الشمس هي أكبر مصادر الطاقة علي وجه الأرض ويمكن استخدامها في أغراض عديدة منها تحلية المياه وتوليد الكهرباء. وفي المنطقة المحصورة بين خطي عرض40 شمالا و40 جنوبا يستقبل المتر الواحد من الأرض ما يعادل2000 كيلو وات ساعة سنويا من الطاقة الشمسية. ولكن رخص الوقود الأحفوري وسهولة الحصول عليه كان عاملا مهما في عدم استخدام الطاقة الشمسية منذ عدة عقود سابقة الي جانب قلة الخبرة بالنسبة لتحويل الطاقة الحرارية إلي طاقة كهربائية. وبالرغم من كمية الطاقة الهائلة التي تسقط علي الأرض إلا أنه يلزم تركيز هذه الطاقة وتحويلها إلي صورة أخري يمكن استخدامها بطريقة ميسرة ونافعة لأغراض التنمية. وكذلك استخدام الخلايا الضوئية لتحويل تلك الطاقة إلي طاقة كهربائية مباشرة أو يتم استخدام حقول المرايا لتركيز هذه الطاقة الضوئية وتحويلها إلي طاقة حرارية لتوليد الكهرباء أو أي أغراض أخري- أو استخدامها مباشرة في تسخين المياه للأغراض المنزلية. وأدت زيادة أسعار الوقود وتقدم التكنولوجيا التي مكنت الإنسان من استخدام الفرق الضئيل في درجة حرارة مياه المحيطات, إلي إعادة التفكير في استخدام البرك الشمسية في توليد الكهرباء وانتاج المياه حيث أصبح ذلك اقتصاديا وتقنيا أمرا ممكنا. والبرك الشمسية عبارة عن بحيرات صناعية يتم إنشاءها بطريقة معينة كي تقوم بتجميع الطاقة الشمسية التي تسقط علي سطحها- وتحويلها إلي طاقة حرارية يتم اختزانها في الطبقات المختلفة والحفاظ علي هذه الطاقة المخزنة لحين استخدامها في توليد الطاقة الكهربائية أو أي أغراض أخري مثل تحلية مياه البحر وإنتاج الأملاح والمياه المستخدمة في الصناعة مثل صناعة الألبان وتجفيف الفاكهة والخضروات والحبوب والتبريد والتجميد الاستزارع المائي لبعض الأحياء مثل الاسماك واللافقاريات. وتقول الدراسة العلمية التي استعرضها الدكتورعلي ابراهيم بلتاجي الأستاذ بالمعهد القومي لعلوم البحار والمصايد التابع لوزارة البحث العلمي, أمام مجلس علوم البيئة باكاديمية البحث العلمي بحضور أعضاء اللجان العلمية المختلفة. إن أول وصف لبركة( بحيرة) شمسية في عام1902 كان في ترانسلفانيا بكاليفورنيا حيث وجدت بحيرة ذات صفات مختلفة من حيث إن درجة حرارتها علي عمق3,1 متر بلغت70 درجة مئوية بنهاية فصل الصيف في حين أن درجة حرارتها كانت26 درجة مئوية في بداية فصل الربيع وكان تركيز الأملاح26% كلوريد صوديوم عند القاع. كما تم تسجيل بحيرة دافئة بمنطقة أورونيل واشتجتن عام1958, ثم بحيرة مائية أخري في سيناء. وأشار الدكتور مجدي توفيق استاذ البيئة بعلوم جامعة عين شمس وأمين عام مجلس البيئة الي أن البدء في استخدام هذه البحيرات الطبيعية كان في اسرائيل عام1950 علي البحر الميت, حيث تم تسجيل درجة حرارة103 وكذلك وجود التدرج في تركيز الأملاح مع العمق, وتم تقدير كفاءة حصد الطاقة لهذه البرك ب15%, بعدها تم إنشاء بركة صناعية كبيرة نوعا خلال بداية الستينيات بمساحة1000 متر مربع. وفي خلال السبعينيات تم إنشاء بركة بمساحة1100 متر مربع لاستخلاص الطاقة لأول مرة, أما في عام1977 فتم انشاء بركة بمساحة1500 متر مربع لتجربة تربينة لتوليد الكهرباء بقدرة6 كيلو وات. تلي ذلك انشاء بركة بمساحة6250 متر مربع في منطقة عين بوكيك علي ساحل البحر الميت لتوليد الكهرباء بواسطة شركة اورمات وكانت تضخ الكهرباء إلي الشبكة العامة خلال الفترة من1979 وحتي1983 ثم توقفت لأسباب سياسية وان كانت لا تزال تعمل علي فترات وتضخ طاقة بقدرة150 كيلو وات ساعة. وقد أدي نجاح هذه التجربة إلي إنشاء أول مشروع بقدرة5 ميجا وات بمساحة250000 متر مربع في منطقة بيت هرفا علي البحر الميت. وقال الدكتور محمد رجائي لاشين الاستاذ بالمركز القومي للبحوث ومقرر المجلس إن الولاياتالمتحدة أنشات في جامعة اوهايو أول بركة تجريبية لها عام1974 ثم أنشات بركة اخري1976 لإستخدام الطاقة الناتجة منها في تحلية المياه. وفي عام1975 انشأت جامعة تكساس بركة شمسية بمساحة35000 مر مربع في منطقة الباسو بالمكسيك بالإشتراك مع شركةBruce للأغذية لإمداد الصناعات الغذائية بالطاقة الحرارية. وفي عام1986 تم استخدام مياه القاع بدرجة حرارة85 م لتوليد الكهرباء بطاقة100 ك وات/ساعة. والآن توجد برك شمسية في جنوب البحر الأدرياتيكي في ايطاليا بمساحة25000 متر مربع وفي الكويت بمساحة1700 متر مربع والهند م2000 متر مربع. وعن طريقة عمل البرك الشمسية يقول الدكتور بلتاجي إن البرك الشمسية عبارة عن بحيرات صناعية يتم حصرها لكي يحدث للمياه فيها ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة في المناطق القريبة من القاع من خلال منع حدوث تيارات الحمل التي تؤدي الي اختلاط كل المياه في البحيرة. وهي بذلك تمثل في الحقيقة وسيلة بسيطة لتجميع الطاقة الشمسية باستخدام المياه الموجودة في حيز متسع قد يصل عمقه الي ثمانية أمتار, وتعمل علي تجميع الطاقة الشمسية وتحويلها الي طاقة حرارية( ارتفاع درجة حرارة المياه حتي95 م), اختزان الحرارة في الطبقة القاعية ونقل هذه الطاقة الحرارية خارج البركة لاستخدامها في أغراض مختلفة, متطلبات بناء البرك الشمسية هي مساحة الأرض والمياه المستخدمة في البحيرة والأملاح المطلوبة لزيادة كثافة الطبقة القاعية, ويقول الدكتور بلتاجي لتوليد الكهرباء تكون المساحة المطلوبة222000 متر مربع كافية لتوليد ألف كيلو وات ساعة بصفة مستمرة(2000 ساعة سنويا) أما في حالة تحلية المياه فتكون المساحة المطلوبة65000 متر مربع لإنتاج1000 متر مكعب في اليوم من المياه العذبة. أما فيما يختص بالمياه المستخدمة للحفاظ علي التركيب الطبقي للبركة فيلزم نحو450000 متر مكعب من المياه العذبة أو المالحة أو الخليط سنويا. وبالنسبة للأملاح اللازمة للطبقة القاعية فإنه يلزم نحو300 كيلو جرام من الملح لكل متر مكعب من الطبقة القاعية ولذا يجب أن تكون البركة قريبة من مصدر رخيص للأملاح اللازمة. وأوضح الدكتور بلتاجي أن مصر تحتاج الي الطاقة الكهربائية بصورة ملحة ولكن البدائل لم تدرس بصورة متكاملة وفي هذا الصدد اقترح انشاء القناة التي كانت مقدرة لمشروع منخفض القطارة بطول نحو100-200 كم( حسب المسار المختار),واقامة المحطة النووية في المسافة المتوسطة علي هذه القناة حيث أن اقامتها علي البحر ليس شرطا, وكذلك انشاء عدد من البرك الشمسية علي مسار القناة حتي منخفض القطارة لتوليد الكهرباء وتحلية المياه, مع استثمار( بيع) الأرض المخصصة والتي تبلغ قيمتها عشرات المليارات من الجنيهات لتمويل هذه المشروعات. وأضاف الدكتور بلتاجي أن مصر سوف تحصل بذلك علي طاقة كهربائية من مصادر مائية كما كان مخططا له في مشروع منخفض القطارة وطاقة كهربائية من المحطة النووية, وطاقة كهربائية من البرك الشمسية, بالاضافة الي اقامة مجتمعات عمرانية علي طول القناة باستخدام تقنيات تحلية المياه باستخدام الطاقة الحرارية من البرك الشمسية, واستثمار أرض الساحل في أغراض أخري.