«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في المشهد الإبداعي لشعر الفصحي في دمياط
نشر في أخبار الأدب يوم 20 - 11 - 2010


مصطفى العايدي 1
* تحاول هذه القراءة للمشهد الإبداعي لشعر الفصحي في دمياط أن تسهم مع غيرها من القراءات في إثراء الواقع الثقافي ، وأن تدفع غيرها للاقتراب ممن يؤمنون بأهمية الوعي الكتابي ، الذي هو وعي بوجود الآخرين ، وتأكيد لحضورهم مهما كانت درجات الاختلاف والاتفاق , فهي تطمح بكل الصدق في أن يري الأخرون الصورة أكثر وضوحا ، عندما تتناول تلك الأصوات الشعرية دون النظر إلي التقسيمات العمرية ، وإشكالية تعاقب الأجيال ، أو حساب فترات تواجدهم ومدي تأثيرهم الإبداعي منذ ميلاد الحركة الأدبية في دمياط أو عبر مراحل تطورها ، فيما يزيد عن أربعة عقود . ذلك أن كل صوت - في تقديري - باح بالشعر وصدح به يوما ما ، كان يمثل لصاحبه مشروعه الخاص . ولعلنا من خلال هذه المساحة التي قصدنا بها إلقاء الضوء علي خصائص وسمات المشهد الإبداعي لشعر الفصحي الآن أن نشير إلي أسماء دون أخري . ذلك أن منطق الرصد _ كما يقال لما يجري وفق المعيار الصحيح وأسلوب الكشف والمتابعة قد لا يخطئ أو يجامل أو يهمل أو يؤثر أحدا علي أحد ، أو لونا علي لون . بيد أن الأمر قد يكون شديد الصعوبة أو الإلتباس حين يتم الحديث عن الشعر الفصيح بمعزل عن رصد تحولات المشهد الإبداعي في دمياط ، وأهم ملامحه ، والذي يمكننا أن نؤكد صلته بالمشهد العام للساحة الإبداعية والثقافية المصرية ، ذلك أن شخصيات إبداعية وفنية ساهمت في ذلك حين استقرت بالقاهرة ، وأخري ما تزال إلي اليوم تساهم وهي مستقرة في إقليمها فهي تشارك في مسيرة الحركة الثقافية إبداعا ونقدا إلي الآن .
وبالرغم من أنني كنت أري مع غيري طغيان الحضور النسبي لشعر" العامية المصرية " علي المشهد العام في دمياط ، والتي كانت وما تزال أصواتها رهينة التقليد والاتباع والتكرار بسبب عوامل كثيرة لا يتسع المجال لذكرها .
ولذا " فإن نظرة ثاقبة وموضوعية تكون واجبة .. نستطيع بها أن نتبين مساحة الاختلاف العميق في الوعي الإبداعي لدي أدباء دمياط من الجيل التالي للرواد ومن تبعهم ، والذي جاء مناوئا أو مغايرا بدرجة أو درجتين لما هو معروف في الساحة الأدبية الدمياطية ، وإن تأثر بشكل أو بآخر بما سبقه أو تعلق بشكل مباشر أو غير مباشر بما هو سائد ، أو لنقل منسجما مع الواقع المحيط المتداول وعلاقاته اليومية دونما تأفف أو تمرد حقيقي ، وإن شذ البعض حين أقدم علي طرح مفارقات شعرية علي مستوي التشكيل والمفردات اللغوية والأبنية والتراكيب والمعاني ، وقد تبدت لنا من خلال بعض الأعمال والنصوص القليلة وهو ما يعد تجاوزا لما كان في فترة منتصف الستينيات والسبعينيات ، وفي تقديري أن هذا التجاوز لم يقتصر علي الشعر بنوعيه بل شمل أيضا الأجناس الأدبية الأخري كالقصة والرواية ، ولعل بعضها ظل مجرد تجارب ذاتية ضيقة ، لم يكتب لها الذيوع ، علي حين لجأ البعض إلي التستر وراء ما سموه "الإبداع النقدي " دون امتلاك لأدوات واضحة أو منهج للنقد ، وهي علي كل حال محاولات أفادت أعضاء نادي الأدب وأسهمت في بقائهم وتواصلهم حينا من الزمان .." (1)
من هنا سوف نلاحظ خفوت صوت »شعراء الفصحي« باستثناء أصوات قليلة حققت حضورا جميلا - بالرغم من تميزهم عن سواهم ، وقد مثلوا ما سمي أنذاك .. بالرواد .. أو بجيل الرواد التالي وأذكر منهم : أنيس البياع الذي لم يصدر أي ديوان لكنه أسهم بجهد نقدي طيب في تشكيل ملامح الحركة الأدبية وقدم قصائد قليلة نشر بعضها في منتصف الستينيات وما بعدها ثم د . حسام أبو صير بجهد يسير بينما عاصرهم الشاعر السيد
النماس وهو أحد رموز الحركة الأدبية وممن أفاد بجهده النقدي المتميز في استمرارها بالرغم من ظروف الواقع الثقافي والسياسي أنذاك وسفره للعمل بالجزائر ، وقد صدر للنماس مجموعة وحيدة هي " الصوت والرماد " عن سلسلة الرواد في ديسمبر 2001 وأعيد طبعها 2004 ضمن إبداعات معاصرة لأدباء مصر في الأقاليم (مكتبة الأسرة ) ولقد أتي الحديث عن نصوصه ضمن ما أشار إليه الشاعر سيف بدوي في دراسة جادة طبعت ضمن أبحاث مؤتمر اليوم الواحد مارس سنة 2006 " راهن الإبداع الأدبي في دمياط " بعنوان ( الشعر الفصيح في دمياط .. غياب التيار حضور التمايز) تحدث فيها عن خمسة أصوات . كان الصوت الأول عن ديوان " الصوت والرمادي للنماس " تحولات الأداء الشعري " . فيما أتي الحديث عن الصوت الثاني لديوان من " سيرة الصقر " للشاعر مصطفي العايدي " المحارب القديم / الشاعر الملتزم" ثم كان الصوت الثالث عن ديوان " أنشودة الزان " للشاعر د. عيد صالح وجاء الحديث عن بعض شعراء الجيل التالي ومنهم محمد العزوني . العدم معادلة الحياة وأختتم بديوان " أسيل صمغا .. عند كل وردة " . الثائر الجديد للشاعر محمد التوني . وهو من الشعراء الشباب الذين يبحثون لهم عن صوت خاص وقبل أن أن أتحدث عن حدود المشهد وملامح الصورة ، وجب أن أشير إلي أن القراءة ستكون ذات اتجاهين - الأول ( عن ) الشعر والشعراء والآخر (حول) الشعر والشعراء بما يشبه السيرة الموجزة أو بيلوجرافيا الشعر الفصيح طبقا لما هو ثابت بسلسلة الرواد الدمياطية .. وثمة فارق بين الأمرين حيث أن الأول يعني تناول من يمثلون حضورا شعريا يمكن أن يكون محل بحث الدارسين والمتابعين والنقاد ، بينما هناك أصوات أخري هدأت أو توقفت أو قنعت بما بين يديها ، أو
هي في جانب من المشهد لكنها دأبت علي اجترار تجارب تقليدية أو تبني كتابة شبه حداثية لا تدل علي بزوغ موهبة أو ظهور ملامح حيث لا لون ولا طعم ولا رائحة للشعر !
وتجدر الإشارة إلي أن أصحاب الاتجاه الثاني وهم الفريق الأكثر فقد رحل بعضهم وبقي الآخر أطال الله في أعمارهم ، ولعل هذه القراءة تدفعهم للحضور الأقوي بل ومحاولة التأثير الفاعل ، ولذا سأكتفي بالاشارة إلي إصدارات شعرية مصحوبة بالأسماء لشعراء دمياط يظل الحديث ( حولهم ) وحسب . غير أني أود أن أقدم اعتذاري عن أي تقصير يتبع هذا الرصد القرائي أو الاحصائي لهؤلاء الشعراء الذين أقدرهم واعتز بهم ولم تتح لي فرصة تناول أعمالهم وهي جديرة بالتناول مهما كان الأمر صعبا فهي تدخل ضمن أطياف المشهد الشعري بكل تأكيد وهي دون ترتيب :
ذوب البنفسج للراحل عثمان خليل .
قصائد متفرقة _ أشعار للطفولة . للراحل محمد أبو سعدة.
موت بحار . للراحل القطب السالوس .
صدري تسكنه غابة . فكري العتر.
ديوانان . آمال الحطاب .
قصائد . تقي المرسي .
هدير البحر في ليلالي شهرزاد . محمد العزوني .
دقات قبلي يا وطن . محمود العباسي .
أحبك صامتا كالورد . أشرف الخضري .
رائحة الحزن . ممدوح كيره .
تنويع علي فعل . إحالات مطهمة بالدم البدوي . محمد سالم مشتي .
أغنية الرحيل . عبد الناصر أبو النور.
ساعة العناق . سيف بدوي .
وحين تصحو الفراشات . أحمد عفيفي .
ثم تأتي مجموعة أخري تحدث ( عنها ) القاص / الناقد أشرف الخريبي في دراسة هامة بعنوان الخطاب الأدبي في شعر الفصحي دمياط نموذجا ضمن أبحاث مؤتمر اليوم الواحد مايو 2008 . وهم الشعراء محمود بدران ، صلاح بدران ، أحمد أبو النصر ، مصطفي المحلاوي وغيرهم مقررا بأن : " لشعرهم طعم مميز متفرد لا يظهر فيه أثر شاعر من جيل سابق . تحمل نصوصهم أوجاع وطن ومنحنيات ذات وتفيض برومانسية الأداء وروعة التكثيف " وقد جاء في مقدمة بحثه أيضا من هذا السعي ما يلي: في محاولة لفهم الخطاب الأدبي لشعر الفصحي ولكونه يشهد تطورات الذات إلي حد الالتصاق بها أحيانا ، معبرا " عن " آليات جديدة في الكتابة الشعرية في أحيان أخري وصلت إلي حد الشعر المنثور في جانب والكتابة الرقمية أو النص الرقمي في جانب آخر وذلك للخروج من مأزق التلقي أحيانا ومن مأزق النص في تشكيلاته المختلفة أحيانا أخري وانفتاحا علي عالم افتراضي متخيل .." ويكمل الخريبي قوله " وقد اعتمدت علي المتاح من المنشور في المنتديات الأدبية عبر الشبكة الرقمية أو من خلال دواوين صادرة للشعراء وتعد دمياط وهي تحمل وجودها بين ضفتي النيل والبحر هاجس الشعر المتألق علي الدوام وتطرح كل يوم أسماء جديدة ..." مشيرا إلي بعض الأسماء التي لم تنل حقها رغم استحقاقها للكثير أمثال السيد النماس . عيد صالح. عفت بركات وبعض الأسماء الأخري التي بدأت في فرض وجودها علي الساحة أمثال أحمد بلبولة ، محمد التوني ، أشرف الخضري ، سامح الحسيني وأخرين . مختتما قوله : ان هذه البنية الشعرية الخاصة التي تميز شعراء دمياط تجعل من هذه المدينة الجميلة جوهرة وعالما وموقعا تستهدف منه كشف النص والبحث عن مفردات أكثر عمقا في ثرائها والحفاظ علي بساطتها ووجودها " .
كما قدم الباحث سمير الفيل دراسة بعنوان " نبرة الحزن في قصائد معاصرة " (2) ، وفيها تناول نقديا عددا من الشعراء الشبان وهم : سامح
الحسيني في ديوان " انفجار الروح " ، و" سيف بدوي في ديوان " ساعة العناق " ، وعفت بركات في ديوان " نقش له في ذاكرتي " ، ومحمد سالم مشتي في ديوان " تنويع علي فعل " ، وقد رصد بعض السمات العامة في القصائد ومنها " أن ثمة تفاوتا في التعامل مع تلك نبرة الحزن التي تتسلل إلي فضاء النص فتؤطره بقدر ملحوظ من القتامة وانعدام الجدوي بينما تومض المرئيات في حالة تشظي " كما يضيف في نهاية بحثه قوله: " الأجدي في ضبط مصطلح الرومانسية أن نشير إلي حالة من السمو وانثيال العاطفة وتدفق المشاعر " . وقد ألمح كذلك إلي " أن القصيدة العربية تمر بأزمة رهيبة ، إذ هي أوغلت في التجريب والمغالطة والتمرد علي القاريء، وربما التعالي عليه مما اوجد قطيعة بين الكاتب والمتلقي ".
بينما تأتي الرؤية النقدية ( عن ) تجربتي عيد صالح والسيد النماس في بحث ملئ بالهوامش والمراجع قدمه الشاعر والروائي السيد الخميسي (3) عن ديوان " أنشودة الزان" لصالح فيقول عنه : " هي قصيدة اختارها الشاعر عنوانا للديوان .. إنها تجسيد حي لمذهب الشاعر الفني وعلاقته بالإبداع " ، ويضيف :" ينحت عيد صالح ألفاظه من جبل الدهشة طازجة بكرا وله منجمه الخاص والصورة لديه مشحونة بالطاقة .. حتي عندما يصعد .. ، نراه يصعد بأرضه ، ودمه ، وحدائقه وأنهاره . إنه شاعر كبير ملتزم صاحب قضية " .
بينما في " الصوت والرماد" للنماس . يشير ب" أن الشاعر لا يتعمد استعراض ثقافته لمجرد الاستعراض كما يفعل بعض الشعراء الأغرار هو رجل خلفيته فلسفية فلا غرابة أن يناجي الحلاج وابن رشد وغيرهم" .
هذا ولم يكن من الممكن بكل تأكيد مما تقدم عرضه إلغاء أو تجاهل شعراء أي من التجارب السابقة سواء كانت أعمالهم فاعلة ومؤثرة أو دون ذلك ! وسواء كانوا من جيل الرواد أو ما بعد بعد جيل الرواد ..فلسوف نلاحظ أن هناك أصواتا شعرية مازالت تعطي بين حين وآخر وان أحجمت عن الدخول بقوة في أفق المشهد الشعري المعاصر وفي المقابل أيضا لم يكن من الممكن إنكار أن الفريق الأول .. وقليل هم .. وهم الساعون إلي الشعر بقلوب غير لاهية .. فهم الذين يتوهج بهم المشهد الشعري .. ويستحقون دراسات جادة تبين عن خصائص أشعارهم وطرائق تعبيرهم الإنساني لنري شعرنا الحديث إلي أين يتجه الآن ؟.
ولعلني أخص بالذكر هنا السيد النماس ، سامح الحسيني ، أشرف الخضري ، أحمد عفيفي ، عفت بركات ، محمد التوني ثم عيد صالح ومصطفي العايدي . وهذا لا يعني مطلقا مكابرة أو انحيازا لأحد أو للحظة التاريخية المعاشة والتي عبر عنها وعن قضاياها بعض الشعراء بل إن نظرة فاحصة تؤكد ما قصدته من هذا المعني الذي قد يزعج البعض من أصحاب الهوي وسوء القصد ... فحين ننظر إلي (شعر) عيد صالح وكاتب هذه القراءة تحديدا ونحصي القصائد التي نشرت والأعمال التي بلغت ستة دواوين لكل منهما وكذلك الدراسات النقدية التي تناولت أعمالهم دون مسعي منهم للاستناد علي أحد أو جماعة أو حاشية أو نفير إعلامي زائف أو بغية الحصول علي شهرة أو علي جائزة مزعومة لا تكشف عن حقيقة الإبداع الشعري الخالص . هنا نجد أن اكتمال المشهد الشعري يكون محققا بالحضور ، ولم لا .. وقد تناولت أعمالهم طوال مسيرتهم الإبداعية أقلام العديد من الكتاب والنقاد أذكر منهم النقاد : د . مدحت الجيار ، عبد العزيز موافي ، د. صلاح السروي ، يسري العزب ، عبد المنعم عواد يوسف ، د . عزة بدر ، أحمد عنتر
مصطفي ، أحمد عفيفي ، سمير الفيل ، د. ابراهيم منصور ، محمد سليمان ، د.أحمد عبد الحي ، د. عزت جاد ، وغيرهم ذكرت ذلك لأنني أود مخلصا أن أحدد بعض ما أري أنه هام وضروري عند قراءة أي مشهد إبداعي إقليمي ..
لعرض ما يفيد من أجل تفعيل النشاط الثقافي ورفع المستوي الإبداعي ، عند مطالعة حقيقة "الحالة الشعرية المعاصرة " فلربما يعني ذلك طلائع الكتاب والمثقفين وشباب المبدعين ممن هم في أول مسيرتهم .. ولعلهم يدركون ما هو أشق .. وأجمل وأصدق .. فتلك رسالة .
وهنا يمكنني أن أعرض قراءة مشهدية قصيرة تمثل باختصار خلاصة الرأي والتميز وقد سبق أن قلتها .. " إن عيد صالح يميل لاختيار أعمل التعبيرات وأبسطها في القول الشعري المعاصر ، فهو يطرح قضاياه السياسية والاجتماعية والنفسية بأداء واع متميز هو صاحبه ومالكه ، فلا مجال فيه للبس أو همز أو لمز أو غموض أو ادعاء " (4) .
ولعل ملامح هذا التميز تأتي في المقام الأول علي مستوي البنية الصوتية ، فالإيقاع الداخلي والخارجي صنوان ، بحيث تتلاقي فيها الحواس السمعية والبصرية والوجدان ، وحيث الدلالة راجفة والجملة تبدو بارزة وناصعة والرؤي جلية ومغمورة ، والمفردة متوهجة. وتظل هناك قراءة أخري في ذاكرة الشعر بدمياط 2007 قدمها أ . د عزت جاد أذكر منها قوله " د.عيد صالح : أنشودة الزان . أنشودة الذات وقصيدة الحالة . للذات سطوتها وللسطوة إيقاع قهري يتشكل بما يروق غوايتها فتكتمل الحقيقة الإبداعية علي قدر من تحقيق المصداقية قبل العلة والمعلول والسبب والنتيجة " .
" مصطفي العايدي : من سيرة الصقر ، قصيدة التجربة وصيحة الموضوع إنها محاولة القفز الدائم في فراغ الذاكرة ، ولا سبيل إلا الامتلاء من خلال التجربة الشاملة التي تموضع الذات ،وتثبت أعمدة الكائن والممكن وتشد الحبل علي الموروث علي نحو متماسك يتضافر فيه الماضي والآتي أملا في استشراف المستقبل . يخرج مصطفي العايدي من أسطورة الرماد محاولا تخليق كينونة تحطم أغلالها وتطير إلي حيث يحط الرحال من جرحها العربي دائم النزف ".
أما " عفت بركات . صباحات لمن قاسمني دفئه : قصيدة الخلاص وعفوية الإبداع . إن عفت بركات توشك أن تقدم لنا عطرا فواحا بالشعر " ، وأقول : " عفت تكتب وكأنها في نزهة للخاطر تصنع ذلك حين يتخلل الصدق الجسد والروح ويسكن الحواس ويجوس آمنا خلال الدروب ليبدد الصمت في الأشياء
" (5) .
وعن ممدوح كيرة يقول الدكتور عزت جاد " لقد بني شاعريته علي بسط النفوذ الرومانسي الطلي المتكيء علي قدر موفور من بلاغة الغيقاع ، وانسيابة التركيب" .
ويري في البحث ذاته ان أشرف الخضري لديه " انفلات للروح من الذات ، وثمة انعتاق من المحدد إلي المجرد، وصار الشعر مسار القول المطلق ، وأوشك النص بوجه عام ان يتخلق وفق الرؤية الشاملة " .
" سامح الحسيني .. انفجار الروح . تجربة قابلة للانفجار - اذا أعد لها البارود و " سيرة الزيني " معزوفة تطمح في أبجديتها إلي غزو الواقع ثم الركض في أعماق الذات تلك التي تتشظي في مسعاها بين الزاي ( لزينب ) والسين (لسامح ) فالقصيدة / النص في تشكيلها البنائي تطمع أن تكون فعلا شعريا خالصا " (6) .
وفي كتاب د . صلاح السروي " تحطيم الشكل .. خلق الشكل 199" دراسات في الشعر المصري المعاصر سأكتفي بما جاء في مقدمة دراسته اللافتة تحت " عنوان الصورة والواقع في شعر مصطفي العايدي " عن ديوان الدخول الي الجزر الصادر عن سلسلة أصوات أدبية 1994 حيث يقول : " يقوم الطرح الشعري لدي مصطفي العايدي علي الارتباط الحميم بالواقع بمعناه المباشر أو غير المباشر والانفعال التام بتحولاته والتفاعل العاطفي الفني في مجريات أحداثه . بحيث يصح أن نطلق علي أعمال هذا الشاعر منها " وثيقة تاريخية " تجسد دلالة وأثر التحولات الواقعية المجتمعية علي الذات الحساسة لديه ، في محاولة للقبض علي الجوهر العميق لهذه التحولات واكتشاف اثرها الروحي الذي يتبدي فنيا في القصيدة " (7) مختتما قوله : " إن تجربة مصطفي العايدي برمتها تقوم علي شعرية الرؤيا أو الرغبة في استشفاف الواقع والغوص داخله " ( 8)
علي حين تأتي مقدمة د. أحمد عبد الحي علي النحو التالي : أنظر إلي المحور الخاص إضاءات نقدية عن الواقع الأدبي في دمياط " بين رومانسية العايدي .. وواقعية عيد " للدكتور أحمد عبد الحي والذي قدم بالمؤتمر الأدبي السادس لإقليم شرق الدلتا الثقاني ، ابريل 2007 م " (9)
ومن أبرز ملامح الأسلوبية التي تميز لغة مصطفي العايدي في ديوان قوس الرياحين الصادر عن اتحاد الكتاب الملمح الرومانسي سواء بالمعني الفردي المعني بالانشغال بالهموم الخاصة أم بالمعني الجمعي المشغول بالهم القومي أو بالمعنيين منصهرين .
هذه قراءة موجزة .. أراها البداية فحسب لقراءات أكثر اتساعا وشمولا للمشهد الشعري في دمياط كنت أتمني ألا تأتي علي لساني لدخولي في المشهد الشعري ، فثمة ملاحظات وآراء من هنا أو هناك سوف تأتي يمكن أن تمثل مدخلا مضيئا لمسيرة الشعر المصري حيث الشعر هو الأثر المتبقي للأحوال الصادرة عن فنون القلب وجنون العقل لعلنا نقترب قليلا لنسمع ونري حقيقة الصورة ، وقاية من شر عزلة الثقافة وتهميش المثقفين ، تلك العزلة التي لم تزل ترسل أشباحها ، وتحض وساوسها علي مطاردة مطالع النور ومنازل الحضور حيث الشعر الخالص ، الساعي دوما إلي قيم الحق والخير والجمال .وأشدد علي فقرة ذكرتها في شهادة سابقة لي ، حيث قلت: " إنني اتمني خلال العقد الحالي إحراز إضافة جمالية للقصيدة العربية فتتجه نحو الغنائية الجديدة ، ولا تتجاهل تجليات الشعر العربي في نهج الشكل التفعيلي أو قصيدة النثر حيث أن حركة الشعر العربي تتداخل في مشهد عام " (10) .
هوامش
1 قدمت ضمن شهادة لنا حول " تحولات المشهد الإبداعي" ، في مؤتمر " راهن الإبداع الأدبي في دمياط " 27مارس 2006.
2 مؤتمر دمياط الأدبي السابع ، إبريل سنة 2000 .
3 شاعر وروائي من مدينة بورسعيد .
4 مؤتمر " راهن الإبداع الأدبي في دمياط " ، مصدر سابق .
5 من دراسة قدمت في ندوة لمناقشة ديوان " تفاصيل العبث " والذي عقد بنادي أدب دمياط مساء الأثنين 23 فبراير 2009.
6 دراسة " تحولات المشهد الإبداعي" ، مصدر سابق .
7 يرجع إلي كتاب دراسات نقدية حول إبداعات دمياط ، إصدارات الرواد ، عدد 34 ، سنة 1998.
8 المصدر السابق .
9 عقد هذا المؤتمر في دمياط برئاسة الكاتب المسرحي محمد أبوالعلا السلاموني ، وأمانة عامة المؤتمر سميرالفيل .
10 شهادة قدمها مصطفي العايدي في مؤتمر دمياط الأدبي السابع " أبريل 2000 ، بعنوان " بعض الشذي من لغة الغمام" .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.