جاء قرار مجلس الشعب بتوجيه عقوبة اللوم علي نائب الحزب الوطني نشأت القصاص صادما للرأي العام لمطالبته الشرطة بإطلاق النار علي المتظاهرين بدلا من تفريقهم بخراطيم المياه, الأمر الذي يعني استهتاره بالحريات العامة التي كفلها الدستور والقانون, وسقطة لا يجوز أن تصدر عن نائب وثق به الشعب لحماية حرياته وحقوقه, مما أساء للبرلمان باعتبار أن النائب بحكم موقعه يجب أن يكون أول المدافعين عن الحقوق والحريات, واكتفي مجلس الشعب بالموافقة علي اقتراح نواب الأغلبية بتوقيع عقوبة اللوم دون احالته الي لجنة القيم أو توقيع أي عقوبة أشد, بعد أن قرأ الدكتور فتحي سرور رسالة الاعتذار التي تقدم بها النائب القصاص وقدم فيها اعتذاره للمجلس وللشعب عما بدر منه من ألفاظ, قائلا: إن الأمر كان فلتة لسان جاءت في لحظة انفعال وأنه شعر بالخطأ الذي ارتكبه وأثر عليه سلبا وعلي الحزب الذي ينتمي إليه, وقال القصاص في اعتذاره للمجلس الموقر, إن ما حدث لن يتكرر مرة أخري. واعترض نواب الاخوان والمستقلين والمعارضة علي قصر العقوبة علي اللوم, وقال النائب علاء عبدالمنعم اننا لم نعرف بأمر هذا الاعتذار إلا الآن, فكيف وقع نواب الحزب الوطني علي طلب لرئيس المجلس بعقوبة اللوم بعد الاعتذار, فمتي استمعوا لهذا الاعتذار حتي يطالبوا بعقوبة اللوم فقط. وقال النائب حسين إبراهيم إن حالة القصاص هي حالة عرض لمرض وتساءل ما الذي يجعل نائبا يطالب بإعدام المصريين المتظاهرين وضربهم بالرصاص, وقال إن نواب المعارضة اتشتموا كثيرا ووصل الحال الي سب الدين والمجلس لم يأخذ موقفا, وتساءل من الذي حرض القصاص علي أن يطالب بإعدام المتظاهرين؟ وقال إن قيادات الحزب الوطني كانوا يستخدمون القصاص وغيره لشتم نواب المعارضة في اللجان, وقال علاء عبدالمنعم إن المجلس يكيل بمكيالين وهناك ازدواجية في تطبيق المعايير وطالب بإحالة النائب الي لجنة القيم لتجاوزه حدود الدستور والقانون. وتدخل المهندس أحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة وأمين التنظيم بالحزب الوطني لتهدئة الأجواء المشحونة, مقدما اعتذاره للمجلس وللنواب والشعب المصري كله عما بدر من نشأت القصاص من كلمات, وقال عز بعد أن استمعنا الي الاعتذار الواضح من النائب القصاص, وأنا أعلن انضمامي إليه في هذا الاعتذار, وأضاف عز قائلا: اعتذر واعتذر عما بدر من القصاص والعبارات التي قالها النائب حتي وان كان قد قصد من ورائها الحفاظ علي النظام العام وعدم الخروج عن القانون والشرعية, هي عبارات غير مقبولة ومرفوضة تماما, وكرر المهندس عز أنا اعتذر للمجلس وللنواب وللشعب كله عما بدر من النائب في زلة لسان. وقال الدكتور سرور لتهدئة نواب المعارضة, ان عقوبة اللوم عقوبة قاسية جدا, وهي عندي أشد من عقوبة الحرمان من الجلسات, والمجلس وافق علي قرار الأغلبية بتوقيع عقوبة اللوم. والذي أود أن أقوله إن كلام النائب الذي قاله في لجنة الدفاع والأمن القومي واستمعت اللجنة التشريعية لشريطه المسجل يعتبر سقطة لا يجوز أن تصدر عن نائب وثق به الشعب لحماية حرياته وحقوقه وهو ما أساء للبرلمان وللحزب الذي ينتمي إليه, لان النائب بحكم موقعه يجب أن يكون أول المدافعين عن الحقوق والحريات وليس من المطالبين بإطلاق الرصاص علي المتظاهرين بمقولة خروجهم عن القانون وتهديدهم سلام الوطن, وما قاله النائب ينبيء عن عدم احترامه للدستور والقانون. ويكفي ما قاله الدكتور فتحي سرور في اجتماع اللجنة التشريعية وبعد استماعه للشريط المسجل بصوت النائب: ان القصاص ضرب في الكلوب بالنسبة للقانون وأكد أن حديث النائب عن ضرب الرصاص مرفوض مرفوض, لأنه لا يتحدث عن كلاب يطالب بإعدامهم, ويكفي أن الدكتور زكريا عزمي طالب اللجنة التشريعية بإصدار بيان شديد لادانة هذا التصرف, وأكد أن الهيئة البرلمانية للحزب تدين تصرف القصاص وتؤكد حرية التظاهر السلمي, وقال إن هيئة مكتب الحزب الوطني تنتظر قرار المجلس, ووصف كلام القصاص بالخطأ الكبير في حق نفسه وفي حق البرلمان وفي حق الشعب, فكيف يطلب القصاص اعدام المتظاهرين!. وجاء ذلك في الوقت الذي أطلق فيه النائب الوفدي طاهر حزين تحذيرات شديدة اللهجة الي نواب المعارضة والاخوان والمستقلين من خطورة توقيع عقوبة علي القصاص, قائلا: احذروا أن يجركم الحزب الوطني الي وضع سوابق برلمانية ووضع قاعدة مخالفة الدستور, خاصة أن المادة98 من الدستور تعطي للنائب الحق في أن يقول ما يشاء دون قيد أو شرط تحت القبة, وقال أخشي أن يجركم الحزب الوطني لاتخاذ هذا الموقف من القصاص, وهذه القاعدة المخالفة سوف تطبق علي نواب المعارضة أولا, ونفي الدكتور زكريا عزمي ما أثاره النائب طاهر حزين من أن هذه الإدانة خطة من الحزب الوطني لرجرجة المعارضة والتضييق عليهم. ورفض الدكتور سرور: بشدة ما أثاره طاهر حزين أمام اللجنة التشريعية, وقال الدكتور سرور أرفض اتهام اللجنة التشريعية بسوء النية: إننا لم نحاسب أي نائب عن آرائه تحت القبة واذا فعلنا ذلك تكون مصيبة, وقال موجها كلامه لطاهر حزين: لا نريد بطولات ونحن حريصون علي احترام الدستور والقانون, ورئيس المجلس يعلم حقوق وواجبات الأعضاء وكيف يحمي نوابه, لكن القصاص حنث بالقسم الذي أقسم عليه قبل أداء واجباته البرلمانية, وقال إن المادة98 من الدستور ليست مطلقة وان ما طالب به القصاص بإعدام المتظاهرين مخالف للدستور والقانون. وكان السيد صفوت الشريف الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي والسيد جمال مبارك أمين السياسات قد أكدا أن ما صدر عن النائب نشأت القصاص عضو مجلس الشعب منسوب الي شخصه ولا يعبر عن الهيئة البرلمانية للحزب, وأكد أن الحزب موقفه واضح في رفض ما صدر عنه. والسؤال الآن بعد أن صدر قرار مجلس الشعب بتوجيه اللوم لنائب الحزب الوطني, ما هو موقف الحزب من نائبه, وهل ستتخذ ضده جزاءات حزبية نتيجة ما أشاعه من ردود فعل عنيفة في الرأي العام علي التصريحات التي صدرت عنه دون وعي أو حسب قوله واعتذاره بأنها كانت زلة لسان.