أعياد الأمم والشعوب تتنوع من عصر لآخر وتتغير أسماؤها ومواعيدها من مناسبة لأخري ويزاد فيها وينقص منها مسايرة للأحداث أو مجاراة للأضواء وتتأثر مراسيمها وتقاليدها طبقا لتعاقب النظم والشخصيات الحاكمة في البلاد. أما الأعياد الإسلامية كما يقول الدكتور رمضان يوسف الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر فهي ثابتة منذ شرعت الأعياد لأنها مرتبطة بعبادة إلهية أصيلة ومشروعة, وهذا هو الفرق بين ما حدده الله وما يضعه البشر, كما أن شعائرها لم يطرأ عليها تبديل ولا تحويل وتتمثل في نشيد سماوي يتردد قولا الله اكبر لا إله إلا الله والله اكبر ولله الحمد وصلاة جامعة محددة الزمن والمعالم ثابتة الأقوال والأفعال تليها خطبة مناسبة, وقد تم توقيتها قبل ألف وأربعمائة وثلاثة وثلاثين عاما, حين قدم رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي المدينة فوجد للأنصار يومين يلعبون فيهما فقال ما هذان اليومان قالوا كنا نلعب فيهما في الجاهلية فقال النبي قد ابدلكما الله بهما خيرا منهما يوم الأضحي ويوم الفطر ويأتي عيد الأضحي في يوم العاشر من ذي الحجة وسماه الله يوم الحج الأكبر وفيه تفرح جموع المسلمين من حجاج بيت الله الحرام بالانتهاء من أداء الركن الخامس من أركان الإسلام, ويفرح المسلمون قاطبة بتمام نعمة الله عليهم وإكمال دينهم تأكيدا لقوله سبحانه اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا. ويؤكد الدكتور رمضان يوسف الأستاذ بجامعة الأزهر أن يوم الأضحي تذكرة للعرب بما أراده الله لهم من الخير عندما أمر خليله إبراهيم عليه السلام بأن يرفع قواعد البيت ليكون مثابة للناس وأمنا فقال تعالي وجعلنا البيت مثابة للناس وأمنا, واستجابة أبي الأنبياء لذلك كما جاء في قوله عز وجل وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك انت التواب الرحيم, ولما أتما بناء البيت كان تمام نعمة الله علي العرب عندما أمر أبا الأنبياء بأن ينادي في الناس بالحج إلي بيته الحرام فقال سبحانه وتعالي وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلي كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات وقد استمرت فريضة الحج من عهد إبراهيم عليه السلام حتي جددها الإسلام فقال تعالي: ولله علي الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا, ويوم الأضحي هو العيد الأكبر للمسلمين يشكرون فيه ربهم وقد أعانهم علي أداء فريضته تذكيرا بموقف خالد من البطولة والفداء استجابة لنداء من الله سبحانه لأبي الأنبياء, وقد رأي في المنام أنه يذبح ابنه فأسرع بتنفيذ ما أوحي اليه من ربه ثم الاستجابة المطلقة من الأبن برا بأبيه وطاعة لربه, وتذكيرا للمسلمين برحمة الله التي تنزل علي عباده الصالحين, ويأتي تقديم الهدي والضحايا في يوم عيد الأضحي قربانا لله, قال تعالي إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر لتكون تقوي إلي الله سبحانه ومساهمة في رعاية أهل القربي والمساكين وتحقيقا للأسوة الحسنة لرسول الله صلي الله عليه وسلم والقدوة الطيبة في التماسك والترابط والعطف والتعاون تطبيقا لقول الله عز وجل وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان, وتأكيدا لقول النبي عليه السلام والله في عون العبد ما دام في عون أخيه.