القنابل الموقوتة لا ترتبط بحوادث الإرهاب فقط, وإنما أصبحت تواجه المواطن المصري في كل تحركاته لتهدد حياته.. ولم يعد الخطر مقصورا علي صخور الجبل التي تسقط فوق رؤوس الأبرياء من سكان العشوائيات, وليس مقصورا أيضا علي أبراج الموت الهشة التي تنهار لتحول الأحلام الي آلام.. وتأتي الطامة الكبري حينما نفيق ذات يوم علي حريق هائل يلتهم إحدي أهم أسواق مرسي مطروح والمعروفة بسوق ليبيا, لتأتي النار علي محتوياتها في فترة وجيزة عجزت خلالها سيارات الإطفاء عن الدخول للسوق التي تمثل قمة العشوائية برغم ضخامة عدد الزوار الذين يزورونها كل يوم, والذي يناهز3 ملايين زائر كل عام!! وخطورة الحريق لا تكمن في حجم خسائره فقط وإنما تكمن أيضا فيما كشفه من أن الحادث لن يكون الأخير وانما هو بداية لعشرات الحوادث, التي يتوقع أن تلحق بأسواقنا العشوائية التي تنتشر في كل محافظات مصر وبصفة خاصة في المحافظات الحدودية والساحلية, التي تتهافت علي بيع السلع المستوردة والمهربة, وكذلك سلع مصانع بير السلم وغيرها والتي يتم بيعها علي استاندات خشبية تشغل الأرصفة والشوارع وتعوق حركة المارة وتفتقد كل وسائل الأمان ضد أخطار الحريق, وحوادث الارهاب لتتحول رحلة التسوق داخل السوق الي رحلة في أعماق الجحيم!! ملايين الجنيهات يحققها أصحاب البضائع التي تفترش الطرق بهذه الأسواق العشوائية, وملايين اللعنات أيضا يصبها المستهلكون فوق رأس الأجهزة المحلية, التي تتغاضي عن المخالفات وتسمح بالعشوائيات حتي تتحول هذه القنابل الموقوتة.. الي واقع أليم ترويه دماء الأبرياء من زوار هذه الأسواق, مما يتطلب تدخلا من المسئولين لمراقبة وحصر هذه الأسواق ونقلها إلي أماكن بديلة خارج الكتل السكنية المكدسة.. الأهرام ترصد مظاهر العشوائية في أسواق عدد من المحافظات, نبدأها بمطروح والإسكندرية لنكتشف من خلالها أوضاعا أغرب من الخيال. أحمد عصمت 90 سوقا في الأسكندرية تنتظر دورها في الحريق الاسكندرية حنان المصري: تحتضن الاسكندرية في جميع احيائها المختلفة قنابل موقوتة.. قنابل شديدة الانفجار انفجارها يؤدي إلي خسائر بالمليارات ينتج عنها بالطبع أوجاع رهيبة في عصب الاقتصاد القومي علاوة علي الخسائر البشرية.. هذه القنابل هي الاسواق العشوائية التي اصبحت ورم سرطانيا في جسد عروس البحر يصعب استئصاله بعد ان وصل عددها إلي88 سوقا عشوائية يومية بالاضافة إلي سوقين موسميين.. هذا الكم من الاسواق العشوائية يضم35 الف وحدة بيع يقوم علي ادارتهم مئات الآلاف من المواطنين.. هذا ما اورده تقرير صندوق تطوير المناطق العشوائية التابع لرئاسة مجلس الوزراء مؤخرا وعلي الرغم من تلك الحقائق المخيفة إلا ان هذه الاسواق لم تشهد اي تطوير أو حتي النظر إليها من أجل تقنينها أو علي اقل تقدير توفير عوامل الامان بها فأصبح حالها اليوم حقا عشوائيا في المنظر العام.. في عملية البيع والشراء.. في الاكشاك.. حتي في استخدام المرافق العامة ومن ابرزها سوق محطة مصر وسوق باكوس وسوق ليبيا وايضا سوق شارع الجلاء وسوق شارع معهد الديني بمنطقة العصافرة والذي يعد من اخطار الاسواق العشوائية دون ان يتحرك ساكن لاحد من السادة المسئولين. وكما حدث بمحافظة مرسي مطروح من حريق مروع جاءت التوقعات المصحوبة بالمخاوف وكالعادة بعد وقوع الكارثة.. من انفجار احد هذه القنابل بالاسكندرية التي نستعرض نماذج منها في السطور التالية لنضعها امام السادة المسئولين لانقاذ ما يمكن انقاذه قبل وقوع كارثة اخري.. ومن اخطر هذه النماذج سوق شارع المعهد الديني الذي يقع بمنطقة العصافرة شرق الاسكندرية وهو يعد من أكبر وأكثر الاسواق عشوائية علي الاطلاق حيث يكتظ بالباعة الجائلين ومئات من الاكشاك الخشبية علي جانبي الشارع الطويل الممتد لعدة كيلو مترات ومما يزيد الأمر سوأ ان قام الباعة بافتراش نهر الطريق ببضائعهم المختلفة فتم اغلاق الشارع تماما امام حركة المرور ووجد المواطنون صعوبة شديدة في السير بالشارع.. وللحماية من حرارة الصيف وبرودة وامطار الشتاء قام الباعة بوضع الشماسي والتند المصنوعة من الاقمشة بجوار بعضها البعض بشكل متراص غير حضاري علي الاطلاق.. وتتمثل خطورة هذه السوق عند حدوث حريق فلا تستطيع اية سيارة الدخول للشارع لانقاذه وكذلك الحال في حالة وجود مريض أو متوفي هناك استحالة لدخول عربة اسعاف.. هل يعقل ذلك ؟ اما الماسأة ففي موقع هذه السوق العشوائية التي يجاور معسكر ابي بكر الصديق.. هذا المعسكر الذي يستقبل وفودا طلابية من94 دولة بالعالم كل سنة إلي جانب كبار رجال الدولة والدول الأخري يرون هذا المنظر غير الحضاري الذي قررت محافظة الاسكندرية منذ عدة سنوات مضت القضاء عليه بانشاء سوق لهؤلاء الباعة بشارع ال30 ولكنهم رفضوا الانتقال إليه بدعوي بعد المسافة وعندما قررت الشرطة إجلاء الباعة من الشارع الذي شهد معالمه لاول مرة منذ سنوات طويلة ولم يستمر الحال فعاد الباعة مرة اخري لاحتلال الشارع الكبير اكثر عددا واخطر فوضي ليس علي الشارع فحسب بل علي المنطقة كلها والتي يعيش سكانها خوفا وهلعا حيث يقوم الباعة بزرع الحدايد لاقامة اكشاكهم فوق خطوط الغاز الموجودة تحت الارض لذلك من المتوقع بل الاكيد حدوث كارثة في اي وقت بالاضافة إلي سرقة التيار الكهربائي من اعمدة الانارة بالشارع دون توافر عوامل الأمان في هذا الشأن. وهناك سوق ليبيا بمنطقة المنشية هذه السوق القديمة والشهير فهي عبارة عن ازقة ضيقة منتشر بها المحال جنبا إلي جنب لاتتوافر به عوامل الامان فففي حالة حدوث مكروه يصعب بل يستحيل دخول سيارة انقاذ لماذا لايتم تطويره لا نعلم؟! ويأتي سوق شارع الجلاء الذي يتسم بالفوضي والازدحام الشديد مما يتسبب في اعاقة الحركة المرورية رغم وجود قسم شرطة المنتزة به فالشماسي متراصة بجوار بعضها البعض بطريقة غير مقبولة والبضائع من الاقمشة والملابس متناثرة علي المناضد وداخل الاكشاك فتمثل العشوائية في ابهي صورها بالاضافة إلي الضجيج غير المحتمل والصادر عن الباعة الذين يستخدمون الميكروفونات لتسويق بضائعهم ويتسبب الازدحام ايضا في زيادة حالات السرقات والتحرش بالسيدات, اما سوق محطة مصر فهي نموذج غريب للاسواق العشوائية ففيه تنتشر الاكشاك الخشبية لبيع الملابس بطريقة فوضوية بعد سرقة التيار الكهربائي علي الجانبين وامعانا في الفوضي قام العديد من الباعة بافتراش حرم الترام وبين القضبان يقومون بعملية البيع والشراء, كما يضم السوق ايضا عربات خشبية لبيع الخضر والفاكهة وهي منتشرة بالشارع الرئيسي والشوارع الجانبية الضيقة والتي تنبأ بكوارث وليس كارثة واحدة.. ومايثير الاستنكار وجود هذه السوق العشوائية علي بعد عدة امتار من محطة القطار التي تستقبل يوميا عشرات الالاف من اهالي وزوار المدينة هل يعقل ذلك؟؟ ولايختلف سوق باكوس كثيرا عن سوق محطة مصر هذه السوق التي اشتهر ببيع الخضر والفاكهة باسعار منخفضة مقارنة بالاسواق الاخري إلي جانب بيع الملابس الجديدة والمستعملة ايضا باسعار زهيدة ومن هنا جاءت شهرتها واندفاع المواطنين إليها مما يسبب زحاما شديد للغاية يعوق سير السيارات بل وتصبح عملية سير المترددين عليه غاية في الصعوبة بعد ان احتل الباعة الارصفة وحرم الطريق بالكامل لعرض بضائعهم.. هنا في حالة حدوث اي مكروه ستكون الخسائر بالملايين من الجنيهات.. من سيدفع الفاتورة؟ بالطبع المواطن البسيط! كما يوجد بالاسكندرية معلم من معالم هذه المدينة الجميلة العريقة وهو سوق زنقة الستات الشهير بيع الاكسسوارات والاقمشة وبتميز بمحالة المتراصة بجوار بعضها البعض داخل ازقة ضيقة للغاية يسير فيها المواطنون صفا واحدا فقط هذه السوق لابد من الحفاظ عليه بتطويره وتوافر عوامل الأمان بها لانها تعد أشهر الاسواق تاريخيا وجماليا.. فلماذا لم يشمله التطوير حتي الآن؟ كانت تلك امثلة من الاسواق العشوائية التي تئن عروس البحر من سلبياتها وقد انطلقت الصرخات مرارا لعلاج تلك المشكلة ولكن لم يستجب احد.. وهنا نتساءل لماذا الأهمال واللامبالاة حيال هذه الكوارث؟ متي سيتحرك السادة المسئولين؟ بالطبع هم في انتظار وقوع كوارث اخري لتكون هناك حركه جماعية تنطلق منها الاعتراضات والشجب والاتهامات وأخيرا التعويضات وينتهي الامر واخيرا نطرح سؤال لماذا لم يطبق قرار رئيس مجلس الوزراء رقم82 لسنه2010 بإنشاء اسواق حديثه مطورة بديله للاسواق العشوائية الموجودة ؟! سؤال بلا اجابه حتي وقوع كارثه اخري اقتصاد الظلام الخفي وحول طبيعة تلك الاسواق والاثار المترتبة علي انتشارها يوضح علاء حسب الله الباحث الاقتصادي وعضو جماعة الادارة العليا بمصر يقوله...... ان اقتصاد الاسواق العشوائيه هو اقتصاد الظلام كما يسمي بالاقتصاد والخفي في علم الاقتصاد لدينا وهو منتشر في البلاد الناميه والمختلفة وعادة مايمثل30% من الناتج المحلي الاجمالي كما تقول احدث الدراسات الاقتصاديه الحديثه وهوا مايمثل نحو300 مليار جنيه بعد وصول الناتج القومي الي تريليون جنيه و200 مليون, ويشير قائلا: وعادة يمثل هذا الاقتصاد الخفي بعض المتهربين من سداد الضرائب والرسوم الحكومية وللاسف مصر يمثلون اكثر من30% من الناتج المحلي الاجمالي لأن بعض هذه الاسواق تسوق لمنتجاتنا مصانع بئر السلم فيالسوق المصرية التي تمثل ما يزيد علي70% من حجم صناعة الغذاء في مصر علي سبيل المثال حيث يصل حجم تجارة بئر السلم نحو75 مليار جنيه من إجمالي حجم التجارة الداخلية مما يتسبب في ضياع مليارات الدولارات علي الدولة فقد تكبدت مؤخرا نحو7 مليارات جنيه خسائر بسبب الملابس المهربة والتي تنتشر في أسواق الاسكندرية التي تعد اكبر منافذ بيع المنتجات المهربة في مصر ويتناول الباحث الاقتصادي امرا غاية في الاهميه حيث يقول ان هذه الاسواق لا تتوفر بها الاشتراطات البيئية والصناعية والصحية مما يسبب كارثه علي صحه المواطن بجانب كارثه علي الاقتصاد مثل ماحدث بسوق مطروح الاسبوع الماضي, وعن الحلول العلميه والعمليه لتلك المشكلة يقول اننا امام منظومه متكامله من الاقتصاد الخفي لذالك لابد من دمج هذه الانشطه التجارية والصناعيه داخل منظومة الاقتصاد المصري بالتعاون مع الغرف التجارية ووزارة التجارة والصناعه مع ضروره تحديد اماكن داخل كل محافظه لهذه الاسواق العشوائية تتوافر فيها عوامل الامن والامان مثل تجربه تركيا في هذا الشأن.