أنا سيدة عمري الآن خمسين عاما عاما, وكنت قد تزوجت وانا في العشرينات من شاب تقدم لي, واعتقدت أنه الشخص المناسب, فوافقت عليه, وبعد شهر واحد من الزواج اكتشفت أنه خضع للعلاج النفسي, لكنه اخفي عني ذلك وبالمصادفة عثرت علي روشتات وشهادات من المستشفي الذي كان يعالج فيه, وخلال ثلاثة أشهر فقط عانيت الكثير من تصرفاته التي لاتحتمل لدرجة أنه كان يضربني ضربا مبرحا, ولم أجد مفرا من الانفصال عنه, فطلبت منه الطلاق, وعدت إلي بيت أهلي وأنا محملة بالفشل ولكن دون أطفال!. ومرت عدة سنوات وعن طريق أحد المعارف بالعائلة تقدم لي شاب آخر كان مسافرا إلي الخارج, وسبق له الزواج, وقال انه يريد الارتباط بي والاستقرار في مصر, فالتقيت به مرتين فقط, ونصحني أهلي بقبوله لأنه ليس فيه ما يعيبه, فوافقت وعقدنا القران وانتقلت إلي عش الزوجية, ولم يمر وقت طويل حتي اكتشفت أن به هو الآخر عيوبا لاتطاق أبرزها البخل الشديد, حتي إنه كان يحاسبني بالمليم الواحد علي فواتير الكهرباء والطعام وغيرهما, وخوفا من الفشل للمرة الثانية فإنني تحملته كثيرا, ولكن مع تزايد ضغوطه علي وكثرة المشكلات بيننا, وما عرفته عنه من أنه يشرب الخمر, فقد عدت إلي بيت أهلي فلم يلق بالا وتركني علي ذمته وتزوج من أخري, ولم تمر أيام علي زواجه منها حتي فاجأته أزمة قلبية خلال إحدي جلسات الخمر ورحل عن الحياة. وبعد ثلاث سنوات جاء إلي الإدارة التي أعمل بها بالبنك مدير جديد فلم أعطه أي اهتمام, إذ يعلم الله انني دائما مثال للسيدة الجادة, ولكنه بدأ في التقرب إلي بكل الوسائل, مع العلم أنه متزوج, وأخذ يقول لي دائما إن زوجته مريضة, وأنه ليس سعيدا في حياته, وانني لو وافقت علي الزواج منه فسوف يعوضني عما فات من آلام, فترددت طويلا ثم وافقت عليه خصوصا, أنني سبق أن فشلت في زيجتين سابقتين, وقد أخبرني بعد ذلك أنه سيأتيني ثلاثة أيام, ويذهب إلي زوجته وأولاده ثلاثة أيام ووجدتني أوافق علي شرطه الجديد, وتزوجنا, ومر عام كامل وهو علي هذه الحال بيني وبين زوجته ثم ظهرت نيته الحقيقية في أنه يريد أن يأتيني لقضاء بعض الوقت, إذ بدأ يختلق الاعذار لكي يغادر بيتي بعد يوم واحد أو يومين علي أكثر تقدير, ثم ادعي أنه ليس معه ما يكفي لسد احتياجات بيتين, فبدأت أنفق علي نفسي وبيتي من مالي الخاص دون ضيق, ومع مرور الأيام تزايدت الضغوط النفسية علي, ولم أجد مفرا من الانفصال للمرة الثالثة!. انني اقيم الآن في بيت والدتي, وهي سيدة عجوز أطال الله عمرها, ولكنني اخشي يوما أعاني فيه الوحدة, بل لا أتجاوز الحقيقة, إذا قلت لك إنني أصبحت أخاف من الناس ولا أثق في أي إنسان, إذ لم يعد حسن النية متوافرا في أي منهم, كما أن الأهل والأصدقاء كلهم مشغولون بحياتهم ولا أحد منهم يهتم بأمر إنسانة تعاني الوحدة مثلي.. فماذا جري للدنيا يا سيدي؟. ولكاتبة هذه الرسالة اقول: من خلال ثلاث زيجات أستشف أنك استسهلت مسألة الطلاق عند أول عائق اعترض حياتك الزوجية, وهذا خطأ فادح وقعت فيه, إذ لا يوجد بيت واحد خال من المشكلات المعتادة, فبالنسبة لزوجك الأول الذي اكتشفت أنه كان يعالج بمستشفي نفسي, ماذا كان يضيرك لو أنك تقربت منه أكثر, وتعرفت علي نقاط ضعفه والمشكلات النفسية التي يعانيها,بل وقفت إلي جواره حتي يجتاز محنته.. الم يكن هذا طريقا قد يصل بكما الي حياة مستقرة بدلا من طلب الطلاق والاستسلام للنزاع مع كل هفوة في حياتكما؟.. وبالنسبة لزوجك الثاني أما كان هناك حل لمسألة بخله الشديد بحيث تتوافقان علي صيغة وسط تكفل لك تلبية طلباتك وترضي غروره المادي الذي لا يحتمله أحد علي حد تعبيرك؟ وإذا كان بخيلا إلي الحد الذي لا يطاق كما وصفته, فلماذا إذن احتفظ بك وتزوج عليك من أخري زادته أعباء فوق أعبائه حتي رحل عن الحياة فجأة واختفي من حياتك وأنت علي ذمته؟!.. أما الزوج الثالث الذي رضيت منه بنصف زوج, فإذا به يفصح عن وجهه الحقيقي, ويخلع القناع الزائف الذي كان يرتديه حين غرر بك وأوقعك في شباكه حتي وافقت علي الزواج منه, وهذا أمر متوقع في مثل هذه الزيجات! إن القاسم المشترك في كل زيجاتك هو أنك تبحثين عن المادة فقط, بدليل أن كل كلامك عنها, لكن التفكير المادي يظل دائما منقوصا, ولا يصل بصاحبه أبدا إلي ما يريده ويبتغيه, ولذلك فإن بداية الحل تكون بتغيير اسلوبك في الحياة وبإدراك أن المادة وحدها لا تصنع السعادة, ولابد أن تكون هناك أرضية مشتركة مع شريك حياتك تنطلقان منها إلي المستقبل, ولا تنوء سفينتكما بأي أحمال أخري من هموم وخلافات, فالسكينة والمودة هما العنصران الأساسيان لقيام حياة زوجية ناجحة, فأعيدي النظر في فلسفتك في الحياة, وسوف تجدين من هو جدير بالإبحار معك في سفينتها بإذن الله.