كانت فريضة الحج علي المسلمين من أشق التكاليف علي الذين يدخلون في دين الله وقد عرفه النبي عليه السلام بأنه احد أنواع الجهاد فيما روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت يا رسول الله.. هل علي النساء جهاد فقال لها النبي صلي الله عليه وسلم نعم عليهن جهاد لا قتال فيه وهو الحج. ويقول الدكتور رمضان متولي الباحث في الدراسات الإسلامية إن كل الأعمال التي تؤدي في الحج ترجع الي التاريخ الأصلي للبقاع التي نشأ فيها الدين الإسلامي, وزيارة هذه الأماكن المقدسة تحدث الرهبة في نفس الإنسان وتتولد عنها التوبة الخالصة التي تتحقق من المشاهدة وليست بالموعظة والإرشاد.. وجاءت المناسك لحكم وأسرار ترمز الي وقائع وذكريات خالدة في الإسلام يتطلب علي المسلمين استعادتها واتخاذ العبر منها, فقد اختص أداء الفريضة بأشهر معلومات تبدأ من شوال وحتي العاشر من ذي الحجة باعتبارها المدة التي انقضت بين فراق آدم وحواء عقب نزولهما من السماء ثم لقائهما وتعرفهما.. وهي الأيام التي مضت بعد عصيان آدم لربه بالأكل من الشجرة التي نهاه الله عنها وحتي قبول توبته عند خروجه من الجنة.. وهي الفترة التي حقن الله في نهايتها دم إسماعيل عليه السلام عندما نادي الله أباه إبراهيم عليه السلام قائلا: قد صدقت الرؤيا وجعل الله سبحانه طرفي هذه المدة الزمنية عيدين أولهما عيد الفطر الذي يأتي تطهرا للصائم وعيد الأضحي الذي يجيء في آخر أيام الحج. ويضيف الدكتور رمضان متولي قائلا أما أعمال الحج فتبدأ بالإحرام والذي يتجرد فيه المسلم من زينة الحياة وزخرفها وجميع ما كان مباحا له, ويعتبر صورة للتذكرة لما بعد الموت ومظهرا للمساواة بين الناس.. ثم الطواف حول الكعبة تأكيدا للخضوع لله وتشبيها لطواف الملائكة بالعرش. والهرولة في الطواف ترمز لجدية المسلمين وتمسكهم بالنظام.. ويذكر السعي بين الصفا والمروة بما فعلته السيدة هاجر للبحث عن شربة ماء لطفلها إسماعيل عليه السلام ويسجل عطف الأمومة بما يستلزم طاعة الوالدين والإحسان إليهما.. ويرمز أيضا للجهاد في الحصول علي المشرب وذلك تأكيدا لقول الله سبحانه إن الصفا والمروة من شعائر الله ز.. وفيما يتعلق باستلام الحجر الأسود لاعتبار أنه بداية للطواف حول الكعبة المشرفة للوقوف أمام بيت الله والاستئذان الضمني في الدخول عليه. استعادة الذكريات أما الوقوف بعرفات باعتباره الركن الأساسي في الحج وأعظم شعائره لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم الحج عرفة فإنه يعيد للمسلمين والناس جميعا تسجيل ذكريات عظيمة تتمثل فيما يلي: أولاها.. أن جبريل عليه السلام كان يعلم إبراهيم أبو الأنبياء مناسك الحج, وعندما وصلا الي هذا المكان قال إبراهيم عليه السلام الآن عرفت. وثانيها: اعتبار هذا الموقف رمزا الي صعود موسي فوق الجبل ودعائه لربه قائلا رب أرني أنظر اليكس. وثالثتها.. ارتفاع عيسي إلي السماء تأكيدا لقول الله سبحانه: بل رفعه الله اليه. ورابعتها.. الإسراء بخاتم الأنبياء والمرسلين من مكة الي بيت المقدس والصعود به الي السماوات لرؤية آيات الله وتلقيه فرض الصلاة علي أمته, كما قال عز وجل: سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام الي المسجد الأقصي الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا ويشير رمي الجمرات والحجارة في مني تطبيقا لما فعله ابراهيم وولده اسماعيل عليهما السلام بانتصارهما علي الشيطان وعدم استجابتهما لنصائحه وتنفيذهما لأمر الله, كما جاء في قوله تعالي: يا بني إني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا تري.. قال يا ابت افعل ما تؤمر. وتأتي مشروعية الصلاه في مقام أبي الأنبياء تنفيذا لقول الله تعالي: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلي.