نائب حاكم الشارقة ورئيس مجلس القضاء في زيارة رسمية إلى العاصمة الجديدة    محافظ الوادي الجديد يتفقد تقدم أعمال إنشاء مدرسة المتفوقين STEM    محافظ الوادي الجديد يعتمد النزول بسن القبول بالصف الأول الابتدائي بالمدرسة الرسمية الدولية    أهم القرارات الحكومية اليوم في العدد 182 بجريدة الوقائع المصرية    أسعار سبائك الذهب اليوم الاثنين 18 أغسطس 2025.. بكام سبيكة 2.5 جرام؟    نص القرار الجمهورى بالتجديد ل"حسن عبد الله" محافظًا للبنك المركزى    ملك الأردن يجدد رفض بلاده ل "رؤية إسرائيل الكبرى"    الخارجية الفلسطينية تدين قرار الاحتلال الإسرائيلي التعسفي بحق الدبلوماسيين الأستراليين    موقف محمد هاني من مباراة بيراميدز بعد عقوبات رابطة الأندية    برشلونة يرفض ضم نجم إنتر ميلان    تعديل موعد انطلاق بطولة أفريقيا لأندية كرة اليد بالمغرب    حلم الطب.. دموع طالب متفوق    إحالة أوراق المتهم بقتل شقيقته فى سوهاج إلى المفتى    هاني أحمد زويل أول ضيوف "هذا الرجل أبي" على شاشة التليفزيون المصري    يتضمن 20 أغنية.. التفاصيل الكاملة لألبوم هيفاء وهبي الجديد    أسامة السعيد: الموقف المصرى تجاه القضة الفلسطينية راسخ ورفض للتهجير    «أحمديات»: غياب ضمير العشرة    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد دار إيواء المستقبل (صور)    كشف ملابسات قيام سائق "توك توك" بالسير عكس الإتجاه بالإسكندرية    إصلاحات شاملة لطريق مصر - أسوان الزراعي الشرقي في إسنا    تمكين الشباب.. رئيس جامعة بنها يشهد فعاليات المبادرة الرئاسية «كن مستعدا»    «بيطري قناة السويس» تُطلق برامج دراسات عليا جديدة وتفتح باب التسجيل    تووليت وكايروكي يحيون ختام مهرجان العلمين الجديدة (أسعار التذاكر والشروط)    تعرف على الفيلم الأضعف في شباك تذاكر السينما الأحد (تفاصيل)    الأعلى للإعلام: انطلاق الدورة التدريبية رقم 61 للصحفيين الأفارقة من 18 دولة    رئيس الوزراء يشارك في قمة «تيكاد 9» باليابان    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    البحوث الفلكية : غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    الرقابة المالية: 3.5 مليون مستفيد من تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر حتى يونيو 2025    هل يتم تعديل مواعيد العمل الرسمية من 5 فجرًا إلى 12 ظهرًا ؟.. اقتراح جديد في البرلمان    تحذير رسمي.. عبوات «مجهولة» من «Mounjaro 30» للتخسيس تهدد صحة المستهلكين (تفاصيل)    حبس المتهمين بالتخلص من جثة صديقهم أثناء التنقيب عن الآثار في الشرقية    هام وعاجل من التعليم قبل بدء الدراسة: توجيهات للمديريات    "العدل": على دول العالم دعم الموقف المصري الرافض لتهجير الفلسطينيين من أرضهم    الليلة.. عروض فنية متنوعة ضمن ملتقى السمسمية بالإسماعيلية    نسف للمنازل وقصف إسرائيلي لا يتوقف لليوم الثامن على حي الزيتون    الصحة العالمية تقدم أهم النصائح لحمايتك والاحتفاظ ببرودة جسمك في الحر    "بعد أزمته الأخيرة مع الأهلي".. 10 معلومات عن الحكم محمد معروف (صور)    "كان واقف على الباب".. مصرع شاب سقط من قطار الصعيد بسوهاج    الشيخ خالد الجندي: مخالفة قواعد المرور معصية شرعًا و"العمامة" شرف الأمة    اليوم.. الأهلي يتسلم الدفعة الأولى من قيمة صفقة وسام أبو علي    الديهي يكشف تفاصيل اختراقه ل"جروب الإخوان السري" فيديو    موقع واللا الإسرائيلي: كاتس سينظر خطة لمشاركة 80 ألف جندي في احتلال غزة    الرئيس السيسي يوجه بتعزيز الموارد الدولارية وتمكين القطاع الخاص لجذب الاستثمارات ودعم النمو الاقتصادي    رضا عبدالعال: خوان ألفينا سيعوض زيزو في الزمالك.. وبنتايج مستواه ضعيف    أيمن الرمادي ينتقد دونجا ويطالب بإبعاده عن التشكيل الأساسي للزمالك    في يومها الثالث.. انتظام امتحانات الدور الثانى للثانوية العامة بالغربية    حظك اليوم.. تعرف على توقعات الأبراج اليوم الاثنين    أسعار البيض اليوم الإثنين 18 أغسطس في عدد من المزارع المحلية    «متحدث الصحة» ينفي سرقة الأعضاء: «مجرد أساطير بلا أساس علمي»    مدرب نانت: مصطفى محمد يستحق اللعب بجدارة    انطلاق امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء (صور)    قوات الاحتلال تعتقل 12 فلسطينيا من محافظة بيت لحم    وزارة التعليم: قبول تحويل الطلاب من المعاهد الأزهرية بشرط مناظرة السن    إصابة 14 شخصا فى تصادم ميكروباص وربع نقل على طريق أسوان الصحراوى    الخارجية الفلسطينية ترحب بقرار أستراليا منع عضو بالكنيست من دخول أراضيها 3 سنوات    استقرار أسعار النفط مع انحسار المخاوف بشأن الإمدادات الروسية    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هووهي
أوبرا وينفري‏..‏الزنبقة السوداء
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 12 - 2010

قفلوا عليه أبواب الاستوديو وأضاءت اللمبات الحمراء فاستأثر بالمكان والميكروفون وعدسة الكاميرا وحده‏..‏ و‏..‏علي الهواء بالبث المباشر الحصري عندما أصبح منه لجمهوره دون الاستعانة بأوراق أو صديق أذاع قراره النهائي الذي توصل إليه بتفكير المستقل‏. وأملاه عليه مخه وضميره‏..‏ قالها وارتاح‏..‏ قذف بقنبلته والابتسامة لم تزل تسكن شفتيه‏..‏ صارح الشاشة بطي كتمانه وإزماع نيته ومفرج ضيقه وأرقه وقلقه‏,‏ وأنهي المسألة التي لم تعد عويصة بدماثته المعهودة وسماحة إطلالته وصدق نبرته التي دخلت القلوب‏,‏ لتتفجر بعدها هناك خارج الأبواب والجدران الزوبعة التي صاحبت إعلان المذيع القدير عماد أديب قراره باعتزال الشاشة منذ سنوات وهو في قمة عطائه وشهرته وإقبال الجمهور عليه‏....‏ تداعت تلك الذكري المحبطة التي ارتأي عماد أديب أن يغدو صاحب قرارها المحبط بمبررات تدعي الإجهاد والتفرغ والالتفات للإنتاج وشئون الصحافة والإدارة والأسرة والأنجال‏,‏ تاركا فراغا إنسانيا كان من الصعب ملؤه‏,‏ فحتي شقيقه عمرو أديب الذي لمع وأضاء من بعده قد اتخذ لنفسه مسارا ناجحا آخر‏,‏ تركه الآخر‏,‏ ولكن هذه المرة دون قرار ذاتي منه لتعاد إذاعة بعض حلقات برنامجه المنزوعة السلاح التي يرتدي في بعضها شورت البلاج ويغني في بورتو مارينا مع عدوية ونحن علي أبواب الشتاء‏,‏ ويقدم لنا في حلقة أخري مشفية وائل جسار اللبناني في تواشيح دينية‏,‏ وتغدو السهرة التي كانت واجفة راجفة بمثابة الأكل البايت ومحشي الضلمة الكداب‏!..‏
بالمثل أشارت أوبرا جايل وينفري أشهر مذيعة تليفزيون عالمية يوم‏11‏ نوفمبر الماضي للمسئول عن قوائم أسماء الفنيين والمهندسين والمخرجين ومصممي الملابس ومصففي الشعر بالانتظار لحظات قبل إنهاء الحلقة لتعلن لجمهورها في‏145‏ دولة عالمية ول‏40‏مليون مشاهد في أمريكا وحدها قرارها بوقف برنامجها الحواري في سبتمبر‏2011‏ المقبل‏,‏ التاريخ الذي يوافق مرور ربع قرن علي البدء في بثه علي الهواء‏..‏ وإذا ما كان عماد أديب قد ظهر مرتاحا مبتسما متماسكا أمام جمهوره أثناء إعلانه الاعتزال‏,‏ فإن أوبرا لم تستطع مغالبة دموعها أثناء قولها في تأبين برنامجها أحب هذا البرنامج فهو بمثابة حياتي‏..‏ أحبه بما يكفي لأعرف أن لكل شيء نهاية‏,‏ وأنه قد آن أوان الوداع‏,‏ ونزول الستار‏..‏
أوبرا نتاج نوعية مختلفة من الثقافات والحضارات التي تعرف متي تدير وجهها للكاميرات؟‏!‏ و‏..‏متي يحين الوقت لتغيير النشاط؟‏!..‏ و‏..‏متي يجب أن يتوقف نشاط الماكينة الدوارة ليسلم مقاديره ومقاليده لنشاط المزاج والاستمتاع بما جنت اليدان؟‏!..‏ و‏..‏متي تصبح القمة هي خط النهاية؟‏!‏ و‏..‏متي يكون في الاحتفاظ بها عبودية وشقاء؟‏!..‏ أوبرا وينفري زنبقة أمريكا السوداء‏..‏ في سلو بلدها يعرف المرء مدلول حرف الاستفهام متي؟ وتوقيت القيام لتنفيذ مخططه‏,‏ بينما في سلو بلدنا يشيخ المسئول ويشيخ أسلوبه حتي يلفظ أنفاسه الأخيرة‏,‏ ويشيخ المذيع ويشيخ برنامجه حتي تصبح الفرجة عليه من باب الصدقة‏,‏ ويشيخ الكاتب ويشيخ قلمه حتي يتعنكب العنكبوت فوق أسطح سطوره‏..‏ ولا أحد يريد الزحزحة من مطرحه اللاصق بالغراء قيد أنملة علي جميع المستويات وفي جميع الاتجاهات‏,‏ فليس من أجروميتنا ذلك المستكفي أو تلك المستكفية وإن وجدت نماذج نادرة قد استكفت بالفعل مثل الأستاذ محمد حسنين هيكل في عالم الصحافة‏,‏ ورجل الأعمال نجيب ساويرس في عالم المال والأعمال‏,‏ ويحيي حقي في عالم الأدب‏,‏ حيث كان الكاتب الوحيد في مصر الذي اعترف بشجاعة قائلا‏:‏ لقد نفد رصيدي‏,‏ وقبل استدارته النهائية كتب في المرحلة الانتقالية للمغادرة في جرائد لا يقرؤها سوي العشرات مثل جريدة التعاون بقناعة أنه قد آن الأوان للتغيير‏..‏
وحتي يوم‏5‏ سبتمبر‏2011‏ القادم يتصارع طابور طويل من راغبي الشهرة والثراء للحصول علي صك اجتياز الباب الملكي لعبور المحيط‏,‏ وذلك بالسماح لهم بالجلوس أمام الكاميرات ولو للحظات معدودة فوق الكنبة بجوار أوبرا وينفري كضيوف في الحلقات الباقية من البرنامج العالمي الشهير‏..‏ ولتنوع شخصيات قوائم الانتظار التي ترفع عادة للإعلامية الأمريكية الشهيرة سوزان هاور التي تعتمد عليها أوبرا في اختيار نجوم برنامجها‏,‏ حاولت سوزان الحد من التكالب الشديد في فترة العد التنازلي لانتهاء البرنامج الذي لن يتسع لظهور أكثر من‏37‏ ضيفا استراتيجيا فقط حيث ضمت القوائم العشرات من النجوم ورجال الأعمال المرموقين وأبناء رجال المافيا‏,‏ إلي جانب الحلقات المحجوزة سلفا لظهور الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش‏,‏ والمغني الشهير ريكي مارتن‏,‏ والأبناء الثلاثة لملك البوب الراحل مايكل جاكسون الذي استضاف أوبرا في قصره علي مدي حلقة كاملة في عام‏1993‏ عندما قدمت برنامجها من داخل مزرعته في نيفرلاند قامت سوزان للحد من الطلبات بإصدار كتالوج بعنوان الدليل الأساسي للظهور مع أوبرا يباع الآن في الأسواق بمبلغ‏99‏ دولارا كخطوة أولي للاتجاه للكنبة المعجزة في البرنامج الذي بدأ أولي حلقاته خلال عام‏1968‏ ليغدو الطريق المعبد لتحقيق الحلم الأمريكي‏,‏ فصاحبته وينفري ما إن تبدي إعجابا بموهبة‏,‏ أو مجرد إشارة لسلعة أو مستحضر‏,‏ أو تذكر اسما لكتاب جديد فهنيئا لمن وضع السعد اسمه بين شفتي المذيعة السوداء‏,‏ حيث ينتقل صاحبه من بين صفوف الملايين إلي أصحاب الملايين في قعدة‏,‏ وعلي سبيل المثال فقد بلغ تأثيرها عندما ذكرت في إحدي حلقاتها أنها تتفادي تناول لحوم الأبقار أن تدهورت في اليوم التالي مبيعات اللحوم وتكدست شحنات معلباتها في الموانئ إلي حد الأزمة‏,‏ وعندما أعلنت عن إعجابها بكتاب أرض جديدة ارتفعت مبيعاته في ظرف شهر واحد من‏500‏ ألف نسخة إلي‏4‏ ملايين نسخة‏,‏ وأعلن موقع بابليشر ويكلي المعني بأخبار النشر وبيع الكتب أن أوبرا خلال العامين الأخيرين قد أسهمت وحدها في تحقيق مبيعات بقيمة‏500‏ مليون دولار لصناعة ونشر الكتب‏.‏
ومثلما قيد دفتر مواليد الوايلي والشرابية عندنا اسم المولودة خطأ بسخام بدلا من سهام‏,‏ وصعلوك بدلا من زلعوك‏,‏ وتلمة بدلا من طعمة‏,‏ لتلتصق الصفات المشوهة بأصحابها بفعل أصابع الأمية الرعناء حتي الممات‏,‏ فقد أخطأوا بالمثل في ولاية ميسيسبي الأمريكية في‏9‏ يونيو‏1954‏ عند كتابة اسم أوربا علي المولودة الجديدة تيمنا ببطلة الأسطورة الكنسية فدون من لا يتقن كتابة حروف الأبجدية بدلا منها أوبرا فكلاهما له نفس الوقع الموسيقي علي طبلة الأذن‏,‏ ثم إن الحكاية في بيتها‏,‏ وليس هناك من له عزيمة الاعتراض أو رغبة في التصحيح من الأصل وأوبرا أوبرا كلها أسماء لعيال سود يزحمون الطريق‏..‏ وتشب أوبرا طفلة حي الزنوج السوداء لصق القاع بشعرها المفلفل والشفاه الغليظة والصوت الأجش بفعل العويل المستمر‏..‏ ملابسها من أجولة البطاطس‏,‏ وفراشها أينما زار النوم الجفون الوارمة من سكني الذباب‏,‏ ومعدتها خاوية من أثر جوع مقيم في مثلث إقامة رابطة الدم المهترئة في أي من حجرة أمها أو أبيها أو جدتها‏..‏ تهرع عندما تغيب الشمس لملاقاة الأم الغسالة عند عودتها منهكة فلا تلقي سوي بللا في الأحضان‏,‏ وتتمسح في والدها حلاق الرصيف فتؤجج غضبه مكررا الرفض لأمها المعتوهة التي عاشرها كغيرها من الخادمات فانتفخت لتطالبه بالزواج‏,‏ وإذا ما كانت الجدة أول من وضع أقدام أوبرا علي أول طريق المعارف والقراءة وسنة أولي تعليم وفتحت أمامها العالم السحري للخيال فإن وجودها لم يشكل حائط حماية لصغيرة لا حول لها ولا قوة تتعرض لزني المحارم‏..‏ للاغتصاب‏..‏ لتعدي العم وابن العم وزائر العائلة‏..‏ وتحمل أوبرا ولم تزل في الثالثة عشرة ويموت المولود‏,‏ ولا يعرف بعدها لأوبرا وينفري قصة حب أو ارتباط بزواج‏!!..‏ وفجأة أثناء اعترافها الشجاع أمام أنظار العالم بمأساة طفولتها بعد تجاوزها السابعة والثلاثين عندما تصحبها الكاميرات لزيارة مواقع الظلمات التي شاهدت طفولتها البائسة تكتشف عقدتها‏..‏ يتضح لأوبرا أنها لم تتعلم منذ لفظها رحم الأم وحنانها أن تقول لا‏..‏ أن تعترض‏..‏ أن ترفض استغلالها‏..‏ ومن هنا أصبحت قضيتها الإعلامية بعد الاكتشاف هي محاربة الاستغلال بجميع مظاهره‏..‏ وأصبح همها الأول ألا يطوي الطفل سره في حناياه تخوفا أو خجلا أو تحسبا للانتقام والابتزاز‏,‏ وأصبح شعار أوبرا هو‏:‏ لا أريد لطفل آخر من بعدي أن يخاف القول‏:‏ هذا ما حدث لي‏!!..‏
أوبرا التي وصفتها صحيفة الهيرالد تريبيون بأنها ملكة الإعلام الأمريكي‏,‏ وقالت عنها مجلة التايم التي نشرت صورتها علي الغلاف بأن قصة حياة وينفري هي قصة أمريكا بأكملها‏..‏ الحائزة علي لقب ملكة الكلام لقدرتها علي محاورة ضيوفها ليبوحوا علي كنبتها بأدق أسرارهم ويسكبوا من فيض أرواحهم وقلوبهم كل ما يختزنونه في سويداء الفؤاد والعقل الباطن‏..‏ أول سيدة أمريكية سوداء من أصل أفريقي تقدم الأخبار في التليفزيون عام‏1976,‏ وتستطيع الوصول إلي قلوب المشاهدين حيث سلطت الضوء علي سلبيات المجتمع الأمريكي قبل إيجابياته‏,‏ وتطرقت للعديد من قضاياه المهمة‏,‏ وأوجدت لها الحلول‏,‏ كما تناولت بإفاضة موضوعات الزواج والطلاق والحب والجنس والإدمان والبغاء والانحلال والفقر‏,‏ واستضافت شخصيات عالمية من رؤساء دول وملوك وفنانين أمثال الملك عبدالله الثاني وباراك أوباما وكلينتون وهيلاري وتوم كروز الخ‏..‏ أول مليارديرة من أصل أفريقي في العالم حيث بلغت ثروتها‏3‏ مليارات دولار‏,‏ وتبلغ إيراداتها السنوية‏350‏ مليون دولار تقدم منها‏16%‏ للمؤسسات الخيرية في بلادها وفي قارة أفريقيا‏,‏ وتحتل المركز الثاني في قائمة المائة شخصية الأكثر نفوذا في العام وفق التصنيف الأخير لمجلة فوربس‏..‏ النجمة التي شاركت في بطولة فيلم الليل الإرجواني عام‏1985‏ عن قصة الأديبة أليس والكر الفائزة بجائزة بولينزر من إخراج ستيفن سيبلبرج‏,‏ وفي عام‏1998‏ قامت بإنتاج وبطولة فيلم المحبوب‏..‏ صاحبة أربعة كتب آخرها كتابها‏'liveyourbestlife‏ س‏..‏ رئيسة تحرير مجلة أوبرا النسائية وشركة هاربو للإنتاج السينمائي‏,‏ ومحطة راديو فضائية إلي جانب محطتها التليفزيونية الخاصة التي تحمل اسم‏own‏ ولا نهاية لأعمال وجهود ومؤسسات ومنشآت وفنون أوبرا وينفري المرأة التي لا تؤمن بالمصادفة وتستقرأ الأحداث وردود الأفعال وتداوم الأبحاث وتستقصي الحقائق وتسافر إلي أبعد نقطة لإلقاء شعاع ضوء يبدد الغموض للوصول إلي هدفها‏,‏ وتصعد بها موهبتها من درب أبناء الشوارع لتستقبلها اليزابيث ملكة انجلترا ضيفة علي قصر باكنجهام‏,‏ فهي ابنة بلاد عندما يعثرون فيها علي موهبة يجلونها غير ما بالقوم عندنا الذين يبحثون لها عن مقبرة‏!!...‏ أوبرا صاحبة الشخصية الفولاذية التي استضافت كونداليزا رايس في أوج لمعانها كوزيرة خارجية لأمريكا لتحاورها لمدة عشر دقائق لا غير‏,‏ لتطلب منها بعدها بصلف وجدية النزول عن المسرح الذي سيستقبل من بعدها طفلا موهوبا قادما من التبت يعزف علي صفارته الشعبية‏,‏ فترضخ الوزيرة لأوامر الإمبراطورة لتهبط منصاعة لمقاعد الجمهور تنضم لكورس المعجبين المصفقين للطفل الموهوب‏.‏
تلعب بشرتها السوداء وقسماتها الأفريقية دورا تراثيا كبيرا في توجهات أوبرا وينفري بانحيازها لقضايا السود في الولايات المتحدة‏,‏ وخدمة أبناء القارة السوداء التي أصبحت مقصدا للعمل الإنساني لنجوم هوليوود أمثال مادونا وكلوني وبراد‏..‏ لكن أوبرا فاقت الجميع بإعلانها منذ عام‏2004‏ عن تبني عشرة أطفال من جنوب أفريقيا يدرسون الآن في مدارس الولايات المتحدة‏,‏ إلي جانب الأكاديمية التعليمية التي أنشأتها صرحا متفردا في بلدة هنلي أون كليب التي تبعد عن جوهانسبرج بأربعين ميلا في جنوب أفريقيا‏,‏ وتتضمن‏28‏ مبني لكل منها مواصفات ومهمات خاصة تشكل جميعها وحدة مؤسسة للتعليم الراقي بلغت تكاليفها‏40‏ مليون دولار لإقامة‏500‏ طالبة أفريقية تولت أوبرا شخصيا اختيارهن في مقابلات دورية ضمت‏3500‏ فتاة‏,‏ وكانت حكومة جنوب أفريقيا قد تراجعت عن مشاركتها في بناء الأكاديمية بحجة انفصالها المظهري الثري عن الواقع الأفريقي الفقير‏..‏ وبعد اكتشاف أوبرا أن المهندسين المعماريين المحليين لم تعنهم فلسفتها الخاصة لإقامة مشروعها أوكلت التصميمات إلي آخرين لتتولي بنفسها معهم مهمة الإشراف علي كل كبيرة وصغيرة‏:‏ منذ البداية أرسل لي المقاولون الأفارقة تصميمات أشبه بعشش الدجاج بمفهوم ضيق الأفق أن فتيات أفريقيا الفقيرات لسن في حاجة لمظاهر النعمة ونظرا لأنها قد سئمت العمل الخيري عن بعد فقد فضلت الانغماس فيه علي الطبيعة وعلي أرض الواقع‏:‏ عندما بدأت أجني أموالا كثيرة شعرت بالإحباط لأن كل ما أفعله ليس سوي تحرير شيكات لهذه الجمعية أو تلك يتسلمها المندوب متمتما بالشكر‏,‏ وبعدها يعطيني ظهره ليدرج اسمي في كشوف أصحاب الاسهامات دونما شعور بأية علاقة حميمية بيني وبين أي رسالة إنسانية كان يسعدني المشاركة فيها‏,‏ ومن هنا تعد مدرستي في جوهانسبرج بالنسبة لي هي ذروة عملي علي الأرض‏..‏
وينتهي العمل ويحضر حفل افتتاح أكاديمية أوبرا وينفري في جنوب أفريقيا الرئيس نيلسون مانديلا‏,‏ وجون ترافولتا‏,‏ وجوليا روبرتس‏,‏ وملكة جمال أفريقيا أنجلينا جولي‏,‏ وباقة من مشاهير العالم الذين تجولوا في جوهرة أوبرا لمشاهدة مئات القطع الفنية الأفريقية الأصلية‏,‏ وديكورات قاعات المحاضرات والمسارح والسينما والملاعب وقاعة رياضة اليوجا وحمامات السباحة وحجرات نوم الطالبات المتسعة المفروشة بأفخر أنواع النسيج‏,‏ والتي حرصت أوبرا علي التمدد بنفسها فوق كل فراش فيها لاختبار إمكانية الاسترخاء المريح مع إضاءة التي لا تؤذي العين‏,‏ وتبعا لتوصياتها كانت المساحات كبيرة داخل خزائن الملابس سألني البعض عن أهمية ذلك التوسع فأجبت بأنه يمثل لكل طالبة إمكانية امتلاكها في المستقبل لأشياء كثيرة والعمل علي جني المال لشراء تلك الأشياء‏,‏ وتلك هي الطريقة المثلي لتعلم كيفية تقدير الأمور تحت شعار‏:(‏ لتكن أحلامك كبيرة‏)..‏ وكانت أوبرا قد طلبت من مختلف القبائل والمجتمعات في جنوب أفريقيا ترشيح فتيات يتمتعن بإمكانات قيادية استثنائية للالتحاق بأكاديميتها آملة أن يصبحن فيما بعد من طليعة الرائدات لانتشال بلادهن من الفقر بعد الانتهاء من فترة تدريبهن‏..‏ وأثناء التصفية النهائية للمرشحات اللاتي اشترط في السن أن يكون ما بين الثانية عشرة والثالثة عشرة سألتها ليسجو تلابانياني فجأة‏:‏ هل تنفقين حقيقة‏500‏ دولار لتجميل حاجبيك؟‏!‏ فضحكت أوبرا وألحقتها بالدراسة مثالا للفتاة المقدامة‏,‏ ومن هول قصص تفطر القلب روتها المتقدمات عن حياة أسرهن وفقرهن المدقع وأمراضهن‏,‏ حيث يصيب فيروس نقص المناعة الإيدز واحدا من كل ثمانية في جنوب أفريقيا توقفت أوبرا عن سؤال الفتيات عن خلفيتهن الأسرية قائلة‏:‏ لو أنني تركت لسماع تلك القصص‏,‏ لمكثت طيلة حياتي غارقة في بحيرة الدموع‏..‏ ويلومون أوبرا في الولايات المتحدة لبذل ملايينها لخدمة أبناء جنوب أفريقيا بينما الأقربون في بلدها أولي بالمعروف‏,‏ فترد مدافعة عن موقفها‏:‏ لقد أحبطتني زياراتي لمدارس الأحياء الفقيرة في أمريكا لدرجة توقفي عن زيارتها‏,‏ فهم لا يشعرون بواجبهم في تحصيل العلم‏,‏ وإذا ما سألت الأطفال عما يريدونه أو ما يحتاجون إليه لا تخرج إجاباتهم عن‏:‏ جهاز آي بود‏,‏ أو حذاء رياضي‏,‏ أما في جنوب أفريقيا فلا يطلبون المال أو الألعاب وإنما غاية أملهم هو الزي المدرسي كي يتمكنوا من الذهاب إلي المدرسة‏..‏ وتعد جيل لينج أقرب الأصدقاء إلي أوبرا التي تظهر معها في كل مكان‏,‏ وترافقها في جميع الأسفار‏,‏ وتعتمد أوبرا علي مشورتها في جميع الأمور‏,‏ وبسبب هذا الالتصاق استطاعت جيل وضع يدها علي السبب وراء هوس أوبرا بمدرستها الأفريقية‏:‏ عندما شاهدت سعادة وينفري وسط الأفريقيات الصغيرات اكتشفت أنها في هذا المكان بالذات قد عثرت علي غايتها‏,‏ وأنها داخل تلك الدائرة الأفريقية السوداء تحقق أمومتها خاصة عندما تدعو المختارات تبعا لرؤيتها الخاصة بلقب‏(‏ بناتي‏)‏ وهي في هذا تعني ما تقول خاصة أن مشروعها المستقبلي من بعد التقاعد هو الإقامة الدائمة في البيت الصغير الذي شيدته في الزاوية البعيدة من الأكاديمية بنفس مواصفات الديكورات والألوان والأطباق والملاءات والستائر التي تستعملها التلميذات‏..‏ أوبرا ابنة الغسالة التي أنجبت مجدها من رحم المعاناة‏,‏ من لبست زكيبة الخيش في طفولتها‏,‏ ومن فوق عرشها أهدت لباراك أوباما علي طبق من ذهب مليون صوت انتخابي‏,‏ وسافرت أخيرا بجمهور حلقتها البالغ عددهم‏300‏ شخص في رحلة أسطورية إلي استراليا لمدة ثمانية أيام‏,‏ بعد أن كانت قد منحت لجمهور مماثل بلغ‏275‏ فردا سيارة فولكس فان بيتل موديل‏2012‏ لكل منهم لم تطرح بعد في الأسواق ليكون جمهور أوبرا أول مالكيها‏,‏ بالإضافة إلي تغطية تكاليف الضرائب والمصاريف‏,‏ وذلك بعدما أهدت الجميع ساعات عالمية من مجموعة فيليب ستاين مرصعة بالماس قيمة كل منها‏13‏ ألف دولار‏,‏ وكانت في إحدي حلقات العام الماضي قد قدمت‏276‏ سيارة بونتياك جي‏6‏ لجمهورها الذي خرج أفراده مباشرة من الاستوديو ليقود كل منهم سيارته الجديدة التي تنتظره في الموقف‏..‏ وتستعد شركة الطيران الأمريكية يونايتد إير لاينز لتخصيص أولي رحلات طائراتها من شيكاغو بألينوي إلي لوس أنجلوس بكاليفورنيا في موعد الحلقة الأخيرة لبرنامج أوبرا في سبتمبر المقبل‏,‏ حيث تقوم أوبرا بإزاحة الستار عن الطائرة الجديدة الطراز التي تحمل اسم البرنامج لتستقلها مع جميع ضيوفها في رحلة خيالية الهدايا منها بطاطين تحمل شعار أوبرا‏25‏ وتمبولا تتيح للفائزين تذاكر للسفر المجاني للدوران حول العالم والإقامة في أفخر الفنادق‏!!..‏ تقول أوبرا رغم كل هذا الإبهار‏:‏ أريد أن أنهي مشواري الصاخب في بيتي الأفريقي الصغير بجانب بناتي لمتابعة تقدمهن وتشجيعهن‏..‏ سيكون عنواني الدائم هو هنلي أو كليب في جوهانسبرج‏,‏ حيث يسمح لي اللقاء اليومي بذل العطاء لصغيرات لم يعاملن يوما بلطف‏,‏ ولم يقل أحد لهن إنهن جميلات‏,‏ وأن بشرتهن تضيء تحت شمس أفريقيا بوهج الأبنوس‏,‏ وأن غمازاتهن رائعة‏,‏ وأسنانهن بلون العاج‏,‏ لطالما أردت سماع مثل تلك العبارات في طفولتي التي افتقدت فيها معني الطفولة‏..‏
صاحبة الوزن المتأرجح التي فقدت في إحدي دورات تصميمها علي بلوغ الكمال‏20‏ كيلوجراما في عام‏2008‏ لتصل إلي‏91‏ كيلوجراما لم ينس جمهورها أنها أتت إلي الاستوديو بكيس كبير من اللحم يساوي ما فقدته لتعبر عن فرحتها بإنجازها العبقري‏,‏ إلا أن أيام الفرح لم تدم طويلا‏,‏ ففي عام‏2009‏ عاد وزنها للزيادة لتبلغ‏105‏ كيلوجرامات‏,‏ ولتخفيف بعض من ذلك الوزن شاركت في سباق ماراثون للجري‏,‏ ووصفت نفسها بالبقرة الحلوب عندما لم تستطع ارتداء الثوب الذي خططت لارتدائه في حفل استلام أوباما منصبه رسميا في يناير‏2009,‏ وهذا الأسبوع بعدما لاحظ المشاهدون اتجاها جديا من أوبرا للرشاقة استمعوا لها تقدم حصيلة خبراتها في عالم الريجيم معلبة في خمس نصائح أولها تجنب تناول الطعام متأخرا‏,‏ فآخر وجبة لابد وأن تكون قبل النوم بساعتين علي الأقل‏,‏ والشعور بقليل من الجوع قبل النوم مؤشر إلي أن الجسم آخذ في استهلاك المخزون من الدهون المتراكمة به‏..‏ وثانيا الحفاظ علي وجبة الإفطار التي تعطي إحساسا بالشبع لساعات طويلة من اليوم‏,‏ إلي جانب أنها تجعل الجسم يبدأ بحرق كم أكبر من الدهون‏..‏ وثالثا شرب ستة أكواب من الماء يوميا‏,‏ حيث يساعد الماء علي حرق الدهون‏..‏ رابعا تناول الطعام بوعي ومراقبة الطبق دون التركيز علي شيء آخر أثناء الأكل كمشاهدة التليفزيون أو الاستغراق في القراءة‏,‏ حيث ترتفع اليد اللاهية من الطبق الزاخر للفم اللاهي فتأتي النتيجة بما لا يحمد عقباه‏..‏ وخامسا ليست الإجازة معناها رخصة مفتوحة للأكل‏!!‏
أوبرا وينفري‏..‏ إليها وإلي برنامجها الكاشف للخفايا والخبايا المداوي لأوجاع النساء يعود الفضل في تحقيق صحوة عالمية أزالت الغشاوة عن عيون الكثير من الرومانسيات الساذجات المدلهات الواقعات في براثن حقن الحب المخدرة التي يتقنها الرجال علي مستوي العالم‏..‏ يتغيب الرجل من هؤلاء لفترات طويلة في عالمه اللاهي بعيدا عن عيون وأسماع العاشقة الحالمة المنتظرة علي شاطئ الثلوج دون جدوي‏,‏ وعندما تسقط جميع أوراق الكرامة‏,‏ وتضطرم النيران في قلعة الشوق‏,‏ تدير المولعة الرقم المحفوظ لتلهفها علي الحقنة التي تسكب في أذنيها نغمات لها وقع شدو الطير في الجنان‏,‏ وخرير الماء القادم من شلال فضي يشق الصخور‏,‏ فينثر رذاذ اللؤلؤ والألماس والبللور‏,‏ فيسمعها صاحب الصوت القطيفة‏,‏ والنبرة الملهوفة‏,‏ والترحيب المغموس بالحنين‏,‏ أسطوانته المخدرة‏,‏ عن فدادين حبه‏,‏ وهكتارات غرامه‏,‏ وجحيم وحدته‏,‏ وجبال أسفه الشديد للانشغال عنها‏,‏ لسقوطه في غياهب المرض‏,‏ وتعب قلب أمه‏,‏ وولادة أخته‏,‏ وجنازة عمه‏,‏ وسفر المدير‏,‏ وحادث العربة‏,‏ وانفجار الأورطي‏,‏ ودعامة التاجي‏,‏ وذبابة عينه‏,‏ وجلسة القضية‏,‏ والحرامية‏,‏ والأزمة الاقتصادية‏..‏ و‏..‏وقد يلتقي بها من باب صحوة ضمير فجائية يعاوده بعدها الغطيط‏,‏ أو من أبواب أخري لافتاتها‏:‏ الدناوة‏,‏ والبلاش كتر منه‏,‏ والهبلة مسكوها طبلة‏,‏ والغواني يغرهن الثناء‏,‏ وكفاية عليها كده‏,‏ واعقلها وتوكل علي غيرها‏,‏ والبعيد عن العين بعيد عن القلب وهي من الأول بعيدة عن الاثنين‏..‏
وتلخص أوبرا مثل تلك العلاقة المرضية ببساطة وبإيجاز بليغ في سؤال قاطع بصراحة السكين توجهه للحالمة المخدرة‏:‏ بيسأل عنك بالتليفون؟‏!..‏ لا‏..‏ يبقي مابيحبكيش‏!!‏
[email protected]
المزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.