رغم مرور أقل من20 شهرا علي وصول الرئيس الديمقراطي الأسود باراك أوباما إلي البيت الأبيض فأنه يواجه تأكلا غير مسبوق في شعبيته وشعبية حزبه. قد تؤدي إلي فقدانه الأغلبية في مجلسي الكونجرس( النواب والشيوخ) او علي الأقل في مجلس النواب خلال انتخابات التجديد النصفي للكونجرس المقرر اجراؤها في نوفمبر المقبل والسبب الرئيسي لذلك يتمثل ببساطة في الارتفاع الصاروخي للديون العامة الأمريكية, حيث أكدت وزارة الخزانة الأمريكية منذ أيام قليلة أن الدين العام للولايات المتحدة وصل إلي13 تريليون دولار لأول مرة, مما يثير جدلا حول خطط التحفيز الاقتصادي الحكومية التي تبناها أوباما. وأظهرت أرقام لوزارة الخزانة أنه مع زيادة الإنفاق لحفز الاقتصاد, وصل الدين الحكومي إلي أكثر من13 تريليونا و50 مليار دولار في أول شهر يوليو الماضي, حيث زادت مديونية الحكومة الأمريكية بأكثر من الضعف في العشر سنوات الماضية, لتصل حاليا إلي أقل بقليل من90% من الناتج المحلي الإجمالي كما زادت بمقدار يزيد علي2.5 تريليون منذ دخول اوباما البيت الأبيض في20 يناير2009. ويبدو أن جهود أوباما لإلقاء مسئولية الأرتفاع الجنوني في الديون علي إدارة سلفه الجمهوري جورج بوش الابن لم تفلح حيث اظهرت أخر استطلاعات الرأي العام الأمريكي أن الديمقراطيين في سبيلهم لخسارة30 مقعدا علي الأقل في انتخابات التجديد النصفي لمجلس النواب. وكان باراك أوباما قد أكد أن المسئولين عن العجز هم أنفسهم الذين يتهمون إدارته بالمسئولية المالية عما يحدث, وهم الذين حولوا فائضا وصل إلي237 مليار دولار تسلموه من إدارة الرئيس السابق بيل كلنتون إلي عجز ب1.3 تريليون دولار, كما شكل لجنة من الحزبين لدراسة كيفية مواجهة المشكلة. وستقدم اللجنة مقترحاتها نهاية العام الحالي لكن الجمهوريين يقولون إن الدين الحكومي زاد بمقدار2.4 تريليون دولار منذ تسلم أوباما الحكم, وزاد بمقدار4.9 تريليون في السنوات الثماني التي أمضاها الرئيس السابق جورج دبليو بوش في السلطة. ويؤكد خبراء الاقتصاد أن الدين الداخلي الأمريكي يزداد بحوالي1.4 مليار دولار يوميا, أي بحوالي مليون دولاركل دقيقة. ووفقا للخبراء, فإنه حتي وإن تمكن المواطن الأمريكي من النجاة من أزمة الإسكان وقروض الائتمان ونجح في التعامل مع ارتفاع أسعار الوقود, فإنه يتجه نحو حالة من البؤس الاقتصادي, كما هو حال بقية البلاد. ومثل أصحاب البيوت والمنازل, الذين حصلوا علي قروض عقارية معتدلةالفائدة, فإن الحكومة تواجه إمكانية رؤية دينها الداخلي( بمعدل الفائدة المنخفض نسبيا) ينقلب إلي معدلات عالية, الأمر الذي يفاقم من الأزمة المالية المؤلمة ويضاعفها. ومع حجم الدين الداخلي الذي يفوق التصور, وتراكم الفائدة المستحقة للسداد, والذي قد يؤثر مع الوقت علي الإنفاق الحكومي, فإن هذا قد يؤدي إلي ارتفاع حاد في الضرائب أو الاقتطاع من الخدمات المقدمة للمواطنين, مثل الضمان الاجتماعي وغيره من البرامج الحكومية. وكان حجم الدين الداخلي, عندما تولي الرئيس الأمريكي جورج بوش مهام منصبه في يناير عام2001 لا يزيد عن5.7 تريليون دولار, ووصل إلي أكثر من10.6 تريليون دولار عندما غادر البيت الأبيض في يناير2009, في حين أنه كان في عام1989(2.7) تريليون دولار. ورغم وعود الحزبين بتقييد الإنفاق الفيدرالي, فإن نسبة الدين الداخلي من إجمالي الإنتاج المحلي الأمريكي ارتفعت من حوالي35% في عام1975 إلي نحو65% حاليا; وبالمعايير التاريخية, فإنها لم تصل إلي النسبة التي بلغتها إبان الحرب العالمية الثانية, عندما ارتفعت إلي120% من إجمالي الناتج المحلي. وقال كبير الخبراء الاقتصاديين في ستاندرد آندبورز, ديفيد ويس: المشكلة تمضي قدما.. وتقديراتنا هي أن الدين القومي سيصل إلي350% من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام2050, إذا لم يتغير المنهج المتبع.. وتحتل اليابان المرتبة الأولي بين الدول الدائنة حيث يصل إجمالي الديون المستحقة لها إلي586 مليار دولار, ثم الصين(400 مليار دولار) فبريطانيا(244 مليار دولار) والسعودية والدول المصدرة للنفط(123 ملياردولار), وفقا للأرقام الصادرة عن المصرف المركزي الأمريكي. ولو أضفنا الدين الخاص الأمريكي إلي الديون العامة فسوف يصل أجمالي قيمة الديون الأمريكية لما يزيد علي40 تريليون دولار بعد أن كان7 تريليونات فقط عام1985 حتي أنه ينمو بمعدل أكبر من إجمالي نمو الناتج القومي الأمريكي وتصل فوائد الدين العام فقط إلي مايزيد علي50 مليار دولار سنويا. وفيما يتعلق بالديون الخاصة بالمستهلكين( حيث بلغت الديون الشخصية لكل رجل وامرأة وطفل في أمريكا37.5 ألف دولار في المتوسط تدفع عنها فوائد) والديون الخاصة بالرهن العقاري وهو مايعني ببساطة أن كلا منهم يعتبر أن قضية الديون قضية شخصية وهو مايضاعف الخطر علي مستقبل أوباما الذي يتهمه الكثيرون أنه يعمل علي انقاذ الشركات الكبري علي حساب المواطن العادي.