ليس من شك في أن الثورة التي أعنيها هي ثورة25 يناير التي فجرها الشباب, ثم انضمت إليهم فئات الشعب المختلفة,.. فأصبحت ثورة الشعب المصري.. أما الانتليجنسيا فهي طبقة المثقفين من الشباب الذين يجب أن يعبروا عن هذه الثورة وألا يتركوا المكان خاليا, مما يدفع الأجيال الأخري( من كبار السن) الي تبني مقولات ثورة25 يناير و يظن بعضهم وهنا بعض الظن اثم انهم فجروا هذه الثورة وهم الآباء المؤسسون لها.. وهذا غير صحيح! فلايمكن مثلا أن أقرأ لمحمود سامي البارودي الذي كان يلقب برب السيف والقلم, لأعرف أجواء ثورة25 يناير, والسبب أن أجواء هذه الثورة لم تكن معروفة عند هذا العملاق. وإنما يمكن أن أفهم أجواء الثورة العرابية.. ومايحز في نفسي أن بعض الكتاب العجائز يحاول أن يلصق نفسه في ثورة الشباب الي حد أن بعضهم يعتبر نفسه مفجر هذه الثورة أو علي الأقل مبشرا بها. وعلي الرغم من أن الاعلام الغربي يري أن ثورة25 يناير هي امتداد لثورة يوليو, والضباط الأحرار وثورة19 وثورة عرابي فإنني لا أستطيع أن أعتبر أن من كتب يمجد في ثورة يوليو هو نفسه لسان حال ثورة الشباب في25 يناير.. فقناعتي أن لهذه الثورات مبدعيها وشعراءها وروائييها ومسرحييها. ومن أبدع في عصر ثورة52, ومجد قائدها لايمكن اعتباره مفجر ثورة25 يناير ولايمكن اعتبار أدبه وإبداعه معبرا عن هذه الثورة. لقد كنا نقرأ لبعضهم وهم يمدحون أحد وزراء الثقافة في العهد البائد.. فكيف تريدني أن أقرأ كتاباته الأدبية ظانا أنها تعبر عن ثورة25 يناير التي قلبت الأوضاع في مصر, وأطاحت بالنظام ورأسه وأخرجته عنوة من قصر الرئاسة ووضعته وراء القضبان؟ ما أريد قوله أن بعض هؤلاء الأدباء كانوا يسخرون من الشباب ويقولون إنهم لايجيدون شيئا في حياتهم سوي اللعب بالإلكترونيات. وذهب أحدهم الي القول إنهم لايقرأون ولايستحقون العيش وأنهم لارؤية لهم.. في الحاضر أو المستقبل.. ثم فوجيء هؤلاء الكتاب بأن هؤلاء الشباب أكثر شجاعة من العجائز وحققوا مالم يستطعه كبار السن الذين جبنوا عن المواجهة, وأقصي أحلامهم أن يعدل رأس النظام( السابق) معادلاته في الحكم: أما أن تحدث ثورة وأن يقودها هذا الشباب اللعوب.. فهيهات أن يحدث ذلك..! أما وقد حدث فأرجو أن تعتقد أنهم في حاجة الي من يعبر عنهم أدبيا وإبداعيا, لأن العجائز لايعبرون عنهم, لقد سيطر هؤلاء العجائز علي المشهد الثقافي في العصور الغابرة وحديثهم عن ثورة الشباب في25 يناير يؤكد أنهم انتهازيون ويريدون النزول من فوق المشهد.. كما أنهم بحكم السن لايعبرون عن هذه الثورة.. ويكفي أن يعترفوا بأنهم آباء لهؤلاء الشباب وأن إبداعهم لايعبر عنهم, وأن كان يتعاطف معهم فقط لأنهم أرادوا أن يغيروا وجه مصر.. وقد كان, أما أن يدخل الكبار في جلابيب الصغار فهذه انتهازية كما ستفقد هؤلاء المصداقية فيما يكتبون أو يبدعون. وبالتالي فكتاباتهم لاتعبر بأي حال عن هؤلاء الشباب أو عن ثورتهم الميمونة. ومن ثم فهذا الجيل مثلما صنع ثورة كانت تعز علي الآباء فهو قادر علي أن يخرج من صفوفه من يتكلم ابداعيا بلسان حاله..وعلي وسائل الإعلام مقروءة ومسموعة ومرئية أن تفسح المجال أمام المبدعين من الشباب وأن تكف عن إفراد الصفحات تلو الصفحات للمبدعين الكبار الذين أكل الزمن عليهم وشرب.. فالعقاد وطه حسين وتوفيق الحكيم ويحيي حقي كانوا من أجيال سابق وليس من شك في أنهم قاموا برسالتهم الإبداعية والتنويرية علي أكمل وجه, لكن لايمكن أن يعبروا في كل كتاباتهم عن ثورة25 يناير لأنهم ببساطة لم يعيشوها. لكن الشعب الذي أخرج هؤلاء.. لقادر علي أن ينجب آخرين في شتي فروع الإبداع.. ومن ثم فشعراء ثورة52 يناير ليسوا هم شعراء الماضي وإنماهم شعراء جدد لابد من إفساح المجال أمامهم وكذلك المسرحيون والروائيون.. وكتاب القصة. بمعني آخر أن هذه الثورة العظيمة لم يعبر عنها بشكل جيد, حتي الآن, ولم يعد يكفي أن نقول إننا في حاجة الي سنوات وسنوات كي نفهم ماحدث ونستوعبه ونعبر عنه.. فهذا إفك وتضليل. نحن بحاجة ياقوم الي جيل من المبدعين الشباب لكي نقرأ في كتاباتهم عن ثورة25 يناير.. تلك الثورة العظيمة التي يجب أن تظل مستمرة وأن يكف أ دباء الماضي عن الالتصاق بها وادعاء ماليس فيهم.. لأن هذا تضليل لايقبل به أحد!! باختصار خير لأدباء الماضي أن يلعبوا دور الآباء لهذا الجيل, وأن يفخروا بأنهم أنجبوا هذا الشباب الذي شرب عنهم ضمن ماشرب الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وهم علي استعداد أن يضحوا بحيواتهم في سبيل هذه المبادئ. أما ادعاء بأنهم مفجرو هذه الثورة فلن يصدقهم أحد وسوف يصمون أنفسهم بالإنتهازية.. وهم منها براء.. فليس يعقل أن من أصل رأس النظام السابق ومن اعتلي المناصب التنفيذية في عهده هم أنفسهم من ثاروا ابداعيا عليه وعلي أركان نظامه باختصار نحن في انتظار الآباء الشرعيين ابداعيا لثورة25 يناير. المزيد من مقالات د. سعيد اللاوندي