انضمام جامعة مدينة السادات لتصنيف التأثير لمؤسسة تايمز للتعليم العالي لعام 2024    الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تحتفل بعيد الصعود    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة.. مرحلة أكتوبر 2024    محافظ دمياط تعتمد خرائط وإحداثيات الكتل القريبة من الأحوزة العمرانية    محافظ المنوفية يضع حجر الأساس لمشروع مول تجاري سكني بشبين الكوم    المشاط توقع اتفاقيات 8 منح تنموية بقيمة 130 مليون دولار مع السفيرة الأمريكية    مجموعة "إي اف جي" القابضة تشتري 413 ألف سهم خزينة    إيران تدعو لاجتماع طارئ لوزراء خارجية التعاون الإسلامي لبحث جرائم إسرائيل في غزة    حريق المنقف.. النيابة العامة الكويتية تأمر بحبس مواطن ومقيمين احتياطيا لاتهامهم بالقتل الخطأ    10 جرحى على الأقلّ في حريق داخل مصفاة نفط شمال العراق    مايكل أوليفر حكمًا لمباراة إسبانيا وكرواتيا فى يورو 2024    وصيف دوري أبطال أوروبا، رحيل مدرب بوروسيا دورتموند رسميا    وزير الشباب يتفقد تطوير مدرسة الموهوبين رياضيا الدولية    قرار من القضاء في اتهام مرتضى منصور بسبّ "الخطيب وعباس"    حبس شخص زعم تسريب امتحانات الثانوية بمقابل مادي بسوهاج    حملات الداخلية على مخالفات المخابز تضبط 14 طن دقيق    ضبط كميات كبيرة من الأدوية البيطرية المغشوشة بالجيزة    سلمى أبو ضيف توثق عقد قرانها بأحدث جلسة تصوير لها    تفاصيل دور أسماء جلال في «ولاد رزق 3»    توقعات الأبراج اليومية، الجمعة 14-6-2024 أبراج الحمل والثور والجوزاء    بعد تصدره الترند.. مسلم يكشف كواليس محاولة اختطاف خطيبته من سائق «أوبر»    خالد الجندي: لو عاوز ثواب يوم عرفة افعل هذه الأمور    نقيب الأشراف مهنئًا بالعيد: مناسبة لاستلهام معاني الوحدة والمحبة والسلام    فوائد الزعفران، يعزز صحة القلب والشرايين ويحافظ على صحة الجهاز العصبى    بيان عاجل بشأن نقص أدوية الأمراض المزمنة وألبان الأطفال الرضع    مجانًا.. فحص 1716 شخصًا خلال قافلة طبية بقرية حلوة بالمنيا    أمل سلامة: تنسيقية شباب الأحزاب نموذج للعمل الجماعي    محافظ القليوبية يعتمد تنسيق قبول الصف الأول الثانوي العام    محافظ أسوان: تخطي المستهدف في توريد القمح    ضبط نجار مسلح أطلق النار على زوجته بسبب الخلافات فى الدقهلية    مصرع مواطن صدمته سيارة أثناء عبوره لطريق الواحات    قرار جمهوري بتعيين الدكتورة حنان الجويلي عميدًا ل«صيدلة الإسكندرية»    آداب عين شمس تعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني    إيران: ما يحدث بغزة جريمة حرب ويجب وقف الإبادة الجماعية هناك    المفتى يجيب.. ما يجب على المضحي إذا ضاعت أو ماتت أضحيته قبل يوم العيد    أمريكا توافق على حزمة مساعدات عسكرية جديدة تؤمن لأوكرانيا أنظمة دفاع جوية    إخماد حريق داخل محل فى إمبابة دون إصابات    بالأسماء.. غيابات مؤثرة تضرب الأهلي قبل موقعة فاركو بدوري نايل    عقوبات أمريكية لأكثر من 300 فرد وكيان يساعدون روسيا على حرب أوكرانيا    ضبط 14 طن دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    محافظ القليوبيه يتابع أعمال إنشاء مستشفى طوخ المركزي    «الإسكان»: تنفيذ إزالات فورية لمخالفات بناء وغلق أنشطة مخالفة بمدينة العبور    يوم عرفة.. إليك أهم العبادات وأفضل الأدعية    حملة مرورية إستهدفت ضبط التوك توك المخالفة بمنطقة العجمى    اليوم.. موعد عرض فيلم "الصف الأخير" ل شريف محسن على نتفليكس    بيان من الجيش الأمريكي بشأن الهجوم الحوثي على السفينة توتور    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    بالتعاون مع المتحدة.. «قصور الثقافة»: تذكرة أفلام عيد الأضحى ب40 جنيهاً    وزير الصحة يؤكد على الدور المحوري للصحة الانجابية    وزيرة الهجرة تشيد بتشغيل الطيران ل3 خطوط مباشرة جديدة لدول إفريقية    "الله أكبر كبيرا.. صدق وعده ونصر عبده".. أشهر صيغ تكبيرات عيد الأضحى    فطيرة اللحمة الاقتصادية اللذيذة بخطوات سهلة وسريعة    لأول مرة.. هشام عاشور يكشف سبب انفصاله عن نيللي كريم: «هتفضل حبيبتي»    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»:«هنجيبه في دقيقتين».. «التعليم» تحذر من هذا الفعل أثناء امتحانات الثانوية العامة.. ماذا أقول ليلة يوم عرفة؟.. أفضل الدعاء    قرار عاجل من فيفا في قضية «الشيبي».. مفاجأة لاتحاد الكرة    عبد الوهاب: أخفيت حسني عبد ربه في الساحل الشمالي ومشهد «الكفن» أنهى الصفقة    هاني سعيد: المنافسة قوية في الدوري.. وبيراميدز لم يحسم اللقب بعد    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس وزراء تونس:‏انتهي زمن التسلط علي الناس باسم الدين
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 09 - 2012

صحفي بدرجة رئيس حكومة ومهندس برتبة مفكر‏,‏ وسجين علي هيئة أكاديمي ومعارض يحمل لقب ثوري‏,‏ زج به في سجون بورقيبة وحوكم ودخل المعتقل في عهد بن علي ووصل الي كرسي الحكم فترة مابعد الثورة‏.‏ حمادي الجبالي رئيس وزراء تونس والأمين العام لحركة النهضة الاسلامية حاصل علي شهادة الهندسة في الطاقة الشمسية من جامعات فرنسا, عمل كرئيس تحرير لصحيفة الفجر التي تعبر عن النهضة لا يحمل بغضا أو كراهية ويتحدث بهدوء وعقلانية وتبدو أفكاره تتسم بالحكمة والوسطية.
التقيته في حوار مطول في مكتبه بالعاصمة التونسية, استقبلني ببشاشة واضحة وابتسامة صافية ونظرات ممزوجة بالحزن والقلق وبادرني بسؤال عن أحوال مصر أم الدنيا. قبل أن نبحر في رحلة صحفية حوارية استمرت مايقرب من ساعتين تحدث الرجل فيها بكثير من الوضوح والصراحة واضعا النقاط فوق الحروف وشارحا, العديد من القضايا والمسائل والهموم.
محاور كثيرة وموضوعات عديدة وهواجس دفينة وتساؤلات مثيرة طرحتها علي مائدة الحوار, حاولت ان استوضح رؤيته في أحداث الربيع العربي, وعلاقاته بالسلفية الجهادية.. كيف هي نظرته للمرأة والاقتصاد والسياحة.. ماهي أبعاد علاقة دولته مع إيران وتركيا, تحدث الرجل عن تطابق التجربتين المصرية والتونسية وأفصح عن التجاذبات والاستقطابات السياسية والفكرية في بلاده, وأكد موعد الانتخابات التشريعية والانتهاء من كتابة الدستور, وتمني أن ينطلق قطار اتحاد المغرب العربي من محطة قرطاج التاريخية والحضارية وفيما يشبه النداء طالب الجبالي الشعب التونسي بالتكاتف والتعاون من أجل عبور المرحلة الحرجة والخطرة الانتقالية.. وإلي تفاصيل الحوار.
كيف تري الأوضاع الآن في تونس بعد مرور أكثر من عام ونصف علي قيام الثورة؟
{ تونس أصبحت أكثر اطمئنانا واستقرارا تسير علي الطريق السليم والصحيح, ووضعنا العربي والاقليمي أصبح أكثر ترابطا وتماسكا علي مستوي التأثير السياسي والاستراتيجي, ونعيش مرحلة أولي وهي مرحلة انتقالية في ظل وجود حكومة ورئيس ومجلس وطني وهيئة عليا للدفاع عن الثورة والاصلاح السياسي, ومع الانتخابات التي تعد أول انتخابات ديمقراطية في الوطن العربي وكانت نتائجها محل قبول ورضا من مختلف القوي السياسية المتنافسة والتي شكلت صيغة جديدة للمشهد السياسي التونسي يشارك بها3 قوي رئيسية انتهت بتشكيل حكومة ائتلاف وطني وهي حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل, إلي جانب مستقلين واداريين.
كيف تري نجاح هذا النموذج في ظل المشكلات المتراكمة.. واتهامات رئيس الدولة المنصف المرزوقي لكم بأن حركة النهضة تريد السيطرة علي مفاصل الدولة؟
{ أتصور هذا النموذج السياسي جيدا لتونس والعالم العربي ونتيجة لوجود بعض الأزمات لادارة الحياة السياسية في مرحلتها الجديدة بروح توافقية واحدة وبشراكة وطنية تكون منعكسة في تركيبة الحكم الجديد لمواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه بلادنا ولا نخفي وجود بعض الأزمات التي تمر بها تونس نتيجة لأخطاء الماضي ومازلنا نعالجها, فالحكومة الائتلافية أفضل البدائل وهي أفضل من حكم يتولاه حزب واحد وهي عملية الانتقال الديمقراطي التي تحتاج إلي السيطرة علي مفاصل الدولة ولاشك أن الشعب يدرك قدرات الحكومة والجهود التي تبذلها في ظل صعوبات المرحلة الانتقالية عقب الثورة الي مثلت زلزالا في الحياة التونسية.
ولكن البعض يري أن الحكومة تتصرف منفردة, وهو ماحدث بالفعل خلال تسليمكم البغدادي المحمودي رئيس وزراء ليبيا الأسبق لمحاكمته في بلاده بدون موافقة الرئيس التونسي؟
{ لم يكن هناك أي خلاف بين الحكومة والرئاسة حول تسليم الحمودي,الخلاف لم يكن حول مبدأ التسليم, فهذا محل اتفاق وإنما كان الاختلاف حول ظروف التنفيذ, وإن الحكومة الليبية قدمت ضمانات شفوية ومكتوبة بشأن احترام حقوق الانسان والحرمة الجسدية والمحاكمة العادلة للمحمودي, وزارت لجنة حقوقية تونسية ليبيا للتأكد من توفر هذه الضمانات, والمحمودي علقت به جرائم فظيعة وتونس لايمكن أن تكون ملجأ للمجرمين, ونحن غير مستعدين لأن نناصب الثورة الليبية العداء, ثم ان دستور تونس الصادر عام9591 الذي لايسمح بتسليم الأشخاص المطلوبين للعدالة خارج تونس إلا بعد توقيع رئيس البلاد علي قرارات التسليم ثم تعليق العمل به بعد الثورة, والمحكمة قالت لنا انه ليس هناك ضرورة لتوقيع قرار التسليم من قبل الرئيس.
وماذا عما عرف بمذبحة القضاء والتي راح ضحيتها أكثر من28 قاضيا تم أعفاؤهم من الخدمة.. هل هي محاولة لهيمنة السلطة التنفيذية علي القضاء.
{ هؤلاء القضاء الذين تم إعفاؤهم من مناصبهم بسبب تورطهم في قضايا فساد ورشوة وارتكابهم تجاوزات متكررة ومتعددة بعد الثورة وانتهاج نفس الاسلوب المتبع في عهد الرئيس السابق بن علي, واعفائهم يأتي في إطار إعادة الاعتبار للسلطة القضائية بابعاد المفسدين والمتورطين في الفساد, ولان للمصلحة العامة أفضلية وأسبقية علي المصالح الخاصة, لذلك جاء تطهير هذا المرفق باعتباره هدفا ومدخلا ضروريا للمرحلة الجديدة وهو مطلب شعبي, ونحت لدينا كل الثقة في القضاء التونسي الشامخ.
وماذا بخصوص التغيرات الصحفية والاعلامية مؤخرا هل تسعون للسيطرة علي الإعلام, وماذا بخصوص سقف حريات التعبير؟
{ سقف حريات التعبير مرتفع وليست لدينا مشكلة حريات, والبلد به حريات سياسية واعلامية وثقافية, لكن هناك بعض الفزاعات وبعض القوي الخائفة من عملية التغيير التي لاتواكب وتيرة السير العام للتطور الذي تعيشه تونس, للأسف مسيرة الاعلام مازالت بطيئة, نطالب بالموضوعية والالتزام بالضوابط والأخلاقيات المهنية, التونسيون لايطالبون الاعلام أن يكون اعلام تمجيد, فهذا النوع أنهته الثورة, نحن لا نتهم كل وسائل الاعلام لكن نقول أن جزءا منهم متحيز لا يقوم علي الموضوعية والحيادية لانريد اعلاما دعائيا ولا نسعي للسيطرة علي الاعلام, ولن نسمح بتحويله إلي منابر معادية.
وماذا بخصوص المظاهرات التي خرجت بها النساء خشية من تضييق الحريات عليهن, البعض يخشي مع التشريعات الدستورية الجديدة أن تصاب مكاسب النساء بانتكاسة.
{ الحكومة التونسية تعزز مكتسبات المرأة ولا تنقصها, كما توجد مكتسبات تتعلق بالحقوق السياسية والمدنية وهي ليست ادعاءات, ونرحب حتي لو صعدت المرأة لمنصب الرئاسة, وفي المجلس التأسيسي24 امرأة من حزب النهضة من مجموع94 امرأة سوف نهيئ لهن المناخ لتعزيز دورهن في المشاركة في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية, انتهي زمن التسلط علي الناس باسم الحداثة أو باسم الدين نسير وفق مبدأ الحرية في الفكر والعقيدة واللباس والتعبير, وتونس قبلت مجموعة من التوصيات تقدمت بها مجموعة من الدول خلال مؤتمر حقوق الانسان في جنيف ومن ضمنها المساواة في الحقوق بين المرأة والرجل والقضاء علي العنف ضد المرأة وضمان مشاركتها في جميع المجالات.
دعنا نتحدث عما يعرف بالسلفية وان هناك مخيمات لتدريب السلفيين ومخازن للسلع, وظهورهم من وقت لآخر لتنفيذ عمليات عنف وارهاب مما يسهم في تنامي القلق والحيرة والخوف لدي التوانسة؟
{هناك جملة من التحديات تواجه المجتمع التونسي أهمها غول العنف الاجرامي والسياسي, بلادنا تعيش عنفا بعنوان الدين وأكراها للمواطنين ورفضا لمؤسسات الدولة ومحاولة لفرض آراء وأنماط عيش مجتمعية بالاكراه والعنف, هناك غلو من بعض الشباب السلفي والمدرسة السلفية, فتونس ليست موحدة, بل هي فسيفساء من التيارات والمدارس, والسلفية إما سلفية علمية لها قراءة للدين والمجتمع مغايرة ولا يعتمدون الاكراه ويعتمدون الدعوة السلفية, والسلفية الثانية وهي الأصعب لأنهم يحاولون فرض نمطهم ومذهبهم ورؤيتهم للمجتمع بالقوة, وقد حان الوقت لوضع حد لمثل هذه التصرفات ويجب اتخاذ موقف حازم في وجه أولئك الذين يعتقدون أن الله أوكل اليهم مهمة تطهير المجتمع.
وماذا عن الاعتصامات والاحتجاجات والتظاهرات التي مازالت تتواصل مما يضع الحكومة أمام أزمات يصعب التعامل معها.. هل مازال لديكم قانون الطوارئ؟
{ هناك ركام وإرث ثقيلان للفساد والاستبداد والظلم. ومن الطبيعي أن نمر بمرحلة مخاض صعبة كالتي نعيشها بما فيها من آلام وآمال, هناك مطالب مشروعة ومظالم, وهناك حقوق, لكن التعبير عنها يجب أن يتم بطرق شرعية ومشروعة, هذه المطالب كانت مكبوتة لسنوات طويلة وانفجرت فجأة, نحن نتفهم كل هذه المطالب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المشروعة ونعمل علي تلبيتها, هناك قانون للطوارئ مازال ساري المفعول هو رقم4 لسنة9691 والذي يفسر كيفية التعامل مع التجمهر والمظاهرات, ويخول حماية مقرات الدولة والسيادة, لكن أرواح التوانسة عزيزة علينا ولن نستخدمه ولا نتمني الاحتياج إليه.
وبماذا تفسر استقالة أكثر من وزير مما يعرض حكومتكم للسقوط ويعرض الائتلاف الحاكم للاهتزاز.. ما صحة ما تردد حول امكانية تولي وزير الداخلية رئاسة الحكومة؟
{ الحكومة الحالية ليست حكومة حزب واحد, بل هي مكونة من تيارات سياسية تقابلات ضد نظام الفساد والاستبداد وهي اليوم تؤمن بالتعايش بينها لقيادة البلاد دون خلق مناخ للتصادم, استقال وزير الاصلاح الاداري وأخيرا وزير المالية واستقالة الأخيرة تعود لعدة أسباب وهي عدم الاتفاق بين الحكومة والوزير حول ملف الزيادات في الأجور والزيادة في أسعار المحروقات, والحد من الدعم الموجه للمواد الغذائية الأساسية, إلي جانب ملف العفو العام والتعويض واستقالتي من الحكومة دائما تبقي واردة ودائما أعرضها وهي في جيبي, أما خبر تولي وزير الداخلية فهي إشاعة ولا أساس له من الصحة,
بماذا تفسر الجدل الدائر حول الهيئة الجديدة المستقلة للانتخابات, ولماذا تبدو الدولة وكأنها تتهرب من موعد الانتخابات القادمة؟
{ فيما يتعلق بالهيئة الجديدة المستقلة للانتخابات هناك لجنة داخل المجلس التأسيسي البرلمان هي التي تنتقي81 شخصية تونسية علي أن يختار أعضاء المجلس من بينهم9 أشخاص وعملية الاختيار لن تكون علي أساس المحاصصة السياسية والحزبية حسب عدد أعضاء المجلس التأسيسي, بل وفق القدرة والكفاءة, ونحن حريصون علي ألا يطول العمر الافتراضي لهذه الحكومة فمهمتها الأساسية هي صياغة الدستور ووضع مرتكزات النظام الأساسي الجديد وخدمة المصالح الوطنية التونسية, وعلي هذا الأساس تم وضع تصور لاجراء انتخابات ستكون باذن الله في ابريل من العام القادم, وهو موعد شبه متفق عليه وسيكون هناك التزام من الجميع بهذا الموعد.
دعنا نصل إلي كتابة الدستور وماهي أبرز ملامحه للجمهورية التونسية الثانية, وكيف تري ما تردد عن موعد محدد للانتهاء منه وهل سيتم صراحة للاستفتاء؟
{ نريد صياغة دستور يمثل الشعب وتونس والثورة غير مفصل أو جاهز علي مقاس حزب أو جماعة أو فيصل مهما كان حجمه أو شخصه كما كان في عهد بن علي أو منحازا إلي أيديولوجيا يعبر عن ثقافة الأمة وطموحات الشعب وأهداف الثورة ويركز علي الهوية العربية الاسلامية وعلي بناء نظام جمهوري ديمقراطي يحترم الحريات العامة والخاصة ويقطع مع الاستبداد, وقد تم حديث حول الانتهاء منه بنهاية شهر أكتوبر والتاريخ المعلن هو تقريبي واجتهادي وتاريخ الانتهاء منه موكل للمجلس التأسيسي وكل فصل في الموافقات الأولية يخضع إلي الأغلبية النسبية, لكن المصادفة الاجمالية تحتاج إلي التليين وأسلوب العمل وفاقي وهو ما سيدفع إلي تجنب الاستفتاء علي الرغم من اننا لسنا ضد الاستفتاء الشعبي علي أهمية وتنمية إضفاء شرعية شعبية علي الدستور.
تؤكدون أهمية التوافق في حين حدث استقطاب وتجاذب للإبقاء علي الفصل الأول من الدستور وعدم اعتماد الشريعة في التشريع.. مازالت هناك مخاوف في هذا الاتجاه؟
{ نعم كان هناك استقطاب حول موضوع الشرعية, هل نعتمد الشريعة أم لا؟ رحبنا في نهاية المطاف أن نبقي علي الفصل الأول من دستور9591 وهو محل اجماع والذي يحدد هوية البلاد بأنها نظام جمهوري ولغتها العربية ودينها الاسلام, وهذا اعتبرناه الحد الأول المتفق عليه, وقد اعتبرناه كافيا للتعبير عن مرجعية الاسلام في التقنين في تونس وحتي في تاريخ التشريع في تونس, إذا رجعنا لأهم المجلات القانونية التي تحكم البلاد مسألة تاريخية محسومة وتم اعتماد الفقه الاسلامي وكل المذاهب تم اعتمادها في المجلات القانونية بل ان القانون الفرنسي نفسه أخذ من الفقه المالكي بعد دخول مصر, واليوم بعد الثورة والمصالحة الحقيقية بين الشعب وثقافتها والسلطة وثقافتها نري أن الكل سيكون علي وفاق.
كيف تري التشابه بين التجربة التونسية والتجربة المصرية؟
{ بالطبع هناك قدر كبير من التشابه بين التجربتين وأحد الدروس المستخلصة من التجربة التونسية الترابط الجغرافي السياسي العربي, فما حدث في تونس تحول من حدث محلي إلي حدث عربي, وحينما انتقلت الثورة إلي مصر أخذت زخما وبعدا اقليميا وعربيا ودوليا أوسع بحجم قوة مصر وأهميتها وتأثيرها العربي والاقليمي والدولي أوضاعنا العربية شديدة الترابط والتشابه والتداخل, لكن هذا لا ينفي اختلاف السياقات المحلية من بلد إلي آخر, تونس بلد صغير صحيح انها قد تؤثر في محيطها, لكن مصر بلد كبير واقليمي وما يحدث في مصر ينعكس بالضرورة علي مجمل الأوضاع العربية والاقليمية, لدينا مشكلات لكنها بالمقارنة بمصر تبدو بسيطة وعلينا أن ندرك أننا نسير وننتقل من نظام قديم إلي اخر جديد.
دعنا نتحدث عن الاقتصاد وهي واحد من الأهداف التي قامت من أجلها الثورة في كل من مصر وتونس.. لم تتحقق بعد إنجازات علي هذ الصعيد كيف تفسر ذلك ؟
{ الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للثورات لا تتحقق في مدة زمنية قصيرة نسير في طريق التنمية رغم التحديات والعقبات والدولة مصممة علي اجتثاث أوضاع الفساد المالي والقضائي والاعلامي والإداري, الفساد الذي كان يستنزف نصف الثروة التونسية, وذلك في سياق سعي الدولة قدما الي نشر مناخات استثمارية صحية تشجع المستثمرين في الداخل وتجذب الأخرين من الخارج, وتقارير صندوق النقد الدولي وكل المؤشرات تؤكد ان تونس قادرة علي تخطي نسبة نمو في حدود6% خلال السنوات القادمة وتونس بخير تمتلك الرصيد البشري القادر علي السير الي الأمام والتطوير والانجاز.
الحديث عن الثوريين في كل من مصر وتونس يدفعني الي طرح المشاعر المنقسمة بين متوجس من حكومات أصولية كسلطة, ومستبشر يري اننا أمام تاريخ جديد لنظام سياسي معتدل تقوده أفكار منفتحة ومتسامحة كيف تري التشابه في كلتا الدولتين؟
{ الاسلاميون مسار طبيعي تم تعطيله بقوة القمع لسنوات وربما لعقود طويلة, والمشهد في كلا البلدين يعبر عن حقيقة القوي السياسية التي تسير علي الأرض, لا يمكن تصور تناقض بين الاسلام ومصلحة الانسان, فكل مافيه مصلحة الانسان ويحقق العدل والعدالة الاجتماعية هو من الاسلام. فزاعة التيارات الاسلامية خزعبلات كانت ترددها الأنظمة السابقة الفاسدة لارهاب الآخرين وبأن الاسلام خطر علي التجربة الديمقراطية
أنتم رئيس وزراء تونس والأمين العام لحركة النهضة, الحزب الأكثر شعبية في البلاد, مؤخرا أنعقد مؤتمركم التاسع لمناقشة قضايا وملفات ساخنة.. هل يتم تفعيلها علي أرض الواقع وكيف تري المشككين في نسب المشاركة وانخفاض شعبيتكم.. هل هناك صراع أجنحة داخل الحركة ؟
{ انعقد المؤتمر التاسع في شهر يوليو الماضي لمناقشة جملة من الموضوعات المهمة علي الصعيد السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي ناقشنا بتقنية استكمال مسار الثورة واستقلالية القرار السياسي والاقتصادي, كيفية تطوير التفاعل الشعبي, كيفية تجاوز تأثيرات دولة الاستبداد التي تعيق جهود مصالح الشعب ونحن نحاول تفعيل ذلك علي أرض الواقع وبطريقة ملموسة وجعل الحركة حزبا وطنيا جامعا ومفتوحا علي كل التونسيين, لا يوجد أي صراع في الحركة سواء كان سياسيا أم فكريا, هناك آراء متعددة ومختلفة هناك حوار مستمر هناك تعددية من الداخل لكنها متماسكة وقوية.
دعنا نتحدث عن الشأن الخارجي ونبدأ بالقضية الأكثر سخونة علي الساحة العربية وأعني الأزمة السورية, احتضنتم منذ شهور مؤتمرا لأصدقاء سوريا, الأزمة أخذت أبعادا جديدة لكن موقفكم يبدو وكأنه لا يتطور كيف هي رؤيتكم وهل فتر حماسكم ؟
{ علي العكس تماما لقد عبرت تونس منذ بداية الأزمة عن تضامنها الكامل مع الأشقاء في سوريا لاقتناعها بأن هذه المأساة لن تعرف طريقها للحل إلا برحيل النظام السوري وبشار الأسد وإفساح المجال لانتقال ديمقراطي للسلطة, نحن نعلم أن الوضع في سوريا يسير من سييء الي أسوأ خاصة مع تزايد العنف الذي يودي بحياة الأبرياء, نحن أول من طردنا السفير السوري من بلادنا, ونحن نطالب بتحويل الرئيس السوري الي المحكمة الجنائية الدولية, نطالب بتكثيف الجهود لوضع حد لسياسة الأرض المحروقة التي يعتمدها النظام السوري وجيشه النظامي الذي يتصرف مثل جيش احتلال, نساند الشعب السوري في مطالبه المشروعة لكننا نحذر من التدخل الأجنبي الذي قد يؤدي لاندلاع حرب في المنطقة.
دعنا نصل الي اتحاد المغرب العربي الذي يبدو أن قطاره معطل منذ زمان بعيد تحاولون الانطلاق به نحو قمة جديدة من المفترض أن تحتضنها بلادكم هل سيتم انعقاد هذه القمة؟
اتحاد المغرب العربي هو مشروعنا الجماعي أو نحن نعتقد أنه لا مستقبل لنا دون التعاون والتكامل والتكاتف وهذا العصر هو عصر التكتلات, ان التعاون المغاربي هو قدر وخيار استراتيجي ولم ينطلق من فراغ, ومن المفترض انعقاد القمة خلال الشهر القادم في تونس حيث سيشكل انعقادها أملا جديدا ودفعة قوية وانطلاقة متميزة, تتناغم مع التطورات التي حدثت في المنطقة, نتمني لمسيرة الاتحاد المغاربي أن تعاود انطلاقها من الموقع التاريخي والحضري لقرطاج ونأمل التغلب علي المصاعب والعراقيل من خلال حسن النيات وقوة الارادة والصدق في التخطيط والتنفيذ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.