مع اقتراب عقد القمة الخليجية لقادة دول مجلس التعاون الخليجي في البحرين نهاية هذا العام يثور التساؤل مجددا عما إذا كان الاتحاد الخليجي, الذي طرح فكرته خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية, سيعلن في هذه القمة أم سيؤجل إلي موعد آخر؟ ويستتبع ذلك طرح سؤال آخر عن عدد الدول التي قد تنضم إلي هذا الاتحاد في ظل تردد بعض الدول عن توضيح موقفها النهائي حتي الآن, رغم الترحيب المعلن من الدول الأعضاء في مجلس التعاون بالفكرة.ومع أن البعض يري أن طرح فكرة الاتحاد في هذا التوقيت قد يرتبط بما تشهده منطقة الخليج من أحداث, خاصة الأحداث التي شهدتها البحرين في فبراير ومارس2011, وأحداث أخري شهدتها بدرجات متفاوتة, كل من سلطنة عمان والكويت والإمارات والمنطقة الشرقية بالسعودية, إلا أن مصادر خليجية رفيعة أكدت ل الأهرام أن فكرة الاتحاد لم تكن وليدة هذه الأحداث, وان كانت قد دفعت إلي التسريع بتطبيقها أو الدعوة إلي تفعيلها.المصادر ذاتها أكدت أن الاتحاد أو الوحدة, هدف معلن منذ قيام منظومة مجلس التعاون الخليجي في عام1981, وأن الدول الأعضاء اتبعت التدرج المرحلي الذي تسارعت وتيرته أحيانا وتباطأت في أحيان أخري, إلا أن المحصلة النهائية لما تحقق حتي الآن من تنسيق وتعاون بل وتكامل بين هذه الدول, يعد مرضيا قياسا بكيانات وتجمعات أخري لم يكتب لها النجاح أو تعثرت خطواتها.وكما يشير دبلوماسي خليجي فإن فكرة الاتحاد ربما جاءت لتزيل مخاوف أو اعتراض بعض الدول من الوحدة الشاملة وما قد يترتب علي ذلك من ذوبان كياناتها في كيان واحد, ومراعاة الحرص علي الحفاظ علي هوية وخصوصية كل دولة من الدول الأعضاء, مع توحيد القوي الدفاعية والتوجهات السياسية وإيجاد كيان اقتصادي قوي.ويري الدبلوماسي الخليجي أن توحيد العمل الخليجي في هذه المحالات سيمكن الدول الأعضاء في مجلس التعاون, من مواجهة التحديات والمخاطر, في منطقة باتت ملعبا للقوي الاقليمية والدولية, ومسرحا مهيئا لحروب أخري محتملة قد تأتي علي الأخضر واليابس. ولا يخلو الأمر من مخاوف يعددها بعض المحللين والمراقبين الخليجيين وقد تتسبب في تعثر قيام هذا الاتحاد الخليجي بالنظر إلي تعثر خطوات وحدوية عديدة في السنوات الماضية, لعل أبرزها عدم إصدار العملة الخليجية الموحدة حتي الآن رغم إقرارها رسميا, فضلا عن تفاوت رؤي وتعامل بعض الدول الأعضاء مع بعض الاتفاقيات الجماعية, كما أنهم يستشهدون في هذا المجال بما سبق وأعلنته سلطنة عمان بأن فكرة الاتحاد الخليجي قد تكون أكثر ملاءمة للأجيال القادمة وأن مجلس التعاون هو الأصلح. وعلي الجانب الآخر فإن بعض القوي, سواء كانت قوي خارجية أو أخري داخلية في بعض دول مجلس التعاون, تحاول باستماتة إجهاض قيام الاتحاد الخليجي, ولم تخف هذه القوي توجهاتها في هذا المجال, فقد أعلنت إيران معارضتها لقيام الاتحاد, واعتبر الناطق باسم الخارجية الايرانية رامين مهمانبرست أن هذا الاتحاد يعني زوال البحرين, التي يواصل بعض المسئولين الإيرانيين ادعاءاتهم بأنها تابعة لإيران وأنها المحافظة الإيرانية الرابعة عشرة.!ولم تصمت البحرين حينذاك علي التصريحات الايرانية, التي شارك فيها أيضا رئيس مجلس الشوري علي لاريجاني والنائب الايراني حسين شهرياري, حيث اعتبرت الخارجية البحرينية تصريحات المسئولين الايرانيين تدخلا سافرا في الشئون الداخلية للبحرين ومساسا صارخا باستقلالها وسيادتها, ودعت إيران إلي وقف ومنع مثل هذه التصريحات والكف عنها.ومن جانيه أكد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في تصريح قوي وحاسم أنه ليس لإيران لا من قريب أو بعيد أي دخل فيما يدور بين السعودية والبحرين من إجراءات حتي لو وصلت إلي الوحدة, وبدورها سعت المعارضة الشيعية في البحرين إلي تصوير الاتحاد الخليجي وكأنه محاولة لإلحاق البحرين بالسعودية, ووصل الأمر بعلي سلمان أمين عام جمعية الوفاق, أبرز جمعيات تلك المعارضة, إلي وصف الاتحاد بأنه كارثة, بل وهدد ب تفجير المنطقة وحرقها حال إلحاق البحرين بالسعودية!.. فيما اعتبر قيادي آخر بنفس الجمعية أن الاتحاد مخطط دولي وإقليمي لجر ايران لمستنقع الحرب عبر استفزازها بالاتحاد بين البحرين والسعودية! ورغم التهديدات الايرانية والنظرات الضيقة لبعض القوي لأهداف الاتحاد الخليجي, فإن دول المجلس أو علي الأقل أربع دول منها.