اختيار: إبراهيم داود المتأمل لأشعار2009, بل أشعار العقدين الأخيرين يلاحظ ملمحين أساسيين. أولا: رغم صيحات الحرب بين أنصار كل نوع شعري( تفعيلة نثر عامية فصحي) تظل القاعدة الخالدة التي نري مصداقيتها في كل العصور واللغات, وهي أن الشاعرية لا تنبع من الشكل بل من الشاعر، والشاعر العظيم يستنطق أي شكل شاء فإذا هو لسان مبين. أما الملحوظة الثانية فهي التماهي الواضح بين شكل الأقصوصة( القصة شديدة القصر) وبين قصيدة النثر, بحيث يمكن لأحداهما أن تنادي باسم الأخري... ونكرر ما قلناه في عدد الثلاثاء الماضي في تقديمنا لمختارات القصة والرواية: هذا ليس جردا أو إحصاء أو استفتاء أو مسحا للناتج الشعري لعام2009, إن هو إلا تذوق لبعض ما قرأناه.. الجوع لماذا لا أجرب أن آكل شيئا جديدا كخارطة السودان مثلا أو آكل دلتا مصر في قطاع طولي من افتراق الفرعين حتي المصب بالطمي المتراكم عبر ملايين الأجيال أو آكل مكتبة هائلة تغص بالكتب الضخمة عن الروح أو قاموسا للغة الفرنسية حتي تطفر الدموع أحرفا من عيني لماذا لا آكل امرأة رائعة الجمال نيئة إلا من أنوثتها لماذا لا آكل مخزنا كاملا لصواميل الصلب الخاصة بالمحركات الثقيلة لماذا لا آكل حزبا شيوعيا أو مدينة بأكملها لتكن دمشق الشام لماذا لا آكل شيئا كقاعة سيدة درويش التي بأكاديمية الفنون لماذا لا آكل شيئا نسيته بأحد الأحلام وبحثت عنه سدي في حلمي التالي قرصني الجوع ولا زلت أسافر وأنا زاهد فيما تأكلون.. من ديوان ياسر عبد اللطيف ونس أنا عاوز كل الناس يدخلوا جوه القصيدة عنوانها ما يتوهش ليها باب بشراعه.. تفتحه.. تدخل علي القاعة.. والناس اللي داخلينها.. شايلينهم وشايلينها.. وماليينها ونس.. وأنا البواب.. بين الحضور والغياب.. بانادي: خشي القصيدة يا حبيبتي البعيده العيد ما جابش السنة دي الهدوم الجديده وما جابش كعك بسكر ولا فرحه تذكر إلا صباح الخير... صباح النور.. وتنهيده خشي القصيدة يا شمس يا شديده الشمس قالت: ماتت العتمه آخر نفس كان ليها في الفجريه انتي اللي تسقي الزرع يا فاطمه وانتي اللي تطهي الأكل يا زكيه فضلت انادي علي اللي نادت عليهم قابلت ضحكتهم في بيت مهجور وقابلت دمعتهم في فرع النور وبكيت لحبة تراب في رجليهم من قصيدة ونس ديوان تحت النشر لأمين حداد الشجرة منذ قال صديقه الطبيب وهما واقفان في الشرفة يدخنان: إن الحياة يا صديقي حقل كبير كبير مثل أفدنة مترامية من القطن شجراته تتنفس الهواء نفسه وتتغذي معا من الماء والتراب... لكن يحدث أن واحدة من بينها جميعا تمرض ... وتذوي منذ قال صديقه هذا وهو يتذكر الأمر فلم يكن قط يحسن الظن بهذه القطعة من الأرض الضيقة الجافة المجدبة لكنه لجأ مرة إليها في ليلة رائقة, لينة النسيم تمدد فيها وهو يقضم ثمرته والعسل يسيل علي فمه وذقنه ثم وضع البذرة في رحمها ونام من ديوان محمد بدوي عنترة بن شداد أنا أسير هذا الليل وكل شجرة لها في جسمي الصلد مناخ صالح للعشق وكل ثمرة في جسمي الصلد لها وشم ولك نسمة, وعد بأن نكبر أن نضحي جديرين بهذا الليل اليل سجاني الذي أسرته وفتنتي التي أهفو إليها من لهذا الليل غير مملوك له سمتي وعاشق له جلال حزني خاطبيني بنغمة البيد أرعي أساي بعد قليل سيحط العاشق الأسير في رمالك الحنون ويصوب النجوم بالحصي ولا يصيد من ديوان السماح عبدالله المزيد من مقالات بهاء جاهين