قبل انطلاق تنسيق الجامعات 2025.. قائمة كليات المرحلة الأولى لطلاب علمي علوم    الثالث علمي بالثانوية الأزهرية: نجحت بدعوات أمي.. وطاعة الله سر التفوق    الخامسة في الثانوية الأزهرية: «عرفت النتيجة وأنا بصلي.. وحلمي كلية لغات وترجمة»    سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 27-7-2025 مع بداية التعاملات    حماس: اعتراض السفينة «حنظلة» واختطاف ركّابها جريمة إرهاب وقرصنة    دبلوماسيون: مصر وقفت صامدة ضد تهجير أهالي غزة ولا أحد ينكر دورها    دقيق وسكر ومعلبات.. جيش الاحتلال يبدأ إسقاط مساعدات إنسانية على غزة (فيديو)    إصابة 11 شخصًا بحادث طعن في ولاية ميشيغان الأميركية    «تجاوزك مرفوض.. دي شخصيات محترمة».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على مصطفى يونس    الجنرال الصعيدي.. معلومات عن اللواء "أبو عمرة" مساعد وزير الداخلية للأمن العام    لطيفة تعليقًا على وفاة زياد الرحباني: «رحل الإبداع الرباني»    «حريات الصحفيين» تعلن دعمها للزميل طارق الشناوي.. وتؤكد: تصريحاته عن نقابة الموسيقيين نقدٌ مشروع    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    ما حكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟    أمين الفتوى: الأفضل للمرأة تغطية القدم أثناء الصلاة    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    أبرزها الاكتئاب وضعف المناعة.. 50 ضررًا على الصحة يسببها «الحشيش»    رغم تواجده بمعسكر تركيا، مهاجم بيراميدز يعود إلى سيراميكا    استشهاد 3 فلسطينيين وإصابات جراء قصف الاحتلال شقة سكنية في غزة    "الخارجية الفلسطينية": العجز الدولي عن معالجة المجاعة فى قطاع غزة غير مبرر    بدء المؤتمر الجماهيري لحزب "الجبهة الوطنية" في المنوفية استعدادًا لانتخابات الشيوخ 2025    عيار 21 بعد الانخفاض الكبير.. كم تسجل أسعار الذهب اليوم الأحد محليًا وعالميًا؟    "سنلتقي مجددًًا".. وسام أبوعلي يوجه رسالة مفاجئة لجمهور الأهلي    عكاظ: الرياض لم يتلق مخاطبات من الزمالك بشأن أوكو.. والمفاوضات تسير بشكل قانوني    نيجيريا يحقق ريمونتادا على المغرب ويخطف لقب كأس أمم أفريقيا للسيدات    وسام أبو علي يودع جماهير الأهلي برسالة مؤثرة: فخور أنني ارتديت قميص الأهلي    السرعة لإنقاذ حياته..آخر التطورات الصحية لحارس مرمى وادي دجلة    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الأحد 27 يوليو 2025    سم قاتل في بيت المزارع.. كيف تحافظ على سلامة أسرتك عند تخزين المبيدات والأسمدة؟    النيابة تعاين المنزل المنهار بأسيوط.. واستمرار البحث عن سيدة تحت الأنقاض    تسجل 46 درجة مع فرص أمطار.. بيان مهم يحذر من حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    خلال ساعات.. التعليم تبدأ في تلقي تظلمات الثانوية العامة 2025    مصرع شخصين وإصابة 2 آخرين في حادث تصادم دراجة بخارية وتوك توك بقنا    محافظ الدقهلية يتدخل لحل أزمة المياه بعرب شراويد: لن أسمح بأي تقصير    عطل مفاجئ في محطة جزيرة الذهب يتسبب بانقطاع الكهرباء عن مناطق بالجيزة    سعيد شيمي يكشف أسرار صداقته مع محمد خان: "التفاهم بينا كان في منتهى السهولة    تامر أمين يعلّق على عتاب تامر حسني ل الهضبة: «كلمة من عمرو ممكن تنهي القصة»    نقل الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم لمعهد ناصر ووزارتا الثقافة والصحة تتابعان حالته الصحية    "مستقبل وطن المنيا" ينظم 6 قوافل طبية مجانية ضخمة بمطاي.. صور    أعلى وأقل مجموع في مؤشرات تنسيق الأزهر 2025.. كليات الطب والهندسة والإعلام    قبل كتابة الرغبات.. كل ما تريد معرفته عن تخصصات هندسة القاهرة بنظام الساعات المعتمدة    مستشفى بركة السبع تجري جراحة طارئة لشاب أسفل القفص الصدري    خالد الجندي: من يُحلل الحشيش فقد غاب عنه الرشد العقلي والمخ الصحيح    ماكرون يشكر الرئيس السيسى على جهود مصر لحل الأزمة فى غزة والضفة الغربية    وزير الثقافة: نقل الكاتب صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر بالتنسيق الصحة    الأمم المتحدة: العام الماضي وفاة 39 ألف طفل في اليمن    وفاة وإصابة 3 أشخاص إثر انقلاب سيارة ربع نقل داخل ترعة بقنا    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة على حريق بمنزل في البلينا بسوهاج    القاهرة وداكار على خط التنمية.. تعاون مصري سنغالي في الزراعة والاستثمار    عائلات الرهائن الإسرائيليين تطالب ترامب بالتدخل لإطلاق سراحهم من غزة    جامعة الجلالة تُطلق برنامج "التكنولوجيا المالية" بكلية العلوم الإدارية    البنك الأهلي يعلن رحيل نجمه إلى الزمالك.. وحقيقة انتقال أسامة فيصل ل الأهلي    «لايم» للتمويل الاستهلاكي تعتزم ضخ أكثر من مليار جنيه حتى نهاية 2026    سيدة تسبح في مياه الصرف الصحي دون أن تدري: وثقت تجربتها «وسط الرغوة» حتى فاجأتها التعليقات (فيديو)    5 أبراج «يتسمون بالجشع»: مثابرون لا يرضون بالقليل ويحبون الشعور بمتعة الانتصار    عاجل- 45 حالة شلل رخو حاد في غزة خلال شهرين فقط    حلمي النمنم: جماعة الإخوان استخدمت القضية الفلسطينية لخدمة أهدافها    تقديم 80.5 ألف خدمة طبية وعلاجية خلال حملة "100 يوم صحة" بالإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



درس شوقي لشعراء مصر‏4‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 25 - 07 - 2010

لم يترك شوقي أمير شعراء العصر الحديث فرصة أو مناسبة للحديث عن الآثار المصرية القديمة‏,‏ وعجائب ما أنجزته الحضارة الفرعونية‏,‏ إلا وانتهزها للإشارة إلي من كانوا ملء سمع الزمان وبصره‏,‏ تفوقا في العلم والابتكار والتشييد‏,‏ وللتعبير عن انتمائه العميق لروح هذه الحضارة وجوهرها‏,‏ وكأنه يهيب بالمصريين والاستعمار الإنجليزي جاثم علي صدورهم أن يحسنوا الالتفات إلي هذا الماضي العريق‏,‏ وأن يستلهموه عزيمة النهوض والتحرر وكسر القيود‏,‏ قيود التخلف‏,‏ وقيود الهوان‏!‏
من هنا‏,‏ فهو ينتهز مناسبة تكريم أديب لبناني مهجري كبير هو أمين الريحاني الذي عاش بين عامي‏1940,1876,‏ عندما جاء في زيارة إلي مصر‏,‏ فأقام له بعض الأدباء حفلا علي سفح الأهرام‏,‏ شارك فيه شوقي‏,‏ ولأنه يلاصق الأهرام بعينيه ووجدانه‏,‏ فقد انطلقت شاعريته بقصيدته البديعة‏:‏علي سفح الأهرام‏.‏
قف ناج أهرام الجلال‏,‏ وناد‏:‏ هل من بناتك مجلس أو ناد؟ وصولا إلي قوله‏:‏قل للأعاجيب الثلاث مقالة‏:‏ من هاتف بمكانهن وشادر لله أنت‏,‏ فما رأيت علي الصفا‏:‏ هذا الجلال ولا علي الأوتاد‏/‏ لك كالمعابد روعة قدسية‏:‏ وعليك روحانية العباد‏/‏ أسست من أحلامهم بقواعد‏..‏ ورفعت من أخلاقهم بعماد‏/‏ تلك الرمال بجانبيك بقية‏:‏ من نعمة‏,‏ وسماحة‏,‏ ورماد‏/‏ إن نحن أكرمنا النزيل حيالها‏:‏ فالضيف عندك موضع الإرفاد
والأهرام أو الأهرامات الثلاثة هي الأعاجيب الثلاث بلغة شوقي‏,‏ صنعتها العقول والإرادة الفذة‏,‏ وبقيت تتحدي الأزمان والعصور‏,‏ عظمة وشموخا ونباهة شأن‏.‏
وتحين ذكري اللورد هربرت كارنارفون الخامس‏(1866‏ 1923)‏ الذي أوفد اللورد هوارد كارتر‏(1873‏ 1939)‏ ليقوم بمسح شامل لوادي الملوك‏,‏ فعثر علي مقبرة توت عنخ آمون عام‏1922,‏ وتوفي كارنارفون في القاهرة ليلة الخميس‏5‏ أبريل سنة‏1923‏ بفندق الكونتننتال‏,‏ وكانت قد عضته بعوضة‏,‏ فتم تطبيبه خمسة عشر يوما‏,‏ ولم تكد تزول أعراض التسمم نتيجة العضة‏,‏ حتي توفي بذات الرئة التي أصيب بها‏,‏ وقيل بل هي لعنة الفراعنة‏,‏ قضت عليه بعد أن جرؤ علي اقتحام سر الأسرار وقدس الأقداس في مقبرة الملك الشاب واكتشاف ما تحويه من كنوز ثمينة تحين ذكري كارنارفون‏,‏ فيخرج شوقي علي الناس المتابعين لما حدث في مصر وفي خارجها بقصيدة يقول فيها‏:‏
في الموت ما أعيا وفي أسبابه‏:‏ كل امريء رهن بطي كتابه‏/‏ أسد لعمرك من يموت بظفره‏:..‏ عند اللقاء كمن يموت بنابه‏/‏ إن نام عنك فكل طب نافع‏:‏ أولم ينم فالطب من أذنابه
وصولا إلي اللورد كارنارفون نفسه‏,‏ وعظة الموت فيه‏,‏ وآثار اكتشافه المدوي‏,‏ في عقد دري من الأبيات البديعة‏:‏
أخني الحمام علي ابن همة نفسه‏:‏ في المجد‏,‏ والباني علي أحسابه‏/‏ لم يأله صبرا‏,‏ ولم ين همة‏:..‏ حتي انثني بكنوزه ورغابه‏/‏ أفضي إلي ختم الزمان ففضه‏:..‏ وحبا إلي التاريخ في محرابه‏/‏ وطوي القرون القهقري حتي أتي‏:..‏ فرعون بين طعامه وشرابه‏/‏ المندل الفياح عود سريره‏..‏ واللؤلؤ اللماح وشي ثيابه‏/‏ فتري الزمان هناك قبل مشيبه‏:..‏ مثل الزمان اليوم بعد شبابه
وأشهد كم كان موسيقارنا العبقري محمد عبدالوهاب دائم الترديد والإنشاد للأبيات الأخيرة‏,‏ وبخاصة البيت الذي يصور فيه شوقي أن هذا المكتشف العظيم نجح في أن يطوي الزمان ويعود به إلي الوراء‏,‏ فإذا بنا نطالع الفرعون الشاب‏,‏ توت عنخ آمون‏,‏ بين طعامه وشرابه‏,‏ كلما دار الحديث من حول شوقي وعبقريته الشعرية‏,‏ وكان الشاعر كامل الشناوي بصوته العريض العميق القرار‏,‏ وذائقته الشعرية المرهفة يأخذ بمجامع لب محمد عبد الوهاب وقلبه‏,‏ تقليبا في ديوان الشوقيات‏,‏ وطوافا حول بدائعه وتجلياته الدائمة التوهج والحياة‏.‏
الطريف أن توت عنخ آمون‏,‏ بكنوزه وموميائه‏,‏ لايزال يشغل العالم حتي اليوم‏,‏ ويزداد الناس به افتتانا يوما بعد يوم‏,‏ وربما كان وعي شوقي التاريخي والأثري بعظمة هذا الاكتشاف وراء توقفه أكثر من مرة‏,‏ وفي مناسبات عدة‏,‏ للحديث عنه‏,‏ بأكبر مما تناول الأهرام أو أبا الهول أو معابد أنس الوجود‏,‏ التي لم يكن هناك جديد بشأنها في زمن شوقي‏,‏ أما اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون‏,‏ فقد كان هو الحادث المثير للدهشة واللافت لاهتمام العالم‏,‏ فواكبه اهتمام شوقي شاعر مصر‏,‏ الذي صاغ رسالته الشعرية علي هذه الصورة‏:‏وأنا المحتفي بتاريخ مصر‏:.‏ من يصن مجد قومه صان عرضا‏.‏
فقدم لكل الشعراء في زمانه‏,‏ ومن بعده‏,‏ درسا في الوطنية والانتماء‏,‏ وإيقاد شعلة البعث والتنوير‏,‏ وصناعة النهضة‏,‏ التي عاشتها مصر في الماضي‏,‏ ولا مفر من استنباتها في الحاضر‏,‏ إن كان لدينا أمل في مستقبل‏!‏

المزيد من مقالات فاروق شوشة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.