محافظ الإسماعيلية يستقبل الأمين العام المساعد للبحوث الإسلامية    رئيس محكمة النقض يَستقبل المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب    قنا تتصدى للتعديات بإزالة 333 حالة ضمن «الموجة ال27»    محافظ الغربية يتفقد كوبري عزبة حمد وتطوير الكورنيش.. ويوجه بسرعة استكمال الأعمال الجارية    رئيس جامعة بنها لخريجي كلية الزراعة: أنتم حملة راية الأمن الغذائي ورواد التنمية في المجتمع    لا نية لإرسال وفد للتفاوض.. نتنياهو يقرر عدم الرد على مقترح غزة    وزيرا خارجية أمريكا وتركمانستان يبحثان تعزيز الأمن الإقليمي    الكرملين: بوتين يطلع أردوغان بنتائج قمة ألاسكا    رئيس مرسيليا: تصرف رابيو "عدواني وبالغ الخطورة"    إحالة العاملين في مركزي شباب ترسا وبرشوم الصغرى بالقليوبية للتحقيق    أسطورة نيوكاسل يفتح النار على إيزاك    اضطراب ملاحة وأمطار رعدية.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس غدًا    مصرع عامل سقط عليه عمود إنارة في قنا    السكة الحديد: تسيير القطار السادس لتسهيل العودة الطوعية للأشقاء السودانيين    جوجل تضيف المزيد من وظائف الذكاء الاصطناعي إلى هواتف بيكسل 10    خطة جديدة للترويج السياحي لمحافظة الإسكندرية والاستفادة من الساحل الشمالي    الإفتاء في عام: أكثر من 100 مشاركة محلية ودولية بين المؤتمرات وورش العمل    زواج بعد الستين حياة جديدة مليئة بالونس    هنا الزاهد تخطف الأنظار بإطلالتها.. ما سر ارتدائها اللون الذهبي؟    جددي في مطبخك.. طريقة تحضير فطائر اللحم    وزير الصحة يتفقد مشروع إنشاء مستشفى التأمين الصحي بالعاصمة الإدارية 2    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    شروط الالتحاق بأقسام آداب القاهرة للطلاب المستجدين 2025 (انتساب موجه)    إنريكي يضع شرطا لتعاقد باريس سان جيرمان مع صفقات جديدة    موجة حارة جديدة.. تحذير من طقس الأيام المقبلة    وفاة ابن شقيقة المطرب السعودي رابح صقر    صورة- عمرو دياب مع منة القيعي وزوجها على البحر    عانى من كسرين في القدم.. تفاصيل جراحة مروان حمدي وموعد عودته للمباريات    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الاكتئاب والفتور في العبادة (فيديو)    طلقها وبعد 4 أشهر تريد العودة لزوجها فكيف تكون الرجعة؟.. أمين الفتوى يوضح    المنشاوي يهنئ طلاب جامعة أسيوط بحصد 9 جوائز في مهرجان الطرب للموسيقى والغناء    مناقشات وورش حكي بالغربية ضمن فعاليات المبادرة الصيفية "ارسم بسمة"    في يومه العالمي- متى تسبب لدغات البعوض الوفاة؟    بالأرقام.. الخارجية تعلن بيانًا إحصائيًا حول الجهود الإنسانية المصرية في قطاع غزة    وكيل تعليم الغربية: خطة لنشر الوعي بنظام البكالوريا المصرية ومقارنته بالثانوية العامة    الأوقاف تعقد 681 ندوة بعنوان "حفظ الجوارح عن المعاصى والمخالفات"    بيع مؤسسي يضغط سوق المال.. والصفقات تنقذ السيولة    «كولومبوس كرو كان أولويتي».. وسام أبوعلي يكشف كواليس رحيله عن الأهلي    «يتحمل المسؤولية».. نجم ليفربول يتغنى ب محمد صلاح    البيئة تناقش آليات تعزيز صمود المجتمعات الريفية أمام التغيرات المناخية بقنا    مدبولي لقادة الدول: حان الوقت لاتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة لردع العدوان الإسرائيلي والاعتراف بالدولة الفلسطينية    حملة موسعة على منشآت الرعاية الأولية في المنوفية    تحرير 7 محاضر لمحلات جزارة ودواجن بمدينة مرسى مطروح    إزالة 19 حالة تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة في المنيا    محافظ الإسماعيلية يتفقد عددا من القطاعات الخدمية ويستمع للمواطنين بمركز أمراض الكلى    تعرف على مواجهات الزمالك في دوري الكرة النسائية للموسم الجديد    عمر طاهر على شاشة التليفزيون المصري قريبا    ضبط المتهمين بالتنقيب عن الآثار داخل عقار بالخليفة    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    كاتب فلسطينى: مقترح مصر ضرورى لوقف الحرب على غزة وإنقاذ شعبنا    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الأربعاء 20 اغسطس 2025 بمحافظة بورسعيد    توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين اقتصادية قناة السويس وحكومة طوكيو في مجال الهيدروجين الأخضر    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    الاحتلال الإسرائيلي يقتل نجم كرة السلة الفلسطينى محمد شعلان أثناء محاولته الحصول على المساعدات    ترامب: رئيس البنك المركزي يضر بقطاع الإسكان وعليه خفض أسعار الفائدة    إدانة أممية: إسرائيل تقوّض العمل الإنساني وتقتل 181 إغاثيًا في غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشعوب وكراهية امريكا
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 01 - 2013

زرت الولايات المتحدة منذ1985 نحو اربعين مرة... وغطت هذه الزيارات نحو نصف الولايات المتحدة كما غطت معظم الجهات. وطالما فكرت مليا في احد الاسئلة التي مااكثر ماسمعتها في حياتي وهي: لماذا يكره كثيرون حول العالم الولايات المتحدة ؟.. و كنت اسمع هذا السؤال وبعقلي العديد من علامات الاستفهام. فمعظم الشباب في اكثر المجتمعات بغضا للولايات المتحدة يحلمون بالهجرة لها ولان يصبحوا امريكيين! ودقائق من الحوار مع هؤلاء الكارهين لامريكا تثبت ان معظمهم شديد الاعجاب بكل من الحلم الامريكي والحريات العامة في الولايات المتحدة وخضوع الكل للدستور والقوانين, وايضا ب قيمة المواطن الامريكي كإنسان.. كانت كل هذه الاعتبارات تمر امام عيني عندما اسمع عبارات الكراهية والبغض للولايات المتحدة من الكثيرين في شتي بقاع العالم ومن اشخاص يمثلون جميع الاطياف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والمعرفية والثقافية..
و كنت ايضا اذكر نفسي بأمرين.. الاول هو ذلك البعد من ابعاد الطبيعة البشرية الذي يجعل الادني يبالغ في انتقاده الاكثر تقدما وثراء.. والثاني ذلك الرصيد من البغض اليساري لامريكا.. وجدير بي انا بالتحديد ان اعرف طبيعة وخامة ومصادر واهداف هذا البغض اليساري انا الذي كانت اول مؤلفاته هي ثلاثة كتب عن الماركسية! والحق اقول, ان شيئا من كل ماذكرت لم ينجح في حضي علي ان اشارك هؤلاء الكارهين للولايات المتحدة مشاعرهم, فأكرهها كما هم يفعلون, اذ ان من العسير علي الا اري اوجه التفوق الامريكي في عشرات المجالات او اتجاهل العناصر التي تجعل جل من يكرهون امريكا ي يحلمون بالهجرة لها وبأن يصيروا هم انفسهم من مواطني الولايات المتحدة.. كما انه من العسير علي رجل يعرف دقائق تقنيات علوم الادارة الحديثة الا يكون معجبا بآليات عمل وابداع وتفوق الكيانات الاقتصادية الامريكية او الا يكون معجبا بما تحدثه الجامعات الامريكية من ارتقاء للعلم ولحياة البشر.. ومع ذلك, فأنني لااستطيع ان انكر وجود والحاح وقوة السؤال المهم: لماذا تحظي الولايات المتحدة بكل هذا الكم من الكراهية تقريبا من معظم البشرية! وخلال سنوات العقد الاخير بدأ( فيما اظن) السبب الحقيقي لهذه الكراهية يظهر امامي بوضوح.. فأتتبعه واتأمله وافحصه, فيزداد يقيني بأنه هو بالفعل السبب الحقيقي لهذه الكراهية, وان كان احد لم يعبر عنه بالوضوح الذي امل ان انجح في توفيره في هذا المقال.
استطيع اليوم وبعد الخلفية التي صورتها في القسم الاول من هذا المقال ان الخص علة كراهية مليارات البشر للولايات المتحدة الامريكية في عجز قيادات المجتمع الامريكي عن اعتبار قيم المجتمع الامريكي جزءآ متكاملا عضويا من المصالح الامريكية فالولايات المتحدة التي تخدم سياساتها الخارجية المصالح الامريكية لم تدرك منذ صارت الولايات المتحدة الامريكية اكبر قوة علي سطح الارض عشية استسلام اليابان في اغسطس1945 قيم المجتمع الامريكية وقد ساعد علي استفحال هذا الفصام بين القيم الامريكية كل من العوامل التالية: البرجماتية( الطبيعة والروح العملية البحتة) التي يتسم بها العقل الامريكي, وافتقار العقل الامريكي النسبي للحس التاريخي وللحس الثقافي لاسباب تاريخية وجغرافية لاتحتاج لتوضيح فضلا عن غلبة الدافع المالي علي الثقافة الامريكية.
لكن وكما قال فولتير فإن الحماقة تظل حماقة و لو كررها الف الف انسان! وقد كانت حماقة السياسية والساسة الامريكيين منذ اغسطس1945 ان احدا لم يقف ويصيح: ياسادة! قيمنا هي اهم مصالحنا.. والانفصام الكائن بين قيم المجتمع الامريكي ومصلحة ليس هو مصدر هذه الكراهية فقط بل وسيجلب علي الولايات المتحدة الأمريكية من المضار ماسيضر ابلغ الضرر بمصالحها بالمعني الضيق الذي لايفهم الساسة الامريكيون حتي اليوم غيره! فكيف نفسر لاي انسان علاقة الادارات الامريكية لسنوات مع حكام جمهوريات الموز في امريكا اللاتينية؟ وكيف نفسر لاي عاقل الصمت الامريكي المخزي تجاه انتهاكات حقوق الانسان وحقوق المرأة و حقوق الاقليات في المجتمعات الحليفة للادارات الامريكية؟ وكيف نفس لاي انسان معرفة الادارات الامريكية بقصص فساد مرعبة لشركاء لها حول العالم, وصمت هذه الادارات لعقود عن هذه الحالات المذهلة من الفساد؟ وهل مما يتسق مع القيم الامريكية التحالف التكتيكي منذ اكثر قليلا من ثلاثين سنة مع اسامة بن لادن لمحاربة الاتحاد السوفيتي في افغانستان ؟ وهل مماتجيزه الانساق القيمية للمجتمع الامريكي مساعدة نظم ثيوقراطية شرق اوسطية مناهضة لكل قيم الحداثة للوصول للحكم في بلدان مثل تونس ومصر ؟..
بأختصار: كيف نبرر لمليارات البشر ان امريكا ترضي لشعوب غير امريكية بما لاتقبل1% منه لمواطنيها ؟ من هنا تنبع الكراهية التي هي بالقطع مبررة. والغريب ان الدوائر السياسية الامريكية لاتري هذه الهوة بين مايقبل في الخارج ولايمكن قبوله في الداخل, وانها لاتري ان هذا يفرز موجات عاتية من الكراهية للولايات المتحدة, وانها لاتري ان قيم المجتمع الامريكي يجب ان تكون ركن الاساس للمصالح والسياسات الامريكية, وان اخراج قيم المجتمع الامريكي من قائمة المصالح لامريكية سيجلب مضارا هائلة وخسائر بالغة الجسامة للمجتمع الامريكي.
المزيد من مقالات د. طارق حجى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.