سعر الذهب عيار 21 الآن في بداية تعاملات اليوم الإثنين 29 أبريل 2024    أسعار الأسماك واللحوم اليوم 29 أبريل    انفجارات في مقاطعة كييف ومدينة سومي في أوكرانيا    مسؤولون إسرائيليون: نعتقد أن الجنائية الدولية تجهز مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وقادة إسرائيل    كاف يحسم منافس الزمالك بنهائي الكونفدرالية بعد انسحاب اتحاد العاصمة    أخبار مصر: حواس يكشف ألاعيب إسرائيل لسرقة تاريخ الحضارة، وفد حماس في القاهرة لحسم الهدنة، حقيقة رفض شيكابالا لعب مباراة دريمز، السديس يطلب وجبة إندومي    صحيفة بريطانية تكشف تطورات جديدة في أزمة محمد صلاح وكلوب    صحة قنا: خروج 9 مصابين بعد تلقيهم العلاج في واقعة تسرب غاز الكلور    سامي مغاوري: جيلنا اتظلم ومكنش عندنا الميديا الحالية    عم باسم خندقجي يكشف أصعب محطات في حياته: توفي والده دون توديعه (خاص)    عمر عبد الحليم ل«بين السطور»: فيلم «السرب» أثر في وجداني ولن أنساه طيلة حياتي    أدعية للحفظ من الحسد وفك الكرب والهم.. رددها لتحصين نفسك    السعودية تصدر بيانا بشأن حادث مطار الملك خالد الدولي    الأعاصير تتسبب في مقتل أربعة أشخاص بولاية أوكلاهوما الأمريكية    اسقاط 5 طائرات جوية بدون طيار فوق البحر الأحمر    شبانة: الزمالك يحتاج للتتويج ببطولة تشعر لاعبيه بجماهيرية النادي وحجم الانتصارات    المؤتمر الدولي للنشر العربي يناقش تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على البشرية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 29 إبريل 2024 بالمصانع بعد التحديث الأخير    ما المحظورات التي وضعتها "التعليم" لطلاب الثانوية خلال الامتحانات؟    تكلف 3 ملايين دولار.. تفاصيل حفل زفاف الملياردير الهندي في الأهرامات    أسماء.. الأوقاف تفتتح 19 مسجدًا الجمعة المقبل    صحف السعودية| مطار الملك خالد الدولي يعلن تعطل طائرة وخروجها عن مسارها.. وبن فرحان يترأس اجتماع اللجنة الوزارية العربية بشأن غزة    أمير هشام: تصرف مصطفى شلبي أمام دريمز الغاني ساذج وحركته سيئة    مواعيد مباريات اي سي ميلان المتبقية في الدوري الإيطالي 2023-2024    ميدو: هذا المهاجم أكثر لاعب تعرض للظلم في الزمالك    مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    علييف يبلغ بلينكن ببدء عملية ترسيم الحدود بين أذربيجان وأرمينيا    عمره 3 أعوام.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل خطفه جاره لطلب فدية    ختام فعاليات مبادرة «دوّي» بكفر الشيخ    سامي مغاوري يكشف سبب استمراره في الفن 50 عامًا    خالد الغندور يوجه انتقادات حادة ل محمد عبد المنعم ومصطفى شلبي (فيديو)    سامي مغاوري عن صلاح السعدني: «فنان موسوعي واستفدت من أفكاره»    شاهد صور زواج مصطفى شعبان وهدى الناظر تثير السوشيال ميديا    تموين الإسكندرية: توريد نحو 5427 طن قمح إلى الصوامع والشون    برلمانية: افتتاح مركز البيانات والحوسبة يؤكد اهتمام الدولة بمواكبة التقدم التكنولوجي    التهديد الإرهابي العالمي 2024.. داعش يتراجع.. واليمين المتطرف يهدد أمريكا وأوروبا    بعد طرح برومو الحلقة القادمة.. صاحبة السعادة تتصدر ترند مواقع التواصل الاجتماعي    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    "السكر والكلى".. من هم المرضى الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات؟    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    إخلاء سبيل سائق سيارة الزفاف المتسبب في مصرع عروسين ومصور ب قنا    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    فراس ياغى: ضغوط تمارس على الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية للوصول لهدنة في غزة    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    هل يؤثر تراجع الطلب على الأسماك في سعر الدواجن.. مسئول بالاتحاد العام للدواجن يجيب    وزير الاتصالات: 170 خدمة رقمية على بوابة مصر الرقمية    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هووهي
أرنست همنجواي‏..‏لمن تدق الأجراس
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 04 - 2010

الراجل ده هيجنني‏..‏ فهو مثال لتركيبة من البشر تكره الروتين‏,‏ وتمقت الرتابة وسجن الترس داخل الماكينة‏,‏ وانغلاق الدائرة‏,‏ والقبوع في أحد أركان المربع‏.. نوعية دماؤها حارة وعواطفها متأججة وحضورها طاغ‏,‏ تعطي ظهرها للنمطية والملل والقرارات المسبقة والقوائم المعدة سلفا‏..‏ صنف عدو للترقي تبعا للأقدمية‏,‏ وموته وسمه معتقل السلك الوظيفي والنهاردة سكرتير ثاني وبعد بكرة جناب القنصل وتبعا لتنقلات الشطرنج الدبلوماسي بمشيئة الله سيادة السفير‏..‏ قطاع من البشر يزدري فلسفة القرش علي القرش‏,‏ وطوبة علي طوبة‏,‏ ونقطة علي نقطة تفلق الحجر‏,‏ وخدها ع الهادي وماتحرقشي دمك فلابد من أن جثة عدوك جاية جاية تعدي في البحر تحت أقدامك‏..‏ نوعية لا يعنيها أن يكون بكرة أحسن من النهاردة‏,‏ فالغد بمفاجآته السارة أو المؤلمة لديها سواء مادام الناتج في النهاية يهز الأعماق هزا‏..‏ فئة من الناس عشقها الاقتحام والوقوف علي حافة الخطر ورفض دق الجرس والاستئذان‏..‏ الوجهة كلها لبكارة الحياة‏..‏ وأبدا لم أجد من يستحق عرش تلك الحياة اللاذعة الحراقة أجدي من الكاتب العالمي أرنست ميللر همنجواي‏,‏ فهو منذ صباه الأول يكره الحياة الروتينية محاولا أن يقضي عليها بجميع الوسائل‏,‏ فتعلم الملاكمة وخرج بكسر مزمن في أنفه وعاهة مستديمة في إحدي عينيه‏,‏ إلا أن قبضته الحديدية تلك أطلقت الرصاص لأكثر من خمسين سنة لاصطياد السباع والنمور والفيلة والوحوش‏,‏ والأسماك الضخمة من أعماق البحار‏,‏ وحمل الآلة الكاتبة في يد‏,‏ والبندقية في اليد الأخري‏,‏ وذهب إلي ساحات الحرب الحقيقية مراسلا للصحف‏,‏ وقائدا لفصيلة من الرماة الأحرار‏,‏ ومعترضا علي مأساة الحرب‏,‏ وأصيب بأكثر من مائتين وخمسين جرحا وكسرا في الوجه والعيون وعظام الجمجمة والظهر والساق والعمود الفقري‏,‏ وكانت جراحه شاهدا علي أنه واجه الموت في كل منعطف وساحة‏..‏ تهشمت به طائرتان‏,‏ وتحطمت به السيارة في شوارع لندن المظلمة أثناء الحرب‏..‏ وانفجرت بقربه قنبلة علي الجبهة الإيطالية‏..‏ وتبادل إطلاق الرصاص مع الجنود الألمان في شوارع باريس‏..‏ وانعقدت فوقه سحابة الموت علي جبال أسبانيا‏..‏ غطت الجراح جسده‏,‏ وكست أوسمة الشجاعة صدره‏,‏ ولم يكن يفكر في شجاعته إذ كان يعتبر الشجاعة كالجبن‏..‏ حالة عارضة تطرأ علي النفس البشرية وما هو مهم أن يكون إنسانا‏,‏ وهذا الإنسان مكتوب عليه أن يعيش‏,‏ والقتال مكتوب في سطور الحياة‏,‏ والموت خاتمة المطاف‏,‏ والأطهار يموتون كما يموت الأشرار‏,‏ ووظيفة الأديب في كل وقت أن يفتش عن الحقيقة‏:‏ ينبغي للكاتب دائما أن يحاول تحقيق شيء جديد غير مسبوق‏,‏ أو شيء عجز الآخرون عن تحقيقه‏,‏ وقد طبق همنجواي وجهات نظره بنفسه‏,‏ فخاض التجارب وواجه الأخطار‏,‏ ومشي إلي ساحة القتال وحلبة المصارعة ليختبر موضوع رواياته‏..‏ وعندما انتهت الحرب اعتاد أن يذهب كل مساء إلي بار هاري في باريس‏,‏ حيث كان يأتي ملاكم متقاعد يجر في يده أسدا مستأنسا لا يلبث أن ينطلق داخل البار الارستقراطي ليفزع جميع الزبائن‏,‏ وناشد الجرسون هذا الملاكم أكثر من مرة ألا يصحب أسده معه‏,‏ لكن دون جدوي وأخيرا فقد همنجواي أعصابه فأمسك بتلابيب الرجل وقذف به مع أسده إلي قارعة الطريق‏,‏ وشعر بعدها بارتياح غير عادي واكتشف أنه يحمل في داخله طاقة من التحدي تكفي لكتابة أكثر من رواية بدأها بقصته عن الحرب وداعا أيها السلاح‏..‏ وعندما رماه بعض النقاد بالغفلة السياسية لأنه لا يكتب عن حياة العمال والفلاحين قال‏:‏ ينبغي للأديب أن يكتب عما يعرف وألايخضع لرغبات النقاد‏..‏ انطلق همنجواي إلي عرض البحار ليندمج في صيد الأسماك الضخمة‏,‏ ويكتب من واقع التجربة الخشنة رائعته العجوز والبحر لينتزع بها جائزة بوليتزر ثم نوبل ويظل عرضة لهجوم النقاد فلا يعيرهم انتباها‏,‏ فهو لا يحب أن يشرح رواياته كما يطالبونه لأنه كما قال قد وضع فيها غاية إحساسه وأوج نشوته‏,‏ وإذا شرحها فقد متعته بها‏.‏
همنجواي‏..‏ ملك الحياة الحراقة‏..‏ صاحب العلاقات النسائية المتعددة التي تفوح منها رائحة البارود والتبغ والعنف‏..‏ الزوج لأربع مرات بينهن نساء دخلن مزاجه بعدد شعر رأسه قال عنهن‏:‏ لا أدعي أني أفهم كل ما يهم المرأة‏,‏ ولكني أعرف جيدا أن الأشياء الصغيرة أهم عندها من الأشياء الكبيرة‏,‏ وأنني إذا عاملتها بلا مبالاة تعيش في سلام‏,‏ أما إذا لاحقتها بغيرتي وحبي تتهمني بأني متسلط وخشن‏,‏ وكان من بين قائمة نسائه جوزفين بيكر الراقصة السمراء‏,‏ وفينوس هوليوود آفا جاردنر بطلة الفيلم المأخوذ عن روايته ثلوج كاليما نجاور‏,‏ لكن ظل حبه الأول للممرضة إينيس فون كورفسكي التي تكبره بتسع سنوات معششا في قلبه رغم انهيار كل أحلامه وآماله فيها بعدما دخل علي زميله الجريح في مستشفي ميلانو هنري فيلار فوجده يضم يدها بين يديه في لحظة غرام متبادل‏,‏ وعندما علمت إينيس بعدها بخبر انتحاره قالت إن هذا كان محفورا بداخله‏..‏ وحول تعدد زوجاته قال عنه الأديب سكوت فيتز جيرالد‏:‏ لقد تبينت أن همنجواي يتبع نظرية مبتكرة في حياته وهي حاجته لزوجة جديدة مع كل رواية جديدة‏,‏ وفي رسالة من الأديب ويليام فولكنر كتب للسيدة الأولي اليانور روزفلت يشرح وضع صديقه همنجواي داخل العالم النسائي بقوله‏:‏ إن خطأ أرنست اعتقاده بأن عليه الزواج من النساء جميعا‏.‏ وتعلق سيلفيا بيتش صديقة همنجواي والمشرفة علي مكتبة شكسبير في باريس بقولها‏:‏ يعتقد‏(‏ هيم‏)‏ أن المرأة خلقت للقبلات فقط‏,‏ ومن الأقوال التي ألقت الضوء علي حقيقة شخصية همنجواي ما قالته صديقته الشاعرة الأمريكية جروترود شتاين راعية الأدباء والفنانين في باريس‏:‏ إن الذي يتزوج ثلاث مرات من الولاية نفسها‏(‏ سان لويس‏)‏ لم يتعلم شيئا يذكر‏.‏
همنجواي الأديب الاستثنائي في الولايات المتحدة وفي العالم كله الذي كان طلب رايسا جورباتشوف الوحيد عند زيارتها لكوبا في‏1989‏ برفقة زوجها هو إتاحة زيارتها لقبره‏,‏ ويدهش الصحفيون أن تزور زوجة الزعيم السوفيتي قبر كاتب أمريكي‏,‏ وعند محاصرتها بمئات الأسئلة قالت‏:‏ لقد كان همنجواي روائيا إنسانيا عظيما‏,‏ وروايته العجوز والبحر تلخص الحياة والإنسانية كلها‏..‏ الكاتب الجبار في حياته ونشاطه وإغراقه في الاستمتاع وفي المخاطرة كان روائيا إنسانيا عظيما تقرأه موسكو كما تقرأه واشنطن كما تضع باريس قطعة نحاس تحمل اسمه علي أي مائدة في مقهي جلس عليه يوما‏,‏ ولم يكن غريبا علي رايسا جورباتشوف التي أتت من آخر الدنيا أن تذهب لتزور قبره وتضع زهرة عرفان بالإنسان المبدع في أي بقعة علي الأرض‏..‏ المبدع الذي تحتفل الدوائر الأدبية العالمية الآن بمرور نصف قرن علي رحيله الذي انطلقت فيه رصاصة أصابته في مقتل في السابعة والنصف صباحا لتهرع الزوجة الرابعة ماري ولش علي أثرها من غرفة نومها إلي حيث مكتب زوجها المكدس بمختلف أسلحة الصيد لتجد بابا كما كانت تحب أن تناديه مضرجا في دمائه محاولا وهو في النفس الأخير أن يوضح لها أمرا غامضا قبل أن يغلق فمه وناظريه إلي الأبد‏..‏ ظلت ماري تصرخ في وجه ستين صحفيا هرعوا إلي مكان الحادث في بيت همنجواي‏:‏ أقسم لكم أنه ليس انتحارا‏..‏ بابا لم يكن يشكو من أي انهيار منذ عودته من مستشفي‏(‏ مايو بروشستر‏)‏ ولم يشكو من أورام خبيثة في لسانه أو أمعائه كما زعمت الصحف‏..‏ أرنست لم يكن من النوع الذي يقدم علي الانتحار‏..‏ كان عاشقا للحياة‏..‏ إنه مجرد حادث‏..‏ وكان لماري عذرها في عدم استيعابها أن يكون بابا قد ضغط علي الزناد بملء إرادته من كانت إرادته ملك يمينه‏,‏ فقبل مقتله بثمانية ساعات فقط لا غير كانا يتناولان عشاء رومانسيا بمطعم كريستينا أفخم المطاعم المطلة علي نهر سان فالي المشهور بتقديم أشهي أطباق لحوم الصيد البحري الطازجة‏,‏ وكان أرنست في تلك الليلة المشئومة شاعريا رقيقا إلي أبعد حد لدرجة إصراره الشغوف علي إطعامها في فمها أجود القطع التي في طبقه وتقبيلها بين كل شوكة وأخري‏,‏ وباشتعال العواطف الدافقة الدافعة للاحتضان عادا مبكرين لمنزلهما ليرتقيا السلم وهو يحيطها بذراعه الضخمة ليطبع علي فمها قبلته الرنانة مع كل درجة جديدة‏,‏ وبحكم ارتفاع الأصداء العاطفية الداخلية أخذت في نزع ملابسها وهي تدندن أغنيتهما الأثيرة التي استمعا إليها معا من عازف ماندولين متجول في نابلي عندما اصطحبها بابا في خريف‏1956,‏ ومن المؤكد أن صوتها المطوق بالشجن قد ارتفعت نبراته بدليل أن بابا قد التقطها وهو يقوم بتنظيف أسنانه في الحمام فاشترك معها في دويتو يرددان الأغنية معا مغرغران بالضحك‏,‏ وفتح المغامر الضاحك باب الحمام ليخرج إليها يلقاها داخل أحضانه‏..‏ هل يمكن لمثل تلك الزوجة العاشقة أن يخطر ببالها قيام هذا الزوج الممتلئ بالحياة بعدها من تحت الغطاء ليضع علي بعد خطوات منها بندقيته في فمه ويضغط علي الزناد‏!!..‏ محال‏!..‏ لكن الذاكرة بعد فترة تعود بدقائقها لتتذكر ماري كلماته الأخيرة في اللحظات الحميمة‏:‏ أحبك مثل الوعل الذي يحب الطين‏..‏ أحبك مثل مسز شيانج كاي شيك عندما تحب أن تكون مسز شيانج كاي شيك‏..‏ أحبك مثل البحر للشاطئ الذي ما أن يتركه أن يسارع إليه يلثم أقدامه من جديد‏..‏ أحبك إلي حد الموت‏..‏ أعشق الموت في أحضانك‏..‏ في هذه اللحظات التي أمتلئ فيها بالحياة معك أرغب في أن أموت معك‏,‏ ولكم أود يا حبيبتي أن تدركي تلك الحقيقة التي تهملها كل النساء‏..‏ يجب ألا تحلق الواحدة منكن طويلا في الأوهام‏!!..‏
وإذا ما كانت كلماته الأخيرة لزوجته الرابعة والأخيرة حبلي بالنذير فقد عاش همنجواي سنواته الست الأخيرة في أجواء حافلة بكل ما هو مثير وغريب‏..‏ وبدا لكل الناس وكأن كل شيء في حياته يسير بطريقة طبيعية‏,‏ ولم يعمل أحد سوي المقربين له أن شيئا خطيرا يشغل باله‏,‏ وأن تغيرا جوهريا طرأ علي تفكيره وأنه خائف‏..‏ وقد كتب عن حقيقة مخاوفه علي لسان أحد أبطال روايته جذور في السماء عندما قال وهو يطارد الأسود في أفريقيا‏:‏ طوال حياتي كنت دوما نصف ميت من الخوف‏..‏ الخوف من الحياة‏..‏ الخوف من الموت‏..‏ الخوف من المرض‏..‏ الخوف من أن أغدو عاجزا‏..‏ الخوف من الاقتراب الحتمي للشيخوخة‏..‏ حين يصبح كل هذا فوق احتمالي أهرع إلي افريقيا لأمركز كل خوفي في وحيد القرن المهاجم‏..‏ في الأسد الذي ينهض متثاقلا ينفض لبدته ويتثاءب ويقوم خارجا من بين الأعشاب مسلطا عينيه العسليتين في اتجاه عيناي‏..‏ في الفيل الذي يضع مخططه المسبق للاندفاع نحوي‏..‏ عندئذ وأخيرا يغدو خوفي المترامي ملموسا محسوسا محددا واضحا متمركزا في الوحش المهاجم القادم تجاهي‏..‏ يغدو شيئا أستطيع أن أقتله‏..‏ أجعله أمامي ينهار ويتكوم تحت أقدامي وأرتفع أنا للأعالي‏..‏ أطلق النار‏..‏ لحظتها أصل للخلاص ويحتويني الهدوء ويحل السلام‏,‏ فالحيوان في موته المفاجئ يلملم معه كل مخاوفي ويطفئ مع ذبوله كل رعبي المتراكم‏.‏
وكان عام‏1960‏ بداية التغير الحقيقي في مخاوف همنجواي‏,‏ حيث ساءت صحته إلي حد كبير بسبب كثرة مغامراته السابقة‏,‏ كما أثرت عليه الخمر التي كان يعب منها في آخر أيامه‏..‏ وكان للتغير الطارئ أكثر من ظاهرة فقد بدأ يخاف من أصدقائه القدامي الذين كانوا موضع ثقته‏,‏ حتي بدأ يشك في سائقه ويتوهم أنه يحاول قتله في حادث‏,‏ وكانت هناك هواجس أخري قال عنها صديقه الصحفي هوتشنر أنه عندما اتصل بهمنجواي من نيويورك ليبلغه ما تم في موضوع يتعلق بنشر كتاب له طلب منه الأخير اختصار المكالمة‏,‏ وألا يذكر في حديثه أية أسماء‏,‏ كما طلب منه سرعة السفر إليه وإرسال برقية عاجلة بموعد الوصول‏..‏ كما شدد في طلبه بضرورة عدم الاتصال به تليفونيا مرة أخري‏..‏ ويصف هوتشنر ما حدث بعدها بقوله‏:‏ عند سفري إليه لم يدخل همنجواي معي إلي مقهي التلاقي علي غير عادته‏,‏ طلب مني أن أنهي شرب كأسي بسرعة‏..‏ وخرجت لأجلس بجواره في السيارة التي انطلق بها مسرعا‏,‏ وبينما أشرح له أن شركة فوكس القرن العشرين قد رفضت أن تدفع أكثر من المبلغ السابق عرضه وهو‏125‏ ألف دولار بدا وكأنه لم يتابع حديثي عندما قال بتوتر‏:‏ رجال المباحث الفيدرالية يتعقبوننا‏..‏ وسألته‏:‏ لماذا؟‏!‏ فلم يجب علي استفساري سوي بقوله‏:‏ ألا تري تلك السيارة خلفنا؟‏!..‏ فأجبته‏:‏ نعم ولكنها انحرفت إلي طريق آخر‏..‏ فعاد يقول في فزع بالغ‏:‏ ذلك زيادة في التمويه‏..‏ فهم يراقبون كل شيء‏..‏ يتعقبون سيارتي‏,‏ لهذا أستخدم التاكسي والسيارات الأخري‏,‏ ويفحصون خطاباتي ويفتحونها ثم يعيدون إغلاقها بمهارة‏..‏ حتي تليفوني وضعوه تحت المراقبة‏..‏ ألا تذكر مكالمة الترنك في نيويورك‏..‏ لقد قطعت هذه المكالمة فجأة‏,‏ وعدت أقول له‏:‏ إنه أمر عادي في المكالمات الخارجية‏,‏ فأجابني‏:‏ ولكن صديقا لي في إدارة التليفونات أكد لي أن المكالمة قطعت من هنا لهذا فإن في الأمر ما يريب‏..‏ ولكي أطمئنه قلت‏:‏ هذه ظنون مبالغ فيها‏..‏ فاستمر في سرد هواجسه قائلا‏:‏ حتي حساباتي في البنوك وضعوها أيضا تحت المراقبة‏..‏ تلك صورة مخاوف همنجواي الأخيرة التي زادتها سوءا ظروفه الصحية من ارتفاع في ضغط الدم‏..‏ وارتفع معدل شكواه من موظفي البنوك الذين لا يخلصون في عملهم‏..‏ ومن محاميه الطماع الذي قد يبيعه للخصوم‏..‏ ومن الأطباء الذين يخفون حقيقة مرضه عنه‏..‏ وقرر هوتشنر أن يغير الحديث ليقول له فجأة‏:‏ سيأتي الربيع وسنخرج معا للصيد فقاطعه همنجواي الثائر‏:‏ لا‏..‏ لن يكون هناك ربيع‏..‏ لن يأتي هذا الربيع‏.‏ ويعود الآخر ليسأل‏:‏ همنجواي‏..‏ لماذا تقتل نفسك؟‏!‏ فيجيب همنجواي وقد انزاح غضبه‏:‏ وما الذي يفعله رجل وصل إلي الثانية والستين من العمر اكتشف فجأة أنه لا يستطيع أن يؤلف الكتب التي تخيلها والتي وعد نفسه يوما أن يكتبها‏..‏ ويواجهه هوتشنر بصراحة جارحة‏:‏ ولماذا لا تعتزل‏,‏ ودخلك ومدخراتك كافية لكي تعيش في سعة؟‏..‏ ولك منزل دائم في أيداهو وآخر في نيويورك وثالث في كوبا ويخت خاص في أعالي البحار‏,‏ وشقة دائمة في فندق ريتز بباريس‏,‏ وأخري في فندق جريتي بالبندقية وثالثة في فندق رولز بمدينة نيس‏..‏ ويرد همنجواي‏:‏ أعتزل؟‏!!..‏ كيف‏..‏ كيف يعتزل الكاتب‏..‏ إن البطل لا يعتزل بنفس الطريقة التي يعتزل بها الناس العاديون‏..‏ ويقول هوتشنر‏:‏ مازالت لديك كتبك لتغنيك‏..‏ ويجيب همنجواي‏:‏ ولكنني لا أكتفي بها لأعتزل‏..‏ إنني أختلف تماما عن لاعب البيسبول وعن مصارع الثيران‏..‏ فالأول تكسر ساقه‏,‏ والثاني يفقد شجاعته‏,‏ ولكن الكاتب مختلف عنهما فأينما ذهب يجد أمامه السؤال المخيف الدائم‏:‏ ماذا تكتب الآن؟‏!!..‏ وبعد فترة من الحديث بين الصديقين يخرج همنجواي خصلة من شعر حصان كان قد اشتراها كتعويذة في صباه من باريس ليقدمها له فيعجب هوتشنر من تصرفه قائلا‏:‏ ولكنك تتفاءل بهذه الخصلة دائما؟‏!..‏ ويجيبه همنجواي‏:‏ لم أعد في حاجة إليها‏..!.‏
تلك المخاوف التي بدت للصديق الصحفي هوتشنر مجرد هلوسات خيال اعترت همنجواي في الفترة التي سبقت الرحيل اتضح علي أرض الواقع أن لها أساسا من الصحة‏,‏ وأن لها ما يبررها‏,‏ وأن حادث إطلاق النار الذي بدا انتحارا ربما‏..‏ ربما‏..‏ ربما لا يكون انتحارا‏,‏ فجماعة بسم الله الرحمن الرحيم لهم في ذلك شئون تبدو في ظاهرها بريئة براءة الذئب من دم ابن يعقوب‏,‏ فقد حصلت صحيفة الصنداي تايمز في أواخر‏2006‏ من أرشيف الحكومة الأمريكية الرسمي بموجب ميثاق حرية المعلومات علي سلسلة التقارير الموجهة من عملاء المباحث الأمريكية الفيدرالية إف‏.‏ بي‏.‏ آي في هافانا إلي مديرهم إدجار هوفر وفيها أن اسم همنجواي كان علي جدول رواتب الأسطول الأمريكي والسفارة الأمريكية‏,‏ وقد كتب عميل المباحث روبرت ليدي في هافانا في أحد تقاريره‏:‏ لقد تم الاتفاق علي أن ندفع من مخصصات السفارة لهمنجواي‏,‏ وعندما التقيت به في مزرعته في‏30‏ سبتمبر‏1942‏ أعلمني أنه يجند الآن أربعة أشخاص براتب شهري قدره‏50‏ دولارا لكل منهم‏,‏ وفي تقرير آخر للعميل ليدي أظهر تخوفه من أن همنجواي ربما يفضح صلة العملاء الأمريكيين مع المسئولين الكوبيين الخائنين لنظام كاسترو من أمثال رئيس الشرطة السرية أخشي أنه إذا اكتشف هذا الأمر قد نطرد جميعا من كوبا‏,‏ وربما يحاولون قتل همنجواي‏,‏ وهذا سيكون محرجا للغاية‏..‏ لذلك سأحاول احتواء تلك النشاطات‏....‏ والسؤال هل طالت محاولة احتواء تلك النشاطات من عام‏1942‏ حتي فجر‏2‏ يوليو‏1961‏ عندما انطلقت الرصاصة التي قتلت بابا همنجواي؟؟‏!!..‏ وحول هذه النقطة المبهمة بالذات قد توضح شهادة الكاتب المكسيكي جابرييل جارسيا ماركيز الكثير من الغموض وذلك فيما كتبه عن همنجواي من أن الأخير استمر يكتب عن كوبا وانطباعاته عنها عشرات المقالات منها مقال عام‏56‏ بعنوان الصيد في عمق البحر ومقال ما جعلني أذهب إلي كوبا لكن جميع تلك المقالات كانت مجرد انطباعات علي مشاهداته العابرة ولكننا أبدا لم نقف يوما علي الأسباب الحقيقية التي أدت بهمنجواي إلي البقاء في كوبا لمدة تزيد علي‏20‏ عاما‏,‏ وهي أسباب تجعلنا نضع جانبا كل ما قاله وصدره لنا عن المتع البسيطة التي حققتها له هوايته في صيد السمك ليشغلنا بها عن شئون أخري‏!!!..‏
بابا الذي أنجب ثلاثة أولاد أكبرهم جون في عام‏1923‏ من زوجته هارلي ريتشارد سون التي عاش معها أجمل فترات حياته في باريس‏,‏ وولديه باتريك وجورج اللذين أنجبتهما له الزوجة الثانية بولينش بيفير محررة الموضة في مجلة فوج‏,‏ لكنه لم ينجب أبناء من زوجته الثالثة مارتا جيلهورن‏,‏ ولا من الزوجة الأخيرة ماري ولش التي لم تكن مسك الختام‏..‏ وعن زوجاته الأربع قال همنجواي‏:‏ عندما كنت شابا كان آخر ما أفكر فيه هو الزواج‏,‏ لكني عندما تزوجت وطلقت وجدت الحياة بدون زوجة مستحيلة‏,‏ ولم أندم أبدا علي الزواج إلا بالنسبة لواحدة فقط لم يذكر اسمها فقد تركت الاحتفال بزواجنا وذهبت إلي البار‏,‏ وعندما سألني البارمان عن رغبتي قلت له إنني أرغب في الطلاق‏..‏ وحول رواياته التي تحولت إلي أفلام قال المؤلف الكبير‏:‏ عندما أري قصصي في أفلام أترك قاعة السينما وأذهب لأسكر حتي مرحلة الترنح‏..‏ فالمخرجون الذين حولوا قصصي إلي أفلام أشبه ما يكونون بطفل يبصق في كوب البيرة التي يشربها والده‏..‏ وعن باريس قال‏:‏ لو كنت محظوظا وعشت في باريس وأنت شاب فستجري باريس في دمائك طوال عمرك‏..‏ إن باريس حفل متنقل‏..‏ وحول معظم رواياته الشهيرة الشمس تشرق أيضا ووداعا أيها السلاح وثلوج كاليمانجارو ولمن تقرع الأجراس‏,‏ والعجوز والبحر قال‏:‏ بدأتها كلها كقصص قصيرة تحولت فيما بعد إلي روايات‏....‏ وعن وفاة همنجواي قالت النجمة العالمية مارلين ديترش التي عاشت معه أجمل قصة حب‏:‏ لقد أقسم لي همنجواي أنه لن يتركني أبدا‏..‏ ولكن من أنا إذا ما قورنت بأطفاله وزوجته‏.‏ لقد كنت أنا بمثابة العجلة الخامسة في العربة‏.‏ كنا جميعا نعيش بقناعة أن أيامه ليست معدودة‏,‏ ورغم ذلك فقد وضع نهاية لحياته قبل الوقت المحدد‏..‏ تلك طريقته التي أرادها وأنا أحترم قراره‏..‏ لكني مازلت أبكي‏..‏ وعن الموت قال همنجواي بعد أن تحطمت به الطائرة للمرة الثانية في أفريقيا وأذيع أنه قتل‏:‏ بعد قراءتي لكل ما نشر في الصحف العالمية‏,‏ شعرت بأن الحياة قصيرة ويجب أن نعيش كل لحظة منها‏..‏ يقولون عني إن لدي رغبة في الموت نتيجة لانتحار والدي‏..‏ هل تعلمون أن والدتي أرسلت لي مرة في عيد ميلادي السادس المسدس الذي أطلق أبي الرصاص منه علي نفسه‏..‏ وعن أنجريد برجمان وحياتها مع المخرج الإيطالي روسيليني قال‏:‏ إن برجمان هي الوحيدة التي أطلق عليها اسم‏(‏ ابنتي‏)..‏ علي الرغم من غبائها الشديد الذي أدي إلي أن تعيش مع الحلوف الإيطالي الذي يستغلها أسوأ استغلال‏..‏ في الفراش‏..‏ وعلي المسرح‏..‏ وفي الأفلام‏..‏ وعن سبب وقوفه الدائم حافي القدمين بدون سروال عندما يكتب قال‏:‏ أحب أن أكتب وأنا واقف حتي أتخلص من كرشي علي قدر ما أستطيع كما أن الوقوف يدفع الدم إلي الرأس‏,‏ وحبيبتي سميث كورنا الآلة الكاتبة طبيبي النفسي الذي يجب ألا أجلس في حضرته‏,‏ ويكفيه فخرا أنه يطل علي كل شيء من الأعالي‏,‏ فمكان سميث ومكانتها فوق المائدة المرتفعة في غرفة الوحي‏..‏
أما عن عائلة همنجواي المنكوبة فالجد الكبير الطبيب انتحر بإطلاق الرصاص علي نفسه‏,‏ والابن الكاتب الكبير أرنست قالت الشواهد إنه أطلق علي نفسه الرصاص أيضا‏,‏ والحفيدة الحسناء مارجو انتحرت في نوفمبر‏1996‏ بعد عملها كعارضة أزياء ثم كنجمة سينمائية‏,‏ ثم كمطربة علي مسارح نيويورك تردد الآلاف معها أغنيتها الشهيرة‏:‏ قادمة للتو من شارع بين شفتيك‏..‏ أحمل في حقيبتي كل الحرائق الباردة‏..‏ أمضغ الكلمات التي همست لي بها وأنت تتقهقر‏..‏ كنت بعيدا‏..‏ كنت قريبا‏..‏ لم يكن للغرفة باب فهربت مع الهواء‏..‏ هربت معي يداك‏..‏ حائرة بيديك أين أخبئهما؟‏!!..‏ مارجو قالت في حديث صحفي قبل انتحارها بالحبوب المهدئة إن عرافا هنديا قد حكم علي أفضل أفراد العائلة بالانتحار‏,‏ وأن جدها قد كتب لها في دفتر توقيعات مولدها عبارته الموجعة‏:‏ إياك أن تثقبي الزمن فإنه يذهب كالماء‏..‏ وتذهب مارجو وتأتي مارييل همنجواي شقيقتها الصغري ليستضيفها المحاور التليفزيوني الشهير لاري كنج ليسألها عن ترشيحها لجائزة الأوسكار عن دورها في فيلم مانهاتن وعن سر سعادتها التي استطاعت أن تتغلب علي الإرث المأساوي لأسرتها فتجيبه بأن مفتاحه في ابنتيها الرائعتين من زواجها السعيد بالمخرج هيو هافنر الذي يشجعها الآن علي أن تقوم بإخراج فيلم عن رواية جدها حفل متنقل التي كتبها عن حياته في باريس‏.‏
وتذهب مارييل لتأتي الحفيدة الثالثة لهمنجواي واسمها هيلاري وتميزها أنها تكتب بأسلوب فريد توقع له النقاد مستقبلا يجعلها خليقة بالمثل القائل العرق يمد لسابع جد‏,‏ وتعد هيلاري أصغر الحفيدات الإحدي عشر للكاتب الكبير الذي أعلن نبأ موته بنفسه يوم علم بمنحه جائزة نوبل عن روايته العجوز والبحر‏..‏ ذهب إلي أقرب مكتب تلغراف ليرسل إلي صحيفة النيويوركر هذه البرقية‏:‏ انتحر اليوم الكاتب الأشهر أرنست همنجواي حزنا علي منحه جائزة نوبل وترك بجانب جثته هذه الورقة التي كتب فيها‏:‏ جائزة نوبل جائزة بلهاء يمنحها قوم أشد بلاهة لكتاب أثرياء ليسوا في حاجة إليها بدل أن يعاونوا بها الكتاب الفقراء‏..‏ إذا أردتم أيها السادة أن تلقوا بأحزمة النجاة في البحر فمن أحق بها؟‏!‏ الجالسون المنعمون في صالونات الدرجة الأولي في البواخر الفارهة‏,‏ أم الذين يعانون الغرق من لطمات الموج في محيط الحياة القاسي؟‏!..‏
المزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.