تعد قضية الأمن الغذائي في دول مجلس التعاون الخليجي أحد التحديات الاقتصادية التي تواجهها هذه الدول خاصة في ظل ما تعانيه من تحديات في الإمكانات الزراعية المتمثلة في محدودية الموارد المائية, إذ إنها منطقة بلا أنهار, كما أن مواسم الأمطار فيها متقطعة, فإذا أضفنا إلي كل ذلك التوقعات المستقبلية التي ترجح ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية لأدركنا حجم وأبعاد ومخاطر هذه القضية الحيوية. وتشهد الدول الخليجية تزايدا ملحوظا في الفجوة الغذائية حيث ارتفعت من9 مليارات دولار في عام2001 م إلي22.55 مليار دولار في عام2010 م,وذلك يعني أن دول مجلس التعاون الخليجي تستورد نحو90% من احتياجاتها الغذائية من الخارج, حيث تستورد37 مليون طن متري من الاغذية أي بما يوازي أربعة أضعاف انتاجها المحلي ولهذا تبذل دول مجلس التعاون جهودا كبيرة من أجل تحقيق أنظمة الأمن الغذائي خارج الحدود وعلي الاخص في القارة الافريقية. في ضوء ذلك فإن الدوائر الخليجية باتت تتطلع إلي الفرص المتاحة في الدول الإفريقية, حيث تعتبر أكثر جاذبية نظرا لقربها الجغرافي ولمقوماتها الزراعية الجاذبة للاستثمار, ولاشك أن التعاون في هذا الجانب سيؤدي إلي سد احتياجات أسواق دول الخليج العربية بالمنتجات الزراعية الإفريقية واستفادة المنتجين الأفارقة من المكاسب التي سوف تعزز تدفق الاستثمارات الخليجية. وبدورهم, يؤكد مسئولون خليجيون وأفارقة ضرورة النهوض بالتبادل التجاري, حيث تم اقتراح إنشاء وكالة للتنمية بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول القارة الإفريقية تهدف إلي إقامة مشروعات مشتركة بين الجانبين, إضافة إلي إصدار جوازات سفر خاصة لرجال الأعمال من الجانبين وتسهيل تأشيرات الدخول. وترتبط السعودية بعلاقات متميزة مع معظم الدول الإفريقية ويتضح ذلك جليا من خلال مستوي النشاط التمويلي للصندوق السعودي للتنمية بالإضافة لمبادرة الاستثمار الزراعي خارج المملكة حيث تعتبر السعودية الدول الإفريقية ذات أولوية في هذا الجانب وقد ارتفع حجم تجارة المملكة العربية السعودية العام الماضي مع الدول الإفريقية المشاركة, حيث وصل حجمها مع جنوب إفريقيا إلي21.1 مليار ريال سعودي عام2008, وملياري ريال مع كينيا, ونحو مليار مع زامبيا و488 مليون ريال مع موزمبيق. وهناك اتفاقات لزراعة الاف الافدنة بالسودان لحساب السعودية وفق استثمارات كبيرة. وبؤكد خبراء اقتصاديون ان هناك جهودا كبيرة لتأسيس منطقة تجارة حرة أفريقية كبري يمكن للجانب الخليجي الاستفادة منها للنفاذ إلي أسواق المنطقة الإفريقية. وتحديدا جنوب الصحراء منها تشهد اهتماما متزايدا من قبل الاقتصاديات المتقدمة والناشئة علي حد سواء لإقامة روابط تجارية قوية في مختلف القطاعات وبالتالي فالمنطقة تشكل مقصدا مهما للتجارة والاستثمار لدول مجلس التعاون, ومليئة بفرص التعاون الاقتصادي مع المملكة ودول الخليج وخصوصا في مجال الزراعة وتربية الأغنام والمواشي, أي بما يوفر احتياجات دول الخليج من الغذاء. وفي دراسة أعدها مركز الخليج للأبحاث رصدت احتياج دول الخليج للغذاء في الحاضر والمستقبل وامام المستثمرين الخليجيين مساحات واسعة صالحة للزراعة تتوافر فيها شبكات للري في القارة الافريقية.ويؤكد الأمين العام لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي عبدالرحيم حسن أن قضية تحقيق الآمن الغذائي في دول مجلس التعاون الخليجي أصبحت أحد التحديات الاقتصادية المستمرة التي تواجهها هذه الدول, خاصة في ظل ما تعانيه من تحديات في الإمكانات الزراعية, ويقول إن دول المجلس بذلت جهودا مختلفة من أجل التقليل من فجوة الغذاء وتوفير الأمن الغذائي, ويطالب دول مجلس التعاون بالقيام بجهود مشتركة لعلاج وسد الفجوة ودراسة اتفاقية تعاون مع الدول العربية التي لديها إمكانيات زراعية كبيرة مثل السودان واليمن وبعض الدول الإفريقية لتخصيص أراض للاستثمار الزراعي تكون ملكيتها وإدارتها وتسويق محاصيلها في أيدي الشركات الخليجية التي تنشأ لهذا الغرض, وعلي الرغم من ذلك التوجه الخليجي الا ان هناك دراسات حديثة أعدها خبراء متخصصون, أفادت بأنه لا يمكن توفير أمن غذائي لمنطقة الخليج من خلال المشاريع الزراعية خارج حدود دول مجلس التعاون نظرا لعدم وجود ضمانات كافية لتأمين تصدير المحاصيل الفلاحية والمواد الغذائية من تلك الدول عند نشوب أي نزاعات سياسية أو حروب أو أزمات وتؤكد أن الاستثمارات الخليجية في الخارج ليست آمنة.