الدكتور مصطفي بن جعفر واحد من أبرز الساسة التونسيين الذي ذاع صيته منذ تم إنتخابه رئيسا للمجلس الوطني التأسيسي في22 فبراير2011 وفي ختام زيارته لفيينا أجرينا معه هذا الحوار: هل يمكن أن تحدثني عن المشهد في تونس في الوقت الحالي ؟ أنا لا أري هناك أي حدة أو توتر في العلاقات هذه تجربة ائتلافية تضم ثلاثة أحزاب لكل حزب مشروع فيه الحزب ذوالمرجعية الدينية والاحزاب الحداثية وبعض شخصيات المستقلة فهي تجربة فريدة يمكن ان نقول انها نموذجية في العالم العربي الاسلامي وربما نجد ما يمثلها في بعض البلدان الاوروبية مثل النمسا مثلا بين الحزب الاشتراكي والحزب المسيحي الديمقراطي لكن في العالم العربي تجربة فريدة وهي في خطواتها الأولي المهم أن نقول ان هذه التجربة لم تنطلق من الصفر أو من عدم لأن خلال أيام الجمر عندما كنا نتصدي للاستبداد كانت هناك علاقات متواصلة بين هذه الاحزاب مثلا في اطار ما سمي وما هو معروف بهيئة18 أكتوبر للحريات كن نتحاور في هذا الاطار مدة أربع او خمس سنوات واصدرنا بيانات توافقية حول قضايا شائكة مثل علاقة الدين بالسياسة و قضية المساواة بين الرجل والمرأة وهذه الوثائق الهامة كان موقع عليها من كل الاطراف الهامة بما فيها حركة النهضة وحزب المؤتمر وحزب التكتل وغيرها من الاحزاب بحيث ان هناك اليوم تجربة هذا الائتلاف مبنية علي جو من الثقة. كيف تقيم أداء حزب النهضة خصوصا بعد أن سيطر علي مفاصل الحكم في تونس ؟ السيطرة علي مفاصل الحكم فيها أخذ ورد لكن كيف أقيم أنا شخصيا ؟ أقيم هذا التصرف كتصرف حزب حقق نتائج يمكن ان تعتبر باهرة في الانتخابات طبعا ليس هو حزب الاغلبية في تونس او في داخل المجلس الوطني التأسيسي من حيث عدد نوابه لكن هو أكبر حزب علي مستوي التمثيل عن الحزب الذي يأتي بعده وبالطبع كل الاحزاب وكل التيارات البشرية تشقه تيارات وتشقه عادات وتقاليد مختلفة فهناك في حزب النهضة من هو منفتح علي السلوكيات الديمقراطية قابل لفكرة التشابك ونحن مررنا بعشرات السنين من الاستبداد ومن الانفراد بالنفوذ كل هذا جديد بالنسبة لنا نحن في صدد تعلم الديمقراطية هذا اقوله بكل تواضع وبكل صراحة. في نفس الوقت هناك من هو منفتح علي ثقافة المشاركة ويستشير ولا يأخذ قرارا الا بعد أخذ الرأي والرأي المخالف وهناك من هو مازال في نشوة الانتصار ويتصور انه بإمكانه بل ربما في مصلحته ان يضع رجاله في كل مفاصل الدولة هذا لا يمنع من الحوار داخل الثلاثي الحاكم أولا في محاولة للحد من هذه التجاوزات وتصحيح المسار وتنمية هذه الثقافة التشاركية التي ربما ليست من تقاليدنا. هل أستطعتم في تونس إسترداد بعض الأموال المنهوبة ؟ إلي الآن استرجعت الدولة ما هو موجود علي أرض الوطن من المؤسسات التي كانت بين ايدي العائلة او المقربين الي غير ذلك, لكن الأموال والمكتسبات التي تم تصديرها الي الخارج ووضعها في الارصدة في بنوك اجنبية لم نستردها حتي الآن فنحن نعلم أنه عمل طويل وشاق ويجد عقبات جديدة والامثلة عديدة بالنسبة إلي تجارب سابقة, ولكننا نؤكد علي أصدقاء وأشقاء تونس علي أن هذه القضية قضية هامة أولا لمساعدة تونس والوقوف الي جانبها وإلي كل من يعبر عن حماسه وتعاطفه مع هذه الثورة المجيدة من ناحية لكن كذلك ولأسباب أخلاقية واضحة نحن نؤكد علي أصدقائنا وأشقائنا في الغرب نطالبهم بالإسراع في كل الاجراءات حتي يسترجع الشعب التونسي مكاسبه ويتصرف فيها بطريقة سليمة وفي إطار الحكم الرشيد. كيف تم استرجاع الأموال المنهوبة في الداخل؟ طبعا بالقانون استرجعتها الدولة ووضعت من يسيرها حتي تقف علي قدميها وحتي لا تنهب من ناحية وحتي لا تضيع المصالح بحسب الحالات من ناحية اخري فمنها ما ستحافظ عليه الدولة اذا كان من المنطقي أن يبقي أملاك عمومية ومنها ربما ما سيتم بيعه للخواص وللشعب لكل من له القدرة علي إمتلاكه. كيف تري المشهد المصري بعيون تونسية ؟ أنا أري ان المشهد المصري هو أقرب المشاهد من المشهد التونسي بالطبع لكل بلد أوضاع خاصة ولكل بلد مؤسساته وتنظيماته وتوازناته الداخلية. فالتقييم الموضوعي لابد أن يخرج من الأشياء الظرفية في العموم مثل ما نري المسار في تونس يظن البعض أو يعتبر أنه في إتجاه بطيء وقد يعتبر البعض انه متسارع لكن المهم هو الاتجاه هل هو إتجاه صحيح أم هو خطأ؟ نحن في رأيينا أن الاتجاه في مصر بعد الثورة حيال الحكم المدني اتجاه سليم, وسنأتي شيء في شيء الي الصورة التي تعكس حقيقة التوازنات السياسية في مصر وهذا هو المطلوب من أي نظام ديمقراطي. كيف تري الوضع في مصر مع زيادة شعبية الإخوان ؟ لا بد من تحديد الانطلاقة هل الانطلاقة كانت سليمة لأن لنا في تونس نفس النغمات يعني هناك من يقرر بأن الإنتخابات كانت شفافة وديمقراطية ذات مصداقية لكن البعض غير مرتاح للنتائج التي أعطاها صندوق الاقتراع, فإذا كان في مصر نفس الشيء اذا كنا نقر بأن الانتخابات في مصر كانت شفافة فلا بد أن نقبل بنتائجها ثم العمل يأتي علي مستوي القوي الاجتماعية والسياسية لتغيير الموازين. الشعب المصري اختار ان يعطي اغلبية ساحقة للاسلاميين الشعب التونسي أعطي نسبة كبيرة لحزب النهضة لكن أعطي أصواتا أخري لقوي سياسية قد تتقارب معها أو قد تختلف أو قد تتناقض تماما مع مشروعها هذا واقع كل مجتمع لا بد ان نحترم هذا اذا كانت لنا ثقافة الديمقراطية الحقيقية. كيف تري المشهد في سوريا وما هو تقييمك ؟ لا يمكن تقييم الموقف في سوريا ليس هناك مشهد هناك قيادة تبطش بشعبها بابنائها وببناتها هي تهدم ما بني خلال عشرات وعشرات السنين بل خلال قرون فهناك عملية تهديم شرسة كل تمنياتنا ان تتوقف هذه المجزرة وان يسترجع الشعب السوري انفاسه علي الاقل علي المستوي البشري الانساني يسترجع أمنه واطمئنانه ثم ان يعيد بناء هذا البلد علي أساس ديمقراطي علي أساس مشاركة المواطن في تيسير شئونه فنحن ننتظر بفارغ الصبر أن تتوقف هذه المأساة. ألا توافقني أن الحل يبدأ من داخل سوريا ؟ الحل النهائي لن يكون إلا من سوريا ولهذا فإن موقفنا في كل الردهات كان ضد أي تدخل أجنبي مسلح. هل تري أن الربيع العربي حقق ثماره ؟ هو بداية تحقيق الثمار ولا أدل علي ذلك في علاقتنا مع الغرب أولا هم ينظرون إلينا مندهشين لأنهم ما كانوا ينتظرون هذه التطورات في هذا الوقت بالذات لكن في نفس الوقت فيهم علي الاقل القوي التقدمية القوي الديمقراطية التي كانت تأمل أن يكون الطرف المقابل في الشرق الأوسط طرف ديمقراطي يعكس الإرادة الشعبية ويصبح هو نفسه متكامل ومتكافيء وهذا ما ينقصنا في العلاقات الدولية التكامل والتكافيء.