أمين لجنة الاعلام ب «النواب»: مشاركة 13حزبًا في قائمة وطنية واحدة تعكس نضجًا ووعيًا سياسيًا    «العمل» تختتم ندواتها التوعوية لتحديث بيانات الانتخابات النقابية    شهداء ومصابون جراء قصف للاحتلال وسط غزة.. واقتحامات في الخليل ونابلس    الضفة الغربية.. بقاء عرب الكعابنة مهدد باعتداءات المستوطنين    وسام أبو علي يُصر على الرحيل عن الأهلي    منتخب الريشة الطائرة الهوائية يتأهل لنهائي بطولة إفريقيا ويصعد لكأس العالم    يوفنتوس يواجه أزمة مع فلاهوفيتش... اجتماع حاسم قد ينهي العلاقة    أندية المنيا تهدد بتجميد نشاطها الرياضي احتجاجا على ضم الجيزة لمجموعة الصعيد    ذكرى موقعة حطين.. كيف أعاد صلاح الدين الأيوبي وحدة المسلمين وحرّر القدس من قبضة الصليبيين؟    جروسي: وكالة الطاقة الذرية متمسكة باستئناف أنشطة الرصد والتحقيق في إيران    مدرب الأهلي يودع فريق كرة السلة    يقوده صبي.. مصرع طفلة وإصابة 3 آخرين في تصادم أتوبيس بالدقهلية (صور)    رئيس"البحوث الزراعية": نتعاون مع القطاع الخاص لتحويل مخرجات المركز ل مشروعات اقتصادية    في يومين.. إيرادات "أحمد وأحمد" تقترب من 7 ملايين جنيه    إيرادات الخميس.. "أحمد وأحمد" الأول و"المشروع X" في المركز الثاني    بإطلالة جريئة.. ابنة عمرو دياب تلتقط صورا مع "جرار زراعي"    خطيب المسجد الحرام: التأمل والتدبر في حوادث الأيام وتعاقبها مطلب شرعي وأمر إلهي    وزيرة التخطيط: مصر ضمن أفضل 10 دول فى العالم من حيث الجاهزية للاستثمار    أوقاف الفيوم تفتتح 3 مساجد جديدة ضمن خطة الإعمار والتطوير    محافظ أسيوط يتفقد دير الأمير تادرس الشطبي بالجبل الشرقي    رئيس الاتحاد الدولي يشيد بدور مصر في نشر الكرة الطائرة البارالمبية بإفريقيا    وظائف خالية اليوم.. "العمل" تعلن عن 50 فرصة عمل بمترو الأنفاق    أهم أسئلة علم النفس والاجتماع لطلاب الثانوية العامة بالنظام القديم    تكثيف الحملات على الطرق والمحاور لمواجهة السير العكسي لمركبات "التوك توك" وضبطها بالجيزة    السيطرة على حريق في كشك كهرباء بمدينة قنا الجديدة    حريق فى كاليفورنيا يدمر أكثر من 52 ألف فدان فى 24 ساعة.. فيديو    أرسنال يفسخ عقد مدافعه اليابانى تومياسو رسميا    بابا الفاتيكان يعرب عن دعمه لضحايا انفجار محطة الوقود بروما.. فيديو    سعر الخضروات اليوم الجمعة 4-7-2025 فى الإسكندرية.. انخفاض فى الأسعار    علاء عابد: القائمة الوطنية تجسّد ظاهرة إيجابية لتعزيز تمثيل الشباب    بعد وفاة أحمد عامر.. حمو بيكا يكشف حقيقة اعتزاله الغناء| فيديو    قانون الإيجار القديم.. زيادات شهرية تصل 1000 جنيه حسب المنطقة.. والتطبيق فورًا    عقد المؤتمر الطبي السنوي الثالث لطب وجراحة العيون 2025    لماذا تتشابه بعض أعراض اضطرابات الهضم مع أمراض القلب.. ومتى تشكل خطورة    تناول طبق عاشوراء بهذه الطريقة.. يعزز صحة قلبك ويقوى مناعة طفلك    "فرانكنشتاين".. تحذير من متحور جديد في بريطانيا    45 يومًا لهذه الفئة.. زيادات كبيرة في الإجازات السنوية بقانون العمل الجديد    وزارة البترول: إعلانات التوظيف على مواقع التواصل وهمية وتستهدف الاحتيال    وزير الخارجية الروسي: يجب خفض التصعيد وتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    بيان عاجل من "عمال مصر" بشأن إعلان افتتاح سد النهضة    صيام يوم عاشوراء فرض ولا سنة؟.. داعية يكشف مفاجأة    مصدر أمني: جماعة الإخوان تواصل نشر فيديوهات قديمة    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 145 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    باشاك شهير يقترب من ضم مصطفى محمد.. مفاوضات متقدمة لحسم الصفقة    "الزراعة" إصدار 677 ترخيص لأنشطة ومشروعات الإنتاج الحيواني والداجني    وزير الإسكان: إزالة وصلات المياه الخلسة بالمدن الجديدة وتحصيل المتأخرات    محافظ المنوفية: تحرير 220 محضرًا تموينيًا خلال يومين من الحملات التفتيشية    مصرع طفلة وإصابة 3 أشخاص صدمهم أتوبيس فى الدقهلية    إخلاء سبيل طالبة بالإعدادية تساعد طلاب الثانوية على الغش بالمنوفية    18 يوليو.. أنغام تفتتح الدورة الثالثة لمهرجان العلمين الجديدة 2025    أسعار الدواجن والبيض بأسواق القليوبية اليوم الجمعة 4-7-2025    "ضريبة البعد" تتصدر تريند تويتر في مصر فور طرح ألبوم أصالة.. والأغنية من ألحان مدين    أجهزة استخبارات ألمانية وهولندية: روسيا تزيد من استخدامها للأسلحة الكيميائية في أوكرانيا    ننشر كل ما تريد معرفته عن «يوم عاشوراء»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 4-7-2025 في محافظة قنا    الهلال يُكرم حمد الله قبل موقعة فلومينينسي في مونديال الأندية    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة 4 يوليو 2025.. اللهم أجرنا من النار، واصرف عنا كل مكروه، وأرض عنا يا أرحم الراحمين    تفاصيل استقالة كرم جبر وعمرو الشناوي من حزب الوعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التاريخ الشعبي للولايات المتحدة‏..‏ لهوارد زن
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 05 - 2010

عرض وتقديم‏:‏ أحمد دياب يعد هذا الكتاب سفرا هاما في دراسة التاريخ الأمريكي‏(‏ طبع منه قرابة مليوني نسخة‏),‏ ليس بحجمه المكون من جزءين كبيرين‏,‏ يغطيان تاريخ الولايات المتحدة منذ انطلاق حركة الكشوف الجغرافية في أواخر القرن الخامس عشر وحتي ثمانينات القرن العشرين‏,‏ وليس أيضا بقدر الجهد الموسوعي المبذول فيه والذي تنوء بكتابته العصبة أوليا القوة من الباحثين والمؤرخين‏,‏ وإنما الأهم من هذا وذاك هو أن هذا الكتاب‏,‏ الذي ترجمه شعبان مكاوي وصدر عن المجلس الأعلي للثقافة عام‏2005,‏ يخالف المألوف والمعروف عن التاريخ الأمريكي‏,‏ إذ يقدم المؤلف والمؤرخ الأمريكي هوارد زن‏,‏ الذي رحل عن عالمنا في‏27‏ يناير الماضي عن عمر يناهز‏87‏ عاما‏,‏ رؤية مغايرة‏/‏ موازية تكشف وتعري الوجه الآخر لتاريخ الولايات المتحدة كما صاغته وباعته الرواية الرسمية الأمريكية‏.‏
تلك الرواية التي صورت التاريخ الأمريكي علي أنه تجل و‏'‏ تماه‏'‏ معاصر لتاريخ وقصص العهدين القديم والجديد‏,‏ رواية رسمت رجال من أمثال واشنطن وجيفرسون ومنرو ولينكولن وروزفلت علي مثال ملوك وأنبياء بني إسرائيل القدامي‏.‏ رواية اعتبرت الأرض الأمريكية هي‏'‏ أرض الميعاد‏'‏ الجديدة والمعاصرة‏.‏ وأغلب الظن أن هذا النزوع إلي‏'‏ أسطرة‏'‏ التاريخ الأمريكي علي هذا النحو هو وليد رغبة دفينة لدي الأمريكيين في الاستعاضة عن‏'‏ قدم‏'‏ التاريخ كما هو حال الأمم الأخري في العالم القديم ب‏'‏ قداسة‏'‏ التاريخ‏,‏ أي استبدال العمق الزماني بالعمق الديني‏.‏ هذه القداسة لها ما وراءها‏,‏ وهو تبرير الجرم التاريخي الأمريكي بحق الهنود الحمر تحت دعاوي دينية‏,‏ وإضفاء طابع تبشيري ورسالي علي السياسات الأمريكية الحالية‏.‏
لكن المؤلف يحاول أن ينزع هذه القداسة عن التاريخ الأمريكي فيكتب عنه من وجهة نظر الآخر الذي أغفله وهمشه التاريخ الرسمي للدولة الأمريكية‏,‏ إذ ينتصر الكاتب لثقافة هذا الآخر الذي دفع ثمنا باهظا من عرقه ودمه وثقافته كي تقوم الثقافة والحضارة الأمريكية‏.‏ فالمؤلف ينتمي إلي ثلة قليلة من المفكرين والمؤرخين الأمريكيين مازالت تغرد خارج سرب‏'‏ المؤسسة‏'‏ السياسية الحاكمة في واشنطن‏,‏ وما تزال قابضة علي جمر النزاهة والموضوعية الفكرية‏,‏ فهي لم تخضع لإرهاب المكارثية في الخمسينات والستينات بتهمة الانتماء لليسار والماركسية‏,‏ أو ضغوط اليمين المحافظ في الثمانينات والتسعينات بنشوة الانتصار علي الشيوعية‏.‏ وقبل هذا وذاك هي ثلة لم يسل لعابها لإغراء‏'‏ المؤسسة‏'‏ لها بالمشاركة في غنائم الإمبراطورية والتنعم بخيراتها مقابل الاندماج في‏'‏ المشروع‏'‏ الأمريكي والتنظير له عبر تبرير سياساته وشرح توجهاته في الداخل والخارج‏.‏
لا يقدم هذا الكتاب سردا تقليديا للأحداث التاريخية‏,‏ إذ لا يحفل إلا بالملوك والأباطرة أو القادة والزعماء‏,‏ وإنما يعرض لأولئك الضحايا والمهمشين في التجربة الأمريكية المريرة من الهنود الحمر الذين تمت إبادتهم بطريقة وحشية لا مثيل لها علي مدي التاريخ البشري‏,‏ إذ كان عددهم يناهز الخمسين مليونا عند بدأت الكشوف الجغرافية ولم يعد باقيا منهم حتي الآن سوي مليونين أو ثلاثة‏.‏
والسود المجلوبون من القارة الأفريقية والذين قامت علي سواعدهم الحضارة الأمريكية في أكبر عملية استنزاف للثروات البشرية للقارة السوداء وأكبر عملية استغلال لفاقد القيمة البشري علي مر العصور‏,‏ وهم حتي الآن لا يزالون يعانون مشاكل العنصرية المقيتة التي رسخها نمط الإنتاج الرأسمالي في التجربة الانجلوسكسونية بأمريكا الشمالية في مقابل التجربة الأيبيرية في القارة الجنوبية والتي قامت علي الاندماج بين العناصر والأجناس فولدت عنصرا خلاسيا في الشكل رافضا للعنصرية في المضمون‏.‏ لكن المؤلف يقدم سردا روائيا تتباين فيه الظلال والألوان وتتفاوت فيه الأدوار والشخصيات وتتقاطع فيه المشاهد والأحداث الدالة والمؤثرة في بنية السرد التاريخي‏.‏
لا يقترب المؤلف كثيرا من التفاصيل والجزئيات حتي لا يغرق فيها أو يجد نفسه في مكمن الشيطان‏,‏ ولا يبتعد كثيرا حتي لا يسقط في هاوية التعميم والضبابية‏.‏ لا يلجأ المؤلف إلي الدراسات الأكاديمية كثيرا‏,‏ فمصادره الأساسية تتمثل في الكتابات المهملة والاتفاقيات المتعمد نسيانها ومقالات الصحف والخطابات الشخصية وسجلات المحاكم وخطابات المواطنين إلي أعضاء مجلسي النواب والشيوخ وشهادات الناس العاديين‏,‏ لاسيما شهادات الهنود الحمر والسود‏,‏ أي شهادات الضحايا الذين عانوا كثيرا من سياسات الحكومات الأمريكية المتعاقبة وتحالفها الدائم مع النخبة الاقتصادية الأمريكية المهيمنة‏.‏
وفي هذه الرؤية المغايرة‏/‏ الموازية للتاريخ الأمريكي لا يلعب المؤلف دور القاضي الذي يحاكم أشخاص التاريخ بسيف القانون‏,‏ موزعا الاتهامات يمنة ويسرة علي الأبطال والأشرار‏,‏ ولا يلعب دور الفيلسوف القابع في صومعته ينظر إلي وقائع التاريخ وشخوصه من عل‏,‏ مدعيا الحكمة بأثر رجعي‏,‏ غافلا عن‏'‏ روح العصر‏'‏ و‏'‏مكر التاريخ‏'.‏ ولا يلعب دور الواعظ‏,‏ الذي يحاسب الناس بميزان الفضيلة والأخلاق‏,‏ منذرا الجلادين بالجحيم ومبشرا الضحايا بالنعيم‏,‏ إنما يلعب المؤلف دور المفكر والمؤرخ الذي يعرض للأحداث والوقائع كما وقعت بالفعل لا يصدر أحكاما قيمية‏,‏ ولا يعرض شروحا تفسيرية أو دعاوي تبريرية‏,‏ وإنما يحاول أن ينفذ إلي ما وراء الأحداث والوقائع لاستخلاص العبر والدروس لعلها تكون مفيدة في تقويم السياسة الأمريكية كي لا تتمادي في حال غيها وتستمرئ فساد فكرها‏.‏ كان هوارد زن‏(‏ اليهودي‏)‏ متعاطفا مع إنشاء دولة يهودية في فلسطين عام‏1948,‏ لكنه لم يكن يدرك حقيقة هذه الدولة‏,‏ وكيف أسس بنيانها علي جثمان الشعب الفلسطيني إلا بعد حرب‏1967,‏ عندئذ شرع زن في النظر إلي إسرائيل بوصفها‏'‏ قوة توسعية‏'‏ تستخدم‏,‏ شأنها شأن الولايات المتحدة‏,‏ عبارات مثل‏'‏ الأمن القومي‏'‏ لتبرير التوسع والعدوان‏,‏ غير أن زن كان مدركا أن عقارب الساعة لا يمكن تعود للوراء بطرد اليهود من فلسطين‏,‏ ومن ثم رأي أن قيام دولة فلسطينية إلي جانب دولة يهودية يمثل حلا مؤقتا‏,‏ ويبقي الحل الأمثل هو امتزاج المجتمعين في دولة واحدة‏,‏ وهو الكفيل بتحقيق سلام عادل وشامل‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.