.. مع إن الشوارع كلها زبالة.. وبرضه في وش ربنا!! بخطواتي السريعة المتعجلة أدخل إلي البيت وأنا أخلع شبشبي لدي الباب حتي لا تغضب أمي.. وما أن أدخل حتي:...... «حاتم!»..... تشخط فيّ أمي: «إعدل الشبشب».. دائما أنفذ أمرها دون مناقشة ولكني هذه المرة سألتها: «ليه؟» فأجابتني وهي تشير لأعلي: «عشان عيب كدة يبقي في وش ربنا» قلت: «حاضر» وقمت لأعدله.. وإن لم أفهم ردها جيدا.. ولكني أحسست أن الأمر مهم... ليلاً أخرج مع أبي لزيارة أقاربنا، وقد أخذ معه كيس القمامة ليلقيه بأسفل.. وعلي بوابة العمارة ينظر حوله.. ألاحظ حيرته.. لا أثر لصندوق القمامة.. أخبره أنني كل يوم أجد الصندوق في مكان مختلف.. أو لا أجده أصلاً.. أبحث معه بنظري عن مكانه.. فأجده يجذبني من يدي: «يلا بينا»!.. أنظر ليده الأخري الخاوية.. ثم ألتفت وراءه لأجد الكيس الخاص بنا مستقراً بجوار بضعة أكياس أخري علي الرصيف المقابل..! أنظر له مندهشاً.. ثم أقتنع بهذا الحل السهل.. بعدها بأيام أخرج مع أبي ثانية.. ومعه كيس قمامة آخر.. يؤذي بصري منظر كومة القمامة التي تضخمت سريعا وقد نهشتها القطط.. سددت أنفي.. وجذبته من يده قبل أن ينفذ حله السهل: «بابا.. هو مش الزبالة دي عيب تبقي في وش ربنا برضه؟» أجابني: «بس يا حبيبي.. هافهمك بعدين".. يغيظني رده.. أقف علي قدم واحدة وأتعلق بذراعه وأريه باطن الشبشب في قدمي الأخري... «بص شبشبي من تحت.. شكله مش بيبقي وحش ولا حاجة.. هو مترّب بس شوية.. بس مش وحش قوي زي الزبالة دي و.....» يتلفت حوله ويجذبني من يدي بقوة لأعتدل.. ونبتعد: «وطي صوتك.. وعيب يا ولد ترفع رجلك في وشي كدة.. امشي وانت ساكت» أصمت ويتجعد وجهي بعدم الفهم.. "إعدل الشبشب يا حاتم.. هو لازم كل مرة حد يقولك.. وبعدين إيه اللي أخّرك كدة؟» أنظر لها ولا أرد وأجري مسرعاً إلي الحمام.. أغلق الباب.. وأفكر في الصندوق البعيد الذي مشيت إليه لألقي فيه كيس القمامة هذه المرة.. أنتظر حتي ينام الجميع.. أذهب إلي باب البيت.. أقلب كل أحذيتهم وشباشبهم.. وأترك شبشبي الصغير معدولاً.. أعود إلي سريري وأبتسم.. وأنام مطمئناً..