بعد أن اعلن النائب العام المستشار طلعت عبدالله أن الرئيس السابق محمد حسني مبارك ونجليه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلي وعددا من قيادات الشرطة ورموز النظام السابق ابرزهم صفوت الشريف وفتحي سرور اللذين حصلا علي براءة من تهمة قتل المتظاهرين أثناء أحداث الثورة سيحاكمون من جديد أمام محكمة الثورة التي ستشكل في وقت قريب لحين ظهور أي من الدلائل الجديدة التي تثبت تورطهم في تلك الأحداث وأضاف النائب العام بأن كل البلاغات التي حفظت من قبل النائب العام السابق سيتم اخراجها وإعادة التحقيق فيها لإظهار الحقيقة واعلاء كلمة الحق والعدل وأنه سيعمل علي ارساء قواعد العدالة وتطبيق القانون والعمل من اللحظة الأولي علي إعادة الحقوق والحريات فالسؤال الذي يطرح نفسه كيف سيحاكم متهمون حاكموا من قبل وصدر حكم بشأنهم من الناحية القانونية؟ يجيب عن هذا التساؤل رجال القانون من مستشاري المحاكم وأساتذة القانون. ويقول المستشار إسماعيل حمدي عضو مجلس القضاء الأعلي رئيس محاكم الاستئناف السابق إن المرسوم بقانون حماية الثورة والصادر عن رئاسة الجمهورية في2102/11/22 رغم نبل مقصده وحسن نواياه فإنه تضمن في النصوص ما يهدر الأحكام القضائية النهائية وثوابت المباديء القانونية المنصوص عليها بقانون الاجراءات فقد تضمن قانون حماية الثورة النص صراحة علي عدم سريان واستبعاد المادتين654,554 من قانون الاجراءات الجنائية وهما المادتان المتعلقتان بقوة الحكم الجنائي اللتان هما من النظام العام ولا يجوز أن تكونا محل نزول صريح أو ضمنا من أحد وتقضي أولهما علي أنه لايجوز الرجوع إلي الدعوي الجنائية بعد الحكم فيها نهائيا بناء علي ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة أو بناء علي تغير الوصف القانوني كما تقضي المادة654 في قانون الاجراءات الجنائية علي أن الحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية بالبراءة أو بالإدانة له قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوي التي لم يكن قد فصل فيها نهائيا وهذه النصوص التي تم استبعادها في قانون حماية الثورة وضعها المشرع لتحقق في المجتمع مصلحته في الاستقرار القانوني وحسن سير القضاء واعتبارات العدالة التي تقضي بأن من ارتكب جريمة لا يتنزل به جزاؤها غير مرة واحدة ويكون للحكم الصادر فيها قوته التي تكفل وحدة الجزاء ونغلق الطريق علي توقيع جزاء ثان من أجل جريمة سبق النطق بالجزاء فيها ويضيف المستشار إسماعيل حمدي أن هذه النصوص التي نص علي عدم سريانها في قانون حماية الثورة تعتبر ضمانا مهما للحريات الفردية المتحدثة في حصر نفوذ السلطات العامة في مجال محدود وحتي لا يكون ارتكاب الشخص لجريمة فرصة لانجاز الدولة اجراءات لا تنتهي ضده وتوقيعها عليه عقوبات غير محصورة في عدد معين وأخيرا يقول المستشار إسماعيل حمدي إن قوة الحكم الجنائي تسمو علي القانون نفسه بل أنها تسمو علي الحقيقة نفسها فإذا ثبت تناقضها في الشرع يفترض أن ما يقرره الحكم هو الذي يطابق الحقيقة وإذا تبين أنهما لا يتطابقان أغفل المشرع الحقيقة واعتد بما يكره الحكم. أكد الدكتور محمود كبيش أستاذ القانون الجنائي وعميد حقوق القاهرة أنه لا يجوز إطلاقا محاكمة مبارك وأولاده ورموز النظام السابق مرة أخري لأن هذا يخالف مبدأ مستقرا في الدساتير المتتالية في مصر منذ أن عرفت مصر الدساتير وكذلك ما ورد في الإعلان الدستوري وكذلك في المواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر وتأخذ حكم الدستور وأكد كبيش أنه لا يجوز محاكمة الشخص عن الفعل الواحد مرتين إلا وفقا لأصول المحاكمات الجنائية المقررة وهي أنه إذا ألغي الحكم من محكمة النقض بناء علي طعن فإنه يعاد مرة أخري إلي الجنايات أو محكمة الموضوع لتعاد المحاكمة مرة أخري وهذه هي الحالة الوحيدة التي تجوز فيها إعادة المحاكمة وأوضح كبيش أن غير ذلك يكون اجراء مخالفا لجميع الدساتير والمواثيق الدولية فضلا عن أن النائب العام الجديد يستند في ذلك إلي ما صدر عن الرئيس وأطلق عليه خطأ اعلانا دستوريا وهو ليس اعلانا دستوريا بل قرار اداري منعدم لأسباب كثيرة يعرفها رجال القانون الذين يفهمون القانون ولا يمارون في ذلك. ويضيف المستشار مصطفي أبوطالب رئيس محكمة جنايات القاهرة أنه تجوز إعادة المحاكمات في قضايا البراءة إذا ما طعنت النيابة العامة بالنقض علي الحكم الصادر بالبراءة وهنا تعاد القضية إلي دائرة أخري غير التي أصدرت الحكم وتعاد المحاكمة علي أنه ان كانت هناك وقائع أو متهمون لم يشملهم قرار الاحالة في قضية ما ولم يستخلص من التحقيقات وأمر الاحالة أن هناك أمرا ضمنيا أوجب لاقامة الدعوي فهذه الحالة يجوز التحقيق في هذه الوقائع التي لا تعتبر وقائع جديدة يجوز التحقيق فيها باعتبارها وقائع جديدة أو متهمين جدد غفل عنهم قرار الاحالة وحسبما ينتهي التحقيق يتم التصرف فيه بالاحالة إلي المحكمة المختصة وذلك ليس كوقائع جديدة ولكن كوقائع لم يشملها التحقيق أو المحاكمة السابقة. ويؤكد المستشار مصطفي أبوطالب أنه في حالة ما إذا أحيل المتهم إلي محكمة الجنايات بوقائع محددة وأرتأت المحكمة تعديل وصف الاتهام أو وصف التهمة أو إدانته بتهمة معدلة فإنه يجوز للنيابة العامة الطعن علي الحكم الصادر بالوصف المعدل بطريق النقض فإن قضت محكمة النقض بقبول الطعن فإنه في هذه الحالة وحدها يجوز وفق أسباب حكم النقض إعادة المحاكمة في الوقائع أو عن الوقائع التي عدلت عنها المحكمة السابق وصفها ومثال ذلك إذا قدم متهم إلي محكمة الجنايات بتهمة السرقة بالاكراه وكان المجني عليه مصابا وأرتأت محكمة الجنايات أن الواقعة لا تمثل سرقة بالاكراه ولكن عاهة مستديمة وعاقبت المتهم بجريمة العاهة المستديمة فأنه في هذه الحالة يجوز للنيابة العامة الطعن بالنقض علي الحكم فإن نقض الحكم واعيدت المحاكمة فانها تعاد بالوصف الأول وهو السرقة بالاكراه. وأكد اللواء الدكتور سامي جمال الدين المحامي بالنقض أنه لا يجوز إعادة محاكمة أي شخص مهما كان سبقت محاكمته قبل ذلك وأصبح الحكم المحكوم به عليه حكما باتا إلا إذا ظهرت أدلة يقينية قاطعة بعد ذلك لم ترد في أوراق قضيته السابقة في هذه الحالة أوضح جمال الدين أنه يجوز محاكمته محاكمة جديدة علي ضوء الوقائع الجديدة بشرط أن تكون تلك الوقائع بها أدلة يقينية جازمة علي ارتكاب هذا الشخص تلك الوقائع وذلك استنادا إلي مبدأ حجية الأحكام النهائية حيث إن الحكم النهائي عنوان الحقيقة وحاز الحجية.