أبكتنا والدة الشهيد محمد الجندي عندما تحدثت عنه في أحد البرامج مساء الأحد الماضي. كان ذلك قبل ساعات علي التأكد من وفاته بعد أن عجز الاطباء عن معالجة ما فعلته فيه كائنات لاترقي حتي الي مستوي الحيوانات المفترسة. فليس هناك ما هو أكثر ايلاما لقلب الأم من فقد الأبناء, فما بالنا حين يكون الابن مثل محمد الجندي نموذجا للشاب الناجح الخلوق والمناضل من اجل تحرير شعبه. ظل محمد في قلب الثورة منذ يومها الأول25 يناير.2011 وكان مشروع شهيد بشجاعته وإقدامه. ولكنه لم يلق الشهادة في الموجة الأولي للثورة التي ازاحت مبارك فنزلت بردا وسلاما علي شهدائها. ولذلك كان هناك ما يعزي امهاتهم حين يسمعن الأغنية التي اختارها بعضهن لتكون رنة لهواتفهن: قولوا لأمي ماتزعليش.. وحياتي عندك ماتعيطيش. فقد رحل أبناؤهن في ذروة الأمل في تحقيق العدالة الاجتماعية والحرية والكرامة, وكانوا واثقين في أنهم يهبون شعبهم حياة أفضل. ولذلك كان هناك ما يمكن قوله لأمهاتهم اللاتي ربما يكون حزنهن علي أبنائهن اليوم اضعاف ما شعرن به فور استشهادهم, بعد أن ضاع الأمل في تحقيق ما دفعوا ارواحهم من أجله أو كاد. ولكن ما الذي يمكن أن نقوله الآن لوالدة محمد الجندي وغيرها من أمهات شهداء الموجة الثالثة للثورة, وهل نستطيع أن نخفف حزنهن, وهل نقدر علي أن نستحلفهن بأبنائهن ألا يبكين بينما الالم يعتصر قلوبهن بسبب شعورهن بفقد الاحباء بلا جدوي أو نتيجة؟ وماذا نقول لوالدة الشهيد محمد حسين الشهير باسم كرستي الذي وصل به الاحباط الي حد جعل منتهي أمله هو أن تنظم له جنازة كويسة في ميدان التحرير مثل جيكا الذي سبقه الي الشهادة, وفقا لما كتبه في ورقة كانت في جيبه لحظة استشهاده! وهكذا تقزمت احلام الشباب بعد عامين تعرضت الثورة خلالهما لعملية احتواء منظمة اتاحت سلبها من اولئك الذين اندلعت من اجلهم. ومع ذلك, ورغم عجزنا عن أن ننظر في عيون أمهات شهدائنا اليوم, نقول لهن إننا لن يهدأ لنا بال حتي نحقق ما ضحي ابناؤهن بأرواحهم في سبيله. المزيد من أعمدة د. وحيد عبدالمجيد