أقل 5 درجات.. تنسيق جديد لفصول الثانوية العامة 2025 في محافظة دمياط    محافظ أسيوط يوجه بإنشاء معمل مركزي لدعم إنتاج العسل الأسود    بعد زيادة 30 جنيهًا في عيار 21 بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم الأحد 10-8-2025 بيعًا    "الإحصاء": ارتفاع الرقم القياسي للإنتاج الصناعي بنسبة 7.9% خلال يونيو 2025    بتكلفة 10.5 مليون جنيه.. محافظ الشرقية: تنفيذ 40% من مشروع كوبري سيارات في أبوحماد    بسبب خطة احتلال غزة.. «الصهيونية الدينية» تهدد بحل الحكومة الإسرائيلية    تحمل 3700 طن مساعدات غذائية وإغاثية.. انطلاق القافلة ال11 من «زاد العزة» إلى غزة    كوريا الجنوبية: الجارة الشمالية تبدأ في تفكيك مكبرات الصوت على الحدود المشتركة    موعد مباراة مصر والتشيك والقنوات الناقلة في كأس العالم لكرة اليد للناشئين 2025    الأهلي يشكو جماهير الزمالك بعد سب زيزو    نونيز خارج حسابات إنزاجي في مباراة الهلال ضد أراو السويسري    مودرن سبورت عن احتفال حسام حسن: جمهور الاهلي "سبه" بعد تسجيل الهدف    التشكيل - أوناجم يقود كهرباء الإسماعيلية في أول لقاء بالدوري المصري.. ونور السيد أساسي مع الجونة    موجة شديدة الحرارة.. طقس المنيا والمحافظات غدا الإثنين 11 أغسطس    رسميًا.. بدء قبول الاعتراضات على نتائج الصف التاسع 2025 في سوريا    تأجيل استئناف متهم بالانضمام لجماعة إرهابية بالجيزة ل16 سبتمبر    عاصي الحلاني يدعم أنغام في أزمتها الصحية :«أدعو الله أن تعود في أقرب وقت بكامل تألقها»    حسين الجسمي عن حفل الساحل: «ليلة من العمر»    «بتقع في مواقف غريبة».. 3 أبراج ساذجة    قوافل طبية مجانية في بنى مزار بالمنيا    والد الطفل «علي» المُصاب بضمور في العضلات يكشف تطورات حالته الصحية    موعد إجازة المولد النبوى الشريف 2025 للقطاعين العام والخاص    البورصة تربح 21.3 مليار جنيه في نهاية تعاملات اليوم الأحد    البنك الأهلي يوقع بروتوكول تعاون مع "بيزنس كوميونتي" لدعم الشركات    تسجيل منتجي ومالكي العلامات التجارية حسب «الرقابة على الصادرات والواردات»    وزير الصحة يبحث مع «هواوي» التعاون في الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي    الجوازات والهجرة تواصل تقديم خدماتها للمترددين عليها    بتكلفة 114 مليونا إنشاء مدرسة ثانوية صناعية متطورة ببنى عبيد    حبس المتهم بإلقاء ماء نار على طليقته فى الوراق    زلزال بقوة 3.7 ريختر يضرب عاصمة مدغشقر ويثير قلق السلطات    والد أسير إسرائيلى بغزة: ابنى يسحق بين يدى نتنياهو    "كيف وأين ولماذا مات؟!".. محمد صلاح يهز عرش الاتحاد الأوروبي بتساؤلات جريئة حول استشهاد بيليه فلسطين.. صحف العالم تحتفي بشجاعة "الفرعون" فى مواجهة يويفا.. و800 شهيد حصيلة جرائم الإبادة الإسرائيلية بحق الرياضيين    شرم الشيخ للمسرح الشبابى يطلق استمارة المشاركة فى مسابقاته بالدورة 10    مصادر إسرائيلية: ترامب يضغط لمنع احتلال قطاع غزة والتوصل إلى صفقة    تفاصيل لقاء أشرف زكى مع شعبة الإخراج بنقابة المهن التمثيلية.. صور    الانتهاء من تنفيذ مشروع ربط التغذية الكهربائية للحى الرابع على محطة 3 بمدينة بدر    رسالة محمد صلاح عن بيليه فلسطين تسجل أرقامًا قياسية بمنصة "إكس"    الإمارات ترحب بإعلان التوصل إلى اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا    تحرير 125 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات خلال 24 ساعة    أضرار التهاب المسالك البولية المزمن لدى الرجال والنساء.. وطرق الوقاية    السيسي يوافق على صرف البدل النقدي المقترح من الحكومة للصحفيين    ضبط 5488 قضية بمجال الأمن الاقتصادي خلال 24 ساعة    أمين الفتوى يوضح حكم الصلاة أو الصيام عن المتوفى غير الملتزم وطرق إيصال الثواب له    لست قادرا على الزواج ماذا افعل؟.. يسري جبر يجيب    حكم قضاء المرأة الصلاة التي بدأ نزول الحيض في أول وقتها.. المفتي السابق يوضح    ملتقى المرأة بالجامع الأزهر: تجربة المدينة المنورة في العهد النبوي نموذجا يحتذى به في جهود النهوض بالأمة    إبعاد 6 أشخاص خارج البلاد لأسباب تتعلق بالصالح العام بقرارات من الداخلية    جهود منظومة الشكاوى الحكومية في يوليو 2025 |إنفوجراف    صناعة المفتى الرشيد فى عصر الذكاء الاصطناعى    الرد فى الصندوق لا فى الهاشتاج    وزير الري: توفير الاحتياجات المائية للمنتفعين بالكميات المطلوبة وفي التوقيتات المناسبة    رئيس جامعة جنوب الوادي يناقش الحوكمة الإلكترونية للموارد الذاتية    جيش الاحتلال يعلن اعتقال 70 فلسطينيا في الضفة الغربية    طارق يحيى: ريبيرو يعاني في قراءة المباريات.. والزمالك حقق انطلاقة موفقة    في هذا الموعد.. علي الحجار يحيي حفلًا غنائيًا في مهرجان القلعة للموسيقى والغناء    وزير الدفاع يلتقى بعدد من مقاتلى القوات الخاصة من المظلات الصاعقة.. شاهد    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    مؤتمر ريبيرو: التعادل أفضل من الخسارة رغم أنه ليس طموحنا.. وهذه رسالتي للإعلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تتحديات للخيار النووي المصري

واجه الدول العربية‏,‏ وفي مقدمتها مصر‏,‏ تهديدات عديدة ومكثفة لها علاقة مباشرة بالصراع النووي الاقليمي في الشرق الأوسط وتداعياته المحتملة علي دول الاقليم‏,‏ وعلي الرغم من ان هذه التهديدات لم تظهر فجأة‏. لكن الايقاع السريع لتطوراتها‏,‏ اخذ يدفع بمصر ودول عربية اخري وجها لوجه مع استحقاقات هذا الصراع‏,‏ وهي استحقاقات لم يعد من الممكن الهروب منها او تأجيلها علي نحو ماحدث طيلة العقود الماضية‏,‏ وبالذات منذ أن اصبحت إسرائيل قوة نووية اقليمية احادية مالكة دون غيرها في المنطقة ترسانة ضخمة من الاسلحة النووية‏,‏ ومنذ ان صدق مجلس الشعب المصري عام‏1981‏ علي معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية‏,‏ وتوقيع مصر بعد ذلك علي اتفاقية الحظر الشامل للتجارب النووية‏(‏ ديسمبر‏1996)‏ ثم منذ ان قررت مصر‏,‏ رسميا‏,‏ تجميد مشروعها النووي عام‏1986.‏
هذه المواقف المصرية المتلاحقة الواحدة تلو الأخري التي اخرجت مصر‏,‏ بمحض ارادتها‏,‏ من سباق التسلح النووي‏,‏ والتي اكتملت بتبني مصر مسئولية ريادة السياسة الداعية إلي جعل اقليم الشرق الأوسط خاليا من الاسلحة النووية‏,‏ باعتبار ان هذه السياسة هي الخيار الاستراتيجي المصري‏,‏ تماما‏,‏ كما هو السلام‏,‏ كخيار استراتيجي مصري تواجه الآن اصعب اختباراتها في ظل مجموعتين متزامنتين ومكثفتين من التحديات‏,‏ المجموعة الأولي تتعلق بدخول جهود منع الانتشار النووي في الشرق الأوسط في طريق مسدود في ظل الاصرار الإسرائيلي علي رفض التوقيع علي معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية‏,‏ والتواطؤ الأمريكي الداعم لهذا الاصرار علي نحو ما تكشف عنه خلال الايام القليلة الماضية التي سبقت واعقبت اعمال القمة النووية‏,‏ التي عقدت في واشنطن‏(12‏ 13‏ ابريل الحالي‏)‏ في حين تتعلق المجموعة الثانية بالتطورات السريعة والمتلاحقة الخاصة بأزمة الملف النووي الايراني‏,‏ واحتمال التورط الأمريكي في ما تسعي إليه إسرائيل من فرض الحل العسكري كخيار لابد منه لحل هذه الازمة‏.‏
في السنوات الأخيرة بدأت مصر تشعر بوطأة التفرد الإسرائيلي بامتلاك الاسلحة النووية‏,‏ وبخطر الجهود الإسرائيلية‏,‏ المدعومة أمريكيا‏,‏ الرامية إلي منح إسرائيل فرصة الظفر بقدراتها النووية والحصول علي اعتراف رسمي دولي بكونها دولة نووية عسكريا‏,‏ ما يعني توجيه ضربة قاضية للاستراتيجية النووية المصرية الداعية إلي جعل اقليم الشرق الأوسط خاليا من الاسلحة النووية‏.‏
فإسرائيل لم توقع علي معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية مثلها الهند وباكستان‏,‏ لكن الفارق بينها وبين هاتين الدولتين انها تلتزم‏,‏ باستراتيجية الغموض التي لا تعترف ولا تنفي امتلاك اسلحة نووية‏.‏ سياسة الاخفاء أو الغموض هذه رعتها الولايات المتحدة منذ ان وعد الرئيس الأمريكي الاسبق ريتشارد نيكسون‏,‏ حسب ما كشف وزير خارجيته هنري كيسنجر في مذكراته‏,‏ رئيسة الحكومة الإسرائيلية السابقة جولدا مائير في‏25‏ سبتمبر‏1969,‏ بدعم هذه الاستراتيجية وعدم الضغط علي إسرائيل للتوقيع علي معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية‏.‏
هذه الرعاية الأمريكية تجددت علي لسان الرئيس الأمريكي باراك اوباما في لقائه مع بنيامين نيتانياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية في مايو الماضي بواشنطن‏,‏ ما جعل مسئولا بمجلس الشيوخ يصف تجديد هذا التعهد بان الرئيس قدم لإسرائيل بهذه الطريقة بطاقة سراح من السجن‏.‏
بطاقة السراح هذه تأكدت خلال الاجتماعات التحضيرية للقمة النووية التي عقدت في واشنطن‏,‏ وفي اثناء وبعد انتهاء هذه القمة النووية‏,‏ فقد نقلت صحيفة جيروزاليم بوست عن مسئول عسكري إسرائيلي قوله‏:‏ ان تل ابيب لن تقدم اي تنازلات ازاء سياسة الغموض النووي التي تنتهجها في قمة الأمن النووي‏,‏ وأكد هذا المسئول ان الدولة العبرية لا تخطط لإعلان اي تغيير في سياسة الغموض النووي وليست هناك حاجة إلي ايقاظ الدببة‏!!‏ وفي اثناء الاعداد لتلك القمة‏,‏ وردا علي وجود مطالب عربية وإسلامية بالكشف عن المنشآت النووية الإسرائيلية وإخضاعها للرقابة الدولية أكد المسئولون الإسرائيليون أن إسرائيل تصر علي أن غاية المؤتمر هي منع انزلاق المعلومات النووية للمنظمات الإرهابية وليست بحث القدرات النووية للدول‏,‏ واوضح الخبير الإسرائيلي في القانون الدولي روبي سايبل‏,‏ في محاولة لطمأنة الإسرائيليين من المؤتمر ان الخشية في إسرائيل من التعرض لضغوط نووية أمريكية هي خشية مبالغ فيها وفي نظره ان الأمريكيين يدركون نقاط ضعف معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية‏(‏ بسبب وضع الهند وباكستان‏)‏ ولذلك فإنهم لايضغطون علي إسرائيل للانضمام إليها‏,‏ وهم يفهمون ان هذه المعاهدة ليست الاداة المناسبة لنا‏.‏
لهذه الاسباب قرر بنيامين نيتانياهو ان يشارك بنفسه في القمة النووية لكنه تراجع بعد معلومات قالت ان الإدارة الأمريكية ابلغت إسرائيل بأن القمة ستناقش مطالب دول إسلامية‏(‏ خاصة تركيا‏)‏ بإلزام إسرائيل بالانضمام لمعاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية‏,‏ نيتانياهو تراجع رغم ما ذكرته صحيفة معاريف الإسرائيلية كان شريكا في صياغة البيان الختامي لتلك القمة‏,‏ وابدي ارتياحا له ولمضمونه‏,‏ وسبب التراجع هو التحسب الإسرائيلي لمرحلة ما بعد اعلان السياسة النووية الأمريكية الجديدة الرامية إلي تقليص الاسلحة النووية علي الصعيد العالمي‏,‏ خشية ان يأتي يوم وتقبل فيه واشنطن‏,‏ ولو اضطراريا‏,‏ بإدراج القدرات النووية الإسرائيلية علي جدول اعمال البحث‏.‏
هذه التحسبات الإسرائيلية لم تظهر لها اية مؤشرات في القمة النووية‏,‏ بل العكس هو الذي حدث‏,‏ فقد عبر دان ميريدور نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي رئيس الوفد في القمة النووية عن رضاه علي المؤتمر‏,‏ وقال لم يكن هناك صخب‏,‏ الجميع يعلمون اننا لا نمثل تهديدا علي خفض الانتشار‏.‏
لم يكن هذا الرضا نابعا من فراغ بل جاء مدعوما بموقف امريكي‏,‏ خصوصا بعد ان احجم الرئيس الأمريكي عن التعقيب علي سياسات إسرائيل النووية‏,‏ لكن اكتفي بتذكير الصحفيين بدعوة أمريكية مستمرة‏,‏ منذ فترة طويلة‏(!!)‏ لانضمام كل الدول لعضوية معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية‏.‏
ما حدث في قمة واشنطن النووية يمثل تحديا حقيقيا للتخطيط السياسي المصري الذي يركز علي معاودة سياسية الهجوم السياسي والاعلامي في مؤتمر مراجعة معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية الذي سيعقد في مقر الامم المتحدة بنيويورك‏(28‏ مايو المقبل‏)‏ وهو المؤتمر الذي يعقد كل خمس سنوات لمراجعة سلبيات وايجابيات تلك المعاهدة وما تتعرض له من تحديات وعقبات‏.‏
يرتكز هذا التخطيط أولا علي ان يعبر المؤتمر عن اسفه لعدم تحقيق اي تقدم في قرار جعل الشرق الأوسط اقليميا خاليا من الاسلحة النووية‏,‏ والدعوة ثانيا لعقد مؤتمر دولي له صلاحيات تفاوضية بحلول عام‏2011‏ تشارك فيه كل دول الشرق الأوسط للوصول إلي معاهدة دولية تلزمه بجعل الاقليم خاليا من تلك الاسلحة‏.‏
هذا التخطيط يواجه تحديين أولهما عزوف إسرائيل عن المشاركة في هذا المؤتمر‏,‏ وثانيهما رفض الدول النووية الخمس الكبري‏(‏ هي نفسها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن‏)‏ اعطاء مثل هذا المؤتمر المقترح من مصر اية صلاحيات تفاوضية‏,‏ اي تفريغه من محتواه وجعله مجرد مؤتمر يصدر نداءات لن تجد من يصغي إليها أو يحترمها‏.‏
هذه التحديات التي تواجه السياسة المصرية النووية والتي قد تنتهي إلي فرض إسرائيل نفسها كقوة امر واقع نووية بقبول من المجتمع الدولي تتزامن مع التحديات الخاصة بالبرنامج النووي الايراني التي قد تنتهي إلي واحد من امرين‏,‏ اما فوز إيران ببرنامجها النووي هي الاخري كأمر واقع‏,‏ واما تعرضها لحرب تشنها إسرائيل والولايات المتحدة‏,‏ وهي حرب قد تكون قد اضحت قاب قوسين أو ادني‏.‏
الحرب ستفرض آثارها التدميرية علي كل دول المنطقة بما فيها مصر وكثير من الدول العربية‏,‏ لكنها ستفرض إسرائيل قوة نووية احادية في الشرق الأوسط‏,‏ ما يعني تحولها إلي قوة مهيمنة عظمي وادخال المنطقة العصر الإسرائيلي‏,‏ بكل ما يعنيه من مخاطر هائلة للأمن القومي المصري والعربي‏.‏
اما فوز إيران ببرنامجها النووي‏,‏ فمعناه ظهور نظام نووي شرق اوسطي ثنائي القطبية يجعل الوطن العربي اشبه بحال أوروبا في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وسنوات الحرب الباردة ويحوله إلي منطقة تنازع نفوذ إسرائيلي ايراني‏.‏
المعني المباشر لهذا كله هو الانتهاء الحتمي لسياسة جعل الشرق الأوسط خاليا من الاسلحة النووية‏,‏ ودخول السياسة المصرية بهذا الخصوص إلي طريق مسدود‏,‏ من شأنه ان يفرض حتما سياسة اخري بديلة‏.‏

المزيد من مقالات د‏.‏ محمد السعيد إدريس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.