يبدو ان منطقتنا مقبلة علي تطورات متسارعة بعضها باتجاه فتح ملفات وأخري باغلاقها وثالثة بنقلها الي أروقة جديدة.. ليس من قبيل التكهن ان نقول بأن بؤرة توتر جديدة مرشحة للاشتعال بهذا الشكل او ذاك ونقصد بها البرنامج النووي الايراني الذي أخذ في الساعات الأخيرة ابعادا غير مسبوقة إن لجهة انهيار المباحثات الايرانية مع الترويكا الاوروبية وميل الأخيرة الي الموافقة علي نقل الملف النووي الايراني الي مجلس الأمن بعد ان اعلنت طهران المضي قدما في تخصيب اليورانيوم اثر نزعها الاختام عن مفاعلها النووي وتهديدها بالغاء البروتوكول الاضافي الذي يسمح لخبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتفتيش المفاجيء علي منشآتها.. ام لجهة بروز مؤشرات علي احتمال موافقة موسكو وبكين علي نقل هذا الملف الي مجلس الأمن بكل ما يحمله هذا من احتمال حدوث مواجهات أمريكية ايرانية او أمريكية بريطانية ايرانية علي "ساحات" اخري غير الساحة الايرانية بعدان استبعدت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس الخيار العسكري ضد طهران وتأكيد وزراء خارجية الترويكا الاوروبية ان نقل الملف الي مجلس الأمن لا يعني بالضرورة فرض عقوبات اقتصادية علي الجمهورية الاسلامية الايرانية. المنطقة في غني عن أزمة جديدة لكنها أزمة تلوح في الافق وتحمل في طياتها عواقب وخيمة للجميع ما يعني ان الوقت قد حان لاعادة الاعتبار الي الاقتراح الاردني الذي طرح قبل سنوات عديدة والداعي الي جعل منطقة الشرق الاوسط بأسرها منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل بما هي نووية وكيماوية وبيولوجية وعدم استخدام معايير مزدوجة بالتركيز علي بلد معين وصرف النظر عن آخر ما سينتج المزيد من المآسي والحروب التي تدفع ثمنها الشعوب، وكان العراق آخر هذه الساحات فيما "تنعم" اسرائيل بترسانتها النووية وتتكيء عليها في تنفيذ سياسات تقوم علي منطق القوة ورفض منطق الحوار والمقاربات السلمية.. لا يعني ذلك أبدا ايجاد المبررات لطهران او الدفاع عن نزعها للأختام او رغبتها بالمضي قدما في برنامجها رغم كل اقتراحات الحل الوسط التي قدمت من اطراف عديدة وفي مقدمتها موسكو، لكننا نحذر من ارتهان دول المنطقة وشعوبها الي تجاوزات السياسة الدولية وسعي كثير من العواصم والدول الي ايجاد معادلات او محاور او اصطفافات اقليمية ودولية جديدة علي انقاض اخري لم تعد ملائمة لها، او هي باتت عبئا عليها ما حتم خلق اجواء ومناخات تسمح بترجمتها ميدانيا. اللافت في كل ما يجري ان هذه الاستعدادات "للحروب او التوترات" تجري علي تخوم بلاد العرب ويسمع صداها في عواصمهم فيما هم يراقبون ما يحدث دون اي تنسيق او تشاور او حتي الالتقاء للخروج بموقف موحد ليس فقط ازاء تداعيات واستحقاقات واكلاف احتمالات نقل الملف النووي الايراني الي مجلس الأمن بل وأيضا ازاء مرحلة ما بعد شارون التي تكاد ان تكون قد بدأت رغم غموض الحالة الصحية لرئيس وزراء اسرائيل وما يمكن ان يؤثر غيابه السياسي علي مستقبل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. فهل يفعلون قبل فوات الأوان؟