جامعة المنصورة تستقبل طلاب المرحلة الأولى 2025 بمعامل التنسيق الإلكتروني (صور)    حزب الجيل يختتم دعايته ل انتخابات مجلس الشيوخ بمؤتمر في المنصورة    وزير التموين يبحث مع جهاز تنمية المشروعات تطوير منافذ تجارة التجزئة    سامية سامي: زيادة أجور المرشدين السياحيين تقديرًا لدورهم وتحسين أوضاعهم    أطباء السودان: الجوع يقتل 13 طفلا بمعسكر لقاوة للنازحين بدارفور    الجيش الاردني يعلن عن تنفيذ إنزالين جويين ل 15 طن من المساعدات الإغاثية على قطاع عزة بمشاركة دولة الإمارات    «العد التنازلي بدأ في جبال الألب».. أمريكا وبريطانيا يجهزان بديلًا ل زيلينسكي    النصر السعودي يضم البرتغالي جواز فيليكس رسميا    ضبط عاطلين ألقيا مياه صرف صحي في ترعة بالشرقية    مسعود شومان بعد الفوز بجائزة التفوق بالآداب: هذا التتويج ثمرة لجهد سنوات من العمل والعطاء    بعد غياب مصطفى كامل.. إقبال ضعيف على انتخابات التجديد النصفي ل «المهن الموسيقية» (صور)    تامر حسني vs عمرو دياب.. المنافسة تشتد بين نجوم الغناء على صدارة أنغامي وسبوتيفاي    طريقة عمل البرجر البيتي بمكونات بسيطة وآمنة وأحلى من الجاهز    «اللي بيناموا كتير».. الإفراط في النوم قد يزيد من خطر وفاتك (دراسة)    محافظ بني سويف ورئيس البورصة يفتتحان فعاليات النسخة 13 لمؤتمر "البورصة للتنمية"    المياه أغرقت الشوارع.. كسر في خط مياه رئيسي بالدقهلية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025    أكرم القصاص: جهود مصر لإغاثة غزة تواجه حملة تشويه رغم نجاحاتها الدولية    الطب البيطري بسوهاج يتفقد مجزر البلينا للتأكد من سلامة وجودة اللحوم المذبوحة    كسر فى خط مياه بمدينة المنصورة يغرق الشوارع وفصل الكهرباء عن المنطقة.. صور    هيئة الإسعاف: نقل 30368 طفلا مبتسرا بشكل آمن النصف الأول من العام الحالي    رئيس هيئة الرقابة الصحية يستقبل ممثلى "منظمة دعم أداء النظم الصحية والابتكار    بالفيديو.. الأرصاد تكشف موعد انكسار موجة الطقس الحارة    الداخلية تكشف ملابسات مقطع فيديو الاعتداء على بائع متجول في الجيزة    حبس 3 أشخاص في واقعة العثور علي جثه طفل داخل شرفه عقار بالإسكندرية    مقتل وإصابة خمسة أشخاص في إطلاق نار بولاية نيفادا الأمريكية    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في باكستان إلى 281 قتيلًا    واجب وطني.. محافظ بورسعيد يناشد المواطنين المشاركة بانتخابات مجلس الشيوخ    «يا عم حرام عليك».. شوبير يدافع عن محمد صلاح بعد زيارة المعبد البوذي    «أحط فلوسي في البنك ولا لأ؟».. الفوائد تشعل الجدل بين حلال وحرام والأزهر يحسم    حقيقة مفاوضات النصر مع كوكوريلا    بمشاركة وزير السياحة.. البابا تواضروس يفتتح معرض لوجوس للمؤسسات الخدمية والثقافية    منال عوض: تمويل 16 مشروعا للتنمية بمصر ب500 مليون دولار    المنظمات الأهلية الفلسطينية: نطالب الرئيس ترامب بقرارات توقف العدوان الإسرائيلي على غزة    الأمم المتحدة: غزة تشهد أسوأ سيناريو مجاعة    موسوي: إسرائيل كشفت عن وجهها الوحشي بانتهاكها كافة الأعراف الدولية    انطلاق تصوير فيلم «ريد فلاج» بطولة أحمد حاتم    وفاة شقيق المخرج خالد جلال.. ورئيس الأوبرا ينعيه بكلمات مؤثرة    وزير البترول يبحث تعزيز التعاون مع وزير الطاقة والبنية التحية الإماراتي    محافظ الإسكندرية يستقبل وزير العمل في إطار التوعية بقانون العمل الجديد    وزير الدفاع يلتقي رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية    تدريبات خاصة ل"فتوح والجفالي" بفرمان من مدرب الزمالك    برواتب تصل إلى 12 ألف درهم.. العمل تعلن عن 102 وظيفة بالإمارات    تجديد الشراكة العلمية بين مصر والصين في مجال مكافحة الأمراض المتوطنة    نقيب المهندسين ل طلاب الثانوية العامة: احذروا من الالتحاق بمعاهد غير معتمدة.. لن نقيد خريجيها    معيط: دمج مراجعتي صندوق النقد يمنح مصر وقتًا أوسع لتنفيذ الإصلاحات    سبورت تكشف موعد عودة برنال لتدريبات برشلونة    القبض على رمضان صبحى فى مطار القاهرة أثناء العودة من تركيا    «هيدوس على النادي ويخلع زي وسام».. نجم الزمالك السابق ينصح بعدم التعاقد مع حامد حمدان    يوسف معاطي: سعاد حسني لم تمت موتة عادية.. وهنيدي أخف دم كوميديان    رئيس الإسماعيلي يعلق على أزمات النادي المتكررة    الاَن.. الحدود الدنيا وأماكن معامل التنسيق الإلكتروني للمرحلة الأولى 2025 في جميع المحافظات    ياسر الشهراني يعود إلى القادسية بعد نهاية رحلته مع الهلال    محافظ سوهاج يوجه بتوفير فرصة عمل لسيدة كفيفة بقرية الصلعا تحفظ القرآن بأحكامه    5 أبراج «معاهم مفاتيح النجاح».. موهوبون تُفتح لهم الأبواب ويصعدون بثبات نحو القمة    ما الوقت المناسب بين الأذان والإقامة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    إلقاء بقايا الطعام في القمامة.. هل يجوز شرعًا؟ دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر المدنية ووجهها الصبوح
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 12 - 2012

للمجتمع المدني تعريفات متعددة لكن أبسطها هي أنه ذلك المجتمع الذي تقوم العلاقة بين أفراده علي عنصرين اثنين لا ثالث لهما‏,‏ العنصر الأول هو الثقافة المشتركة بما تحتويه تلك الثقافة من قيم وسلوك وعلاقات بين الأفراد وطرق تفكير‏,‏ والعنصر الثاني هو المصلحة التي تقوم علي أساس أن هناك مصالح مشتركة بين الافراد جميعا وتتولي الثقافة والقيم التوفيق بين المصالح المتعارضة في تلك المجتمعات.
ومن الطبيعي والحال كذلك أن يخرج من هذا التعريف المجتمعات القبلية والعشائرية, التي تبني العلاقات بين أفرادها علي رابطة الدم وحدها والانتماء إلي جد مشترك, ويخرج عن هذا التعريف كذلك المجتمعات الدينية التي تقوم علي الانتماء إلي دين واحد تحكمه نصوص مقدسة يقوم عليها كهنة مقدسون كذلك, ومن الطبيعي والحال كذلك أن تحيط تلك المجتمعات بدعاوي من العنصرية والنقاء العرقي في مواجهة من لا يشترك معها في نفس الأصل, أو بدعاوي من القداسة المطلقة في مواجهة من لا ينتمي الي نفس الدين.
علي أساس من فكرة المدنية قام المجتمع المصري منذ أقدم العصور, فقد كانت القري تقوم علي أساس من المصالح المشتركة في تنظيم الري ومواجهة غضبات النهر ورعاية الملكيات الخاصة, وتنوعت العبادات والآلهة المصرية التي رعت جميعها تلك المصالح المشتركة وحضت علي التعاون والتسامح والحرص علي المصالح المشتركة. وهكذا دلفت مصر من عصورها الوسطي إلي العصر الحديث في زمن محمد علي بهدوء وسلاسة(1805-1848) فاحتفي الناس ببعثات محمد علي التعليمية إلي إيطاليا وفرنسا والنمسا كجسر للتواصل بين مصر والحضارة الحديثة, رغم أن تلك البلاد في المخيلة الدينية هي بلاد الفرنجة والكفار, واستبدل هؤلاء المبعوثون جلابيبهم التقليدية بالبدلة والطربوش ورابطات العنق, وقبل الناس مواجهة محمد علي العنيفة لدولة الخلافة العثمانية, وارتضوا بالتنظيمات الحديثة للدولة والبنوك والتعليم الحديث وقبلوا الموسيقي الحديثة والمسرح والسينما والراديو والتليفون, واندفعوا معا علي اختلاف عقائدهم وطبقاتهم وثقافاتهم لمواجهة الاحتلال البريطاني وصيانة استقلال البلاد وتأسيس الجامعة الحديثة.
سرت روح القبول والتسامح من ثقافة المجتمع إلي ديانات وعقائد سكانه, فعرفنا في الاسلام الشيعة ومذاهب أهل السنة والصوفية, وعرفنا في المسيحية إلي جانب الأرثوذكسية العتيدة البروتستانتية والكاثوليكية وعرفنا من اليهود السبتيين والقرائين وعرفنا البهائية والماركسية والعلمانية وغيرها. ولظروف وأسباب لا يتسع لها المقام جرت في نهر الوطن مياه كثيرة. وفي منتصف السبعينيات وما تلاها عرفنا الجماعات الاسلامية التي استلهمت قيم وأفكار المذهب الحنبلي فراحت تنشرها في المجتمع المصري, فتسعي لتأكيد التمييز بين المسيحيين والمسلمين, وتشيع مساجلات اعتقادية تبذر بذور التطرف والتعصب, وتفرض ما تراه زيا شرعيا إسلاميا, وتسعي للفصل بين الاناث والذكور, وتجرم وتحرم الغناء والموسيقي. وفي ظل غياب مشروع ثقافي للدولة وقبضتها الرخوة, راحت تفرض ما تراه صحيح الدين بالقوة, وتوهمت في ظل غياب الديمقراطية وعدم تعرض مقولاتها للاختبار أنها أصبحت تملك القدرة علي الحكم وادارة شؤون البلاد, وفق رؤاها القاصرة والرجعية والبدوية. وشهدت بلادنا ثورة رائعة انتهت بتولي الرئيس محمد مرسي رئاسة الجمهورية الذي ينتمي لأهم فصيل من فصائل التيارات الإسلامية وتطورت الأحداث بحيث كان الصدام في الأيام الأخيرة محتما بين رئيس ينتمي لتلك التيارات ومجموعة لا يعرفها احد تزين له اعلانا دستوريا كريها ودستورا مشوها وبين الشعب بأكمله.
وشهدت بلادنا موجات من الاحتجاج علي دخول بلادنا المرحلة الاخوانية, ولقد تداعت الأحداث لنشهد هجوما علي المتظاهرين السلميين حول قصر الاتحادية, مما أسقط العديد من القتلي والمئات من المصابين, ومع تقديري البالغ للمعركة السياسية بين الاستبداد والديمقراطية, فإنني أظن أن المعركة الأهم هي معركة إستعادة مصر المدنية بتراثها الفكري الانساني وادراكها التاريخي لمعني العلم والتقدم والتحضر, ولاحترام الانسان واختياراته وارادته, ولقيمها الثقافية النبيلة التي احتنضت الطهطاوي ومحمد عبده ولطفي السيد وشوقي وحافظ وطه حسين والعقاد, وتراثها الفني في السينما والمسرح والموسيقي والغناء, أي باختصار استعادة مصر وجهها الصبوح.
المزيد من مقالات د كمال مغيث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.