انظر للأرض!.. بالضبط فى اتجاه قدمى محدثك، ستجده فى الغالب مرتديا «شبشب» أو «سليبر» أو «صندل»، فالصيف يحب الأحذية المريحة، وحبذا لوكانت مسايرة للموضة. والشبشب ليس اختراعا حديثا، فقد عرفه الفراعنة، الذين كانوا يرتدون الشباشب والصنادل، بنفس شكلها الحالى تقريبا، لكن العرب ابتعدوا عن الشبشب واستخدموا «الخف»، وهو حذاء مغلق جلدى، بسبب ظروف بيئتهم الصحراوية، التى لا يجدى مع رمالها وحجارتها استخدام غطاء للرجل غير مغلق. وفى مصر كان الشبشب فى أصله خشبيا، أو ما سماه أجدادنا «القبقاب»، ومعنى الكلمة عربى فصيح، فهذا الشبشب الخشبى يصدر «قبيبا» أى صوتا. وظل القبقاب مستخدما حتى بداية القرن الواحد والعشرين عندما ظهر البلاستيك، فتحول القبقاب إلى شبشب، ويرجع البعض الكلمة لأصل قبطى، من «سب سويب» وتعنى مقياس القدم. ومال لبث أن تغير شكله إلى حرف Y مقلوب أو «بصباع». أما فى الوقت الحاضر، فلأسباب بيئية، تصنع بعض الشركات الشبشب من مخلفات الإطارات والأنابيب، حيث إن صناعته من المطاط، تزيد من صعوبة عملية تدويره، بسبب احتوائه فى هذه الحالة على مادة البوليريثان. ومنذ ظهوره، ارتبط الشبشب الحريمى بالدلال، فمنذ أن كان قبقابا غنت الفنانة شادية «رنة قبقابى يامة.. بتميل راسى.. الكل قالوا اسم الله.. حتى العزول القاسى»، وله غنى الفنان عبدالعزيز محمود (يا شبشب الهنا)، لأنه كان سببا فى تعارفه على الفنانة تحية كاريوكا فى فيلم «تاكسى الغرام». ومنذ ظهوره، تزيّن الشبشب الحريمى، بالألوان والورد، وأصبحت «أبووردة»، كنية الشبشب الذى كان موضة السيتينيات. وما تزال الورود والخرز تزين الشبشب البلاستيك، ليتحول لقبه ثانية من «شبشب حمام» إلى لباس للقدم فى الجامعة والتمشية والزيارات. لكن الراحة التى يمنحها ارتداء الشبشب، لم تشفع للاعبات الفريق النسائى للعبة لاكروس الشهيرة فى جامعة نورث ويسترن الأمريكية عند مقابلتهم الرئيس السابق جورج بوش، ففى مثل هذه الأيام عام 2005، وبعد فوز الفريق بالبطولة الوطنية، قابلت اللاعبات بوش فى البيت الأبيض. وحضرت بعضهن مرتديات شبشب، ليصبحن محل انتقاد من منظمى اللقاء، وحتى من خبيرة الأحذية ميجان كليرى، التى علّقت بأنه كان من الأفضل ارتداء أحذية مغلقة، لكن اللاعبات دافعن عن الشبشب، وأكدن أن ما ارتدينه هو نوع من الصنادل. وبعد أن صارت هذه «الشابشب» محل اهتمام، قرر الفريق بيعهن فى مزاد لصالح طفلة تعانى مرضا خبيثا بالمخ. ويرتبط الشبشب بمفاهيم متعددة فى الثقافة الشعبية، منها التشاؤم من انكفائه على وجهه، ووضع إحدى فردتيه درءا للحسد، ويرمز خبط فردتى الشبشب ببعضهما استجلاب الشر والمشكلات. لكن الأمر يختلف لدى الهنود، الذين يلمسون «شبشب» محدثهم إذا أرادوا إظهار الاحترام له! أما فى الأحلام، فرؤية الشبشب، تعنى للرجل الأعزب أنه سيتزوج، بينما يعنى للفتاة الإقبال على علاقة غرامية فاشلة أو زواج فاشل. وذهبت علاقة الفرد ب«شبشبه» إلى أبعد من العبارة الشهيرة «راحة الجسم تبدأ من القدمين»، فظهر ما يسمى «العلاج بالأحذية»!، وتظهر الأمريكية ميجان كليرى فى تليفزيون بلادها وتطوف العالم لتعطى دورات حول تأثير الحذاء الذى يرتديه الإنسان على حالته المزاجية، والطريقة المثلى للتعامل مع غطاء القدم، بما يساعد الفرد على استمداد الطاقة! أما القبقاب، فارتبط بالحادثة التاريخية الشهيرة فى العصر المملوكى، مقتل ملكة مصر شجر الدر ضربا بالقباقيب، بتحريض من الملك المنصور نور الدين ابن ضرتها، الذى أمر بالقبض على الملكة وسلمها لنساء القصر وأمرهم بتعذيبها، فما كان منهم إلا أن ضربوها بالقباقيب حتى ماتت، وألقوا بجثتها من أعلى أسوار القلعة. وما يزال الشبشب الخشبى مستخدما حتى اليوم، فى بعض الجوامع والحمامات الشعبية، لكونه مرتفعا، بدرجة تحمى الملابس من الوصول للأرض المبللة، ولكونه خشبيبا، يحمى مرتديه من الانزلاق. ولم يسلم الشبشب من التحذيرات الصحية التى جعلته سببا لأمراض مختلفة، كانت آخرها التى أطلقتها جامعة أوبورن الأمريكية، حيث أظهرت دراسة أجرتها أن كثرة ارتداء الشبشب تسبب مشكلات فى كاحل القدم قد تمتد إلى الأرداف، لكن تحذيرات الجمعية الألمانية لحماية البيئة كانت أكثر خطورة، إذ جاء فى بحث لها أن الشباشب تدخل فى صناعتها مواد كيماوية خاصة، تضاف إلى البلاستيك لزيادة مرونته، وهى مواد تلحق الضرر بالكبد والكلى والأعضاء التناسلية للإنسان. وبعد ظهور هذين البحثين أو قبله، يظل مرضى القدم السكرى ممنوعين نهائيا من ارتداء الشبشب، لكونه يزيد فرصة تعرضهم للجروح.