لو مت يا أمي ما تبكيش ... راح أموت علشان بلدي تعيش ... افرحي يا مه وزفيني ... وفي يوم النصر افتكريني ... وإن طالت يا أمه السنين ... خلي إخواتي الصغيرين ... يكونوا زيي فدائيين بهذه الكلمات الرائعة التي كتبها الشاعر محمد حمزة؛ وغناها العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ تم افتتاح حفل تكريم شهداء ثورة 25 يناير بالهيئة العامة لقصور الثقافة؛ والذي يعد تكريما لكل أم مصرية؛ وكان هذا التكريم بمثابة شكر لأمهات الشهداء اللاتي استشهد أبناؤهن من أجل رفعة مصر؛ فقدمت هؤلاء الأمهات فلذات أكبادهن من أجل أن يستعيد هذا الوطن مكانته ودوره بين الأمم، ولذا أقامت الهيئة احتفالية كبري لتكريم المرأة المصرية؛ وبصورة خاصة تكريم أمهات الشهداء اللاتي قدمن أبناءهن وبناتهن لتصبح مصر وطنا حرا لكل الأفراد. تضمن الحفل الذي افتتحه الشاعر سعد عبد الرحمن رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة معرض مشاركة النساء في الثورة الذي يضم 24 لوحة عن أحداث ثورة 25 يناير، وقال الشاعر سعد عبد الرحمن: إن الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق، قال هذا البيت شاعر النيل حافظ إبراهيم، والشعر كما نعلم خيال، إلا أن هذا البيت يتضمن حقيقة من أنصع الحقائق، وأضاف: إن الأم في أي مجتمع هي المدرسة التي يتخرج منها الأحفاد والنوابغ والعباقرة فما بالكم إذا كانت هذه الأم مدرسة لتخريج الشهداء، الذين يبنون بدمائهم الزكية مستقبلا أرقي وأطهر وأفضل لهذا الوطن. وأضاف: كل عام نحتفل بدور المرأة المصرية في كثير من المجالات، ولكن هذا العام نحتفل بأم الشهيد هذه الأم التي قدمت أعز ما تملك من أجل مستقبل مصر، فأم الشهداء قدمت فلذة كبدها من أجل أن يستعيد هذا الوطن مكانته ودوره بين الأمم، فمصر بلد لا يليق إلا أن تكون دولة قوية؛ متقدمة، متحضرة، دولة الحكم فيها يكون حكما ديمقراطيا، هذا ما يليق بمستقبل مصر، الذي بدأنا أولي الخطوات نحوه، وهو طريق طويل لم ينته بعد، وأضاف: لابد أن نبذل الكثير من الجهد والعرق من أجل أن نقطف ثمرة هذه الثورة، وأن يكون لدينا الصبر والجَلد، لتحقيق ما يليق بمصر أم الدنيا. -الشهداء حركوا الشعب وقال أحمد زحام رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث: إن وراء كل عظيم امرأة، ووراء كل الثورات أم تدفع بأبنائها وبناتها لحماية الوطن، علينا ألا ننسي الخنساء التي ضحت بأولادها في سبيل إعلاء كلمة الله والوطن، واليوم نحن نحتفل ونكرم أمهات الشهداء والشهيدات الذين حركوا جموع الشعب فقاموا بثورة سلمية ستغير وجه التاريخ؛ وستنقل مصر لوضع أفضل في المراحل القادمة، فتحية لكل أمهات الشهداء اللاتي ضحين بأبنائهن في سبيل إعلاء شأن الوطن. - شهداء 25 يناير أما منيرة صبري مدير الإدارة العامة لثقافة المرأة فقالت: قومي يا أم الشهيد وانفضي غبار الحزن عن قلبك، وتوجي جبينك العالي بالأمل، لقد قدمت أجمل هدية للوطن، ولابد من طلوع فجر جديد تسطع فيه شمس الحرية، فقد قام الشباب والفتيات بثورة ينشدون منها التغيير من أجل مستقبل أفضل لمصر، دمهم لم يذهب سدي فبدمائهم عادت للمصري كرامته المهدرة في بلده، كانت بلادنا تسرق وشعبها عاجزاً عن حمايتها فخرج الشعب كله رجاله ونساؤه، لقد فجرت ثورة الشباب طاقة الشعب كله، خرج يبحث عن الدولة المدنية والمواطنة الكاملة لكل أطيافه من رجال ونساء، مسلمين ومسيحيين، لا فرق في الجنس أو اللون، أو العقيدة، ولذا لم نجد أمامنا فرصة لتكريم هؤلاء الشهداء والاحتفال بهم إلا من خلال الاحتفاء بالأمهات اللاتي قدمن هؤلاء الشهداء من شباب ثورة 25 يناير. - المكرمات وقام الشاعر سعد عبد الرحمن بتكريم أمهات الشهداء أحمد شريف محمد، أحمد صابر مصطفي، جرجس لمعي، سعيد أحمد الطوخي، سيد محمد السيد، سيف الله مصطفي، شريف شحاتة أحمد، صابر فاروق أحمد، عبدالفتاح أحمد عبدالفتاح، عرفة أحمد محمد، قطب عطية غانم، كمال سيد بركات، محمد أمين محمود، محمد عبد الوهاب، محمد سليمان، محمد مصطفي، مهاب علي، والشهيدة زكية عبد القاصد محمد. - التكريم جميل وقالت لنا أم الشهيد صابر فاروق محمد: التكريم جميل؛ وتعبير لنا عن أن أبناءنا لن ينساهم التاريخ؛ ويكفي أنهم في الجنة مع الأنبياء؛ لأن الشهداء في نفس المنزلة؛ وابني شهيد ضحي بدمه في سبيل وطنه؛ وكرامة أبناء هذا الوطن؛ وأضافت إن صابر كان كثير النزول للمشاركة في المظاهرات التي قامت ضد النظام السابق؛ وقد استشهد يوم جمعة الغضب يوم 28 بعد أن صدرت الأوامر بإطلاق النار علي المتظاهرين. وأضافت: كانت جثة ابني مفقودة وظللنا نبحث عنه لمدة43 يوماً في كل مكان مستشفيات، أقسام الشرطة وعثرنا عليه بالصدفة بعد أن أخبرنا أحد الجيران أن هناك أشخاصاً في مشرحة مستشفي سيد جلال لم يتم التعرف عليهم؛ وسيتم دفنهم خاصة أن تقارير النيابة عن هذه الجثث كانت تفيد بأنها مجهولة الهوية وبالتحديد صابر لأنه تم نقل اسمه بصورة غير صحيحة فلم نتعرف عليه لكننا أصررنا علي دخول المشرحة للتأكد من الجثة فوجدناها جثة الشهيد صابر. - سبع ساعات وبنظرة يملؤها الأسي والحزن علي شاب عرف بين أسرته بالطاعة والاحترام للكبير والعطف علي الصغير كما أنه كان نوارة البيت؛ وسبب فرحة الأسرة؛ بهذا الكلام بدأت أم الشهيد سعيد أحمد عبدالمطلب الطوخي الشاب المتزوج منذ عام والذي رزقه الله بمولود من فترة قريبة؛ وقالت إنه خرج إلي المظاهرات يوم 28 وأصيب بطلق ناري عندما وجد أحد الشباب مصابا وملقي علي الأرض في حالة إغماء شديدة فتقدم إليه ليحمله إلي مكان هادئ بعيدا عن المظاهرات حتي يقدم له الإسعافات اللازمة؛ ولكن القدر لم يمهله فأصابته طلقة نارية من رجال الشرطة؛ وتم نقله إلي أحد المستشفيات الخاصة لعمل عملية جراحية له ونزع الرصاصة؛ والعملية استغرقت سبع ساعات وكانت حالته صعبة وأصيب بنزيف حاد أثناء العملية والطبيب المعالج قال لي بعد انتهاء العملية: ادعي له، فعرفت وقتها أن ابني لن يعيش. وأضافت: من المواقف التي أذكرها له أنه كان دائما يقول لي: يا ماما أنا بكره هأبقي حاجة كبيرة قوي؛ والناس كلها هتتكلم عني؛ كنت أضحك وأقول له يا واد اسكت؛ هتبقي حاجة كبيرة إزاي وانت معاك دبلوم ؛ كان يقولي: بكره هتشوفي؛ وأضافت: الحمد لله إنه حاليا كل الناس بتتكلم عنه كلام كويس بعد أن كتب له الموت شهيداً. - لا تضيعوا دماءهم وقالت أم الشهيد شريف علي عبدالجواد: شيء جميل إن الدولة تتذكر الشهداء وأنا سعيدة بهذا التكريم لأن الناس افتكروه هو والشهداء الذين ضحوا بدمائهم من أجل مصر وأتمني أن تصبح مصر دولة متقدمة حتي لا تضيع دماؤهم الطاهرة هدرا؛ وأضافت: يوم استشهاده قبل نزوله للمظاهرات قال لي يا ماما ادعي إننا نقدر نعمل حاجة للبلد حتي نطهرها من الفساد الموجود فيها فقلت له ربنا معاك وينصرك إنت وشباب مصر وعند منتصف الليل جاءنا خبر استشهاده ومن وقتها وكلامه يرن في أذني حتي هذه اللحظة. - من الحور العين ابني هيتجوز من الحور العين في الجنة بهذه الكلمة بدأت أم الشهيد كمال سيد بركات حديثها وقالت: ابني كنا مجهزين له الشبكة وكان هيعقد قرانه في شهر أبريل الجاري لكن استشهاده كان أسرع من أي شيء؛ والتكريم لن يعوضنا عنهم لكن إحساسنا إنهم مش منسيين؛ وإن استشهادهم في سبيل الوطن خير تعويض لنا عن فقدانهم؛ ولذا لا نقول غير: ربنا يرحمهم. - حياة أفضل لأبنائنا أما الشهيد قطب عطية غانم السيد والذي حضرت زوجته بدلا من الأم التي لم تتمكن من الحضور؛ وقالت لنا زوجته: إن هذا الاحتفال جاء بمثابة التعويض لنا بعد أن فقدنا الشهيد لكن الهدف الذي استشهد من أجله جعلنا جميعا مرفوعي الرأس فالشعور بالعزة والكرامة شيء جميل يحتاج إلي أن نبذل في سبيله الدماء الزكية وكلنا نتمني أن يعيش أبناؤنا حياة أفضل من الحياة التي عشناها؛ لأن الأبناء هم كانوا أكثر شيء سبب له القلق والضيق خوفا علي مستقبلهم؛ لكن في الوقت الحالي بالتأكيد القادم أفضل؛ ومستقبل أبنائنا هيكون أفضل ونأمل ألا يتكرر ماحدث مرة أخري. واختتم الحفل بتقديم فقرة غنائية قدمتها الفرقة المصرية للموسيقي العربية بقيادة المايسترو فاروق البابلي وتضمنت مجموعة من الأغاني منها ''يا أحلي اسم في الوجود، يا حبيبتي يامصر، أم البطل؛ مصر التي في خاطري؛ ياحبايب مصر''.