ليس من قبيل التجني علي أوروبا إذا قلنا إنها تقدم لمصر ما قدمت من قروض أو حتي وافقت علي إعطاء مصر ملياري دولار في مدة عامين من الآن إلا بمقابل.. فالعلوم السياسية كما درسناها تؤكد أن القروض من أي دولة ليست مجانية ولا من أجل سواد عيون شعب من الشعب, وإنما من أجل مصلحة من نوع ما.. قد تكون في هذه الحال: أمن إسرائيل والمحافظة عليه.. هذا ما قاله مثلا فابيوس وزير خارجية فرنسا! ولم نكن في حاجة إلي أن نستمع إلي فابيوس أو غيره.. فالأشياء لا تمنح بشكل عشوائي أو مجاني, وإنما تمنح وتعطي من أجل أن يكون الرد شيئا ما! وعلي كل حال, ليست هذه هي المرة الأولي التي يعلن فيها الاتحاد الأوروبي أنه سوف يمنح مصر قرضا أو قرضين, ففي السابق منح مصر عبر مبدأ الأوميدا قروضا بتسهيلات.. وكان برفقة هذه القروض أجندات معينة لعمل مشاريع بعينها وهذا ما تسميه الشروط.. أخشي ما أخشاه أن يقرر الاتحاد الأوروبي إعطاء ملياري دولار لمصر مع مليارين آخرين, ومليار ثالث ليكون الإجمالي خمسة مليارات دون ألا تكون هناك أجندات بعينها أو شروط من قبيل الحفاظ علي أمن إسرائيل! أيا كان الأمر فهناك بعض القوي المدنية التي تتساءل عن هذه القروض, والقروض الأخري التي حصلت عليها مصر كما قيل من إيطاليا, أو ستحصل عليها من الصين, وكأن مصر أصبحت جنة الله في الأرض.. ثم إذا كان هذا صحيحا, فقيمة القرض الذي يزيد علي4 مليارات من صندوق النقد الدولي علي أي حال, هذا ما يسنح في نفوس الكثيرين من المواطنين العاديين في مصر والذين يتساءلون عن جدوي هذا القرض, وتاريخ صندوق النقد الدولي يختلط بتاريخ التدخل الأجنبي, حدث هذا في مصر منذ الخديو إسماعيل, وهاهو يحدث الآن في العهد الحالي. ثم لا ننسي من منطلق الديمقراطية التي تفسح المجال لكل شيء أن مباحثات كثيرة تجري حول القرض الأخير من الصندوق إلي حد أن المواطن المصري العادي يري أن المباحثات حول القرض إياه لن تنتهي وسيظلون يقولون هنا وهناك أن هناك قرضا قيمته كذا, لكن لن يتم إلا بعد أن يتناقص وتقلل من أهميته الشروط التي سيضعها الصندوق لكي يحفظ بها حقه. وأخشي ما أخشاه أن يكون هذا الحديث عن القروض, سواء من الاتحاد الأوروبي أو من أوروبا ليس إلا حديث إفك لأن أوروبا لا ترمي كتاكيت! ثم قد تكون الموافقة علي الائتلاف السوري ليكون ممثلا وحيدا لسوريا هو الثمن وهي الخطوة التي شاركت أوروبا سياسيا فيها في إحدي الدول العربية.. الشعب المصري لن يرضي بهذا البديل وكأننا نبيع سوريا, وهذا غير صحيح, فالشعب السوري أغلي من أن يباع رخيصا.. ودمه في رقابنا جميعا. فأوروبا لها أطماع معينة في منطقة الشرق الأوسط, وكذلك لها تطلعات في مناوأة الولاياتالمتحدة.. وإلا لما قال وزير خارجية ألمانيا إنه خير للعالم أن يسير علي أقدام متعددة بدلا من السير علي قدم واحدة, في إشارة إلي أنه يحبذ نظام دولي متعدد الأقطاب. باختصار.. رجل الشارع العادي يتساءل عن أهداف وشروط هذه المعونات ويري أنها إذا جاءت مكبلة لمصر وبحثا لابتعادها عن الصف العربي وخيانة لمبادئها.. فهو برفض هذه القروض ويري أن مصر لن تنهض إلا بعمل كل فئاتها وشرائحها المختلفة وليست بالقروض مهما تكن مغرية أو مطلوبة! المزيد من مقالات د. سعيد اللاوندي