رغم التكلفة العالية التي تكبدتها جنوب افريقيا لاستضافة كأس العالم لكرة القدم والمقرر أن تنطلق فعالياتها خلال أيام الا ان العائد من هذه الاستضافة وخاصة المعنوي هو دائما أعلي من المصاريف. لأن نجاح أية بلد في العالم في تنظيم المونديال.الذي لايحدث إلا كل أربع سنوات لايقدر بثمن ويعني ببساطة أن هذا البلد قد أصبح في مصاف البلدان الكبري. والحقيقة انه عندما فكرت جنوب أفريقيا في الأساس في استضافة المونديال وكان ذلك بعد أقل من عشر سنوات من تخلصها من الحكم العنصري السابق فإنها كانت أنذاك تريد أن تقول للعالم أجمع أن الأغلبية السوداء. التي تولت السلطة فيها بدلا من النظام العنصري الأبيض والذي كان معروفا بإسم نظام بريتوريا نجحت في تحمل المسئولية وخلقت سلاما اجتماعيا في مجتمع كان العنصر الأبيض فيه وحتي سنوات قليلة يديره بطريقة لا إنسانية تتضمن معاملة السود والملونين معاملة سيئة مليئة بالعنصرية والتمييز وهي تلك السياسة التي كانت معروفة بإسم سياسة العزل العنصري( الابارتايد) حيث كان محظورا علي غير البيض مجرد دخول العديد من الشوارع بل والمدن بالكامل وكان كثير من السود معزولين في مدن خاصة بهم( بانتوستانات). والمؤكد ان نجاح جنوب أفريقيا في الحصول علي حق تنظيم مونديال2010 كان بمثابة مكافأة من النظام العالمي لنظام الحكم هناك علي قدرته الفائقة في إزالة آثار سياسة الابارتايد بطريقة عقلانية هادئة فلم يلجأ للإنتقام من الأقلية البيضاء التي كانت تحكم في السابق رغم جرائمها كما لم ينصب المشانق للسود الذين تعاونوا مع هذه الأقلية وشاركوا في مذابح ضد أبناء جلدتهم بعد أن استغل البيض الخلافات القبلية بين السود وغذاها فكان عدد من لقي مصرعه من السود علي أيدي سود مثلهم يفوق بكثير عدد من قتلتهم قوات الأمن العنصرية وبدلا من ذلك قام النظام الوطني الجديد باستحداث الية أسماها سياسة الحقيقة والمصالحة جري بمقتضاها التحقيق مع كل من ارتكب جريمة خلال فترة الحكم العنصري ليس بهدف محاكمته والتنكيل به ولكن بهدف معرفة الحقائق وفك ألغاز الجرائم لتهدئة النفوس ونسيان الماضي والصفح من أجل الحفاظ علي تماسك المجتمع. وبعيدا عن المكاسب السياسية فمن المؤكد أن جنوب أفريقيا ستحاول الاستفادة بقوة من الناحية الاقتصادية حيث تعمل من خلال تنظيم المونديال علي تحسين مركزها في قائمة أهم المقاصد السياحية في العالم وذلك من خلال تقديم برهان واضح علي تحسن الوضع الأمني فيها حيث كان انتشار السرقات بها في الفترة الماضية من العوامل اتي أثرت سلباعلي خططها الطموحة لجذب ملايين السياح لزيارة معالمها الطبيعية الخلابة.. ويبقي المكسب الأكبر لجنوب افريقيا من تنظيم المونديال هوتعزيز مساعيها للحصول علي مقعد دائم في مجلس ادارة العالم المعروف بإسم مجلس الأمن الدولي في حالة تنفيذ خطط إصلاح المجلس وتوسيعه لضم ممثلين دائمين عن أفريقيا وأسيا إليه, وبالتالي تتحول كرة القدم إلي حصان طروادة الذي تتسلل من خلاله جنوب افريقيا إلي مجلس ادارة العالم رغم دورها الحديث جدا كقوة فاعلة بالإيجاب علي الساحة الافريقية بعد أن كانت علي العكس من ذلك سيفا مسلطا علي رقاب الأفارقة ومركزا للتامر علي حركات التحرر الأفريقية.