مستحيل أن أقسو علي ضميري, وأواصل العناد والهروب من ساحة المعركة المقدسة, المفروضة علي المصريين الآن, في ميادين الحرية, أملا في الإنعتاق من كل مظاهر الفساد والاستبداد, ما ظهر منها علي يد نظام الطاغية المخلوع وفلوله, وما خفي وطفح, في وقت لاحق, واستمر لنحو عامين, علي يد العسكر والإخوان ومريديهم. أقول, مستحيل الاستمرار في عناد الضمير المهني والأخلاقي والوطني المقدس, لمجرد الالتزام بعهد قطعته علي نفسي أمام قارئ الأهرام العزيز منذ نحو أسبوعين, بالكتابة عما حملته جعبة السفر إلي اليابان الشهر الماضي, حيث مظاهر السلوك الحضاري في التعامل مع أقسي الظروف الطبيعية والحياتية اليومية هناك, وتجاوزها بأقل الخسائر المادية والبشرية الممكنة, مقارنة بالخيبة القوية والثقيلة, التي ندور نحن في فلكها بدون فكاك, فضلا عن محاولة متواضعة, من جانبي, للغوص في ملابسات, تتسبب فيما يمكن وصفه بالاحتقان في العلاقات المصرية اليابانية الثنائية, وهي في الحقيقة مطبات يمكن أن تنسف, بكل أسف وأسي, حاضر ومستقبل التعاون بين البلدين, علي جميع الأصعدة والمستويات, وأوضح نموذج عل ذلك يتمثل في قنبلة جامعة العلوم والتكنولوجيا في برج العرب, المهيأة للانفجار في وجه الجميع في أية لحظة. وما دام الواجب المهني والأخلاقي والوطني قد حتم العودة صاغرا وسريعا للتعامل مع الشأن المحلي المستعصي علي الحل, فإن واجبات الشكر يجب أن ترفع إلي بوابة الأهرام الإلكترونية, وأسرة تحريرها الناسكة في محراب صاحبة الجلالة, ورئيس تحريرها التنفيذي, الزميل العزيز الأستاذ علاء العطار. فقد أهداني موقع الأهرام الإلكتروني إلي ما يمكن وصفه بالكنز الإستراتيجي في جمع وتلخيص وتحليل الهتافات التي كانت, ولا تزال, تدوي في كل ميادين المحروسة, وكنت مشاركا في أربع فعاليات منها الأسبوع الماضي, بدءا من مليونية الجمعة قبل الماضية, المسماة بعيون الحرية, ومرورا بمسيرة الصحفيين إلي الميدان يوم الأحد, بعد نجاح جمعيتهم العمومية الطارئة, إضافة إلي مليونية للثورة شعب يحميها الحاشدة والعفوية وغير المسبوقة, مساء الثلاثاء, وانتهاء بمليونية حلم الشهيد يوم أمس. من أهم الهتافات التي كانت قاسما مشتركا في كل الفعاليات والمليونيات والمسيرات التي كنت ولا أزال أحضرها, هتاف: المرة دي بجد.. مش هنسيبها لحد. طبعا مفهوم ومعروف معني ومغزي هذا الهتاف, بالذات, وملخصه أن الثوار المصريين الأحرار, الذين تركوا الميادين, بمنتهي حسن النية, يوم11 فبراير2011, لن يكرروا خطأ ترك الميدان مرة ثانية, حتي يصدر الدستور المؤسس بحق لدولة مدنية ديمقراطية حديثة, والمعبرعن كل مكونات المجتمع المصري, بلا إقصاء أو تمييز, وحتي يجري إعادة بناء الدولة المصرية العصرية من جديد وفقا لهذا الدستور, بما يعنيه من إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية متتالية, فضلا عن وضع الأسس والقواعد اللازمة للقصاص العادل من قتلة الشهداء, واقتلاع الفساد من جذوره, والمتابعة الدقيقة لأداء أجهزة الدولة, المعنية بتحقيق شعار ثورة25 يناير وهو: عيش.. حرية.. كرامة إنسانية.. عدالة اجتماعية. للتأكد من القدرة علي الثبات في الميدان, مهما كان الثمن والوقت والتضحيات لتحقيق هذا الهتاف الصادر من القلب, ولمؤازرة الثوار المرابضين في الميادين, انضم إليهم في البقاء بالميدان إلي إشعار آخر, رموز القوي الوطنية والسياسية, وفي مقدمتهم: حمدين صباحي وشكر وأبو الغار وعمرو موسي, والبرادعي, الذي كتب يوم الأربعاء الماضي علي حسابه الشخصي تويتر: إلي شعب مصر في كل الميادين.. من أجل الحرية والكرامة.. اثبت مكانك. المزيد من مقالات كمال جاب الله