ثم إعلان نتائج التحقيقات بسرعة, وإنزال القصاص العادل علي المجرم( كائنا من كان!). وثانيا: يجب علي الإعلام من الآن فصاعدا إعطاء أولوية غير مسبوقة لقضية الثأر في الصعيد, وفضح كل ماهو مسكوت عنه في هذا الشأن, ان المطلوب من الإعلام أخذ الكاميرات والدخول بها إلي البؤر الصديدية الكامنة في الجسد المصري, لا أن نكتفي بوضع المطهرات والمسكنات علي السطح وكفي, لا.. ان من الضروري جدا كشف أم القيح واستئصالها من جذورها كلما أمكن. .. وثالثا: لم يعد مقبولا أبدا التسكين والطبطبة إزاء دعاة التعصب والتكفير علي الجانبين. وآن الأوان لكشف هؤلاء واحدا واحدا بالاسم إلي أن يتوقفوا عن بث سمهم الزعاف في أرواح أبنائنا( مسيحييهم ومسلميهم) ويجب أن يكون واضحا للجميع من هذه اللحظة أن للمساجد والكنائس حرمة مقدسة لاينبغي دهسها, ومن بين حرمة المسجد والكنيسة أنهما داران للعبادة فقط, وليسا مكانا لممارسة السياسة أو لتحقيق المصالح الخاصة. واعلموا ياسادة أن التستر خلف الدين لتحقيق مآرب أخري هو أمر ليس من الدين في شئ. ويتبقي رابعا أن من الضروري تكثيف جرعات نشر الوئام والمحبة والسلام الاجتماعي في كل منتجاتنا وأنشطتنا التعليمية والثقافية والفنية, وتسليط الضوء الساطع علي كل التجارب التاريخية التي تم فيها التعاون بين المسلمين والمسيحيين لنصرة هذا الوطن الواحد( مصر), والابتعاد قدر الإمكان عن كل ما من شأنه أن يفرقنا ويبث البغضاء بيننا, ولا مانع من الدخول إلي مواقع العمل المختلفة لتوضيح كيف يعمل المسلمون والمسيحيون معا يدا بيد في الشركات والمؤسسات والمدارس والمصانع والمحلات الكبري, حتي يتضح لابناء المجتمع جميعا أن القول بأن المصريين كلهم نسيج واحد هو حقيقة حياة, وليس مجرد كلام انشاء!