إذا كنت تحب كرة القدم, فسوف تجد أنه لأمر جميل أن تري عقل المدرب داخل الملعب, يحرك لاعبيه ويغير مواقعهم ومراكزهم وواجباتهم, كما فعل حسن شحاتة المدير الفني الوطني. وكان موفقا في ذلك أمام نيجيريا, مؤكدا للجميع أن عقله يشتغل في المباريات ولكن المهم أن يملك الأدوات القادرة علي التنفيذ! في المباريات الصعبة والعصيبة يكون تقييم أداء أي فريق مختلفا عن تلك المباريات التي تمضي سهلة وسلسة, وكانت مباراة نيجيريا من تلك المباريات الصعبة والعصيبة, وذلك أمام الذكريات والصور القادم بها حامل اللقب الي أنجولا والمختلطة بألوان الخروج من تصفيات المونديال وفقدان عناصر مهمة اسقطتها الظروف من الفريق, وعلي خلفيتها بدأت المباراة لتشهد هدفا نيجيريا مبكرا جعل الأعصاب مشتعلة أيضا, خاصة أن أي مباراة هي صراع بين اسلوبين, ولم يكن لنا أسلوب في البداية لذلك وجدنا في شباكنا هدفا, ثم تحول الموقف ليفرض المهزوم أسلوبه علي الفائز, وهو أمر غريب.. لكن كرة القدم أحيانا تكون مثل الكيمياء! تعامل شحاتة مع المباراة بعقلانية وواقعية في اختيار التشكيل المبني علي أسلوب دراسة المنافس صاحب الأفضلية الهجومية وبالتالي كان التأمين الدفاعي حتي يضيق المساحات علي لاعبي نيجيريا ولا يجعلهم يجرون ويرتعون بجوار صندوق الحضري, يضاف الي ذلك الثبات الانفعالي برغم الخسارة وتوجيهاته وتدريباته للاعبيه علي الأداء الجماعي الذي طغي علي غياب صانع الألعاب, وكذلك أتي بنتيجة كبيرة ويكفي أن شحاتة قرأ جدو من ملعب الاتحاد!!.. ولكن ما حكاية التغييرات الثلاثة؟! {{ لكل مدرب حكمة خاصة به حين يستبدل لاعبا بآخر, ووضح أن عقل شحاتة لعب في ساحة كرة القدم خلال المباراة, فبحث عن التأمين الدفاعي المتقدم من وسط الملعب حين أخرج حسام غالي بعد أن أصبح محاطا بأخطاء كثيرة في التمرير والسيطرة والانطلاق, فكان طبيعيا أن يأتي ببديل يجيد الحفاظ علي قوام منطقة الوسط ولن يجد أفضل من أحمد فتحي بين العناصر المتاحة وحتي ينقله لهذه الرقعة من الملعب جاء ببديل له في الجانب الأيمن فكان المحمدي.. ولكن لماذا كان غالي سيئا؟! لأنه يؤدي دورا لم يعتد عليه فهواياته الهجومية تغلب علي كفاءته الدفاعية وكشف ذلك اللاعب أواسي الذي كان يجري كالقطار وغالي يلاحقه ولا يلحقه!! {{ أجري شحاتة تغييرين آخرين أحدهما دفع فيه بجدو بديلا لعبد ربه ووقتها شعر الكثيرون بالقلق, كيف؟!.. فلا نختلف علي ان عبد ربه غائب حاضر, ولكن وجوده مهم حتي في أسوأ حالاته, وما هذا ال جدو؟!.. ماذا يفعل.. وكيف يلعب؟!.. ووقتها كان الكل يدعو للحفاظ علي التقدم لأن فارق الهدف غير مطمئن, ولكن تغيير جدو استكمل بالتغيير الثالث فكانا تغييرين للبحث عن خدمة واحدة هي الهدف الثالث لأن الدفع بعبد الشافي بديلا لزيدان هو تغيير في ظاهره كان غير مفهوم في ظل انتظار البعض لرؤية أحمد عيد عبدالملك مثلا بديلا لزيدان, وإن كان البعض قد حلل الأمر بأنه تغيير دفاعي لتكثيف العدد في المنطقة الخلفية والحفاظ رويدا رويدا علي انتهاء الوقت فائزين, ولكن الأقدار تخدم شحاتة وعقله وفكره وتمنحه الأدوات التي تخدم أفكاره وتغييراته فيتحرر معوض من واجبات مركزه وينطلق ويمنح جدو كرة الهدف الثالث الذي سجله جدو ببراعة, وأنجح تغييرين بلعبة واحدة!!