أالكثيرون منا سمعوا العبارة, إلا أنهم للأسف لم يتوقفوا عندها طويلا, وهو ما قد آن الأوان لتداركه الآن. إنها تلك العبارة التي بصقها الراحل الكبير شكري سرحان في وجه الشيخ حسن البارودي, في الزوجة الثانية, عندما أراد هذا الأخير إرغامه باسم الدين! علي تطليق زوجته سعاد حسني, ليتزوجها العمدة صلاح منصور. قال سرحان وهو يبكي: يا راجل يا ضلالي, يا قليل الدين. لاحظ حضرتك أنه لم يقل يا معدوم الدين, بل قليله فقط. وهنا مربط الفرس في الحدوتة المصرية هذه الأيام. إن الكثيرين منا ليسوا والعياذ بالله معدومي الدين ولا حاجة, لكنهم أيضا ولا حول ولا قوة إلا بالله ليسوا مكتملي الدين أيضا.. وتلك هي المشكلة. إن الدين كتلة واحدة, ونسق واحد, ومنظومة متكاملة, وعليك أن تقبلها سيادتك بحذافيرها, وتنفذها كما قال الكتاب, لكن أن تكون متدينا نص نص فأنت إذن تضحك علي نفسك, وعلينا! أن تذهب مثلا لتصلي العيد, ثم تذبح وتضحي, وبعدها بأيام تغش هذا, وتضحك علي ذقن هذا, وتلبس العمة لهذا.. فذلك هو نصف الدين. أو أن تمد يدك اليمني سرا بالصدقة كي لا تعرف بالأمر يدك اليسري, فذاك أمر عظيم ومحمود, لكن أن تتبع صدقتك تلك بالرياء والنفاق والخوض في أعراض الناس, فهذا نصف دين. أو أن تحج البيت, وتطوف, وترجم الشيطان بالشبشب.. ثم تعود إلي الديار من الحج كما كنت, لا عن كذب توقفت, ولا عن الحليطة ومسح الجوخ كففت, فكأنك يا حبيبي لا بيتا زرت, ولا شيطانا رجمت. إن الله تعالي لا يقبل نصف الدين, بل الدين كله.. إن كنتم تدركون. المزيد من أعمدة سمير الشحات