في تطور جديد فيما يتعلق بقضية المهاجرين بعد الثورة اعلنترئاسة الجمهورية عن تشكيل مجلس للمصريين بالخارج لتفعيل دورهم في الداخل من ناحيةورعاية شئونهم من ناحية اخري. وذلك لاعتبارات تتعلق اما بالدعوةللرجوع للوطن للمشاركة في بنائه بعد التغيير, وفي مقابل دعوة اخري بالهجرة الي الخارج,او بالتأكيد علي اهمية تفعيل دور المهاجرين المصريين في النهضة في وطنهم. وتهتم العديد من الدول بمهاجريهافي الخارج فمنها من يمنع تجنس مواطنيها بجنسية اخري وهناك من ينشئ وزارات مستقلة خاصة برعاية شئونهم; او بتفعيل دورهم في تشكيل المجالس الاقتصادية المشتركة بين الدولة الام وبلد المهجر,او بتعزيز دور القنصليات والسفارات في الخارج. وعلي الرغم من كون المهاجرين اقلية في بلدان المهجر الا ان بعضهم لعب دورا مهما في بلد المهجر وفي تغيير مجتمعهم الام نحو الافضل وإحداث التغيير السياسي والاقتصادي به. وتمتلك مصر قدرة بشرية هائلة ليست لدي غيرها بما يزيد علي60% من القاعدة السكانية من الشباب,وهو عنصر مهم يجب ان يؤخذ في الاعتبار لبناء النهضة والتقدم,وليس باعتباره فقط عبئا علي التنمية,واضافة ذلك لقوة العمل داخل المجتمع وتجديد شبابه والحيلولة دون شيخوخته,ولكن تم تعريض تلك القدرات للتجريف إما لعجز الدولة عن تبني سياسات تدمج الشباب داخل عجلة التنمية;أو بوجود سياسات عقيمة عملت علي تآكل الكفاءات والإبداع وترهل منظومة البحث العلمي, وأمام هذا وذاك وجد الشباب انفسهم أمام خيارين أما الاستسلام للواقع السيئ أو الهجرة حتي لو تعرض للموت غرقا, وذلك اما بطرق شرعية او غير شرعية, وبحثا عن حياة كريمة ليس له فقط بل لأهله المعرضين لمهانة الفقر,وليصل عدد المصريين في الخارج11 مليونا منهم خمسه ملايين بطرق غير شرعية, وهو ما يعكس ان الهجرة حاضرة في أذهان العديد من الشباب دون التمييز بسبب العرق او الدين او المستوي الاجتماعي,فهم ليسوا فقط من الأيدي العاملة الفنية بلايضا من حملة المؤهلات العلمية; وبهدف التخلص من الخوف من دفن آمالهم وطموحاتهم بين ثنايا النسيان والتجاهل ووحش البطالة والفقر, واصبحت هجرةالعقول نزيفا لمورد حيوي يضعف من فرص التنمية. ولم يقف التأثير السلبي عند ذلك فقط بل دفع تردي الأوضاع الاقتصادية إلي ضعف الاستثمار في الداخل في مشروعات إنتاجية,بل اصبح يتم ضح اموال طائلة في عملية بناء العقارات علي حساب الارض الزراعية داخل الريف.وهو ما عمل علي وجود ضغط اقتصادي ونفسي لدفع المزيد من المصريين للهجرة, وتنمية الطابع الاستهلاكي واحداث فجوة طبقية علي مستوي السكن والتعليم, وفي ادخال قيم دخيلة علي المجتمع المصري متأثرة بثقافة بلد المهجر. وتبقي اهمية توظيف القيم المادية والمعنوية لتعزيز الدور الإيجابي للنخبة المهاجرة في وطنهم الأم مع بروز عدد من المتغيرات والفرص لتنامي تأثيرهم في الداخل لعل اهمها;التطور الديمقراطي ودوره في حالة التفاعل والايجابية بين النظام الجديد والمهاجرين رغبة منهم لان يكون لهم دور في صناعة المستقبل, ومن جهة اخري عكس الاهتمام بقضاياهم وحقوقهم الرغبة في تعزيز شرعية النظام في الداخل وبخاصة مع اعطائهم الحق في التصويت في الانتخابات. ومن ناحية اخري اتاحت ثورة الاتصال والمعلومات الفرصةلمن في الخارجلان يكون له دور في الشأن المحلي والتعبير عن الرأيعبر استخدام شبكات التواصل الاجتماعي او نشر الفيديوهاتاو الاتصالات والمقابلات مع وسائل الاعلام الغربية او المحلية عبر الاقمار الصناعية. وهناك اتجاة للتكتل بين المهاجرين للتعبير عن المصالح والحفاظ علي الحقوق في دوائر السياسة المحلية في بلدان المهجر.ومدفوعا بتيارات معادية لهم كاليمين المتطرف في اوروبا او المحافظين الجدد في الولاياتالمتحدة او بتبني سياسات وطنية تقليدية في دول الخليج. وتتوقفمسألة جذب المصريين في الخارج للمشاركة في التنمية او في العودة علي القدرة علي تبني استراتيجية شاملةترتكز علي التفاعل المشترك بين الخارج والداخل وحالة الاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي. وتعزيزقيم الولاء والانتماء للوطن ليس فقط بين الجيل الاول من المهاجرين بل بين الاجيال الاخري,واحداث تحول في دور المهاجرين من التحويلات المالية فقط للمشاركة في صنع السياسة الاقتصادية والسياسات العامة. وادماج المهاجرين في عملية التنمية وعمل قاعدة بيانات خاصة بالكفاءات منهم لصياغة مشروع قومي للنهضة العلمية,واعادة تفعيل دور البعثات الخارجية للدراسة والتدريب وتنويع مصادر المعرفة لبناء القدرات واعادة الاعتبار لدور العلم والمعرفة و ضمان حرية التفكير والإبداع, وتوفير حياة كريمة ونظم مؤسسية مرنة تستطيع ان تستوعب طاقات الشباب وتلبي رغبتهم في تنمية المجتمع بديلا عن الهجرة والتي تزيد مع الصعوبات الاقتصادية التي تشهدها مصر بعد الثوره.