التعدي علي الطرق خاصة السريعة وطرق السفر أصبح ظاهرة لكنها ليست بجديدة فهي مسكوت عنها منذ عشرات السنين برغم ما تسببه من ضغط علي الطرق. وتغيير من طبيعتها. والغريب في الأمر أن هذه التعديات مخالفة للقانون ولكن يتم مدها بكل المرافق المطلوبة وبرغم أنها لا تعادل شيئا من الخسائر التي تتكبدها الدولة بعد أن تنشيء الطريق ثم لا يتحقق الغرض الذي أقامته من أجله! فإلي متي يتم ترك الآخرين يفسدون المشروعات العملاقة بأعمال غير واعية وإن كانت تفيد العشرات فهي تضر بالملايين, سواء بتعطيل زمن الرحلة أو فاقد وقت الناس وكفاءتهم في العمل, فضلا عن الفاقد في الاقتصاد القومي مما يؤثر بالسلب علي التنمية والسياحة والاستثمار؟ د. مجدي صلاح نور الدين استاذ هندسة الطرق والمرور بهندسة القاهرة يؤكد بداية أن هناك فوضي كبيرة في العلاقة بين تخطيط الطرق والمرور فالمفروض أن أي طريق يتم انشاؤه علي اساس الاستخدامات التي سوف توجد عليه, ففي الطريقين الصحراوي والزراعي مثلا هناك ما يسمي ب حرم الطريق, وهي مسافة من الأرض علي جانبي الطريق لا يقام عليها أية استخدامات وذلك لاحتمالات التوسعات المستقبلية أو اعمال صيانة الطريق للأكتاف وهي طبانة الطريق أو الجزء الجانبي غير المرصوف الموجود بجوار نهر الطريق الذي يضم الحارات الأسفلتية, فيجب حسب قوانين الدولة ألا يتم استخدام حرم الطريق, أو إقامة أي منشآت عليه. ويضيف أنه تم تخطيط الطريق الدائري من البداية بطول100 متر علي اساس ان يصل عرضه إلي24 مترا ليضم الاتجاهين والجزيرة الوسطي التي يبلغ عرضها8 أمتار, والتي كان مخططا لها أن يتم عليها اقامة وتسيير مترو كهربائي يحزم القاهرة, ويقدم خدمة عن طريق محطات علوية فوق الجزيرة يتم الصعود إليها بسلالم علي الجانبين, ولكن ما حدث هو زحف عمراني غريب فقد كان كل ما حول الطريق الدائري أراضي زراعية فقط, وخلال20 عاما, ودون اعتراض من أحد تحولت هذه الأراضي إلي عشوائيات انتشرت علي جانبي الطريق, ملاصقة في بعض الأحوال لحرم الطريق ونمو سكني عشوائي لم يخطط له وأصبح الطريق الدائري يعبره المشاة وعليه مواقف الميكروباصات وتم الغاء مشروع المترو الكهربائي برغم أن الدراسات أثبتت أن السيارة لا تنقل سوي1.6 فقط من الأفراد في الرحلة الواحدة, لذا يجب أن تكون الأولوية للنقل العام, لكن في الحقيقة أن ما يتم هو العكس. والطرق داخل المدن يضيف مثل طريق الأوتوستراد الذي يعني طريقا سريعا أنشيء في الأصل لحركة المرور الطوالي من حلوان حتي مصر الجديدة, فلا يعقل أنه بعد ان يتم تخطيط مثل هذا الطريق ان يتم السماح بإنشاء جميع أنواع المنشآت والمباني علي حدوده فنجد المعارض والمول التجاري والأبراج المتلاصقة والمستشفي و... إلخ فهذه صورة واضحة من صور التعدي بأن يتم السماح من قبل المحليات لبعض الجهات بأن تقوم باستخدام أراض غير مخطط لها هذه الأنواع من الخدمات, وتبني ملاصقة للطريق مما يؤدي إلي خلل في وظيفة الطريق, ويتحول من طريق سريع إلي محلي بل وعليه مشاكل انتشار السيارات! أما التعديات علي الشوارع داخل المدينة يوضح فيتمثل في أنه مع النمو الكبير لعدد السكان في شوارع كان تخطيطها من البداية لتستوعب عمارات لا يزيد ارتفاعها عن خمسة أدوار, وتم بناء أبراج شاهقة بدلا منها بدون أماكن لانتظار السيارات وتحولت المناطق السكنية إلي خليط من المباني السكنية والإدارية والتجارية والترفيهية وحركة المرور لمثل هذه المنشآت التي تختلف بالطبع عن المباني السكنية وكل هذا علي حساب التخطيط فلم تكن الشوارع مخططة لكل هذا فتحولت إلي جراج كبير خاصة بعد أن تحولت جراجات العمارات الي محلات ومقاه وفي جميع دول العالم يتم الفصل بين كل نوع من المباني حسب النشاط الذي يمارس فيها سواء كان سكنيا أو تجاريا أو.. من هنا تكون بداية الحل لمشكلة المرور في مصر بتفتيت الزحام مع انشاء جراجات تحت الأرض. كما يجب الرجوع إلي توصيات وكالة التنمية اليابانية الجايكا اليابانية بعد الدراسات التي قامت بها في مصر, وتوصلت إلي ان متوسط سرعة السيارات ستصل في2017 إلي11 كم/ساعة ولكنها الآن في2010 تصل إلي19 كم/ ساعة وهو ما يعني اننا اقتربنا منها, ولن ننتظر حتي.2017 ثغرة قانونية ويري د. أسامة عقيل أستاذ الطرق والمرور بهندسة عين شمس أن المشكلة الحقيقية تكمن في أن قانون الطرق يسمح لهيئة الطرق والكباري بالحق في وضع حرم للطريق لا يتم البناء عليه, لكنه يسمح باستغلاله لأغراض أخري مثل الزراعة أو جراجات أو وضع منشآت خفيفة مثل المظلات, وكل هذا يتم تحويله الي بناء وتعد علي الأرض وهذه ثغرة يجب الغاؤها, فالحرم يجب ألا يقل عن50 مترا علي الطرق السريعة و25 علي الطرق الأخري, والتعديات التي تحدث علي هذا الحرم احيانا تزيد لدرجة تغير من طبيعة الطريق وتتسبب في مشاكل وحوادث كثيرة, مثلما حدث في طريق الأسكندرية الزراعي الذي لم يعد طريقا سريعا ولايمكن توسعته وأصبح الأمر يستلزم إنشاء طريق آخر بتكلفة جديدة فضلا عن الاعتداء علي الأراضي الزراعية. أما طريق الأوتوستراد فكان عليه طريقا خدمة تم إلغاؤهما وفتح شوارع واقامة مبان وهيئات ومستشفي ومول ومحلات وجامعة واستاد.. وغيرها علي الطريق, شارعا عاديا ليس طريقا سريعا وهو ما يحدث الآن علي الطريق الدائري الذي أقيم عليه مول وماركت كبير ومحلات ضخمة وناد رياضي.. وهذا أكبر خطا يفسد الغرض الأساسي من الطريق السريع, ويضعف كفاءته ويقلل من السرعة والسيولة عليه.