قال الشاعر عيد عبد الحليم: "ألوم علي من يدخلون إلي شعر العامية من باب النثر أولا"، وذلك في الندوة التي عقدت مساء الاثنين الماضي بنقابة الصحفيين لمناقشة ديوان الشاعر عبده الزراع "برواز علي حيطة مايلة"، الصادر حديثا عن دار "الدار". وأضاف عبد الحليم: "كثير من قصيدة النثر التي تكتب في إطار شعر العامية لم تحقق الفنية المرجوة منها، ربما لأن قصيدة النثر العامية مازالت تحفر في ممر صعب، بخلاف قصيدة النثر بالفصحي التي تحفر في مجري يتسع يوما عن يوم منذ ستين عاما، ومازال الطريق صعبا أمام شعراء قصيدة النثر العامية". وتابع: "أعجبني أن عبده الزراع أهدي الديوان إلي شعراء قصيدة النثر التي ظلمت كثيرا من الناحية النقدية، وإن كنت أراها لم تظلم من الناحية الفنية، لأنها قصيدة تحمل في طياتها كل الأشكال الفنية من لغة سينمائية وصحفية وقصصية ولغة شعبية وميثيولوجيا، كما أن الديوان تجربة مختلفة عن باقي دواوين عبده الزراع من حيث الشكل والمضمون، وإن كان قد حافظ فيه علي الحس الرومانسي الذي يتجلي عبر الانحياز إلي الماضي، من خلال فعل التذكر وهو سمة غالبة في الخط الشعري المصري المعاصر سواء في الفصحي أو العامية". وتساءل عيد: "لماذا تحاول الشعرية المصرية والعربية مواجهة الراهن بالهروب إلي الماضي مع قسوة الأمر في الحالتين، ومواجهة الوضع المترهل سياسيا واجتماعيا وثقافيا الذي يرفضه الشاعر في هذا الديوان كما يحاول أن يحلله سوسيولوجيا عبر لغته الشفيفة، ولأن عبده الزراع يعتمد في هذا الديوان علي الكتابة في إطار قصيدة النثر، فإنه يحقق المعادلة الصعبة وهي المراوحة بين السرد والإيقاع الداخلي للنص، الذي تحققه الرومانسية المتغلغلة في عمق النصوص عبر إطارين: تخيلي وواقعي، كما أن الديوان يتميز ببعد فلسفي خاصة في القصائد القصيرة المكثفة التي تتجه فيها الذات إلي مرحلة المكاشفة والوجودية". ومن جانبه رأي الناقد الدكتور محمود الضبع أن إهداء الديوان إلي شعراء قصيدة النثر لم يكن موفقا، ووجه سؤالا للشاعر: "لماذا تقول أن قصيدة النثر من المظاليم، لو فيه ظلم سيكون من أصحابها، وبالمناسبة يتاح لهذه القصيدة حركة تواصل كبيرة بين الأقاليم الشعرية العربية ولها العديد من النوافذ". وحذر الضبع من وقوع الشعرية العربية في مأزق الشكل وقال: "إذا لم تخرج الشعرية العربية من مأزق الشكل فستنزلق إلي دوائر لا مخرج منها، فلماذا نصر علي مصطلح قصيدة النثر، لماذا لا نؤمن بتشابك وتجاور الأشكال في النص، ولماذا لا نركز علي البحث عما يخلق الشعرية داخل النص بدلا من البحث عن شكل النص وهل هو نثر أم تفعيلة أم غيرها؟". وقال: "هناك دراسات كثيرة أثبتت أن الوزن والقافية ليست هي وحدها التي تحقق الإيقاع داخل القصيدة، وأقول أن هذا الإيقاع يمكن أن يتحقق بالتكثيف الدلالي وتكثيف الرؤية وكسر أفق التوقع والاحتفاء بالوعي المقدم، وكذلك المفارقة التي اعتبر أنها ملمح أساسي في الشعر، وقد احتفي عبده الزراع بذاكرة الروائح والألوان ، وتميزت عناوين قصائده بالشعرية العالية". وأكد عمرو حسني رئيس تحرير مجلة "قطر الندي"، علي الظلم الذي يقع علي الشعر نتيجة غياب المتلقي المعد بشكل جيد، وقال: "أحيي الشاعر علي عنوان الديوان، فالحيطة المايلة لا يمكن أن يعدلها أحد".