تجار: التصدير يتسبب في زيادة أسعار الأسمنت.. وغرفة مواد البناء: التخزين السبب    لواء إسرائيلي متقاعد: حماس هزمت جيشنا الذي يعتبر نفسه الأقوى بالمنطقة    صحة غزة : أزمة نقص إمدادات الوقود تدخل ساعات حاسمة    تقارير: ثلاثية النرويج تطيح بسباليتي من تدريب إيطاليا    إطلاق اسم سائق السيارة ضحية حريق محطة وقود العاشر من رمضان على أحد شوارع المدينة    قصور الثقافة تطلق احتفالات عيد الأضحى في شرم الشيخ والطور وأبوزنيمة    مساعد وزير الصحة يتفقد 3 مستشفيات في محافظة كفر الشيخ.. ويشيد بوحدة غسيل الكلى في دسوق العام    "الوطني الفلسطيني" يدعو المجتمع الدولي إلى ترجمة مواقفه لإجراءات لوقف الحرب على غزة    محافظ الجيزة يشهد توزيع 9 أطنان من لحوم الأضاحي على 5268 أسرة    9 غيابات عن الإسماعيلى أمام سيراميكا اليوم فى كأس عاصمة مصر    ريال مدريد يخطط لمكافأة كورتوا.. عقد جديد    هدف الزمالك.. خطوة واحدة تفصل زين الدين بلعيد عن الوكرة القطري    «الحج دون تصريح».. ترحيل ومنع «المخالفين» من دخول السعودية لمدة 10 سنوات    الصحة السعودية: الإرهاق مؤشر على الحاجة للراحة لتجنب الإجهاد الحراري    عقرهما كلب شرس.. تفاصيل إصابة طالبين داخل "سايبر" بالعجوزة    فرحة العيد جوه النيل.. إقبال على الرحلات النيلية بكفر الشيخ ثالث أيام العيد    لماذا تتجدد الشكاوى من أسئلة امتحانات الثانوية العامة كل عام؟.. خبير يُجيب    تنسيق الجامعات 2025، قائمة الجامعات المعتمدة في مصر    انتصار عبد الفتاح يعتذر عن تنظيم مهرجان الطبول هذا العام بسبب خفض الميزانية    الدفاع المدني فى غزة: الاحتلال يمنع إنقاذ الأحياء فى القطاع    إيرادات السينما السبت 7 يونيو: "المشروع X" يكتسح شباك التذاكر و"ريستارت" يلاحقه    المتحف المصري بالقاهرة يحتفي بزوار عيد الأضحى المبارك |صور    مى عز الدين تتألق في جلسة تصوير جديدة وتعلن عودتها للتفاعل مع جمهورها    5 أيام يحرم صومها تعرف عليها من دار الإفتاء    عمال الشيوخ: خروج مصر من قائمة ملاحظات العمل الدولية للعام الرابع "مؤشر ممتاز"    خطة صحية لحرق الدهون، بعد مرور ثلاثة أيام من عيد الأضحى    طريقة عمل كفتة الحاتى بتتبيلة مميزة    196 ناديًا ومركز شباب تستقبل 454 ألف متردد خلال احتفالات عيد الأضحى بالمنيا    الداخلية تواصل تطوير شرطة النجدة لتحقيق الإنتقال الفورى وسرعة الإستجابة لبلاغات المواطنين وفحصها    تجهيز 100 وحدة رعاية أساسية في الدقهلية للاعتماد ضمن مؤشرات البنك الدولي    بقرار من رئيس جهاز المدينة ..إطلاق اسم سائق السيارة شهيد الشهامة على أحد شوارع العاشر من رمضان    خلال احتفالات العيد.. 3 جرائم قتل في مغاغة وملوي بالمنيا    اللواء الإسرائيلي المتقاعد إسحاق بريك الملقب ب"نبي الغضب" يحذر من وصول إسرائيل إلى نقطة اللاعودة وخسارة حروب المستقبل!.. كيف ولماذا؟    لا يُعاني من إصابة عضلية.. أحمد حسن يكشف سبب غياب ياسر إبراهيم عن مران الأهلي    وزير الخارجية يبحث مع نظيره التركى تطورات الأوضاع فى غزة وليبيا    هل يجوز الاشتراك في الأضحية بعد ذبحها؟.. واقعة نادرة يكشف حكمها عالم أزهري    تقديم الرعاية ل2096 مواطنًا بقريتي السرارية وجبل الطير البحرية في المنيا    الكنيسة القبطية تحتفل ب"صلاة السجدة" في ختام الخماسين    ضبط شخصين لاتهامهما بغسل 50 مليون جنيه من تجارة المخدرات    منافذ أمان بالداخلية توفر لحوم عيد الأضحى بأسعار مخفضة.. صور    وزارة العمل تعلن عن فرص عمل بمرتبات تصل إلى 15 ألف جنيه .. اعرف التفاصيل    وزارة العمل تعلن عن فرص عمل بمرتبات تصل إلى 15 ألف جنيه    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 996 ألفا و150 فردا    بين الحياة والموت.. الوضع الصحي لسيناتور كولومبي بعد تعرضه لإطلاق نار    أمين «الأعلى للآثار» يتفقد أعمال الحفائر الأثرية بعدد من المواقع الأثرية بالأقصر    مجلة الأبحاث التطبيقية لجامعة القاهرة تتقدم إلى المركز السادس عالميا    محافظ أسيوط: لا تهاون مع مخالفات البناء خلال إجازة عيد الأضحى    كامل الوزير يتابع حركة نقل ركاب القطارات ثالث أيام العيد، وهذا متوسط التأخيرات    حكم وجود الممرضة مع الطبيب فى عيادة واحدة دون محْرم فى المدينة والقرى    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    استشهاد 11 شخصا وإصابة العشرات في قصف إسرائيلي قرب مركز توزيع مساعدات بغزة    المواجهة الأولي بين رونالدو ويامال .. تعرف علي موعد مباراة البرتغال وإسبانيا بنهائي الأمم الأوروبية    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    أحمد حسن: زيزو أخطأ مرتين في ملف انتقاله إلى الأهلي    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم..استشاري تغذية يحذر من شوي اللحوم في عيد الأضحى.. أحمد موسى: فيديو تقديم زيزو حقق أرباحًا خيالية للأهلى خلال أقل من 24 ساعة    البابا تواضروس يناقش أزمة دير سانت كاترين مع بابا الڤاتيكان    الوقت غير مناسب للاستعجال.. حظ برج الدلو اليوم 8 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البحث عن الاستقرار السياسي والعدالة الاجتماعية
نشر في الأهرام اليومي يوم 27 - 09 - 2012

قرأت بإمعان تعليقات قرائي الكرام علي مقالي الماضي رؤي استراتيجية مصرية رائدة‏(‏ نشر في‏20‏ سبتمبر‏2012)‏ والذي أشرت فيه إلي أربع رؤي استراتيجية تستحق العرض والتحليل حتي تلم النخبة وعامة الناس بالجهود العلمية الجادة التي بذلها خبراء مصريون‏,‏ أو مؤسسات بحثية حكومية أو خاصة في سبيل صياغة رؤي استراتيجية, بناء علي تحليلات سياسية واقتصادية واجتماعية رصينة, وباستخدام منهج المؤشرات الكمية والكيفية, في ضوء رسم رؤي محددة لها محاور أساسية.
وقد اكتشفت أن بعض القراء مازالوا مصرين علي البقاء في كهوف الماضي وذلك باسترجاع خبرات فات أوانها, أو الإشارة إلي مشروعات مطروحة علي الرأي العام مثل مشروع النهضة الذي طرحه حزب الحرية والعدالة, مع أنه لا يمثل أي رؤية استراتيجية علي الإطلاق, لأنه مجموعة من الأهداف البالغة العمومية التي صيغت بطريقة غير علمية. وبطبيعة الأحوال لابد أن يكون هناك قراء لا يأبهون بالمستقبل, ويصرون علي أن مواجهة مشكلات الحاضر لها الأولوية العظمي, مع أنه لا يمكن حل أي مشكلة راهنة إلا في ضوء رؤية استراتيجية بصيرة.
علي أي الأحوال نريد اليوم أن نعرض للرؤية الاستراتيجية الأولي التي صاغتها أستاذتان مرموقتان تخصصتا في علم الاقتصاد ولهما بحوث منشورة تكشف عن غزارة المعرفة بالواقع المصري, وعمق التحليل للمشكلات الراهنة, والقدرة علي استشراف المستقبل.
الأستاذتان هما الدكتورة هناء خيرالدين أستاذة الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية, والدكتورة هبة هندوسة أستاذة الاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.
نشرت هذه الرؤية الاستراتيجية عام1998 بعنوان رؤية لمصر في عام2012. والعنوان البارز لهذه الرؤية هو رفع مستوي معيشة السكان وبناء اقتصاد قادر علي الاعتماد علي الذات ذي نمو مستمر.
والواقع أن هدف رفع مستوي معيشة السكان قد يبدو بالغ العمومية, إلا أنه في الحقيقة يلخص فلسفة التنمية الحديثة وهي الارتفاع بنوعية الحياةqualityoflife من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية.
ومن ناحية أخري فإن هدف بناء اقتصاد قادر علي الاعتماد علي الذات ولديه قدرة علي النمو المستمر, يحسم عديدا من الخلافات بين الاقتصاديين بل المثقفين بوجه عام, وهو أهمية السعي لتحقيق الاستقلال وتحطيم أواصر التبعية. وليس معني ذلك قطع العلاقات مع النظام الاقتصادي العالمي وإنما تنمية الموارد الذاتية وحسن استخدامها وترشيد عملية صنع القرار الاقتصادي, حتي لا يصبح الاقتراض من المؤسسات الدولية- مهما تكن أسبابه- عادة مستقرة.
ومع أن الرؤية وضعت عام1998 إلا أنها بحكم الخبرة العميقة لمن صاغوها قرروا بكل بوضوح أن هناك مجموعة من المتطلبات الواجب توفيرها, وفي مقدمتها الاستقرار السياسي وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وكأن الوثيقة صارت بعد ثورة25 يناير2011!
وذلك لأن هذين المطلبين تركز عليهما الأجنحة المتنورة من النخبة السياسية والاقتصادية, والتي تدرك أنه لا تنمية بغير استقرار سياسي, ولا ديمقراطية بغير عدالة اجتماعية, وإذا كانت مساحة المقال لا تسمح بالعرض التفصيلي للأفكار والمقترحات التي وردت في الوثيقة, إلا أننا نستطيع أن نجمل أهداف الرؤية المقترحة في ثلاثة هي بناء الاقتصاد الكلي الملائم, والنهوض بالتنافسية, وتحفيز النمو القطاعي, وفيما يتعلق ببناء الإطار الاقتصادي الكلي الملائم قررت الوثيقة أن ذلك يتطلب توفير حزمة من السياسات تتمثل في ثلاثة محاور رئيسية هي أولا في مجال السياسات الاقتصادية الكلية الجمع بين سياسة نقدية وسياسة مالية مناسبة لتحقيق النمو المرغوب دون زيادة التضخم أو التسبب في عدم الاستقرار الاقتصادي, وفي مجال السياسات الاقتصادية الجزئية تحسين الكفاءة الإنتاجية للوحدات الاقتصادية من خلال إصلاح إدارة المؤسسات الصناعية, ورفع التنافسية محليا وإقليميا وعالميا وتحسين نظم التدريب ونظم الإدارة وهيكل الحوافز والعلاقة بين العاملين وأصحاب العمل. ونصل أخيرا للجانب الاجتماعي الأخلاقي ويتعامل هذا الجانب مع القيم الإنسانية والسلوكيات والتفضيلات المختلفة, وتشمل أيضا النظرة العامة للعمل والانضباط والأنماط الاستهلاكية, وقيمة الجودة والدقة أو إحكام العمل وغيرها. وهي قيم يمكن تطويرها عن طريق التعليم والحملات الإعلامية وهيكل قوي للحوافز في أماكن العمل. والهدف الثاني للرؤية هو النهوض بالتنافسية. وتقرر الوثيقة أن تأثير تحرير التجارة العالمية علي الاقتصاد المصري يتوقف علي درجة انفتاحه علي الاقتصاد العالمي, وتعظيم الاستفادة من هذا التحرير وذلك ببناء تحالفات تجارية وخاصة مع الاتحاد الأوروبي والدول العربية, وإصلاح الإطار المؤسسي للتجارة والتوسع في استخدام التكنولوجيا المحلية. ويقتضي ذلك تطوير رأس المال البشري والمؤسسات التكنولوجية, وتحفيز أنشطة وتطوير ونقل التكنولوجيا علي المستوي القومي وعلي مستوي الشركات المختلفة. ويقتضي ذلك وضع سياسات خاصة بالعلم والتكنولوجيا ورفع وعي الشعب بأهمية العلم والتكنولوجيا للارتقاء بمستوي المعيشة.
والهدف الثالث الذي تسعي الرؤية لتحقيقه هو تحفيز النمو القطاعي في قطاعات الزراعة وقطاع الصناعة التحويلية وتطوير الموارد البشرية. وتقترح الوثيقة بهذا الصدد إعادة تخصيص المورد البشري لمصلحة الأنشطة الأكثر أهمية فيما يتعلق بتحقيق التنمية والتغيير الثاني يتركز في التعليم. ولم تغفل الوثيقة التحديات في طريق هذه الرؤية الاستراتيجية, وهذه التحديات تصبح أكثر تعقيدا بسبب النمو السكاني وانتشار الفقر, والأوضاع البيئية المتدهورة, وتلوث المياه وسوء استخدام الأراضي الزراعية, وتلوث الهواء, والحاجة إلي بنية تحتية أكثر تطورا وانتشار البطالة. هذه هي الملامح الرئيسية لهذه الرؤية وما قدمناه لا يغني في الواقع عن القراءة التفصيلية للوثيقة. ويعنينا هنا أن نقف عند أبرز ميزات هذه الرؤية, وهي عدم الفصل بين الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فهناك تركيز علي الاستقرار السياسي والعدالة الاجتماعية, كما أن هناك خطوات مدروسة للنهوض بالاقتصاد وجعله أكثر استقلالية, وأهم من ذلك كله الالتفات إلي أهمية تطور القوي البشرية التي لحقها التدهور الشديد في العقود الأخيرة, نتيجة نقص التدريب وغياب الخطط القومية وتدهور مستوي التعليم.
أما البصيرة النافذة لمن وضعوا الوثيقة فهي الإشارة الواضحة إلي الجوانب الاجتماعية والأخلاقية, وأهمها النظرة العامة للعمل والانضباط وقيمة الجودة وإحكام العمل. بعبارة مختصرة كل الجوانب السلوكية الأساسية التي بدونها لا يمكن للاقتصاد أن ينمو, ولا للبلد أن تتطور وتتقدم.
ونظرة إلي المناخ الفوضوي السائد الآن في بلادنا في ضوء المظاهرات الغوغائية, والاحتجاجات الفوضوية, ورفع سقف المطالب المستحيل تحقيقها في الأجل القصير, وتعطيل الإنتاج, يؤكد أنه لا يمكن تحقيق التنمية المستدامة بغير الالتزام بنسق رئيسي للقيم, ويضبط سلوك الناس ويحفزهم ويدفعهم للعمل الجاد في ضوء رؤية استراتيجية بصيرة, تنطوي علي أهداف محددة وآليات واضحة لتحقيق أهداف التنمية المستديمة.
المزيد من مقالات السيد يسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.