** الأهلى وحرس الحدود فى نهائى كأس مصر .. إنه أفضل تمثيل لخريطة الكرة المصرية الجديدة .. ممثل لقوى تاريخية مازالت حاضرة بشعبيتها وبطولاتها . وهو الأهلى . وممثل لقوى جديدة ، شابة ، قفزت فوق التاريخ بالإمكانات والإدارة ، وهو حرس الحدود . وهذا النهائى على مسرح ستاد القاهرة بعد 48 ساعة ، يؤكد حجم التغيير الذى طرأ على الفرق واللاعبين بقيادة مجموعة المدربين الجدد .. ففريق حرس الحدود حامل لقب الكأس يواصل دفاعه عن لقبه وكان ندا أمام الإسماعيلى وهزمه بهدف مضى من بين يدى الحضرى ، ولايمكن أن يمضى فى الأحوال الطبيعية ..وفى اليوم نفسه هزم الأهلى فريق الإنتاج الذى لعب مباراة كبيرة ، وعاد الفريق الكبير إلى المباراة قبل أن يخرج منها .. **التغيير المهم أصاب الافكار والعقول والنفوس .. فالخوف من الكبار لم يعد له وجود ، لايوجد شىء من الخوف .. . المباريات التى يهاجم فيها الأهلى أو الزمالك طوال الوقت تبدو الأن من حكايات الجدة القديمة ..فاللعبة تشهد ألوانا مختلفة من الصراع ، وهو جوهرها . وبالطبع رجحت كفة الأهلى على الإنتاج . إلا أن المنافس هاجم بطريقته وعبر طرقه وأساليبه وتقدم بهدف قبل أن يترجم الشياطين فرصهم المتعددة إلى هدفين .. ** أنظر إلى مباراة الإسماعيلى وحرس الحدود ، فكيف إحتفظ الدراويش بأسلوبهم الذى يقوم على فكرة التحضير واللمسة الجميلة للكرة ، حتى أن السؤال الأن : لماذا نطالب الإسماعيلى دائما بتلك الكرة الجميلة ولانطالب بها الفرق الأخرى ؟! حرس الحدود كان يصل إلى مرمى الحضرى عبر الأطراف ومن خلال الكرات المرسلة فى العمق مختصرة الزمن والمسافة وموجهة إلى أخطر ثنائى فى الكرة المصرية ، لأنه لايوجد غيرهما ، وهما أحمد عيد عبد الملك وأحمد عبد الغنى .. ** وانظر إلى مباراة الأهلى والإنتاج الحربى .. فبطل الدورى أظهر أنه الفريق الأول بلامنافس ، وأنه يملك أدوات قادرة على التطويع وفقا لظروف المباراة . وهو الفريق الوحيد فى الكرة المصرية الذى تجد له خمسة وستة لاعبين داخل صندوق المنافس عند مواقف الهجوم ..وفى المقابل لعب الإنتاج على ثغرات الأهلى . واستغل مساحات الوسط الخالية بسبب الإندفاع الأحمر للمقدمة لتعويض الهدف ، وبالتحرك فى الجبهة اليسرى التى يقابلها مساحة خالية من شريف عبد الفضيل ، وذلك قبل أن يعدل ويغير البدرى من طريقة اللعب إلى 3/5 /2 .. ليثبت المدير الفنى للأهلى أن عقله يعمل ، وأنك ترى أثر هذا العقل فى الملعب .. ** إننا ضد نظرية المدرب الوطنى ضد المدرب الأجنبى .. وهى قضية قديمة مستهلكة ، تحمل نزعة عنصرية .. والقضية يجب النظر إليها من زاوية المدرب الجيد والمدرب غير الجيد . وهو مايسير على الأجنبى وعلى الوطنى ..ولاشك أن عدد المدربين الجيدين يتزايد ، واللافت أن الكرة المصرية فازت بجيل جديد من المدربين أمسك بعصا القيادة بكل شجاعة .. فى مرحلة تطور وتغيير ، على الرغم من بطء إيقاعها ، أنهم حسام البدرى وطارق العشرى ، وطارق يحيى وحسام حسن ، ومختار مختار ومحمد عامر ، وعماد سليمان . بجانب أصحاب الخبرات والتجارب السابقة ، محسن صالح ، وفاروق جعفر وطلعت يوسف ، وطه بصرى ، وأنور سلامة ..وغيرهم وغيرهم من السابقين ومن الجدد .. ** هذا التغيير الذى طرأ على فنون كرة القدم المصرية وعلى مبارياتها ، صاحبه تغيير مبتكر فى أساليب التشجيع . إنها صورة مقتبسة من الملاعب الأوروبية ، يحتفى فيها المشجع بفريقه بالأعلام وألوانها المبهجة وبالأغانى والأهازيج التى تبدو مثل الأناشيد والترانيم .وباتت صورة المشجع القديم بعيدة وتتوارى ، وحلت مكانها صورة شباب الجامعات والمدارس المثقف ، وقد كنا فى شوق إليه وإلى وجوده بالمدرجات ، ولكن من المؤسف أن يمتزج التشجيع الجديد بالسباب والأذى ، ومن أسف أكثر أن يحتفل هذا الشباب بإنتصارات فريقه بالسخرية والهجوم على الفريق الأخر ..فلم تكن الرياضة شماتة وحقدا وكراهية أبدا ؟! ** وبمناسبة الشماتة ، كم كان سيئا أن يفرح بعض المشجعين لخطأ الحضرى فى مباراة حرس الحدود . لقد كان لنا موقفنا الأخلاقى منذ اليوم الأول لرحيل عصام الحضرى عن ناديه . إلا أننا لم ننس أبدا أن هذا الحارس كان بطل منتخب مصر فى كأس الأمم الإفريقية لاسيما فى غانا وأنجولا . وأنه قبل أيام قليلة كان بطلا للإسماعيلى ومحمولا على الأعناق فى مباراة الإتحاد السكندرى . وفى مباراة الحرس ذاتها قام بعملية إنقاذ لمرماه لايفعلها سوى حارس عملاق .. فكيف ننسى بطولات نجومنا ونحتفى بخطأ ونشمت فيهم لأنهم أخطأوا ؟! ** يبقى في مباراتي الدور قبل النهائي مشهد محاصرة جماهير الإسماعيلى والاعتداء عليهم ، في عملية بدت أنها سرعة حركة لمواجهة بلاء محتمل قبل وقوعه .. هذا تفسيرنا لسرعة حركة أمن الإسكندرية . فكان الاعتداء ذاته بلاء مسيء لمن اعتدى ، هكذا شاهدنا في الصورة ..ونحن ضد الشغب وأي شغب ، ونطالب بحساب كل خارج عن النظام بمنتهى القوة والصرامة ، لكننا أيضا ضد فكرة التعامل مع الجمهور على أنه من الأسرى .. وبرد فعل مبالغ فيه وبلا مبرر أصلا ؟!