كل طريق يؤدي إلي طريق وإلا لما استحق ان يكون طريقا، مثل طريق للذهاب يتضمن عند نقطة معه العودة، فكل الطرق دائرية حتي وان بدت كالسهم مستقيمة. كل طريق يؤدي إلي طريق، وإلا لما استحق الطريق ان يكون اصلا، الطرق مثل شبكة الشرايين والاوردة، كل منها يؤدي إلي الاخري، ولكم تأملت سريان الحركة في القاهرة القديمة، الشارع الاعظم من الجنوب إلي الشمال يمضي مثل نهر النيل، كان النهر قبل اهماله مرجعية حتي لتخطيط المدن النابع من احتياجاتها وحاجات الناس، من العبارات التي تثير اهتمامي وتأملاتي: حارة سد، أو شارع سد، اي لا يفضي الي شيء، لا يؤدي إلي حارة اخري، يصبح مثل الشريان الذي سد لسبب ما يضمر يفقد وظيفته، الحارة السد لا حياة فيها، منغلقة علي من يقيمون بها، اذا ظهر غريب يتم اكتشافه فورا، دقائق الحياة مكشوفة للكل، من التعبيرات التي تثير عندي انزعاجا »حارة سد« أو »شارع سد« الطريق يعني السريان، العبور، الانتقال، ورغم ثبات الطريق في مكان ما. فانه عبر الذاكرة ينتقل مع الذين عبروه. الان وانا بعيد عن الوطن مسافات شاسعة بمقاييس الوقت. تفد عليّ طرق لا حصر لها عبر الذاكرة، طرق عبرتها ولم أعد اليها قط، طرق رحت وجئت فيها حتي انني احفظ مواقع الاحجار، ومنها شارع المشهد الحسيني الواصل بين الميدان وحارة الوطاويط ثم شارع الجمالية، وشارع المعز ما بين ميدان القلعة وحتي باب الفتوح، وأحمد الله ان مشروع الحفاظ عليه قد تم جزء منه وكان ذلك من امنياتي للقاهرة القديمة، ولن يعرف قيمة ما جري إلا من مشهد معاناة الاثار وتدهورها وانفجارات الصرف الصحي، انني اعتبره من اهم المشاريع الثقافية في العالم القديم واتمني ان يتم وان تجري حمايته بصرامة من تعديات الناس، وفساد الادارة ولي عودة مفصلة إلي هذا الموضوع، الشارع العظيم، شريان القاهرة القديمة بكل مراحلها ليس كمثله طريق في العالم كله. كل طريق يؤدي إلي طريق. كل طريق للذهاب يتضمن العودة ايضا، فلو مضي الطريق في اتجاه واحد لما كان الطريق، لذلك يعود الانسان إلي النقطة التي بدأ منها، ولذلك كل طريق دائري مهما استمر مستقيما، أو بدا هكذا، في نقطة معينة في لحظة معينة تبدأ العودة وان كنا في ذهاب. بعد استواء طائرة مصر للطيران، بعد عبور الحد الفاصل بين البر والبحر، النهار في منتصفه، الثانية عشرة ولون الوجود الغالب الازرق والغمامات بيضاء، الطريق إلي نيويورك طويل مازال، عند نقطة معينة من سعيي هذا تبدأ العودة ،هذا الذهاب يتضمن عودة كيف العودة؟ هذا مالا يمكن معرفته ابدا، لكن المؤكد من العودة عودة عبر الطريق. الواحدة والنصف ظهرا ما بين قراءة المواقف والمخاطبات للنفري والنظر من النافذة المستديرة إلي الفضاء الخارجي توزع وقتي، من يراني محدقا عبر النافذة يظن انني مشغول بتأمل الخارج، وفي الحقيقة انا في عمق الداخل. بقدر ما اتطلع الي الخارج في اتجاه نقطة متوهمة بقدر ما أسعي عبر طريق غير مرئي إلي داخلي، إلي محطات لا يعرفها غيري، إلي نواصي لم يبلغها إلا انا، إلي اماكن اعرف انني لن ابلغها مرة اخري إلي وجوه عبرت ربما لم يعد يذكرها غيري. من العبارات التي استوقفتني في لغتنا العامية الثرية متعددة الطبقات ذلك التعبير »دا قاعد مع نفسه«. اول ما سمعته في صباي من الحاج لطفي رحمه الله صاحب مقهي البنان في شارع الجمالية والذي يستمر باولاده الآن. كان يتحدث عن احد اقاربه الذي بلغ من العمر عتيا ولزم الصمت يحدق طوال النهار إلي المارة. يحدق ينظر ولا يعرف احد ماذا يجول داخله، توقفت مبهورا امام قوة التعبير »قاعد مع نفسه«. مهما شغلت به في الكتابة مزاوجة ايقاعات اللغة العامية بالعربية الفصحي، تحقق ذلك في كتابات العصر المملوكي الذي يعتبره البعض عصر انحطاط لغوي وأري فيه عصر تحقيق مصر لشخصيتها العميقة بعد الغزو العربي في القرن السابع الميلادي، وخير من جسد هذه البلاغة المصرية الخاصة المؤرخون المصريون مثل المقريزي والسخاوي وابن تغري بردي وابن اياس وحتي الجبرتي، هذا عصر شديد الثراء لم يدرس دراسة كافية، وانا اعني عصر السلطة المملوكية المستقلة التي اجتاحها الاتراك العثمانيون في القرن السادس عشر، عندما قام السفاح سليم العثماني بغزو مصر وفي رأيي ان ذلك كان بداية انحلال الدولة العثمانية التي قامت علي الاتجاه غربا، ولكن عندما اتجهت شرقا لغزو الدول الاسماعيلية تحولت إلي قوة قهر واحتلال. ويعد العصر العثماني من اشد عصور مصر انحطاطا ، كان تعداد السكان في مصر عند دخول سليم الاول حوالي ثماني ملايين خلال قرنين من الزمان نقصوا إلي مليونين ونصف المليون عند مجيء الحملة الفرنسية، الغريب انه يوجد اتجاه قوي آلان في تركيا لاحياء الامبراطورية العثمانية ويلقي هذا تأييدا من بعض التيارات التي تدعو إلي احياء الخلافة وهذه دعوة ضد مسار الزمن وتؤكد التحجر في الزوايا المنسية من التاريخ. أتوقف هنا، مشكلة جيلي كله. تداخل العام والخاص، حتي في اللحظات الخاصة جدا والخطيرة في حياة الانسان، تحديقي إلي الفضاء ليس إلا سفرا في طريق غير مرئي، ايضا قراءتي لكتاب النفري والذي اطالعه باستمرار مع كتابين اخرين، الاول »الحكم العطائية« لابن عطاء الله السكندري. والثالث كتاب »الطاو« الصيني في ترجمته عن اللغة الصينية مباشرة التي قام بها محسن فرجاني الذي ترجم النصوص المقدسة للفكر الصيني ونشر جزء كبير منها في اخبار الادب، اول من لفت نظري إلي »الطاو« الاديب الكبير علاء الديب عندما ترجمه عن الانجليزية وعلاء الديب استحضره هذه الرحلة كثيرا فهو من انقي المبدعين واصفاهم نزاهة اخلاقية، لم نلتق منذ سنوات نتخاطب عبر الهاتف نادرا، ومع ذلك يحضرني علاء الديب اكثر من اخرين اراهم يوميا، كتاب »الطاو« يعني »الطريق«. ليست قراءتي في النصوص الفكرية نتاج التجارب الروحية العظمي في مسار الانسانية إلا محاولة إلاجابة علي اسئلة اعرف تماما انني لن اجد لها جوابا، كافة الاسئلة الكبري ستظل مطروحة، كل الاجوبة مستحيلة، العلوم تعمل علي التفاصيل، الرؤية الصوفية بمعناها العميق هي التي تهديء قلق الروح، والغريب انني في النصوص الكبري مثل »الفتوحات المكية « للشيخ الاكبر و»الانسان الكامل« للجيلي والتراث الصوفي الفارسي والتركي اجد تقاربا شديدا مع علوم الفيزياء الحديثة جدا، قيمة التساؤلات انها تبقي جميع الطرق إلي الاجوبة مفتوحة لعل وعسي. في اتجاه المحيط الساعة الثالثة ساعدني عملي في المرور علي وحدات السجاد الصغيرة في التعرف علي جزء كبير من مصر، ان ذاكرتي تفيض بالمشاهد والمواقف التي لم ادونها بعد، كان مشروع التعاون الانتاجي رائعا لو تم فقد كان يؤسس لنظام صناعي مواز للصناعات الكبري، يقوم علي تنمية الصناعات الصغيرة. وهذا ما بدأته الهند معنا، لكن في الهند لا تتغير الامور مع الاشخاص مثلنا، نهضة الهند الحديثة بدأت من الصناعات الصغيرة، التقليدي منها والحديث، لكن في مصر تمت تصفية القطاع العام بجميع قطاعاته، واعتبر القطاع التعاوني من الميراث الناصري الذي يجب التخلص منه، من قلعة الحديد والصلب إلي عمر افندي الذي انتهي بثمن بخس إلي مستثمر سعودي اسمه »القنبيط« بالصدفة اثناء عودتي من زيارة مولانا سيدنا الحسين، مررت بالفرع الرئيسي بشارع عبدالعزيز، وهالني التراب المتراكم عليه هذا المبني كان من الممكن ان يتحول الي مزار تماما مثل مقر لافاييت في باريس الذي يقصده الناس للفرجة إلي جانب الشراء. كان الطريق الثاني إلي قلب مصر وتعرفي عليها بعد عملي في الصحافة، السنوات التي عملت فيها كمراسل حربي، خاصة خروجي إلي الصحراء مع قوات الصاعقة ودوريات الاستطلاع، تتمركز الجيوش عند الاطراف، وتنتشر الوحدات في الاماكن الاستثنائية، ثمة معالم جغرافية مهمة لاتوجد علي الخرائط المعروفة، خاصة الصحراء سواء كانت غربية أو شرقية، خلال المهمات الصحفية أذهلني التنوع الخصب في ارض مصر، شساعة الارض وخلوه، ا عاش المصريون علي جانبي النهر متكدسين حول مصدر الحياة ومصدر الخطر ايضا »الفيضان قبل اكتمال السد العالي« وعندما بدأ توسع المصريين في اتجاه الصحراء نقلوا نفس الخبرة معهم. اضرب مثالا بمدينة نصر التي تم التخطيط لها في الستينيات، كان من الممكن ان تتسع شوارعها إلي الضعف حيث الخلاء، والمساحات الممتدة لكن فكرة التكدس والتقارب القروية تسربت إلي التخطيط، الان تعد مدينة نصر من ازحم المناطق، تكرر الامر في القاهرةالجديدة التي اعتبرها من أقبح المشاريع المعمارية التي تم تنفيذها في مصر رغم ان المشروع كله في ذروته قائم علي استعادة الماضي القديم في جانبه الارستقراطي. استلهام وتقليد القصور التي عاشت فيها الارستقراطية المصرية. لكن عندما يعيد التاريخ نفسه في غير اوانه يصبح ملهاة أو كوميديا، قصور القاهرةالجديدة متلاصقة متكدسة، ورغم التراث المعماري المصري الثري جدا، فمصر هي التي اخترعت فكرة البناء في مواجهة الفناء المستمر، رغم ذلك نجد ان مرجعية المناطق الجديدة المعمار الغربي، ولكم يثير سخريتي هذا القرميد الاحمر الذي يكسو الاسقف المحدبة فوق القصور المشيدة في مناطق صحراوية في الاص، ل هذه الاسقف في الغرب بسبب الامطار الكثيفة والثلوج المستمرة، تم نقلها بحذافيرها إلي بلد ايامه الممطرة معدودة، انها التبعية المعمارية الناتجة عن الجهل، نلاحظ ذلك في اطلاق اسماء المنتجعات العالمية علي بعض مناطق الاثرياء الجدد في مصر مثل »بيفرلي هيلز« أو »مونت كارلو« رأيت في القاهرة بيوتا مصممة علي هيئة البيت الابيض، بما يحوي حتي شرفة التصريحات الصحفية، أحدهم شيد المبني علي هيئة الكوليزيوم في روما، مكان صراع العبيد في العصر الروماني اجمل عمارة في القاهرةالجديدة تلك التي تخص الجامعة الامريكية، والتي استلهمت التراث القاهري العربي، انني ارشح عمارة الجامعة الامريكية لجائزة الاغاخان بلا جدال، المشكلة في اقتران الثراء بالجهل، ينتج هذا منطق العشوائية ثمة نوعان من العشوائية في مصر عشوائية الفقراء التي قامت علي الاراضي الزراعية القريبة من العاصمة وعشوائية الاثرياء الجدد في مناطقهم المحصنة. الثانية عشرة والربع اخيرا، تحلق الطائرة فوق الاسكندرية، الحد الفاصل بين البر والبحر اخرج من مصر مسافرا مرة إلي الشرق ومرة إلي الغرب، ومرة إلي الجنوب، في كل مرة اعرف موعد عودتي إلي منطلقي إلي القاهرة، في هذه المرة ما من يقين ، فقط الرجاء والدعاء الذي اردده. هذا الحد يعني لي بدء سفري عند الاتجاه غربا، ويعني الوصول عند العودة رغم انني اكون محلقا في الجو، لكنني اذ ألج هذه المسافة اشعر بالاطمئنان، انه فراغ الوطن انها ارض مصر، مرة اخري اقول ان الوطن ليس فكرة مجردة، اذا لم ينتم الانسان إلي مكان محدد وزمان بعينه، لا يمكنه الانتماء إلي المعاني الاكبر، سواء كانت فكرية أو كونية. بقدر الامكان ظللت التفت إلي الخلف بنظري عبر النافذة متشبثا بالشاطيء الذي راح يذوب في اللون الازرق، وهشاشة الغيوم، إلي ان تماهي كله مع بعض، الارض صارت بحرا والبحر صار برا والكل اندلج في الفضاء، لحظة بعد لحظة يتماهي كل شيء. يصبح المرئي الان مثل الذكري المستعادة مثل البحر الذي يلوح من بين فتحات الغيوم، اضطر إلي اتخاذ وضعي المعتاد في المقعد اسدل ستارة الطائرة، اتابع الحركة علي الشاشة، اقرأ اسماء الاماكن والمدن يهمني جدا معرفتي مكاني في الفضاء. في العالم، تتوافد عليَّ اللحظات المندثرة ، الوجوه، المشاعر، لا اعرف القوانين التي تحطم الذاكرة، لماذا تظهر هذه اللمحة دون الاخريات، ابدأ الاستعداد للمسافة، ابدأ تشغيل »الايبود« وهو جهاز صغير في حجم علبة السجائر، اصله بسماعة اهداها لي محمد ابني فألغي صوت محركات الطائرة، علي هذا الجهاز الصغير جزء من مكتبتي الموسيقية، ولتكوينها تفاصيل سوف اسردها في اليوميات. بدأت بالاستماع إلي تسجيلات نادرة لقصار السور من الشيخ مصطفي اسماعيل أعظم من قرأ القرآن الكريم مع الشيخ محمد رفعت، لماذا توقفت مصر عن تقديم الاصوات الجميلة التي كانت جزءا اساسيا من دورها الثقافي؟، لماذا راجت في فترة اصوات قراء شبه الجزيرة التي تخلو من الجمال، وتقرأ القرآن بحدة لا تبرز معانيه؟ الريف المصري مليء بالمواهب والاصوات الرائعة، وقد حاولت من خلال برنامج »علامات« في قناة النيل ان اركز علي مدرسة القراءة المصرية، في الاذاعة المصرية تسجيلات نادرة، لماذا لا تخرج إلي الناس من خلال صوت القاهرة، تلك الشركة التي يمكن ان تحدث ثورة ثقافية، لكنها خاملة ضعيفة، ماتزال اندر التسجيلات علي أشرطة كاسيت، لم يتم انتاجها علي سي دي، كل شيء في مصر يثير الشجون. علي الايبود ما يقرب من تسجيلات لاشهر من قرأ القرآن في مصر وتركيا وفارس معظمها من مكتبة صديقي العازف المطرب جميل الصوت والاداء أحمد جمال الدين، الموظف بمكتبة اسكندرية »العلاقات العامة« وهو من حفظة سيد درويش، والجزء الاخر من اسفاري بعد ان استمعت إلي الشيخ مصطفي اسماعيل، استدعيت تسجيلات نادرة للاذان التركي، اذان رائع من مقام صبا، احب المقامات إلي قلبي، اذان فيه لوعة المشتاق إلي السماوات العلي، إلي احتواء الكون والذوبان فيه، ثم استسلمت للموسيقي العربية من البشارف والسماعيات والعزف المنفرد، ايضا من الموسيقي التركية والايرانية، وعندما بلغت حد البر الاوروبي فوق هولندا عندما بدأ المحيط بحثت عن محمد عبدالوهاب الذي قررت ان اصغي اليه، في تسجيلات نادرة، واغان صار معظمها مجهولا للاجيال الجديدة، لم ارتو بعد من الموسيقي ولن.. اتمني ان تعمل حواسي كافة في نفس اللحظة في اتجاه التحصيل، كنت اقرأ بعد ان وضعت حقيبة اليد في مكانها المخصص، بعد ان اخرجت منها الكتب التي سترافقني في رحلة الطائرة، ثمة حقيبة كاملة ممتلئة بالكتب التي ستصحبني في تلك الرحلة التي ارجو ألا تطول فيها الغيبة، وضعت كتب الطائرة في حقيبة من القماش، اعرف لن اقرأ هذا كله، لكن وجود هذه الكتب قربي يمثل ونسة، الفة، بدأت بكتاب لا يفارقني في اي ترحال، المواقف والمخاطبات للنفري، تحقيق الدكتور جمال المرزوقي، طبعة الهيئة العامة للكتاب، في صحبتي حكم بن عطاء الله السكندري، وترجمة كتاب »الطاو« الصيني المجلد الثاني من الف ليلة طبعة كلكتا، الجزء الخامس من البحث عن الزمن المفقود لمارسيل بروست، نصحني استاذي نجيب محفوظ ان اقرأها مثل الشعر، اي مقطع صغير يوميا، وهذا ما انفذه منذ سنوات، وقد تبقي لي منها جزءان، بصحبتي ديوان الحماسة لابي تمام واعتبره من اجمل المختارات التي قرأتها، ورسائل الشيخ الاكبر محيي الدين بن عربي طبعة حيدر آباد وقد اعدت نشرها في سلسلة الذخائر والمجلد الاول من حرب الثلاثين عاما للاستاذ محمد حسنين هيكل، لقد صحبت الثلاثية كاملة حتي استعيد التاريخ الذي عاصرته من خارج منطقة صناعة القرار، استعيده من خلال العقل المفكر للنظام، والصحفي القدير الذي جمع من الوثائق ما لم يقدر عليه الاخرون، في الحقيبة الخفيفة واحد من اجمل ما قرأت من نثر عربي لشاعر عظيم »حضرة الغياب« لمحمود درويش وبالطبع الكتاب الذي لا يفارقني ابدا، القرآن الكريم، بدأت بالنفري وما بين ما اقرأه وما عشته حتي صباح اليوم وما ينتظرني تفرقت خلال اثنتي عشرة ساعة من الطيران إلي المحطة الاولي في سفري هذا. من ديوان النثر العربي قال ابو عبدالله النفري »توفي 453ه« وقال لي: انا القريب لا كقرب الشيء من الشيء، وانا البعيد لا كبعد الشيء من الشيء. وقال لي: القرب الذي تعرفه مسافة، والبعد الذي تعرفه مسافة، وانا القريب البعيد بلا مسافة. وقال ايضا: وقال لي: ما مني شيء أبعد من شيء، ولا مني شيء أقرب من شئ.